إنزال جوي في دير الزور يستهدف «داعش»... وتكتّم على شخصيات اقتيدت بالمروحيات

الأكراد يتحدثون عن مشاركة «قوات خاصة» منهم بالعملية

صورة وزعتها دائرة الصحافة والإعلام بوزارة الدفاع الروسية في يناير 2016 لقاذفات توبوليف «22-M3» طويلة المدى التي نفذت غارة جوية ضد أهداف «داعش» قرب مدينة دير الزور (غيتي)
صورة وزعتها دائرة الصحافة والإعلام بوزارة الدفاع الروسية في يناير 2016 لقاذفات توبوليف «22-M3» طويلة المدى التي نفذت غارة جوية ضد أهداف «داعش» قرب مدينة دير الزور (غيتي)
TT

إنزال جوي في دير الزور يستهدف «داعش»... وتكتّم على شخصيات اقتيدت بالمروحيات

صورة وزعتها دائرة الصحافة والإعلام بوزارة الدفاع الروسية في يناير 2016 لقاذفات توبوليف «22-M3» طويلة المدى التي نفذت غارة جوية ضد أهداف «داعش» قرب مدينة دير الزور (غيتي)
صورة وزعتها دائرة الصحافة والإعلام بوزارة الدفاع الروسية في يناير 2016 لقاذفات توبوليف «22-M3» طويلة المدى التي نفذت غارة جوية ضد أهداف «داعش» قرب مدينة دير الزور (غيتي)

نفذ التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب إنزالاً جويًا قرب مدينة دير الزور شرق سوريا، هو الثاني من نوعه في سوريا خلال عامين، استهدف شخصيات بارزة في تنظيم داعش، وأسفر عن مقتل 25 قياديا وعنصرا، واقتياد عدد آخر من الشخصيات التي لم يُكشف عنها، في مؤشر على تكثيف العمليات الأمنية النادرة للتحالف في ملاحقة المتطرفين في سوريا.
وفيما اكتفى التحالف بتأكيد عملية الإنزال، من غير الإفصاح عن مزيد من التفاصيل، قالت مصادر كردية لـ«الشرق الأوسط» إن العملية هي «ثمرة تعاون استخباري بين التحالف الدولي وقوات سوريا الديمقراطية»، مؤكدة أن عناصر خاصة من قوات «هات»، وهي قوات تدخل سريع مرتبطة بجهاز الأمن الداخلي في شمال سوريا (أسايش)، ومقاتلين تابعين للكتيبة 404 التي تعتبر قوة «المهمات المستحيلة» (كوماندوز) في «قوات سوريا الديمقراطية»: «شاركوا في العملية». وإذ أكدت المصادر أن العملية «تمت بعد جهد وعمل استخباراتي دقيق استمر لفترة طويلة»، أشارت في الوقت نفسه إلى أن مروحية بريطانية «شاركت في العملية إلى جانب 3 مروحيات أميركية». وأشارت المصادر إلى جلب «17 جثة، إضافة إلى أربعة أسرى بينهم قيادي».
وكان مصدر قيادي من قوات سوريا الديمقراطية، أكد لوكالة «الصحافة الفرنسية» أن «أربع مروحيات أميركية من طراز أباتشي إضافة إلى مروحيتي حماية» نفذت الإنزال في القرية التي يسيطر عليها تنظيم داعش والواقعة على بعد أربعين كيلومترا غرب مدينة دير الزور النفطية والحدودية مع العراق.
وأكد «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، أن «أربع طائرات مروحية تابعة للتحالف الدولي، نفذت ظهر الأحد إنزالا في قرية الكبر في ريف دير الزور الغربي استمر لساعتين»، مشيرًا إلى أن «القوات التي كانت على متن المروحيات استهدفت بعد نزولها على الأرض، حافلة تقل 14 عنصرا من التنظيم، مما أدى إلى مقتلهم جميعا. كما هاجمت محطة للمياه يسيطر عليها تنظيم داعش في القرية وخاضت معه اشتباكات عنيفة، تسببت بمقتل 11 متشددًا على الأقل». وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط» إنه شارك في الاشتباك «طائرات الإسناد الجوي التي حلقت في الجو، بينما كانت مروحيتان على الأرض، أسهمت في ضرب التعزيزات التي استقدمها التنظيم للمنطقة»، لافتًا إلى «اقتياد شخصيات متشددة بارزة، لم تعرف حتى اللحظة هويتها»، وأن المروحيات «انطلقت من الشمال، مما يرجح أن تكون انطلقت من القواعد الأميركية في مناطق سيطرة الأكراد في شمال سوريا».
بدورها، قالت مصادر محلية لوكالة الأنباء الألمانية، أمس، إن «عملية الإنزال استهدفت قيادات بارزة في تنظيم داعش المتطرف، وإن من بين الجنود الذين نفذوا العملية يتحدثون العربية بطلاقة وتكلموا مع الأهالي ودعوهم إلى الابتعاد عن المكان وعدم الخروج من منازلهم لحين انتهاء العملية». وتحدثت مصادر في الحسكة عن تحليق حوامتين أميركيتين ظهر أمس على ارتفاع منخفض فوق جبل كوكب الذي يعتبر نقطة عسكرية تابعة للفوج 123 التابع للقوات الحكومية السورية، والثانية حلقت فوق مقر قيادة الفوج واتجهت إلى الأراضي العراقية.
وتعتبر منطقة الإنزال، منطقة عسكرية، تتمتع بحماية أمنية مشددة من قبل تنظيم داعش، كما قال مؤسس موقع «الفرات بوست» الناشط في دير الزور أحمد الرمضان لـ«الشرق الأوسط»، مشيرًا إلى أن تلك المنطقة «تقع بين جبلين، وتقع بقرب منشأة نووية للنظام السوري قصفتها إسرائيل في عام 2007 قبل أن تسيطر عليها جبهة النصرة في عام 2013 ثم سيطر عليها تنظيم داعش في وقت لاحق».
وقال الرمضان: «هذه المنطقة تضم سجونًا سرية للتنظيم، وقواعد عسكرية ومنشآت خاصة، وتتمتع بحماية أمنية مشددة، وتعتبر من أقوى المناطق العسكرية للتنظيم والمحصنة جيدًا، وتقع قرب معدان وفي آخر الحدود الإدارية لدير الزور مع الرقة»، مضيفًا: «بالنظر إلى تلك المعطيات، وبغياب المعلومات عن طبيعة الهدف للتحالف، لا نستبعد أن يكون الهدف قياديا بارزًا في التنظيم، أو تحرير رهائن، لكننا لا نملك معطيات دقيقة».
ويعتبر هذا الإنزال، الثاني من نوعه الذي تنفذه القوات الأميركية في شرق سوريا، حيث استهدفت في مايو (أيار) 2015 المسؤول عن إمدادات النفط في التنظيم المدعو «أبو سياف» الذي قتل في العملية، وكان أيضًا مرتبطًا بأنشطة مالية لصالح التنظيم، كما اعتقلت زوجته «أم سياف» أيضًا.
وقال الباحث السياسي والخبير بحركة التنظيمات المتشددة ومكافحتها ماريو أبو زيد لـ«الشرق الأوسط»، إن العملية الأخيرة «تندرج ضمن إطار ملاحقة الأهداف من المستوى العالي»، مشددًا على أنه «عندما يكون الهدف كبيرًا، فإنه يستدعي عملية مشابهة، وهي عمليات نادرة إذا ما قورنت بجهود ملاحقة المتشددين واستهدافهم بطائرات مسيرة (درونز) المستمرة في سوريا»، لافتًا إلى أن الأيام المقبلة «ستكشف عن الهدف».
ويستهدف التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة مواقع وتحركات تنظيم داعش في سوريا منذ سبتمبر (أيلول) 2014 بعد سيطرة المتطرفين على الرقة (شمال)، معقلهم الأبرز في سوريا وأجزاء كبيرة من محافظة دير الزور. كما يكثف منذ مطلع العام ملاحقة المتطرفين في تنظيم «جبهة النصرة» أو حلقة «الجهاد العالمي» التابعة لتنظيم «القاعدة» في سوريا.
وقال أبو زيد إن تلك العمليات التي تكثفت أخيرًا «هي جزء من استراتيجية القوات الأميركية لتتبع تنظيم (القاعدة) والمتشددين التي تتم عبر المراقبة ورصد الخلايا وتتبعها»، لافتًا إلى «أنني لا أستبعد أن يكون استهدافها تم حين وجدت الفرصة المناسبة». وقال: «استراتيجية القواعد الأميركية تركز على ضرب الخلية عبر استهداف رؤوس الخلايا أو القياديين البارزين فيها، كي يتم تفكيكها»، لكنه لفت إلى أن المعضلة في محاربة المتطرفين في سوريا أنه «كلما تم استهداف قيادي في الخلية، فإن رؤوسًا أخرى تنبت»، مشيرًا إلى «استبعاده أن تكون تلك الاستراتيجية كافية في حالات تنظيم داعش».
واستهدفت طائرات «درون» أميركية أكثر من 50 قياديا متشددًا من تنظيم داعش في سوريا، منذ انطلاق عملياتها، إضافة إلى عشرات القيادات التابعة لتنظيم «القاعدة» والجناح المعولم من التنظيم في سوريا، وفككت تنظيم «خراسان» عبر استهدافه بصواريخ «كروز» في سبتمبر 2014. وملاحقة قيادات أخرى فيه، فضلاً عن ملاحقة واستهداف أكثر من 35 قياديا وعنصرًا من «النصرة» والحزب «التركستاني» منذ مطلع العام الحالي.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».