مع بداية السنة الجديدة، صار في الإمكان اعتبار كل فرنسي متبرعًا مفترضًا لأعضائه، في حال وفاته، إلا إذا كان قد أعلن برسالة رسمية رفضه لذلك. هذا ما ينص عليه قانون جديد دخل حيز التنفيذ في الأول من الشهر الحالي. وجاء القانون لينظم إجراءات التبرع بالأعضاء البشرية ولتقليل الحالات التي يرفض فيها أهالي المتوفى في حادث طارئ، الموافقة على منح أعضائه، دون أن يكون لصاحب الشأن رأي في الموضوع.
وظلت قضية التبرع بالأعضاء من القضايا المعتم عليها في فرنسا رغم أن كثيرين ينظرون إليها كعلامة للمواطنة الصالحة وكعمل إنساني يكشف عن كرم صاحبه. وهي تسمح، اليوم، لنحو من 57 ألف مريض بمواصلة حياتهم بشكل طبيعي. لكن حين كان هناك 21 ألف مريض ينتظر زراعة في فرنسا، عام 2015. فإن 5800 مريض فحسب تمكنوا من العثور على متبرع. وهكذا يأتي القانون الجديد ليسد نقصًا في مجال توفير الأعضاء الصالحة لإنقاذ مرضى القلب أو الكلى أو الكبد من الموت، ليجعل من كل مواطن وبشكل تلقائي، متبرعًا ما لم يؤكد رفضه رسميًا للإجراء بكامل رغبته، وهو على قيد الحياة. ولا بد للرفض من أن مسجلاً في وثيقة مكتوبة.
ولا يختلف القانون الجديد عن التعليمات المعمول بها منذ 1976 والخاصة بتنظيم منح الأعضاء سوى بضرورة تقديم أهل المتوفى وثيقة كتبها في حياته ويوضح فيها رفض التبرع، في حين أن الأهل كانوا يكتفون بالإعلان، شفهيًا، عن رفضهم أخذ أعضاء من جسد المتوفى، حتى لو كان يرغب في ذلك شخصيًا. وبحسب استطلاع حديث للرأي، فإن 8 من كل 10 فرنسيين أعربوا عن موافقتهم على منح أعضائهم بعد الموت لإنقاذ حياة مرضى آخرين. لكن الواقع يشير إلى أن أكثر من ثلث العائلات ترفض هذا الإجراء.
في السنة ما قبل الماضية، سمحت عمليات الزرع لأعضاء مأخوذة من متوفين، بإنقاذ حياة 1824 شخصًا في فرنسا. ومن بين هؤلاء كان 571 شخصًا فقط قد أعلنوا موافقتهم على التبرع بأعضائهم وهم على قيد الحياة. ويحمل هؤلاء، عادة، بطاقة خاصة في محفظاتهم، تؤكد تلك الموافقة، ويجري الاعتماد عليها في حال تعرض صاحبها لحادث مفاجئ، دون الرجوع لرأي العائلة. وهناك اليوم 15 ألف شخص فقط يحملون هذه البطاقة في فرنسا. وهناك من يؤمن بضرورة التبرع بأعضائه لكنه يخشى أن تكون بطاقة الموفقة التي يحملها معه سببا للتقاعس في تقديم العلاج اللازم له وتركه يموت ليستفيد من أعضائه من هو أكثر شبابًا، مثلاً. ويعفي القانون الجديد، الأطباء والممرضين من أخذ رأي العائلة والمباشرة باستئصال الأعضاء الصالحة للزراعة، ما دام أن المتوفى لم يترك وثيقة تخالف ذلك. ومع هذا، يصر الأطباء على العودة لرأي الأقارب باعتبار أن التصرف بجسد المتوفى يخضع لأخلاقيات مهنة الطب.
ولتسهيل الإجراءات التي ينص عليها القانون الجديد، فإن في مقدور الرافضين للتبرع من تسجيل رفضهم وملء استمارة بذلك متوفرة على الشبكة الإلكترونية. ويمكن لمراكز العلاج العودة إلى أسماء الرافضين، بشكل سريع، وعدم التأخر في إجراءات نقل الأعضاء قبل تضررها. ولا تشمل الأعضاء المطلوبة القلب والكليتين والرئتين والكبد فحسب، بل يمكن أن تؤخذ المشيمة ودم الحبل السري في حال كان المتوفى جنينًا حديث الولادة.
ولم يصدر عن هيئات كنسية أو دينية ما يعارض القانون الجديد ولا عمليات زرع الأعضاء بشكل عام. كما أن الجدل القانوني حوله قد حسم في فرنسا منذ عدة عقود. وسواء أسهم القانون الجديد في إنقاذ أرواح مرضى أو لم يغير كثيرًا مما جرت عليه الحال، فإن رئيس المجلس المناطقي لنقابة الأطباء في فرنسا يرى أنه يفتح بابًا للجدل وتبادل الآراء بين أفراد العائلة، بشكل واقعي، وهو حديث ظل من المحرمات حتى الآن. أي أنه ما عاد نقاشًا حول الموت يتشاءم منه بعضهم، بل استشراف لإنقاذ حياة بشر بالآلاف كل عام.
قانون يعتبر كل فرنسي متبرعًا بأعضائه بعد الوفاة
باستثناء من ترك وثيقة رسمية بالرفض
قانون يعتبر كل فرنسي متبرعًا بأعضائه بعد الوفاة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة