غادر عشرات المدنيين العراقيين منازلهم بحثا عن ملاذ آمن أمس، في الوقت الذي خاضت فيه القوات الحكومية قتالا مع متشددي «داعش» في شرق الموصل. وبدأت القوات العراقية المرحلة الثانية من عمليتها لاستعادة السيطرة على المدينة الواقعة في شمال البلاد يوم الخميس بعد أسابيع من الجمود. واستعادت حتى الآن ربع الموصل منذ بدء الهجوم في منتصف أكتوبر (تشرين الأول).
وسُمع دوي انفجارات وإطلاق نار، وتصاعد الدخان على مسافة، في حين سار سكان حي الانتصار في شرق المدينة أمام عربات الجيش، حاملين أمتعتهم بحثا عن الأمان. ويقسم نهر دجلة الموصل، فيما لم تدخل القوات العراقية بعد إلى الجانب الغربي من المدينة حيث ستعرقل الحارات الضيقة على الأرجح أي تقدم. وقصفت قوات التحالف الجسر الأخير الباقي الذي يصل بين شرق وغرب الموصل في وقت متأخر يوم الاثنين، في مسعى لمنع التنظيم من عبور نهر دجلة.
وإلى الشمال من الموصل تتقدم القوات العراقية ببطء. وحسب تقرير لوكالة «رويترز»، اهتزت الأرض ثلاث مرات من تأثير ضربات جوية تستهدف مواقع «داعش»، ووقتها فقط تجمعت القوات العراقية على طرف قرية صغيرة. وتجمع الجيش في شارع موحل ظهرت فيه علامات قتال شرس دار مع المتشددين اليوم السابق، فواجهات المتاجر اقتلعت، وأعمدة الكهرباء سقطت، وفوارغ الطلقات كانت تغطي الأرض، فيما قبع حارس للمراقبة فوق أحد الأسطح. وصحبت مركبات «الهمفي» العراقية المزودة بألواح من الصلب حول إطاراتها لحمايتها من نيران القناصة، أربع مركبات مدرعة ضد الألغام والكمائن، تقل مستشارين عسكريين أميركيين.
والقوات الأميركية التقليدية منتشرة بكثافة أكبر في هذه المرحلة من معركة الموصل، ويمكن الآن رؤيتها قرب الخطوط الأمامية للقتال. وتساند القوات الأميركية الجيش العراقي وقوات الشرطة الاتحادية وقوات مكافحة الإرهاب، التي تتفاوت بدرجة كبيرة مستويات تدريبها وخبرتها. ومنذ بدء الهجوم قبل عشرة أسابيع تمكنت قوات مكافحة الإرهاب من التوغل داخل الموصل من الشرق، وسيطرت على ربع المدينة، لكن قوات الجيش النظامي مثل الموجودة في قرية السادة حققت تقدما بوتيرة أبطأ من الشمال والجنوب، مما أبطأ العملية بأسرها.
وأشاد مسؤولون غربيون من تحالف يقدم الدعم الجوي والتدريب والمشورة للجيش العراقي، بتعافي الجيش والشرطة، بعد أن ألقوا أسلحتهم وفروا أمام اكتساح «داعش» لثلث البلاد في 2014، على الرغم من الدعم الأميركي الذي يقدر بمليارات الدولارات.
وقال مسؤول عسكري أميركي لوكالة «رويترز» في وقت سابق من هذا العام: «ليس عليهم أن يكونوا بمثل كفاءتنا. عليهم فقط أن يكونوا أفضل من (داعش)». لكن تلك الميزة الضئيلة تعني أن حملة الموصل ستستمر لعدة أشهر على الأرجح، وقد تنزل دمارا كبيرا.
وخلال معارك سابقة، مثل استعادة الرمادي قبل عام، قال مسؤولون من التحالف إنهم اضطروا في كثير من الأحيان إلى حث العراقيين على التقدم بدلا من انتظار القصف الجوي، ليقضي على كل مواقع العدو.
وتجمع القادة العراقيون مع الأميركيين في قرية السادة لعدة دقائق أول من أمس، وبعد الضربة الجوية الثالثة تكدسوا في مركباتهم. وتقدمت نحو ست مركبات «همفي» إلى الأمام وهي تطلق نيران المدافع الرشاشة وقذائف «آر بي جي». وفيما اخترق صوت النيران السماء الصافية تبعت المركبات الأميركية عربات «الهمفي» عبر الطريق، وبدا أنها تتخذ مواقع للمراقبة في حقل قريب. وقال جندي عراقي وحزام الرصاصات يتدلى حول كتفه: «أتى الأميركيون هذا الصباح. للدليل والإرشاد فقط... لم يدخلوا في القتال لكن يحمون ظهورنا».
وخلف المركبات الأميركية جاء نحو 12 سيارة «همفي» عراقية إضافية، أطلق بعض مستقليها النار على نطاق واسع لدى تقدمهم. وقال ضباط في الجيش إن المعلومات المخابراتية تشير إلى أن نحو 30 مقاتلا من «داعش» مختبئون داخل القرية، ولديهم سيارتان ملغومتان وشاحنة ملغومة ويستخدمون الأنفاق بين المنازل، ووصولا للمناطق الزراعية لإعادة التزود بالإمدادات خلسة أو لشن هجمات.
وداخل قرية السادة شاهد مراسلون جثثا لنحو 12 مقاتلا من «داعش»، قال الجيش إنهم قتلوا في اشتباكات وقعت في وقت سابق. وأمسك جندي بالرأس المقطوعة لأحدهم، ووجه الجثة لا يزال يعتريه تعبير عن الصدمة.
القوات العراقية تتوغل في شرق الموصل وتتقدم ببطء من الشمال
مستشارون عسكريون أميركيون يرافقونها
القوات العراقية تتوغل في شرق الموصل وتتقدم ببطء من الشمال
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة