روسيا «القوة العالمية»... وقيادة بوتين

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لدى إزاحته الستار عن نصب الأمير القديس فلاديمير أمام قصر الكرملين في وسط موسكو خلال شهر نوفمبر الماضي (إ.ب.أ)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لدى إزاحته الستار عن نصب الأمير القديس فلاديمير أمام قصر الكرملين في وسط موسكو خلال شهر نوفمبر الماضي (إ.ب.أ)
TT

روسيا «القوة العالمية»... وقيادة بوتين

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لدى إزاحته الستار عن نصب الأمير القديس فلاديمير أمام قصر الكرملين في وسط موسكو خلال شهر نوفمبر الماضي (إ.ب.أ)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لدى إزاحته الستار عن نصب الأمير القديس فلاديمير أمام قصر الكرملين في وسط موسكو خلال شهر نوفمبر الماضي (إ.ب.أ)

برزت روسيا خلال العام الماضي بوصفها «قوة عالمية» بقيادة الرئيس فلاديمير بوتين الذي تصدر مجموعة لا بأس بها من التصنيفات الدولية، بما في ذلك تصنيف مجلة «فوربز» للشخصيات الأكثر نفوذًا في العالم. وهذا هو العام الرابع على التوالي الذي يتصدر فيه الرئيس الروسي ذلك التصنيف.
المجلة الأميركية اعتبرت أن الرئيس الروسي واصل «تحقيق جميع أهداف بلاده في سوريا، وعلى مسرح الانتخابات الأميركية». وفعلاً، يجمع المراقبون على أن الدور الروسي في الأزمة السورية شكّل المنصة الرئيسية والأهم التي انطلق منها «سيد الكرملين» في الإعلان عن موقع روسيا في السياسة الدولية، وهو يدرك في الوقت ذاته أن استعادة موقع «القوة العالمية» لبلاده سيضعه بشكل أو بآخر في مواجهة مع الولايات المتحدة، ويفرض عليه تحدي الهيمنة الأميركية.
كان بوتين، منذ توليه الحكم عام 2000، قد تبنى موقفًا واضحًا من منظومة العلاقات الدولية التي قامت بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، إذ رفض بحزم سياسة «الأحادية القطبية»، فوجه طيلة السنوات الماضية انتقادات حادة اللهجة ضد تفرّد الولايات المتحدة بالقرار الدولي، وبذل في غضون ذلك كل ما من شأنه المساهمة في إعادة بناء تلك المنظومة على أساس الشراكة الندية دوليًا بين موسكو وواشنطن.
في البداية، اقتصرت جهود بوتين في هذا المجال على توجيه انتقادات للسياسات الأميركية، ولعل خطابة أمام مؤتمر الأمن الدولي في ميونيخ عام 2007 كان الأبرز في هذا الشأن؛ حينها شدد بوتين على أن «محاولة إيجاد حلول للمشكلات بصورة أحادية الجانب تسببت بمآس إنسانية جمة». وفي حوار تلفزيوني في صيف عام 2013، أعرب عن يقينه بأن «القيادة الأميركية تدرك تمامًا أنها لن تتمكن وحدها من حل القضايا العالمية الراهنة»، داعيًا تلك القيادة والنخب السياسية الأميركية إلى تغيير نمط تفكيرها. وهذه ليست سوى عينة من تصريحات كثيرة لبوتين انتقد فيها «الهيمنة الأميركية»، وهو يؤكد دومًا انفتاح بلاده على التعاون مع الجميع «على أساس المساواة».
وفي حين كانت روسيا تواصل إدارة علاقاتها مع واشنطن، وسعيها لشغل موقع الشريك في الشأن الدولي، عمدت داخليًا إلى وضع برامج لتحديث السلاح في الجيش الروسي، وتعزيز القوة العسكرية، بالتزامن مع جملة خطوات سياسية - دبلوماسية، نسجت عبرها شبكة علاقات مع دول في الشرق الأوسط.
هذه العناصر سمحت لبوتين في نهاية المطاف أن ينقل تلك السياسة الخارجية إلى موقع متقدم، حين لعبت روسيا دورًا رئيسيًا في التوصل لاتفاق، في منتصف سبتمبر (أيلول) عام 2013، حول تدمير الترسانة الكيميائية للنظام السوري. وحينها، تحركت موسكو لصياغة ذلك الاتفاق، على خلفية إعلان الرئيس الأميركي باراك أوباما نيته إطلاق عملية عسكرية جوية ضد نظام الأسد عقابًا على المجازر التي ارتكبتها قواته مستخدمة السلاح الكيميائي في غوطة دمشق.
وبصرف النظر عن الظروف الدولية والإقليمية التي ولد فيها اتفاق تدمير السلاح الكيميائي السوري، فإن بوتين قد أظهر حرصًا شديدًا في وضع الاتفاقية ضمن سياق «النتائج الملموسة والمؤثرة على الأمن والاستقرار الدوليين التي يمكن تحقيقها عبر العمل الجماعي والشراكة بين موسكو وواشنطن»، مكررًا دعوته إلى بناء علاقة ندية، أو كما يصفها الروس «تقوم على المساواة» بين روسيا والولايات المتحدة.
وفي السياق ذاته، وضع بوتين الاتفاق الذي جرى التوصل إليه في يوليو (تموز) عام 2014، حول الملف النووي الإيراني. إلا أن مساعي بوتين لتغير نهج السياسة الأميركية، وتحديدًا أن تتعامل واشنطن مع موسكو كشريك في الشأن الدولي، لم تأت بالنتائج المرجوة، فقد كانت روسيا تحقق تقدمًا في مجال لعب دور محوري حاسم في القضايا الدولية الحساسة، وأخذت عبر دورها في الأزمة السورية بصورة رئيسية تحتل الصدارة في الحراك السياسي الدولي، إن كان في المحادثات مع واشنطن أو مع الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن مواقفها في مجلس الأمن الدولي.
وجاء إعلان بوتين عن العملية العسكرية في سوريا نهاية سبتمبر 2015 ليشكل نقلة نوعية، لجهة الخطوات الروسية الرامية إلى فرض الشراكة بديلاً عن أحادية القطب في السياسة الدولية، ولعب دور «القوة القائدة» في التصدي للتهديد الإرهابي. وكان قد سبق الإعلان عن تلك الخطوة تصريحات انتقد فيها بوتين بشدة التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد الإرهاب، داعيًا إلى تشكيل تحالف للمهمة ذاتها، لكن تحت سقف الشرعية الدولية وبموجب القوانين، بما في ذلك تلك التي تفرض على دول التحالف التنسيق مع من تقول روسيا إنها «سلطة شرعية في دمشق».
وخلال عام 2016، استغل الرئيس الروسي كل ظرف مناسب ليكرر دعوته بتشكيل ذلك التحالف، مع تركيز على أن ما يقترحه هو «البديل الشرعي» عن تحالف تم تشكيله بقرار دولة واحدة منحت نفسها الحق في اتخاذ القرارات التي تناسبها دون العودة للشرعية الدولية والالتزام بالقوانين والمعايير ذات الصلة. ويرى كثيرون أن من أهداف العملية العسكرية الروسية في سوريا محاولة موسكو «فرض» الشراكة على واشنطن عبر عمل عسكري مشترك في سوريا «ضد الإرهاب»، خصوصًا أن وجود القوات العسكرية للبلدين على مسرح عمليات عسكرية واحد يضيق من خيارات واشنطن. وبالتالي، فإما تتعاون مع القوات الروسية ضمن الحد الأدنى من الرؤية التي عرضها بوتين، أو ترفض التعاون وتواجه تبعات أي حادث تصادم في الأجواء السورية بين المقاتلات التابعة للتحالف الدولي والمقاتلات السورية. إلا أن واشنطن رفضت الفكرة، وطالبت موسكو بالتخلي عن دعمها للنظام السوري كشرط للتعاون العسكري ضد التنظيمات الإرهابية في سوريا. وانتهى الأمر بتوقيع مذكرة حول ضمانة السلامة لتفادي الحوادث خلال الطلعات الجوية في الأجواء السورية.
إلا أن هذا لم يقلل من أهمية التدخل العسكري الروسي في سوريا، باعتباره البوابة التي ساعدت روسيا على الإعلان عن نفسها قوة دولية جاهزة للتحرك عسكريًا في أي مكان من العالم عندما تتطلب مصالحها ذلك. ومن خلال سوريا كذلك، استعرضت روسيا «عضلاتها العسكرية»، وتعمدت بث مشاهد القصف الصاروخي من بحر قزوين والبحر الأسود باتجاه الأراضي السورية، وحرّكت قاذفاتها الاستراتيجية من نقاط عدة في الأراضي الروسية لتنفيذ مهام في سوريا، فضلاً عن تحريكها قطعها البحرية، ونشر قوة دائمة في المتوسط، وما ترافق مع ذلك من عرض لقدرات تلك القطع في تنفيذ قصف صاروخي، أو طلعات جوية من على متن حاملة الطائرات «الأميرال كوزنيتسوف». وقبل ذلك كله، كانت قد نشرت منظومات «إس - 400» و«إس - 300» الصاروخية على الأراضي السورية، مع ترويج لقدرات تلك المنظومات.
في غضون ذلك، لم تخفِ روسيا حقيقة أنها تستعرض أسلحتها عبر عملياتها في سوريا، وكان الرئيس بوتين قد قال خلال اجتماع في الثامن من يوليو مع لجنة التعاون التقني - العسكري مع الدول الأجنبية، إن «السلاح الروسي يصبح أكثر فعالية، وهذا أمر يمكن التأكد منه، وليس في المعارض فحسب». وفي شهر مايو (أيار)، أشار بوتين خلال اجتماع مع كبار القادة العسكريين إلى أن «العملية في سوريا عرضت مدى فعالية وقوة الأسلحة الروسية». وخلال اجتماع مماثل يوم 22 ديسمبر (كانون الأول)، أضاف أن «استخدام أسلحتنا في سوريا يفتح أفاقًا أمام التعاون التقني - العسكري»، وهو المصطلح الذي يدل على صفقات الأسلحة الروسية للدول الأخرى.



تنديد أوروبي بفرض واشنطن حظر تأشيرات على شخصيات أوروبية

المفوض الأوروبي السابق تييري بروتون (أ.ف.ب)
المفوض الأوروبي السابق تييري بروتون (أ.ف.ب)
TT

تنديد أوروبي بفرض واشنطن حظر تأشيرات على شخصيات أوروبية

المفوض الأوروبي السابق تييري بروتون (أ.ف.ب)
المفوض الأوروبي السابق تييري بروتون (أ.ف.ب)

أدانت المفوضية الأوروبية ومسؤولون في الاتحاد، الأربعاء، بشدة العقوبات الأميركية المفروضة على خمس شخصيات أوروبية ذات صلة بتنظيم قطاع التكنولوجيا، ومن بينها المفوض السابق تييري بروتون.

كانت وزارة الخارجية الأميركية أعلنت، الثلاثاء، حظر منح تأشيرات دخول لبروتون وأربعة نشطاء، متهمة إياهم بالسعي إلى «إجبار» منصات التواصل الاجتماعي الأميركية على فرض رقابة على وجهات النظر التي يعارضونها.

وصعّدت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب هجماتها على قواعد الاتحاد الأوروبي بعدما فرضت بروكسل في وقت سابق من هذا الشهر غرامة على شركة «إكس» التابعة لإيلون ماسك، لانتهاكها بنود قانون الخدمات الرقمية (DSA) المتعلقة بالشفافية في الإعلانات وطرقها، لضمان التحقق من المستخدمين، ومن أنهم أشخاص حقيقيون.

«محاولة للطعن في سيادتنا»

وجاء في بيان صادر عن المفوضية: «لقد طلبنا توضيحات من السلطات الأميركية وما زلنا على تواصل معها. وإذا لزم الأمر، فسنرد بسرعة وحزم للدفاع عن استقلاليتنا التنظيمية ضد الإجراءات غير المبررة».

وأضافت: «تضمن قواعدنا الرقمية بيئة عمل آمنة وعادلة ومتكافئة لجميع الشركات، ويتم تطبيقها بشكل عادل ودون تمييز»، مشددة على أن «حرية التعبير حق أساسي في أوروبا، وقيمة جوهرية مشتركة مع الولايات المتحدة»، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقالت المفوضية إن «الاتحاد الأوروبي سوق موحدة مفتوحة وقائمة على القواعد، وله الحق السيادي في تنظيم النشاط الاقتصادي، بما يتماشى مع قيمنا الديمقراطية والتزاماتنا الدولية».

بدورها، قالت مسؤولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، إن «قرار الولايات المتحدة فرض قيود على سفر مواطنين ومسؤولين أوروبيين غير مقبول»، وإن «فرض أميركا قيوداً على سفر مواطنين ومسؤولين أوروبيين محاولة للطعن في سيادتنا».

وأضافت أن أوروبا «ستواصل الدفاع عن قيمها والقواعد الرقمية العادلة والحق في تنظيم فضائنا الخاص».

«يرقى إلى مستوى الترهيب»

ونددت دول في الاتحاد الأوروبي بالإجراء الأميركي.

وعد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الأربعاء، أن حظر التأشيرات «يرقى إلى مستوى الترهيب والإكراه ضد السيادة الرقمية الأوروبية».

وقال على «إكس»: «تدين فرنسا قرارات تقييد التأشيرات التي اتخذتها الولايات المتحدة ضد تييري بروتون وأربع شخصيات أوروبية أخرى»، مؤكداً أن الأوروبيين سيواصلون الدفاع عن «سيادتهم الرقمية» و«استقلالهم التنظيمي».

بدوره، أعلن متحدث ​باسم الحكومة البريطانية، الأربعاء، أن بريطانيا ملتزمة بدعم الحق في حرية التعبير. وقال في بيان نقلته وكالة «رويترز»: «مع أن كل ⁠دولة تمتلك الحق في ‌وضع قواعد التأشيرات ‍الخاصة بها، إلا أننا ‍ندعم القوانين والمؤسسات التي تعمل على إبقاء (شبكة) الإنترنت خالية من ​المحتوى الأكثر ضرراً».

وأضاف: «يجب ألا تُستخدم ⁠منصات التواصل الاجتماعي لنشر مواد الاستغلال الجنسي للأطفال أو التحريض على الكراهية والعنف أو نشر معلومات زائفة ومقاطع فيديو لهذا الغرض».

وفي برلين، أكد وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول أن القرار «غير مقبول»، مضيفاً: «يضمن قانون الخدمات الرقمية أن أي نشاط غير قانوني خارج الإنترنت، يكون غير قانوني أيضاً عبر الإنترنت».

«إجراءات غير مقبولة بين الحلفاء»

كما دانت وزارة الخارجية الإسبانية حظر التأشيرات، منددة بـ«إجراءات غير مقبولة بين الشركاء والحلفاء».

وقالت في بيان: «تعرب الحكومة الإسبانية عن تضامنها مع المفوض الأوروبي السابق تييري بروتون وقادة منظمات المجتمع المدني الذين يكافحون التضليل وخطاب الكراهية»، مشددة على أن ضمان «مساحة رقمية آمنة» أمر «أساسي للديمقراطية في أوروبا».

وشمل الحظر بروتون، المسؤول الأوروبي السابق عن تنظيم قطاع التكنولوجيا، الذي غالباً ما تصادم مع كبار النافذين فيه مثل ماسك بشأن التزاماتهم قواعد الاتحاد الأوروبي.

كما استهدف الإجراء عمران أحمد من مركز مكافحة الكراهية الرقمية (CCDH)، وهي منظمة تحارب الكراهية عبر الإنترنت والمعلومات المضللة والكاذبة، وآنا لينا فون هودنبرغ وجوزفين بالون من منظمة «هايت إيد» (HateAid) الألمانية، وكلير ميلفورد التي تقود مؤشر التضليل العالمي (GDI) ومقره المملكة المتحدة.

«إدارة تحتقر سيادة القانون»

وقال مفوض الاتحاد الأوروبي للسوق الداخلية والخدمات ستيفان سيجورنيه، الأربعاء، إن العقوبات الأميركية على سلفه، لن تمنعه من القيام بعمله.

وكتب على منصة «إكس»: «لقد عمل سلفي تييري بروتون بما يخدم المصلحة العامة الأوروبية، ملتزماً بالتفويض الذي منحه الناخبون عام 2019».

وأضاف: «لن تسكت أي عقوبة سيادة الشعوب الأوروبية. تضامني الكامل معه ومع جميع الأوروبيين المتضررين».

ونددت منظمة «هايت إيد» بالعقوبات. ووصفت في بيان الخطوة الأميركية بأنها «عمل قمعي من قبل إدارة تحتقر سيادة القانون بشكل كبير، وتحاول بكل الوسائل إسكات منتقديها».

ويقود ترمب هجوماً كبيراً على قواعد التكنولوجيا في الاتحاد الأوروبي التي تفرض لوائح على ضوابط مثل الإبلاغ عن المحتوى الإشكالي، وهو ما تعده الولايات المتحدة هجوماً على حرية التعبير.

وقد نددت واشنطن بالغرامة البالغة 140 مليون دولار التي فرضها الاتحاد الأوروبي في بداية ديسمبر (كانون الأول) على منصة «إكس» المملوكة لماسك، ووصفها وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو بأنها «هجوم على جميع منصات التكنولوجيا الأميركية والشعب الأميركي من جانب حكومات أجنبية».


ولاية أسترالية تشدد قوانين حيازة الأسلحة ومكافحة الإرهاب بعد هجوم بونداي

نصب تذكاري بالقرب من شاطئ بونداي (نيويورك تايمز)
نصب تذكاري بالقرب من شاطئ بونداي (نيويورك تايمز)
TT

ولاية أسترالية تشدد قوانين حيازة الأسلحة ومكافحة الإرهاب بعد هجوم بونداي

نصب تذكاري بالقرب من شاطئ بونداي (نيويورك تايمز)
نصب تذكاري بالقرب من شاطئ بونداي (نيويورك تايمز)

أقرت ولاية نيو ساوث ويلز في أستراليا، الأربعاء، حزمة واسعة من القواعد الجديدة المتعلقة بحيازة الأسلحة ومكافحة الإرهاب، وذلك عقب واقعة إطلاق النار العشوائي التي حدثت على شاطئ بونداي، وأدت إلى فرض «قيود على حيازة الأسلحة النارية» وحظر عرض «الرموز المتعلقة بالإرهاب» في الأماكن العامة، و«تعزيز صلاحيات الشرطة للحد من الاحتجاجات».

وأقر برلمان ولاية نيو ساوث ويلز مشروع قانون لتعديل تشريع الإرهاب وتشريعات أخرى، في الساعات الأولى من صباح الأربعاء، بعد أن وافقت الغرفة العليا في البرلمان عليه، بغالبية 18 صوتاً مقابل 8 أصوات، خلال جلسة طارئة.

كريس مينز رئيس وزراء ولاية نيو ساوث ويلز (رويترز)

وقال كريس مينز، رئيس وزراء نيو ساوث ويلز، إن بعض السكان في الولاية يرفضون حزمة التعديلات ‌الصارمة، لكنه أكد ‌أن الحكومة ستبذل قصارى جهدها للحفاظ على سلامة ‌المواطنين.

يأتي ​ذلك ‌في أعقاب إطلاق النار الذي وقع في 14 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، خلال احتفال بعيد «حانوكا» اليهودي، وأدى إلى مقتل 15 شخصاً وإصابة العشرات.

وأضاف مينز للصحافيين: «لقد تغيّرت سيدني وولاية نيو ساوث ويلز إلى الأبد نتيجة ذلك العمل الإرهابي».

وكانت الغرفة الأدنى في البرلمان أقرت مشروع القانون، الثلاثاء، بدعم من «حزب العمال» الحاكم المنتمي إلى تيار يسار الوسط، و«حزب الأحرار» المعارض، فيما عارض «الحزب الوطني» إجراء تعديلات على تشريعات الأسلحة، قائلاً إن «وضع حد لحيازة الأسلحة سيضر بالمزارعين».

وأدى هجوم بونداي المسلح، الأكثر ‌إزهاقاً للأرواح في أستراليا منذ نحو ‍3 عقود، إلى إطلاق دعوات لتشديد قوانين الأسلحة النارية، واتخاذ إجراءات أشد صرامة ضد معاداة السامية.

خبراء الأدلة الجنائية خلال معاينة جثة أحد الضحايا بموقع إطلاق النار بشاطئ بونداي في سيدني (أرشيفية - إ.ب.أ)

وتنص القوانين الجديدة على أن يكون الحد الأقصى لمعظم التراخيص الممنوحة للأفراد هو 4 قطع من الأسلحة النارية، مع السماح بما يصل إلى 10 للمزارعين.

وتعتقد الشرطة أن المسلحَين المشتبه في تنفيذهما الهجوم استلهما أفكارهما من تنظيم «داعش» الإرهابي. وقُتل أحد المنفذَين واسمه ساجد أكرم (50 عاماً) برصاص الشرطة، في حين اتُّهم ابنه نافيد (24 عاماً) بارتكاب 59 جريمة؛ منها القتل والإرهاب.

لكن جماعات ناشطة نددت بالقانون، وأشارت إلى عزمها الطعن فيه دستورياً. وقالت جماعات «فلسطين أكشن» و«يهود ضد الاحتلال» و«بلاك كوكاس»، إنها ستتقدم بطعن قانوني ضد ما وصفتها بأنها «قوانين قمعية مناهضة للاحتجاج» جرى تمريرها على عجل في برلمان الولاية.

وأضافت في بيان: «من الواضح أن حكومة (الولاية) تستغل هجوم بونداي المروع للدفع بأجندة سياسية تقمع المعارضة السياسية وانتقاد إسرائيل، وتحد من الحريات الديمقراطية».

لقطة من فيديو بصفحة رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز على «إكس» تُظهره وهو يلتقي بمستشفى في سيدني السوري أحمد الأحمد الذي انتزع سلاح أحد المهاجمَين خلال هجوم شاطئ بونداي (أ.ف.ب)

وتوعد رئيس الوزراء، أنتوني ألبانيزي، بتشديد الإجراءات ضد خطاب الكراهية، إذ تعتزم الحكومة الاتحادية تقديم تشريعات لتسهيل ملاحقة من يروجون للكراهية والعنف، وإلغاء أو رفض منح التأشيرة لأي شخص متورط في خطاب الكراهية.

ورداً على الانتقادات الموجهة للحكومة بأنها لا تبذل جهوداً كافية ‌للحد من معاداة السامية، قال ألبانيزي إنه تحدث إلى الرئيس الإسرائيلي إسحاق هيرتسوغ، الثلاثاء، ودعاه إلى إجراء زيارة رسمية لأستراليا في أقرب وقت ممكن.

اعتقال مؤيد

وفي السياق ذاته، قالت شرطة أستراليا الغربية إن رجلاً اعتقل في بيرث عقب تحقيق في كتابته «تعليقات معادية للسامية على مواقع التواصل الاجتماعي». وبعد ساعات من الهجوم المميت على احتفال يهودي بشاطئ بونداي تردد أن الرجل أبدى دعمه لمطلقَي النار عبر تطبيق «إنستغرام». ونقلت وسائل الإعلام المحلية المنشور الذي يقول: «أدعم مائة في المائة مطلقَي النار في نيو ساوث ويلز. الحق في الدفاع عن النفس ضد اليهود، وكل اليهود المستقبليين». واتُّهم الرجل، الذي يبلغ 39 عاماً، «بارتكاب سلوك يهدف إلى المضايقة العنصرية، وحمل أو حيازة سلاح ممنوع، وتخزين سلاح ناري ومواد ذات صلة في مخزن غير ملائم».

رواد شاطئ بونداي يفرون بعد إطلاق النار (أ.ف.ب)

وصادرت الشرطة كثيراً من الأسلحة المسجلة، وكذلك كمية من الذخيرة عند تنفيذ مذكرة تفتيش بمنزل الرجل، الثلاثاء، في إطار «عملية دالوود» التي أطلقتها شرطة أستراليا الغربية عقب الهجوم الإرهابي بشاطئ بونداي. وقالت نائبة رئيس وزراء أستراليا الغربية، ريتا سافيوتي، في مؤتمر صحافي الأربعاء، إن الشرطة عثرت «على أسلحة ممنوعة وأعلام على صلة (بميليشيا) حزب الله و(حماس)». وقالت شبكة «إيه بي سي» الأسترالية إن ممثلي الادعاء قالوا، أمام إحدى محاكم بيرث، إن قائمة تسوق لإعداد قنبلة، و6 بنادق مسجلة، ونحو 4 آلاف طلقة، عثر عليها في مقر سكن الرجل».


روسيا تتهم أميركا بممارسة «سلوك رعاة البقر» ضد فنزويلا

الاجتماع الطارئ لمجلس الأمن الدولي الذي عقد في نيويورك (أ.ف.ب)
الاجتماع الطارئ لمجلس الأمن الدولي الذي عقد في نيويورك (أ.ف.ب)
TT

روسيا تتهم أميركا بممارسة «سلوك رعاة البقر» ضد فنزويلا

الاجتماع الطارئ لمجلس الأمن الدولي الذي عقد في نيويورك (أ.ف.ب)
الاجتماع الطارئ لمجلس الأمن الدولي الذي عقد في نيويورك (أ.ف.ب)

اتهمت الصين وروسيا، الثلاثاء، الولايات المتحدة بممارسة «التنمر» وانتهاج «سلوك رعاة البقر» تجاه فنزويلا، خلال اجتماع طارئ محتدم لمجلس الأمن الدولي عُقد في نيويورك.

وخلال الاجتماع الذي دعت إليه كاراكاس، أعلن السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة، مايك والتز، أن الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو ليس رئيساً شرعياً؛ بل هو «مجرم» يستثمر عائدات مبيعات النفط في صفقات مخدرات، حسبما نقلته «وكالة الأنباء الألمانية».

السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة مايك والتز خلال الاجتماع (أ.ف.ب)

من جانبه، اتهم السفير الروسي لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، الولايات المتحدة باتباع «سلوك رعاة البقر» في حملتها للضغط على فنزويلا، بما في ذلك فرض حصار غير قانوني على سواحل الدولة الواقعة في أميركا الجنوبية.

السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا خلال الاجتماع (إ.ب.أ)

وقال نيبينزيا إن هذا الحصار يشكل انتهاكاً للمعايير الأساسية للقانون الدولي ولميثاق الأمم المتحدة، ويمثل «أوضح وأخطر عمل عدواني حقيقي»، محذراً من عواقب كارثية على سكان فنزويلا.

أما الصين التي تستورد النفط من فنزويلا، فوصفت الإجراءات الأميركية الأحادية بأنها «تنمر»، وانتقدت التدخل في الشؤون الداخلية للدولة الكاريبية. وقال الممثل الصيني سون لي إن هذه السياسات تهدد السلام والاستقرار في أميركا اللاتينية، مؤكداً ضرورة ضمان حرية الملاحة.

سفير الصين لدى الأمم المتحدة سون لي خلال الاجتماع (إ.ب.أ)

بدوره، رفض السفير الفنزويلي لدى الأمم المتحدة، صامويل مونكادا، الاتهامات الأميركية، واتهم واشنطن بشن «حرب حصار غير قانونية».

وقال مونكادا: «يجب أن يعلم العالم أن التهديد ليس فنزويلا، التهديد هو حكومة الولايات المتحدة الحالية»، مضيفاً أن هدف واشنطن «ليس المخدرات، ولا الأمن، ولا الحرية؛ بل النفط والمناجم والأراضي».

السفير الفنزويلي لدى الأمم المتحدة صامويل مونكادا (إ.ب.أ)

ووصف الممثل الفنزويلي لدى الأمم المتحدة الادعاء باستخدام عائدات النفط لتمويل تجارة المخدرات بأنه «أمر عبثي».

وكانت كاراكاس قد طلبت عقد اجتماع مجلس الأمن بدعم من موسكو وبكين. ولم يصدر عن الاجتماع أي قرار رسمي.