يحيى جامي يفتح احتمالات التصعيد في غامبيا

يتراجع عن الاعتراف بهزيمته في الانتخابات والولايات المتحدة تصفه بـ«الخرق السافر»

يحيى جامي يفتح احتمالات التصعيد في غامبيا
TT

يحيى جامي يفتح احتمالات التصعيد في غامبيا

يحيى جامي يفتح احتمالات التصعيد في غامبيا

احتمالات كثيرة مطروحة في غامبيا، تلك المستعمرة البريطانية السابقة، التي تقع غرب أفريقيا على شاطئ المحيط الأطلسي ومحاطة من ثلاث جهات بالسنغال. فبعد أسبوع من الاحتفال بانتخابات رئاسية فاز بها زعيم المعارضة آداما بارو، يوم الخميس في 1 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، واعتراف الرئيس المنتهية ولايته يحيى جامي بالهزيمة، تراجع الأخير عن موقفه وأعلن في خطاب مفاجئ بث ليل الجمعة - السبت أن خروقات كبيرة وقعت وأنه سينظم انتخابات رئاسية جديدة لم يحدد موعدها، وفي انتظار ذلك سيدير البلاد التي حكمها طيلة 22 عامًا.
جامي الذي اشتهر بحكمه القاسي وعدم تسامحه مع معارضيه طيلة عقدين من حكم غامبيا، أعلن في خطابه المثير الذي قلب الأمور في غامبيا أن قوات الأمن والشرطة والجيش على أهبة الاستعداد لفرض النظام في البلاد، متوعدًا كل من تسول له نفسه تعريض أمن البلاد للخطر، فيما غلب الهدوء على العاصمة بانجول بعد ساعات من الخطاب.
من جهته، دعا زعيم المعارضة الفائز بالانتخابات آداما بارو إلى التظاهر لرفض ما وصفه بالانقلاب العسكري الذي يخطط له يحيى جامي، ويراهن مرشح ائتلاف المعارضة على المواطنين الذين خرجوا إلى الشارع بعد إعلان هزيمة جامي، في مسيرات عفوية احتفالاً بنهاية حكمه.
وفي حين يؤكد زعيم المعارضة الفائز بالانتخابات الرئاسية أن قائد أركان الجيش اتصل به ليعلن دعمه، يشير مراقبون إلى أن جامي يحظى بدعم مطلق من طرف المؤسسة العسكرية (الجيش والحرس الرئاسي)، إلا أنه سيواجه معارضة قوية من المجموعة الدولية.
في خطابه المثير للجدل قال يحيى جامي: «تمامًا كما سبق أن اعترفت بنتائج الانتخابات الرئاسية نظرًا لاعتقادي أن اللجنة المشرفة كانت مستقلة ونزيهة، الآن أعلن رفضي لهذه النتائج بشكل كامل»، مشيرًا إلى وقوع ما سماه «أخطاء فادحة وغير مقبولة»، متهمًا اللجنة المشرفة على الانتخابات بـ«عدم الحياد» وأنها حرمت كثيرا من المواطنين من حقهم في التصويت بحجج واهية وشكلية، على حد وصفه.
كما وجه جامي أصابع الاتهام إلى الصحافة الدولية التي قال إن «تغطيتها للانتخابات لم تكن موضوعية»، قبل أن يتحدث عمن وصفهم بـ«الجواسيس الأجانب» الموجودين داخل غامبيا ويعملون على إثارة المشكلات فيها، بالإضافة إلى من قال إنها «القوى الأجنبية» التي تخطط الآن لعملية عسكرية ضد غامبيا، وفق قوله. ولكن جامي الذي بدا في خطابه متحمسًا للمواجهة، قال: «غامبيا لن تعود لحضن الاستعمار، كما لن نقبل بإخضاعها للعبودية»، وكثيرًا ما روج جامي في خطاباته لمؤامرة تستهدف الإطاحة بحكمه وتحويل غامبيا إلى مستعمرة، ولكن هذا الخطاب لم يعد يحظى بشعبية كبيرة في غامبيا التي يعاني سكانها الفقر والجهل والمرض، وفق تعبير أحد المعارضين معلقًا على الخطاب الجديد.
جامي الذي رفض قبل أيام استقبال الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لغرب أفريقيا محمد بن شمباس، الموجود حاليًا في غامبيا، تحدث عن ضرورة تنظيم انتخابات رئاسية جديدة تكون «أكثر نزاهة وديمقراطية»، ولكنه لم يحدد أي موعد لهذه الانتخابات وفي انتظار ذلك بدا واضحًا أنه سيحتفظ بمقاليد الحكم في البلاد، وقال جامي في هذا السياق: «إذا توفرت لدينا الموارد المالية سننظم انتخابات في أسرع وقت ممكن، ولكن ذلك غير متوفر حاليًا، إلا أنه من المهم أن يتذكر الجميع أن الانتخابات تمول من طرف الحكومة، والحكومة فقط».
من الواضح أن جامي يعول على المؤسسة العسكرية ممثلة في الجيش وقوات الحرس الرئاسي، وهما الأكثر تجهيزا وتسليحًا في البلاد، بالإضافة إلى دعمه من طرف الزعامات التقليدية ورموز حكمه الذي استمر لأكثر من عقدين من الزمن، وبخاصة بعد أن طالبت المعارضة بمحاكمة جامي ورموز نظامه، وتلميح الرئيس الجديد إلى إمكانية وقوع ذلك.
كما أن الرئيس المنتهية ولايته يحيى جامي، الذي يمسك دستوريًا بمقاليد الحكم حتى تنصيب الرئيس الجديد مطلع عام 2017 المقبل، أجرى تعديلات مهمة في قيادات المؤسسة العسكرية، من ضمنها تعيين 49 ضابطًا عسكريًا في مناصب حساسة داخل الجيش والحرس الرئاسي، وهي تحركات رأت فيها المعارضة تهيئة الأجواء لانقلاب على صناديق الاقتراع.
في غضون ذلك، قال زعيم المعارضة الفائز في الانتخابات في تصريحات صحافية، أمس (السبت)، إنه «من غير الممكن أن يتراجع يحيى جامي عن موقفه السابق من نتائج الانتخابات، لقد أعلن قبوله بالهزيمة أمام العالم ولا مجال لتغيير ذلك الموقف»؛ وأضاف مارو في التصريحات التي نقلتها وسائل إعلام خاصة من خارج غامبيا: «سنخرج إلى الشوارع اليوم (أمس) السبت لتنظيم مظاهرات شعبية دفاعًا عن الديمقراطية، ومستعدون لدفع أرواحنا ثمنًا لذلك»؛ ويواجه بارو صعوبة كبيرة في الوصول إلى الإعلام الرسمي في غامبيا، في حين تؤكد المعارضة أن يحيى جامي الممسك بمقاليد الأمور في غامبيا هو من يمنعه من ذلك.
الهدوء الحذر الذي تشهده غامبيا، وتوتر الأجواء بين المعارضة والرئيس المنتهية ولايته، يبقي الاحتمالات مفتوحة في بلد ظل لعقود بعيدًا عن دائرة الضوء والاهتمام، وتتحدث منظمات حقوق الإنسان عن وقوع فظائع وانتهاكات كبيرة دون أن تجد أي صدى على المستوى العالمي، ولكن ردود فعل بدأت تظهر بخصوص الأزمة التي أعقبت الانتخابات الرئاسية الأخيرة، فالاتحاد الأفريقي الذي كان الجهة الخارجية الوحيدة التي أشرفت على مراقبة الانتخابات في غامبيا، دعا أمس (السبت) مجلس الأمن والسلم لاجتماع عاجل لبحث تطورات الأزمة في غامبيا، بينما دعت السنغال إلى عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي عقب تصريحات يحيى جامي.
أما الولايات المتحدة الأميركية فقد أعلنت على لسان وزارة خارجيتها أنها «تدين بشدة» تصريحات الرئيس الغامبي المنتهية ولايته يحيى جامي، وقالت إنها «خرق سافر وغير مقبول لتطلعات الشعب الغامبي»، ووصف نائب المتحدث باسم الخارجية الأميركية، مارك تونر، ما جرى بأنه «محاولة فاضحة لتقويض مصداقية العملية الانتخابية والبقاء في السلطة بطريقة غير شرعية».
ودعت الخارجية الأميركية جامي إلى «إجراء انتقال سلس للسلطة إلى الرئيس المنتخب بارو وفقا للدستور الغامبي»، قبل أن تحث على «نبذ العنف» وتدعو إلى «إعلاء إرادة الشعب التي تم التعبير عنها بشكل واضح من خلال صناديق الاقتراع».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».