أزمة إنسانية ـ اقتصادية تعصف بحلب على وقع الاشتباكات المستمرة

في ظل انقطاع الكهرباء وعدم توفر المحروقات وارتفاع جنوني بأسعار المواد الغذائية

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية
TT

أزمة إنسانية ـ اقتصادية تعصف بحلب على وقع الاشتباكات المستمرة

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

ترزح مدينة حلب تحت وقع أزمة إنسانية - اقتصادية خانقة لا توفر الأحياء الخاضعة لسيطرة النظام أو المعارضة على حد سواء.
وقد اشتدت حدة الأزمة مع ارتفاع وتيرة الاشتباكات في الأيام الثلاثة الماضية وخاصة على جبهات مساكن هنانو وحلب القديمة والمخابرات الجوية والراموسة. وأوضح مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن أن استهداف مقاتلين إسلاميين لمحطة تحويل الكهرباء في بلدة الزربة أدى لانقطاع التيار الكهربائي عن مجمل أحياء مدينة حلب بشكل شبه كامل، لافتا إلى أن أزمة الكهرباء تترافق مع أزمة إنسانية - اقتصادية كبيرة في ظل ارتفاع أسعار المواد الغذائية.
وقال عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط» إن الاشتباكات المحتدمة في الراموسة أدت إلى إغلاق طريق حلب - خناصر التي تشكل شريانا حيويا لإيصال المواد الحياتية للمدينة، ما تسبب بأزمة اقتصادية خانقة في أحياء حلب الغربية التي يسيطر عليها النظام كما الأحياء الشرقية الخاضعة لسيطرة المعارضة.
وأشار محمد الحلبي الناشط في مدينة حلب إلى أن الأحياء التي تسيطر عليها كتائب المعارضة «تعيش أياما عصيبة بعد سقوط مئات البراميل المتفجرة على رؤوس المدنيين في الأسابيع الماضية، في ظل نقص حاد بكوادر المسعفين وآليات رفع الأنقاض، ما يؤدي إلى ارتفاع عدد القتلى بسبب مكوث الجرحى تحت أنقاض منازلهم لفترات طويلة».
وأشار الحلبي لـ«الشرق الأوسط» إلى شح كبير بالمواد الغذائية وخاصة بالخضراوات والفواكه في مناطق النظام المحاصرة، لافتا إلى ارتفاع أسعار ما تبقى منها إلى أرقام خيالية، فيما أغلقت معظم محلات اللحوم والأجبان أبوابها بسبب انقطاع طريق الراموسة.
وتشهد أحياء حلب نقصا حادا بالمحروقات، ما أدى إلى ارتفاع أسعارها بشكل جنوني، بحيث وصل سعر لتر البنزين في عدد من الأحياء إلى 350 ليرة وسعر لتر الديزل إلى 150 ليرة وسعر أسطوانة الغاز إلى ستة آلاف ليرة سورية، أي ما يعادل 30 دولارا أميركيا تقريبا.
وقد أغلقت جميع محطات الوقود أبوابها في وجه آلاف السيارات التي اصطفت طوابير ضخمة للحصول على المحروقات.
وتدهور سعر صرف الليرة السورية في حلب، حيث وصل سعر صرفها مقابل الدولار إلى 174 ليرة.
وكان رئيس الوزراء السوري وائل الحلقي قال مطلع الأسبوع إن الليرة السورية تتعرض لحرب اقتصادية، لافتا إلى أنها فقدت أكثر من ثلاثة أرباع قيمتها منذ بدء النزاع قبل ثلاث سنوات. وقد أعلن المصرف المركزي السوري في وقت سابق أنه سيضخ 20 مليون دولار أميركي في السوق المحلية لمواجهة هذا الارتفاع. ونجحت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في سوريا مطلع الشهر الحالي بإدخال المساعدات الإنسانية إلى حي بستان القصر المحاصر والواقع في شرق حلب شمال سوري. ووصفت المفوضية الوضع في مناطق شرق حلب، بالمتردي نظرا للنقص الشديد في الغذاء والدواء.
وكانت آخر مرة أدخلت فيها المساعدات إلى تلك المنطقة في شهر يونيو (حزيران) عام 2013، ولم تصل أي مساعدات إنسانية للسكان هناك منذ ذلك الحين.
ويؤكد ناشطون معارضون أن كتائب المعارضة تسيطر على 70 في المائة من أحياء مدينة حلب وعلى الريف الشمالي والغربي والشرقي، وهو ما يعده مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن كلاما غير دقيق وغير صحيح، لافتا إلى أن النظام السوري يؤكد كذلك سيطرته على معظم أحياء مدينة حلب.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».