واشنطن: «الدرون» قتلت 2500 متطرف خلال 6 سنوات

وثائقي يكشف ضعف الأخطاء القاتلة لطائرات من دون طيار

واشنطن: «الدرون» قتلت 2500 متطرف خلال 6 سنوات
TT

واشنطن: «الدرون» قتلت 2500 متطرف خلال 6 سنوات

واشنطن: «الدرون» قتلت 2500 متطرف خلال 6 سنوات

يتوقف الموكب للصلاة في جنوب أفغانستان في منطقة تعد معقلا لحركة طالبان، وفجأة تنهمر على الناس من السماء صواريخ «هلفاير»، فتحترق العربات الثلاث ويقتل 23 مدنيا، وغذّى هذا الهجوم الذي يعود تاريخه إلى فبراير (شباط) شباط 2010، ويستند إلى تحليل صور التقطتها طائرات أميركية يسيرها مشغلون وصفهم تحقيق عسكري فيما بعد بأنهم «يفتقرون إلى الدقة والمهنية»، الانتقادات المتصاعدة ضد الحرب السرية التي تخوضها الولايات المتحدة باستخدام طائرات من دون طيار.
واختلط الأمر على المشغلين الموجودين في قاعدة عسكرية في نيفادا، ولم يميزوا بين مسافرين عاديين ومقاتلي طالبان في أثناء تحليلهم تسجيلات فيديو غير واضحة التقطتها طائرة «بريديتور» في أفغانستان. وتسببت استنتاجاتهم الخاطئة في مجزرة على بعد آلاف الكيلومترات.
وأكد المشغلون أنهم لم يروا على الصور غير رجال بلباس عسكري في ثلاث عربات، لكن الواقع أن الكثير من النساء كن بين الجرحى والقتلى وكن يرتدين ملابس زاهية الألوان.
وتشكل هذه المأساة وما تكشفه عن البرنامج العسكري السري الذي تقوم به الطائرات الأميركية من دون طيار موضوع فيلم «ناشونال بيرد» (الطائر القومي) الوثائقي المحرج الذي سيعرض في 11 نوفمبر (تشرين الثاني) في الولايات المتحدة
ويتتبع الوثائقي مسار ثلاثة ممن يقومون «بكشف المستور» والذين قرروا الحديث عن الأمر لشعورهم القاتل بالذنب.
وتقول المحللة العسكرية السابقة للصور الملتقطة بالطائرات ليزا لنغ لوكالة الصحافة الفرنسية «كان عليّ أن أفعل شيئا؛ لأن ما يجري (غير مقبول أخلاقيا) وبات خارج السيطرة».
وفي الوثائقي، تكشف عن رسالة تهنئة تلقتها لأنها ساعدت في التعرف إلى 121 ألف مقاتل خلال سنتين، وتدعو المشاهدين إلى استنتاج أعداد القتلى، منذ أن أعلنت الولايات المتحدة الحرب على طالبان بعد اعتداءات 11 سبتمبر (أيلول) 2001
ومن الصعوبات التي تواجهها حرب الطائرات المسيرة وفق ليزا لنغ، النقص في مصداقية الصور غير الواضحة التي يتم استنادا إليها، «اتخاذ قرارات تتعلق بالحياة أو الموت». ولكنها تعتبر أن المشكلة الكبرى تتمثل في البعد الجغرافي والعاطفي لمشغلي الطائرات المسيرة عن الأهداف المحتملة التي تتوقف عليها قراراتهم. وتقول إدارة الرئيس باراك أوباما إنها قتلت 2500 متطرف بين 2009 ونهاية 2015، أي خلال ست سنوات، معظمهم في غارات نفذتها طائرات من دون طيار. وتقر بأن 116 مدنيا قتلوا في غارات لطائرات مسيرة في باكستان واليمن والصومال وليبيا.
لكن مكتب التحقيقات الصحافية الاستقصائية يقول إن العدد أكثر من ذلك بست مرات. في 2013، أكد أوباما الذي ضاعفت حكومته الاعتماد على الطائرات المسيرة أن هذه الغارات تتم فقط في حال كان هناك «شبه تأكيد» بأنه سيتم ضرب الهدف الملاحق. وتقول مخرجة «ناشونال بيرد» صونيا كنيبيك «في تلك الفترة لم نكن نعرف الكثير».
وسبق لكنيبيك أن أخرجت أفلاما وثائقية عن عائلة الرئيس الأميركي السابق جورج بوش وكارثة فوكوشيما النووية.
وبالإضافة إلى رحلة ليزا لنغ، تمكنت المخرجة من تتبع المشغلة السابقة للطائرات من دون طيار هيذر لاينبو التي تعاني إجهاد ما بعد الصدمة، و«دان»، محلل المعلومات الذي خضع للتحقيق في إطار قانون مكافحة التجسس الأميركي.
وسافرت كينيبيك مع ليزا لنغ إلى أفغانستان للقاء أقارب ضحايا هجوم 2010 أو الجرحى المصابين بجروح خطرة الذين تعرض بعضهم لتشوهات أو لبتر الأطراف جراء انفجار الصواريخ.
وتقول المخرجة إنها تريد إثارة نقاش وطني مغيب وضروري لمعرفة إن كان الأميركيون يريدون شن حرب الطائرات من دون طيار باسمهم وكيف يمكن تنظيمها وضبطها.
وتسأل «ما مستوى الدقة المطلوب قبل إلقاء قنبلة على منزل؟ هل نعرف بنسبة 100 في المائة من يتواجد داخل المنزل ومن نقتل؟».
ويقول مركز الأبحاث الأميركي المستقل «نيو أميركا» «إن بلدانا أخرى في طور الانضمام إلى الولايات المتحدة في حرب الطائرات من دون طيار؛ إذ باتت 86 بلدا تمتلك هذه التكنولوجيا ذات الاستخدام التجاري أو العسكري. وهناك 16 بلدا تعتمد على هذه الطائرات في برامج لتنفيذ ضربات عسكرية».
وفي وقت سابق من السنة، باتت نيجيريا البلد الثامن الذي استخدم طائرات مسيرة عسكرية. ويلجأ ما يسمى «حزب الله» اللبناني الشيعي كذلك إلى هذه الطائرات.
وتقول المخرجة «سيعرض (ناشونال بيرد) في حين يهم الرئيس أوباما بمغادرة البيت الأبيض، وقد يكون تولي إدارة جديدة فرصة لإعادة تقييم فاعلية هذه البرامج العسكرية التي تفتقد للشفافية وكلفتها الإنسانية».
وتقول ليزا لنغ «ينبغي أن نفهم أن هذه الطائرات المسيرة هي (أداة) للإرهاب بالنسبة للناظر إليها من الأرض».



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.