منذ أن باع رجل الأعمال بيير بيرجيه مقتنياته وأثاث منزله الذي أقام فيه مع صديقه المصمم إيف سان لوران، قبل ثلاث سنوات، لم تستنفر المتاحف الفرنسية موظفيها كما يحدث هذه الأيام وهي تترقب بيع التحفيات التي كانت تملأ قصر الأمير الروسي فيليكس يوسوبوف وزوجته إيرينا. ومن المقرر أن يجري البيع في دار «دروو» للمزاد العلني، في باريس، الجمعة المقبلة.
120 قطعة من اللوحات والأثاث والثياب المطرزة والأواني الكريستال والإيقونات والتذكارات والرسائل التاريخية وتحف من أجمل ما أنتجه الحرفيون المهرة في القرون الماضية، ستغادر صناديقها، وتتوزع على الهواة وصالات متاحف الفنون التزيينية والمكتبات المهتمة بالمخطوطات والمطبوعات النادرة. وهي مجموعة كانت، طوال السنوات الستين الماضية، محفوظة لدى فيكتور كونتريراس، في مدينة غيرنافاكا المكسيكية. وهو أحد الزوجين يوسوبوف. وبالإضافة إلى مجموعة الثياب الثمينة ذات الطراز الرسمي الذي كان يرتديه النبلاء في الحفلات الإمبراطورية، وجواهر الأميرة إيرينا، تباع في المزاد 25 لوحة رسمها الأمير فيليكس في ثلاثينات القرن الماضي.
ويأتي هذا المزاد ليعيد لمحات من ترف القياصرة إلى الأذهان. وهو بمثابة ريح روسية تهب على العاصمة الفرنسية مع قدوم الشتاء. فقد عاش يوسوبوف وإيرينا في زمن آل رومانوف، مع كل ما كان يحيط بتلك الفترة من فخامة واهتمام بالفنون. ويقترن اسم الأمير فيليكس بهالة من التشويق لأنه كان العقل المدبر للخطة التي أدت لمقتل راسبوتين، وهو شخصية شهيرة مارست سطوتها وسحرها على العائلة القيصرية. وقد انتقل الأمير وزوجته بعد الثورة البلشفية للإقامة في فيلا جميلة تقع في الدائرة السادسة عشرة من باريس، مقر النخبة. وهذا ما يفسر بيع المقتنيات هنا، وليس في أي مدينة روسية.
والأميرة إيرينا الصغيرة التي تحمل لقب كونتيسة شيرميتييف، هي الابنة الوحيدة للثنائي يوسوبوف، وقد فوضت لفيكتور كونتريراس إدارة مقتنيات العائلة لأنه كان قريبًا من والديها، وكان قد تعرف عليهما قبل رحيلهما في حفل استقبال جرى عام 1958، حين درس مع الأمير في معهد الفنون الجميلة في باريس. وكان كونتريراس، المكسيكي الأصل، طالبًا في السابعة عشرة من عمره آنذاك، وقد نال اهتمام الأميرين وعطفهما، بحيث أصبح بمثابة الابن الروحي لهما، لذا استضافاه للعيش في منزلهما لخمس سنوات خلال دراسته.
وخلال المعرض الذي سبق الموعد المحدد للبيع، توافد آلاف الزوار لمشاهدة القطع الفنية الثمينة التي تمثل شهادة صغيرة على تاريخ كبير. ومن أبرزها تمثال من الفضة يمثل الآلهة اليونانية جوبيتر، من نحت بينوينتو سيليني، محمول على قاعدة من الذهب من صياغة دار «كارتييه» بفرعها في نيويورك. ويعتبر التمثال قطعة نادرة من القطع التي تمكن الأمير يوسوبوف من إخراجها من روسيا خلال الثورة. وقد حدد لبيعها في المزاد مبلغ أولي قدره ربع مليون يورو. وهناك أيقونة بديعة كانت الأميرة إيرينا تحملها معها في رحلاتها، مطلية بالميناء ومرصعة بالعقيق، يمكن أن يزيد ثمن بيعها على 50 ألف يورو. أما القائمون على متاحف الملابس التاريخية، فيرصدون البدلة الفخمة التي ارتداها الأمير في حفل «إغلنتغتون» في لندن، في 11 يوليو (تموز) عام 1912.
رياح إمبراطورية روسية تهبّ على باريس
تحف الأمير يوسوبوف قاتل راسبوتين تباع في المزاد العلني
رياح إمبراطورية روسية تهبّ على باريس
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة