موسكو تمدد وقف الضربات الجوية على حلب.. والأمم المتحدة غاضبة

المعارضة تؤكد مقتل سبعة من عناصر الحرس الجمهوري السوري وأسر ثلاثة

قوات الدفاع المدني السوري تبحث عن ناجين بعد أن استهدف الطيران الروسي بلدة «أورم الكبرى» بريف حلب أمس (غيتي)
قوات الدفاع المدني السوري تبحث عن ناجين بعد أن استهدف الطيران الروسي بلدة «أورم الكبرى» بريف حلب أمس (غيتي)
TT

موسكو تمدد وقف الضربات الجوية على حلب.. والأمم المتحدة غاضبة

قوات الدفاع المدني السوري تبحث عن ناجين بعد أن استهدف الطيران الروسي بلدة «أورم الكبرى» بريف حلب أمس (غيتي)
قوات الدفاع المدني السوري تبحث عن ناجين بعد أن استهدف الطيران الروسي بلدة «أورم الكبرى» بريف حلب أمس (غيتي)

بعد أقل من 24 ساعة على تأكيد نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، أن مسألة تجديد الهدنة الإنسانية في مدينة حلب الواقعة شمال سوريا غير مطروحة، أعلنت وزارة الدفاع الروسية، أمس، أن موسكو ودمشق ستمددان تعليق طلعات الطيران الروسي والسوري في سماء حلب وريفها، وهو ما بدا مؤشرا واضحا على تخبط روسي بالتعاطي مع ملف حلب، خصوصا في ظل استمرار المعارك العنيفة على أكثر من محور في المدينة بين فصائل المعارضة من جهة وقوات النظام السوري وحلفائها من جهة أخرى.
واعتبر رضوان زيادة، المدير التنفيذي للمركز السوري للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن «التناقض في التصريحات الروسية دليل على ألا خطة واضحة لموسكو لكيفية التعاطي مع الملف السوري وبالتحديد مع ملف مدينة حلب»، مرجحا في تصريح، لـ«الشرق الأوسط»، أن يكون قرار تمديد وقف الطلعات الجوية «رضوخ للضغوط الدولية التي تتعرض لها وبالتحديد من أوروبا وأميركا اللتين تتهمانها بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية».
وأكد رئيس إدارة العمليات في هيئة أركان القوات المسلحة الروسية، الفريق سيرغي رودسكوي، أنه «تم التعليق الكامل لتحليقات القوات الجوية الفضائية الروسية والقوات الجوية السورية في منطقة عمقها 10 كيلومترات حول مدينة حلب، وسيتم تمديد حظر شن الطيران الروسي والسوري ضربات في محيط هذه المدينة». وأشار رودسكوي إلى أن روسيا «تمكنت من إقناع الجيش السوري بالموافقة على هذه الخطوة وعدم الانجرار وراء استفزازات المسلحين».
وأعربت موسكو عن استعدادها «لإعلان هدن إنسانية جديدة استجابة لأول طلب من قبل المنظمات الإنسانية، لكن فقط في حال وجود معلومات مؤكدة عن إجراء جميع التحضيرات الضرورية لإجلاء المرضى والجرحى والسكان المدنيين». وعبّرت الأمم المتحدة عن غضبها لفشل خطط إجلاء مرضى من حلب الشرقية الخاضعة لسيطرة المعارضة بعدما كانت تأمل في تنفيذها خلال هدنة استمرت ثلاثة أيام الأسبوع الماضي، ملقية باللوم في فشل جهودها على «كل أطراف الصراع».
وقال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، ستيفن أوبراين، في بيان، إن عمليات «الإجلاء أعاقتها عوامل عدة من بينها التأخيرات في تسلم الموافقات الضرورية من السلطات المحلية في شرق حلب والظروف التي فرضتها الجماعات المسلحة غير الحكومية ورفض الحكومة السورية السماح بدخول الإمدادات الطبية والمساعدات إلى الجزء الشرقي من حلب». وأضاف: «أنا غاضب من أن يكون مصير المدنيين الضعفاء، المرضى والمصابين والأطفال والمسنين، بلا رحمة، في أيدي أطراف لا تزال تفشل ودون خجل في أن تسمو بهم فوق مصالح سياسية وعسكرية ضيقة».
من جهتها، حمّلت فصائل المعارضة السورية في محافظة حلب روسيا والنظام السوري مسؤولية فشل مبادرة الموفد الخاص إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا وإفراغها من مضمونها. وقال عدد من الفصائل الثورية في محافظة حلب، في بيان: «لقد كنّا على مدار أكثر من أسبوع على اتصال مباشر مع الأمم المتحدة لإنجاح مبادرة الموفد الخاص ستيفان دي ميستورا بإدخال المساعدات الطبية والإنسانية إلى حلب المحاصرة وإخلاء المرضى والجرحى من ذوي الحالات الحرجة»، وحمّلوا «روسيا والنظام مسؤولية فشل هذه المبادرة بسبب رفضهم إدخال مساعدات طبية وإنسانية إلى حلب المحاصرة وبسبب رفضهم تقديم أي ضمانات للجرحى المصابين».
وأكّدت روسيا أن الطائرات العسكرية الروسية والسورية لم تشن أي ضربات جوية على حلب خلال الأيام السبعة الأخيرة، وقال الميجر جنرال إيغور كوناشنكوف، المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية، في بيان، إن الطائرات الروسية والسورية لم تقترب حتى من المدينة المدمرة منذ يوم الثلاثاء الماضي عندما علقت روسيا الضربات الجوية قبيل وقف إطلاق النار. وأشار إلى أن ستة ممرات إنسانية في شرق حلب فتحت في إطار وقف إطلاق النار الذي بدأ يوم الخميس، لمدة 48 ساعة للسماح للمدنين بالخروج، ولا تزال قائمة. وقال إن نحو 50 امرأة وطفلا غادروا المدينة في وقت متأخر ليل الاثنين - الثلاثاء برفقة ضباط من الجيش الروسي. لكن المرصد السوري لحقوق الإنسان قال إن الضربات الجوية استؤنفت منذ انتهاء التهدئة يوم السبت، وركزت على الخطوط الأمامية الرئيسية بما في ذلك جنوب غربي المدينة.
بدوره، قال إبراهيم أبو الليث، المسؤول بالدفاع المدني في شرق حلب، إن الضربات الجوية والقصف أصابا النصف الخاضع لسيطرة المعارضة من المدينة قرب الخطوط الأمامية في الأسبوع الأخير، متحدثا عن «قصف مدفعي وبالطائرات على المدينة».
في المقابل، قال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الطيران الروسي كان موجودا في سماء حلب في الأيام الماضية لكنّه لم يتسبب في مقتل مدنيين»، لافتا إلى أن تمديد موسكو وقف الطلعات الجوية إنما «يندرج بإطار تحركات كبيرة تقوم بها الأمم المتحدة لإخراج مدنيين وحالات إنسانية من أحياء حلب الشرقية».
ميدانيا، أفادت المعارضة السورية مقتل سبعة من عناصر الحرس الجمهوري السوري وأسر ثلاثة وإصابة 15 خلال محاولتهم التقدم باتجاه حي كرم الجبل في مدينة حلب. وقالت مصادر ميدانية في المعارضة لوكالة الأنباء الألمانية إن «الثوار تصدوا لمحاولة عناصر الحرس الجمهوري السوري خلال محاولتهم التقدم في حي كرم الجبل وكرم الطراب وإن سبعة منهم قتلوا وأصيب أكثر من 15 وجرى أسر ثلاثة وتدمير عدد من الآليات خلال عملية الانسحاب باتجاه مطار النيرب العسكري وتبعتهم صواريخ غراد محققة إصابات مباشرة داخل المطار».
من جهتها، تحدثت شبكة «الدرر الشامية» عن «مقتل عشرة عناصر وأسر ثلاثة آخرين من قوات الأسد التي حاولت الثلاثاء التسلسل إلى نقاط الثوار بكرم الجبل حيث دارت اشتباكات عنيفة، وتزامن ذلك مع محاولة اقتحام على جبهة صلاح الدين التي قُتل فيها أيضًا ثلاثة عناصر»، لافتة إلى مقتل 14 من قوات الحرس الجمهوري الاثنين خلال محاولتها التقدم إلى نقاط الثوار على جبهة صلاح الدين».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.