توسك مرحبا بماي: قمة «عش للحمام» وليس «عرينًا للأسود»

رئيسة وزراء بريطانيا لا تريد استبعاد بلدها عن قرارات التكتل حتى يتم الانفصال

رئيس المفوضية الأوروبية جون كلود يونكر يضع يده على كتف تيريزا ماي ليعكس مدى الترحيب بها في أول حضور لها بعد تنصيبها رئيسة وزراء بريطانيا  (إ.ب.أ)
رئيس المفوضية الأوروبية جون كلود يونكر يضع يده على كتف تيريزا ماي ليعكس مدى الترحيب بها في أول حضور لها بعد تنصيبها رئيسة وزراء بريطانيا (إ.ب.أ)
TT

توسك مرحبا بماي: قمة «عش للحمام» وليس «عرينًا للأسود»

رئيس المفوضية الأوروبية جون كلود يونكر يضع يده على كتف تيريزا ماي ليعكس مدى الترحيب بها في أول حضور لها بعد تنصيبها رئيسة وزراء بريطانيا  (إ.ب.أ)
رئيس المفوضية الأوروبية جون كلود يونكر يضع يده على كتف تيريزا ماي ليعكس مدى الترحيب بها في أول حضور لها بعد تنصيبها رئيسة وزراء بريطانيا (إ.ب.أ)

يعرف عن رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك أنه سليط اللسان، لكنه يتمتع أيضا بالروح الرياضية وخفة دم. وفي تعليقه على حضور رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي أول قمة أوروبية منذ تسلمها منصبها الجديد بعد استفتاء الخروج من التكتل الأوروبي، حاول توسك طمأنتها والترحيب بها قائلا إن «بعض وسائل الإعلام وصفت أول اجتماع لها في المجلس الأوروبي بأنه دخول لعرين الأسود. إن ذلك ليس صحيحا، بل إن الأمر أشبه بعش الحمام». وقال: إن ماي ستحظى بترحيب ودي، في أول مشاركة لها في قمة الاتحاد الأوروبي التي افتتحت أول من أمس (الخميس). وأضاف: «يمكنكم أن تكونوا على يقين من أنها ستكون آمنة تماما معنا، وآمل أن تدرك (هي) أيضا أن الاتحاد الأوروبي ما زال أفضل شريك في العالم».
وبعد ثلاثة أشهر على وصولها إلى رئاسة الحكومة البريطانية، تشارك تيريزا ماي في قمة أوروبية في بروكسل للمرة الأولى على أمل تهدئة مخاوف الأوروبيين من عملية خروج المملكة المتحدة من الاتحاد.
وبمناسبة عشاء عمل مع قادة الدول الـ27 الآخرين في الاتحاد، أكدت رئيسة الوزراء البريطانية من جديد رغبتها في تفعيل المادة 50 من معاهدة لشبونة قبل نهاية مارس (آذار) 2017؛ مما سيطلق مفاوضات خروج لندن من التكتل الأوروبي. وانتهى اليوم الأول مناقشات القمة، بحسب ما أعلنته سلوفاكيا التي تتولى حاليا الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي. وقالت الرئاسة السلوفاكية للاتحاد الأوروبي في ساعة متأخرة من يوم الخميس عبر موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «عشاء القادة انتهى».
وبدورها، ترى المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، أن ثمة علاقة عمل جيدة مع بريطانيا رغم قرارها الخروج من الاتحاد الأوروبي. وقالت ميركل في ساعة مبكرة من صباح أمس (الجمعة) بعد انتهاء اليوم الأول للقمة إن رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي أكدت لها أن بريطانيا ستظل «عضوا كاملا» في الاتحاد الأوروبي. وأضافت ميركل «كانت تلك رسالة جيدة لنا».
وتحدثت ميركل عن أساس جيد لمزيد من التعاون مع بريطانيا.
لكن استبعدت المستشارة الألمانية إجراء نقاش مفصل عن قرار بريطانيا بالخروج من الاتحاد الأوروبي، خلال القمة الحالية. وقالت ميركل إنه حان الآن الوقت لأن نتحدث مع البريطانيين عن الطريقة التي يعتزمون بها طلب الخروج من الاتحاد الأوروبي. وأضافت قائلة: «إن رئيسة الوزراء البريطانية قالت بالفعل إن ذلك سيحدث بحلول نهاية شهر مارس المقبل كحد أقصى. أي أننا لا نحتاج اليوم إلى الاهتمام بذلك بشكل معمق». وتابعت المستشارة الألمانية، أن القمة ستتناول «بالطبع أيضا، أعتقد لفترة قصيرة للغاية، موضوع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي». بعد الترحيب الرسمي بماي. وأشارت إلى أنه يفضل أن توضح الدول الـ27 المتبقية في الاتحاد الأوروبي مرة ثانية «إننا ننتظر تقديم طلب بريطانيا».
ورحب القادة الأوروبيون الذين يدفعون باتجاه انفصال سريع منذ استفتاء 23 يونيو (حزيران)، بهذا البرنامج الزمني الذي يفتح الطريق لخروج فعلي للمملكة المتحدة.
لكن ماي أثارت أيضا قلقا عندما شددت على فكرة تطبيق مراقبة لهجرة مواطني الاتحاد الأوروبي؛ مما يدفع العملية باتجاه مفاوضات «قاسية» بلا تنازلات. وفي نظر الأوروبيين يتعارض هذا الاقتراح مع مبدأ حرية التنقل، ولا يتلاءم مع الوصول بلا شروط إلى السوق الواحدة.
وقال دونالد توسك الذي يخشى عملية انفصال صاخبة، إن «الحقيقة القاسية هي أن (بريكست) سيكون خسارة لنا جميعا».
تيريزا ماي أكدت بدورها أن بلادها ستواصل ممارسة حقوقها بالكامل بصفتها عضوا في الاتحاد الأوروبي حتى تنتهي عملية خروجها من التكتل. وقالت «أنا هنا ومعي رسالة واضحة للغاية: (بريطانيا) ستغادر الاتحاد الأوروبي، ولكننا سنواصل أداء دورنا بالكامل حتى
نغادر وسنكون شريكا قويا يعتمد عليه بعد مغادرتنا». واشتكت ماي من أنه لا ينبغي استبعاد بريطانيا من محادثات الاتحاد الأوروبي، على الرغم من قرار البلاد الخروج من التكتل. وكان قد التقى نظراء ماي في دول الاتحاد الأوروبي الـ27 من دونها يوم 16 سبتمبر (أيلول) الماضي في براتيسلافا بسلوفاكيا لبحث مستقبل التكتل، ومن المقرر أن يعقدوا اجتماعا آخر في 3 فبراير (شباط) المقبل في فاليتا، مالطا.
وأثارت ماي مخاوف من نموذج براتيسلافا، حسبما أفاد دبلوماسيون عدة من الاتحاد الأوروبي لوكالة الأنباء الألمانية. وقال مصدر مطلع بتفاصيل الاجتماع، شريطة عدم الكشف عن هويته «قالت إن بريطانيا لا تريد اتخاذ قرارات شكلية من قبل الدول الـ27». وأضاف المصدر، إن رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك أجابها بأن قرار الخروج من التكتل كان قرارا بريطانيا شخصيا، وإن «الدول الـ27 ستظل تعقد اجتماعاتها على هيئة الـ27 دولة».
وقال مصدر آخر، إن رئيسة الوزراء البريطانية لم تناقش مسألة الحاجة إلى «اجتماعات الدول الـ27»، لكنها أصرت على أن تشارك بريطانيا في أي أمور مدرجة على جدول أعمال التكتل تؤثر في بلدها. وذكر مصدر قريب من الحكومة البريطانية، أن ماي قد تكون مستعدة للتساهل والطلب من الدول الـ27 الأخرى مساعدتها على التفاوض حول انفصال بأقل درجة من الصعوبات. وقال المصدر الحكومي، كما نقلت الوكالة الفرنسية عنه، أن ماي «تأمل في مملكة متحدة قوية تصبح شريكا لاتحاد الأوروبي قوي. إنها لا تريد أن تضر عملية الخروج بالاتحاد الأوروبي. نريد رحيلا بلا صدام وبناء يقلل من شأن الشكوك». وذكرت مصادر في مقر الحكومة البريطانية «سنتحرك بصفتنا عضوا فاعلا وملتزما في الاتحاد الأوروبي حتى رحيلنا».



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».