أعلنت طهران، أمس، أنها لن تشارك في المفاوضات المقررة اليوم في لوزان السويسرية، حول سوريا، بعدما تداول اسمها إلى جانب روسيا وأميركا والسعودية وتركيا.
وأفادت وكالة «تسنيم» التابعة للحرس الثوري، نقلا عن مصدر مطلع في الخارجية الإيرانية، بأن «إيران لن تشارك في اجتماع لوزان تحت أي شكل من أشكال التمثيل»، وذلك في تباين واضح مع مواقف الخارجية الإيرانية حول «المخرج السياسي للأزمة».
وجاء النفي بعدما أعلنت وكالة الأنباء الرسمية «إيرنا» الأربعاء، مشاركة إيران في مفاوضات لوزان. وعزز ذلك التقارير التي أشارت أمس إلى أن الإيرانيين «يتهربون ويرفضون اللقاءات مع السعودية، ويتهربون من أي مؤتمر لحل أي أزمة في المنطقة». وأن «الحرس الثوري الإيراني ووكلاءه وأذرعه لا يزالون يعيثون إرهابًا في سوريا والعراق واليمن».
وكانت وكالة أنباء الحرس الثوري الرسمية، أول جهة استبعدت الخميس الماضي مشاركة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في اجتماع لوزان، وقالت إنه تأكيد على مواقفها السابقة من الأزمة السورية. وأشارت وكالة «فارس» إلى أن هذا القرار يأتي في سياق السياسة الإيرانية الرافضة للتدخل الخارجي في الشؤون السورية.
بدورها ذكرت هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية، نقلا عن مصادر مطلعة في الخارجية الإيرانية، نفي صحة «الخبر المتداول في بعض وكالات الأنباء ووسائل الإعلام الخارجية، حول مشاركة إيران في لوزان» وأكد المسؤول في الخارجية الإيرانية أن «إيران لا يوجد لديها برنامج لحضور الاجتماع».
وبذلك سبقت وكالات أنباء الحرس الثوري إعلان الخارجية الإيرانية في نشرها تكهنات حول مشاركة إيران في اجتماع لوزان، لممارسة الضغط على الخارجية، مما يظهر خلافًا إيرانيًا حول مشاركة إيران، بين الحرس الثوري والحكومة الإيرانية. وقبل إعلان وسائل الحرس الثوري، كان وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، قد أجرى اتصالات على مرتين مع نظيره الروسي في غضون 24 ساعة، وفقا لمصادر إيرانية من دون كشف التفاصيل. وعلى ضوء الاتصالات التي جرت بين وزيري خارجية روسيا وإيران، استبعدت «فارس» مشاركة روسيا في لوزان.
وكشف مقال الدبلوماسي الإيراني حسين موسويان في «هافينغتون بوست»، أن رفض بلاده جاء نتيجة موقفها من تنفيذ الاتفاق النووي، وبيَّن أن بلاده تستخدم القضية السورية كورقة ضغط في الاتفاق النووي، مشيرًا إلى أن تعاون طهران مع واشنطن في «الأزمات الإقليمية»، يرتبط بتنفيذ الاتفاق النووي.
وفي بداية سبتمبر (أيلول) الماضي، كشف مستشار خامنئي في الشؤون العسكرية، الجنرال رحيم صفوي، عن مخاوف إيرانية من «ضياع حصة في المفاوضات الأميركية الروسية» حول سوريا، وكانت مؤشرًا قويًا على أن الحرس الثوري يعارض الجهود الدولية التي تهدف إلى وقف العنف في سوريا، وهو أوضح موقف يصدر من مسؤول عسكري رفيع، يوضح حقيقة الدوافع الإيرانية. ومنذ مارس (آذار) الماضي، ارتفعت حدة الخلاف بين حكومة روحاني والحرس الثوري حول السياسة الخارجية الإيرانية، وخصوصًا بعد تنفيذ الاتفاق النووي. وحذرت التيارات المقربة من الحرس الثوري من تقديم الحكومة أي التزامات دولية بشأن الأوضاع الإقليمية الراهنة.
وبعد عودته من الجمعية العامة للأمم المتحدة، نفى وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، أن تكون إقالة مساعده في الشؤون العربية والأفريقية، أمير عبد اللهيان، المقرب من الحرس الثوري، بداية تغيير في مسار الخارجية الإيرانية.
وخلال تلك الجلسة الساخنة، قال برلماني إيراني ردًّا على ظريف، إنه برر تغيير عبد اللهيان «كليب إيراني جديد تتظاهر طهران من خلاله أنها تتجه نحو تغيير سياستها في المنطقة». انطلاقا من ذلك ترى إيران نفسها «أهم اللاعبين في المعركة السورية، ما دامت تملك قوات عسكرية في الأراضي السورية» وفق تصريحات تكررت على لسان قادة الحرس الثوري خلال الشهر الماضي.
في غضون ذلك، ذكر محللون إيرانيون أن حجم خسائر الحرس الثوري وما خسرته الميزانية الإيرانية، لم يُبقِ أمامها غير تأكيد الحسم العسكري في سوريا والقضاء على كل اللاعبين في المشهد السوري الحالي.
في الآونة الأخيرة، واجه الحرس الثوري الإيراني انتقادات داخلية بسبب دوره الواسع النطاق «في صناعة (داعش) وحماية (القاعدة)، وخصوصًا أسرة بن لادن، وغيرهم من قيادات (القاعدة)». يشار إلى أن ظهور تنظيم داعش تزامن مع صعود حكومة روحاني التي رفعت شعار «الاعتدال».
إعلان طهران بشأن عدم المشاركة في لوزان، يأتي في وقت أعلنت فيه على لسان كبار المسؤولين عن سياستها الخارجية، أن «الحل في سوريا سياسي وليس عسكري» وذلك بموازاة إعلان قادتها العسكريين إرسال قوات تطلق عليهم منذ 5 سنوات صفة المستشارين، واستمرار تشييع قتلى ميليشيات أفغانية وباكستانية قضوا في سوريا، مما يظهر تناقضًا بين ما تعلنه الحكومة وينفذه الحرس الثوري على الأرض السورية.
مشاركة إيران في لقاء «لوزان» تؤجج صراع السلطة في طهران
التردد الإيراني يؤكد تقرير عن تهربها من مواجهة السعودية
مشاركة إيران في لقاء «لوزان» تؤجج صراع السلطة في طهران
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة