ازدياد الحديث عن «حرب باردة» جديدة

رئيس قلم الاستخبارات البريطانية يعتقد أن الوضع أصبح أخطر

جنود من كوريا الجنوبية ينفذون مناورات عسكرية يؤدون فيها دورهم ودور قوات غازية من كوريا الشمالية لإعادة أحداث معركة في الخمسينات في الذكرى الـ 66 للحرب الكورية (ا.ف.ب)
جنود من كوريا الجنوبية ينفذون مناورات عسكرية يؤدون فيها دورهم ودور قوات غازية من كوريا الشمالية لإعادة أحداث معركة في الخمسينات في الذكرى الـ 66 للحرب الكورية (ا.ف.ب)
TT

ازدياد الحديث عن «حرب باردة» جديدة

جنود من كوريا الجنوبية ينفذون مناورات عسكرية يؤدون فيها دورهم ودور قوات غازية من كوريا الشمالية لإعادة أحداث معركة في الخمسينات في الذكرى الـ 66 للحرب الكورية (ا.ف.ب)
جنود من كوريا الجنوبية ينفذون مناورات عسكرية يؤدون فيها دورهم ودور قوات غازية من كوريا الشمالية لإعادة أحداث معركة في الخمسينات في الذكرى الـ 66 للحرب الكورية (ا.ف.ب)

سباق التسلح ونشر الدرع الصاروخية وازدياد بؤر الاحتكاك في العالم بين الولايات المتحدة من جهة، وروسيا والصين من جهة أخرى، أدت إلى استنتاجات، بعضها إعلامية وبعضها استخباراتية، بأن العالم ينزلق من جديد إلى فترة الحرب الباردة.
رئيس قلم الاستخبارات الخارجية (إم آي 6) البريطاني السابق السير جون سوور قال في مقابلة مع إذاعة «بي بي سي الرابعة (ريديو4)» إن الوضع الحالي أخطر بكثير من فترة الحرب الباردة، مضيفا أن ميزان القوى أصبح يميل لصالح موسكو وبكين. «إننا نقترب من حقبة خطرة جدا، إذا لم نقل أكثر خطورة من فترة الحرب الباردة. أصبحنا لا نملك زمام الأمور بالنسبة للعلاقة الاستراتيجية بين موسكو وواشنطن». جاء حديث السير جون بعد خطاب جونسون الذي حث فيه الناس على التظاهر أمام سفارة روسيا في واشنطن. السير جون الذي كان رئيسا للاستخبارات الخارجية من (2009 - 1014) يعتقد أن تدهور الحالة جاء بسبب قرار بريطانيا بعدم التدخل على الساحة الدولية، مما أوجد فراغا لروسيا لملئه».
وفي مقابلة مع وكالة «ريا نوفوستي» حذر الرئيس السوفياتي الأسبق ميخائيل غورباتشوف في الآونة الأخيرة من أن العالم يشارف «بشكل خطير على منطقة الخطر».
أما الناطق باسم الجيش الروسي الجنرال ايغور كوناشنيكوف فقد وجه تحذيراته إلى البيت الأبيض والبنتاغون ووزارة الخارجية. وقال في 6 أكتوبر (تشرين الأول) فيما يشكل تهديدا مبطنا للولايات المتحدة «أذكر المخططين الاستراتيجيين الأميركيين بأن صواريخ إس - 300 المضادة للطيران وإس - 400 التي تؤمن غطاء جويا لقاعدتي حميميم وطرطوس لديها نطاق تحرك يمكن أن يباغت أي طائرة غير معروفة هويتها».
وعلى شبكة «روسيا1» الرسمية يلخص المقدم ديمتري كيسيليف وهو أيضا مدير وكالة الأنباء «ريا نوفوستي» أفكار الجنرال إيغور كوناشنيكوف ثم يكشف عن الخطة البديلة للولايات المتحدة في سوريا. ويقول: «الخطة البديلة تنص عموما على استخدام الولايات المتحدة بشكل مباشر القوة ضد القوات السورية التابعة للرئيس بشار الأسد وضد الطيران الروسي». ويخلص إلى القول: «هل يجب أن نخشى استفزازات؟ الأمر يشبه تدخل الولايات المتحدة في فيتنام لخوض الحرب»، قبل أن يحذر الغربيين قائلا: إن الصواريخ التي نشرت في كالينينغراد، الجيب الروسي القريب من بولندا، يمكن أن تجهز برؤوس نووية.
لكن خفف وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون أمس الخميس من هذه الإمكانية قائلا إن الحديث عن نشوب حرب باردة جديدة مع روسيا ليس «صائبا بشكل كامل» لأن موسكو حاليا لا تشكل خطرا على الاستقرار العالمي كالذي كان يشكله الاتحاد السوفياتي السابق. وقال أمام لجنة برلمانية «هي تفعل أمورا مزعجة كثيرة جدا.. لكني لا أظن أن روسيا اليوم يمكن مقارنتها بالاتحاد السوفياتي الذي أتذكره حين كنت طفلا. لا أعتقد أنها تشكل نفس الخطر الذي كان يشكله الاتحاد السوفياتي السابق على استقرار العالم». وتابع قائلا: «لا أعتقد أن التحدث عن حرب باردة جديدة.. صائب بشكل كامل».
لكن أي شخص يتابع التلفزيون في روسيا يستنتج أنها بدأت مع تزايد الحديث عن ضربات لإسقاط طائرات أميركية أو تجهيز ملاجئ تحسبا لقصف نووي في موسكو.
وعلى المحطة الأولى في تلفزيون الدولة، يعلن مقدم النشرة المسائية الرئيسية مساء الأحد أن بطاريات المضادات الجوية الروسية في سوريا «ستسقط» الطائرات الأميركية. وعلى محطة الأخبار المتواصلة «روسيا 24» يبث تقرير حول تحضير ملاجئ للحماية من ضربات نووية في موسكو. وفي سان بطرسبرغ، يتحدث موقع الأخبار «فونتانكا» عن إمكانية قيام حاكم المدينة بتقنين الخبز استعدادا لحرب مقبلة. وعلى الإذاعة، يجري بحث تدريبات «دفاع مدني» تحشد بحسب وزارة الأوضاع الطارئة 40 مليون روسي على مدى أسبوع. وعلى جدول الأعمال: إخلاء مبان وتدريبات على مواجهة حريق.
وهذا يدفع للتساؤل حول سبب هذه الفورة، هل هي استعداد «لحرب عالمية ثالثة»؟. وخصوصا بعد توقف المفاوضات في 3 أكتوبر بين موسكو وواشنطن حول النزاع السوري إثر فشل وقف إطلاق النار الذي تفاوضت عليه القوتان في جنيف في سبتمبر (أيلول). وميدانيا واصل الجيش الروسي التحرك وحيدا حيث نشر في قاعدته البحرية في ميناء طرطوس السوري، بطاريات صواريخ إس - 300 القادرة على تدمير مقاتلات لكن أيضا عبر إرسال مدمرات مجهزة بصواريخ يمكنها إغراق سفن حربية. وبالتالي فإن استعراض القوة هذا لا يستهدف فقط الجهاديين أو فصائل المعارضة السورية وإنما أيضا البحرية والطائرات الأميركية.
هذه الحالة، والاختلافات في الري حول تقييمها، عبر عنها عضو مجلس الدولة الصيني وزير الدفاع تشانغ وان تشيون في كلمة ألقاها في منتدى الأمن السابع في بكين أن العالم اليوم يشهد تحولات كبيرة لم يسبق لها مثيل. من ناحية، أصبح السلام والتنمية والتعاون والفوز المشترك اتجاه العصر، ومن ناحية أخرى يواجه سلسلة من التهديدات والتحديات الجديدة أيضا. ويعتقد تشانغ وان تشيون أن على جميع الدول التخلي عن عقلية الحرب الباردة التي عفى عليها الزمن، ووضع مفهوم أمني جديد مشترك وشامل وتعاوني ومستدام.
أما اللواء الركن تساي جون نائب مدير إدارة الأركان المشتركة التابعة للجنة العسكرية المركزية الصينية فقد عقد مؤتمرا صحافيا مع نائب مدير إدارة العمليات الرئيسية في هيئة الأركان العامة الروسية فيكتور بوزنيخير، أقيم على هامش منتدى شيانغشان في بكين، أن نظام ثاد هو نظام دفاع صاروخي متقدم تعتزم الولايات المتحدة نشره في جمهورية كوريا ولا يتطابق مع أغراضه المزعومة ولا يؤدي إلى السلام والاستقرار في شبه الجزيرة. وإن خطة ثاد لا تعمل على تسوية القضية النووية على شبه الجزيرة الكورية وستضر بشدة بالمصالح الأمنية الوطنية للدول، من بينها الصين وروسيا. مؤكدا معارضة الصين بشكل مطلق نشر ثاد، وتحث بقوة الولايات المتحدة وجمهورية كوريا على تغيير أفكارهما. وأشار إلى أن خطط الولايات المتحدة الفردية وغير البناءة الخاصة بأنظمة الدفاع الصاروخي سيتسبب في تدهور البيئة الأمنية العالمية والأضرار بالتوازن الاستراتيجي العالمي والاستقرار والأمن الإقليميين وإعاقة عملية نزع السلاح النووي وعدم انتشاره.
ويتحدث الخبراء السياسيون عن احتمالين نظرا للصعوبات الاقتصادية لروسيا. الأول متفائل حيث تتفق القوتان «على شروط جديدة للتعايش، فيما يشبه يالطا - 2» في إشارة إلى تقاسم مناطق النفوذ بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي بعد الحرب العالمية الثانية. أما السيناريو الثاني والكارثي فهو أن تتحرك روسيا وفقا لمثل شعبي معروف «إذا كان لا يمكن تجنب المواجهة، فاضرب أولا».



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.