السودان: الأطباء يواصلون إضرابهم عن العمل في كامل مستشفيات البلاد

يعتبر الأكبر في تاريخ البلاد منذ أكثر من ربع قرن

السودان: الأطباء يواصلون إضرابهم عن العمل في كامل مستشفيات البلاد
TT

السودان: الأطباء يواصلون إضرابهم عن العمل في كامل مستشفيات البلاد

السودان: الأطباء يواصلون إضرابهم عن العمل في كامل مستشفيات البلاد

نفذ أطباء السودان إضرابًا دخل يومه الثاني في جميع المستشفيات الحكومية، للمطالبة بتحسين بيئة العمل وتوفير المعدات وحمايتهم من الاعتداءات المتكررة عليهم في المستشفيات والمراكز الصحية، وأكدت اللجنة المركزية المناوئة لاتحاد الأطباء الموالية للحكومة أن الإضراب نفذ بنسبة 99.7 في المائة، وبمشاركة آلاف الأطباء في كل ولايات البلاد، فيما قللت وزارة الصحة الاتحادية من تأثير الإضراب على عمل المستشفيات العاملة، وقالت: إنها غطت النقص في أكثر من 50 مستشفى.
وقال مسؤول الإعلام في اللجنة المركزية لأطباء السودان الدكتور حسام الدين البدوي لـ«الشرق الأوسط» إن الإضراب الذي قررته اللجنة المركزية مرتبط بالقضايا التي سبق أن أثارتها حول توفير التجهيزات الطبية، وتحسين بيئة العمل، وحماية الأطباء من الاعتداءات المتكررة عليهم أثناء ساعات العمل، خاصة من الذين ينتمون للقوات النظامية، مشيرًا إلى أن الأطباء تقدموا عدة مرات إلى وزارات الصحة الاتحادية والولائية ولم تجد استجابة، مؤكدا أن الإضراب نجح بنسبة 99.7 في المائة في العاصمة والولايات، عدد المستشفيات العامة التي نفذت الإضراب بلغ منذ أول من أمس نحو 56 مستشفى، وتابع موضحا «سنواصل الإضراب حتى تتم الاستجابة لكافة المطالب التي تقدمنا بها، وجميعنا ملتزمون بالإضراب فيما عدا الحالات التي تعني أقسام الحوادث والطوارئ».
وأشار البدوي إلى اتساع دائرة التضامن من الأطباء الذين أغلقوا عياداتهم الخاصة، رافضًا اتهامات وزير الصحة في ولاية الخرطوم الدكتور مأمون حميدة الذي قال: إن جهات سياسية تقف وراء الإضراب، لا سيما الحزب الشيوعي السوداني، وقال: إن ما جرى «محاولة لكسر الإضراب وتخويف الأطباء وإرهابهم.. نحن لا نعرف الحزب الشيوعي ولا المؤتمر الوطني الحاكم، ومشكلة كل الأطباء مع وزارات الصحة الاتحادية وفي الولايات، وليست لدينا واجهة سياسية. لدينا مطالب واضحة تمثل كافة الأطباء، ووجدت تجاوبًا منقطع النظير من المواطنين لأنها تهمهم في المقام الأول».
من جهتها، قالت وزيرة الدولة في وزارة الصحة الاتحادية سمية إدريس إن الإضراب لم يؤثر على عمل المستشفيات، وإن وزارتها أكملت النقص في أكثر من 50 مستشفى في الخرطوم والولايات، وهي تعمل بصورة جيدة، موضحة أن القضايا التي تحدث عنها الأطباء فيما يتعلق بتأمينهم وحمايتهم محل دراسة من الوزارة والجهات المختصة الأخرى لحلها.
من ناحيته، قلل رئيس اتحاد أطباء السودان عبد اللطيف عشميق في تصريحات أمس من تصرف لجنة الأطباء المركزية التي تقف وراء الإضراب، وقال: إنها لا تمثل الأطباء وغير معترف بها، لكنه أكد أن المطالب بتحسين بيئة العمل التي تقدمت بها اللجنة المركزية وجدت اهتماما من قبل وزارة الصحة ورئاسة الجمهورية، وأقر بأن توقف الأطباء عن العمل في عدد من المستشفيات سبب خللاً في إدارة نظام العمل في المرافق الصحية، غير أنه أوضح أن الطوارئ في كل مستشفيات البلاد تعمل بطاقتها القصوى.
فيما اتهم رئيس النقابة العامة للمهن الصحية والطبية الدكتور ياسر أحمد إبراهيم الحزب الشيوعي السوداني بأنه يقف وراء إضراب الأطباء، وإنه استغل قضاياهم العادلة لتنفيذ أجندته السياسية، مضيفًا أن نقابته نظمت من قبل وقفات احتجاجية مناصرة لقضايا الكوادر الطبية، وأنها الآن تقود المفاوضات مع المضربين لثنيهم عن التوقف عن العمل.
ويعد الإضراب الذي نفذته لجنة الأطباء المركزية هو الثاني من نوعه الذي ينفذه الأطباء منذ وصول الرئيس السوداني عمر البشير إلى الحكم عبر الانقلاب العسكري في 30 من يونيو (حزيران) 1989. حيث نفذ الأطباء إضرابًا في ديسمبر (كانون الأول) 1989 في أول رفض لهم للانقلاب.
وشكلت الحكومة السودانية «غرفة عمليات» لإدارة أزمة الأطباء، أسندت رئاستها إلى نائب الرئيس حسبو محمد عبد الرحمن المعروف بشراسته، وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي نشاطا ملحوظا لوزير الدولة في الإعلام ياسر يوسف، ووالي الخرطوم السابق عبد الرحمن الخضر، ومدير الإعلام في القصر الرئاسي أبي عز الدين في بث تطمينات عبر الصور والتعليقات تشير إلى عدم تحقيق الإضراب لأهدافه.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.