هاجم أمين عام حزب الأغلبية في الجزائر «جبهة التحرير الوطني» بشدة، الجنرال محمد مدين مدير المخابرات، الذي عزله الرئيس العام الماضي، وحمله مسؤولية أحداث دامية وقعت في البلاد خلال الـ25 سنة الماضية.
وقال عمار سعداني، أمين عام «جبهة التحرير»، أمس في مؤتمر صحافي بالعاصمة توج أشغال اجتماع لكوادر الحزب، إن الضابط العسكري الكبير سابقا «يتحمل كل البلايا والمحن التي عاشتها الجزائر في وقت سابق»، وأهم «البلايا» حسب رأيه، انتفاضة 8 أكتوبر (تشرين الأول) 1988. عندما خرج المئات إلى الشوارع للتنديد بالفساد وسوء التسيير في البلاد. وتدخل الجيش لقمع المظاهرات، فقتل نحو 500 شخص، زيادة على العشرات من المفقودين. وأطلق النظام على هذه الأحداث فيما بعد اسم «ربيع الجزائر»، على أساس أنها فتحت عهدا جديدا من الديمقراطية والحريات.
واتهم سعداني مدين، الشهير بـ«توفيق»، بـ«تدبير» أحداث عرقية وقعت خلال عامي 2011 و2012 بغرداية (جنوب البلاد)، جمعت الطائفة الدينية «الشعانبة» المالكية الناطقة بالعربية، وطائفة «الميزاب» الناطقة بالأمازيغية، وخلفت المواجهات بينهما عشرات القتلى، وخرابا في المرافق العمومية والأملاك الخاصة.
وذكر سعداني أن مدير المخابرات السابق «يقف أيضا وراء مجموعة الـ14»، وهو فريق من مجاهدي حرب التحرير (1954 - 1962) رفع إلى أمين عام «الجبهة» رسالة مطلع العام الحالي، يطالبه فيها بالاستقالة على أساس أنه «أساء لجبهة التحرير بوصفها رمزا حرر البلاد من الاستعمار الفرنسي». أكثر من ذلك، فإن محمد مدين هو من يحرك، حسب سعداني، مرشح انتخابات الرئاسة سابقا رشيد نكاز، الذي نظم في الأسابيع الماضية سلسلة اعتصامات بباريس أمام إقامات سعداني وابنة رئيس الوزراء عبد المالك سلال، متهما إياهما بـ«شراء عقارات من أموال النفط الجزائري».
ورفع سعداني من حدة لهجته ضد خصومه، من دون ذكرهم بالاسم فقال إن «الجنرال توفيق هو رأس حربة ضباط فرنسا بالجزائر، الذين حلت نهايتهم، ولم يعد لهم تأثير في الدولة».
ويتداول الإعلام كلمة «ضباط فرنسا» للدلالة على مسؤولين كبار في الدولة، مارسوا مسؤوليات كبيرة بعد الاستقلال، وكانوا أثناء الثورة ضباطا بالجيش الفرنسي، وقد انشقوا عنه والتحقوا بالثوار في نهاية حرب التحرير. ويعد وزير الدفاع الأسبق اللواء خالد نزار رمز «ضباط فرنسا»، وتجمعه بسعداني عداوة شديدة.
واتهم سعداني خصمه اللدود عبد العزيز بلخادم، أمين عام «جبهة التحرير» سابقا، بأنه «أحد ضباط فرنسا المندسين في حزبنا، فقد تورط في قضايا فساد، ويمارس الدروشة باسم الدين». ولم يقدم سعداني أي دليل على كلامه يثبت التهم التي كالها لمدين ونكاز وبلخادم. يشار إلى أن «جبهة التحرير» يرأسها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.
وفي بداية 2014 أجرى سعداني مقابلة مع صحيفة إلكترونية محلية، وصف فيها الجنرال توفيق بأنه «بعبع»، وقال عنه إنه مسؤول عن اغتيال الرئيس محمد بوضياف عام 1992، ومسؤول عن التقصير في حماية الرئيس عبد العزيز بوتفليقة من محاولة الاغتيال، التي تعرض لها في 2007. وعن الانشقاقات التي وقعت في أحزاب المعارضة، وعن سجن المئات من الكوادر التي سيرت الشركات العمومية. وقد كان «توفيق» يومها مديرا لجهاز المخابرات العسكرية القوي، الذي كان يسمى «دائرة الاستعلام والأمن».
وعد كلام سعداني بحق «توفيق» أنه يعكس شيئا ما غير عادي في الدولة، لأن الضابط الكبير كانت الصحف لا تتجرأ بذكر اسمه، لعلمها أنه حريص على البقاء «وراء الستار». وكان معروفا عنه أنه لا يظهر إلى العلن أبدا، ولم يتعرف الجزائريون ملامحه إلا يوم عزله في 13 سبتمبر (أيلول) 2015، وبعد 25 سنة من رئاسته الجهاز الأمني القوي.
الجزائر: سعداني يتهم مدير المخابرات المعزول بتدبير أحداث عرقية
أمين عام جبهة التحرير الوطني يحمل مدين مسؤولية أحداث «ربيع الجزائر» عام 1988
الجزائر: سعداني يتهم مدير المخابرات المعزول بتدبير أحداث عرقية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة