الحكومة اليمنية: إجراءات الانقلابيين أحادية الجانب تعرقل العملية السياسية

إدانات دولية وعربية ضد هجوم الميليشيات على السفينة الإماراتية

جانب من لقاء المخلافي مع سفير الولايات المتحدة لدى اليمن (سبأ)
جانب من لقاء المخلافي مع سفير الولايات المتحدة لدى اليمن (سبأ)
TT

الحكومة اليمنية: إجراءات الانقلابيين أحادية الجانب تعرقل العملية السياسية

جانب من لقاء المخلافي مع سفير الولايات المتحدة لدى اليمن (سبأ)
جانب من لقاء المخلافي مع سفير الولايات المتحدة لدى اليمن (سبأ)

شهد ملف اليمن السياسي، أمس، ثلاثة أنباء شغلت المسؤولين والمحللين والمراقبين، فمن ردود أفعال تستنكر خطوة الانقلاب الأخيرة بتشكيل حكومة في صنعاء، إلى نفي شائعات حول اجتماعات لإنهاء الأزمة، وتوالي الاستنكار العربي والدولي، إثر الهجوم على سفينة الإغاثة الإماراتية وتهديد الملاحة الدولية.
ففي الرياض، وأثناء لقائه السفير الأميركي لدى اليمن ماثيو تولر، وصف نائب رئيس الوزراء اليمني وزير الخارجية عبد الملك المخلافي تشكيل حكومة انقلابية في صنعاء بالإجراء التصعيدي «أحادي الجانب»، وقال إن هذه الخطوة تعرقل العملية السياسية.
بينما أوضح مستشار الرئيس اليمني، عبد العزيز المفلحي، لـ«الشرق الأوسط»، أن إجراء الانقلابيين «يعد إمعانًا في تعطيل عجلة السلام»، وقال إنه إعلان واضح وصريح نحو التوجهات الانفصالية لديهم، وقد تنقل الأمور إلى أزمات أكبر. وأضاف: «كما هو معلوم فإن هذا الفصيل الانقلابي مكونه سلالي طائفي لا يعترف بالآخر وبالتالي يقيم دولته على هذا الأساس.. هذا أمر مرفوض ولن يقبله الشعب اليمني على الإطلاق».
وفي ملف الشائعات الدائرة حول مسألة حل ينهي الأزمة اليمنية بشكل قاطع، شددت رئاسة الوزراء اليمنية أمس، على أن عملية تحرير اليمن لن تتوقف إلا بإذعان التمرد للشرعية والوفاء بجميع الاشتراطات الدولية والإقليمية التي تضمن إعادة الأمور إلى نصابها.
وأكد مصدر في رئاسة مجلس الوزراء اليمني، لـ«الشرق الأوسط»، عدم وجود أي اتفاق سياسي ما دامت الميليشيات الحوثية تحمل سلاح التمرد على الشرعية في اليمن، مشيرًا إلى أن بث إشاعات عن «قرب إنهاء الحرب أو وجود وساطة من أجل توقف العمليات العسكرية ليس إلا محاولة للتغطية على هزائم الانقلاب على أرض اليمن».
وأضاف المصدر بالقول: «لن يكون هناك اتفاق سياسي ما دامت الميليشيات تحمل السلاح وتسيطر على العاصمة صنعاء»، مضيفا أنه إذا أرادت قيادات الانقلاب والمتحالفون معهم سلامًا حقيقًا وعادلاً وشاملاً عليهم تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي «2216» بداية بالانسحاب وتسليم السلاح وعودة السلطة الشرعية ممثلة في الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى العاصمة صنعاء.
ونفى مستشاران للرئيس اليمني وجود أي اتفاق نهائي للأزمة، إذ قال المفلحي: «لا صحة لهذه الأنباء مطلقا». بينما نفى نصر طه، مستشار الرئيس اليمني، عبر موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، ما جرى تداوله عن اتفاق وشيك لتوقيع اتفاقية لوقف إطلاق النار، قائلا إن هذه الأنباء عارية من الصحة.
وبالانتقال إلى التنديدات اليمنية والدولية حول تهديد الانقلابيين الملاحة الدولية، والهجوم على سفن الإغاثة، أدانت البحرين، أمس الاثنين، بشدة الاعتداء على سفينة الإغاثة المدنية الإماراتية في باب المندب أثناء رحلتها لنقل المساعدات الطبية والإغاثية وإخلاء الجرحى والمصابين المدنيين لاستكمال علاجهم خارج اليمن، ووصف مجلس الوزراء البحريني، في بيان نشرته وكالة الأنباء البحرينية (بنا)، الاعتداء بأنه «إرهابي وخارج على كل الأعراف والمواثيق الدولية».
وأعربت منظمة التعاون الإسلامي عن إدانتها للعملية الإرهابية التي اقترفتها ميليشيات الحوثيين مستهدفة سفينة مدنية تابعة لدولة الإمارات العربية المتحدة كانت تقوم بنقل المساعدات الإنسانية وإخلاء الجرحى المدنيين اليمنيين لعلاجهم في دولة الإمارات.
وعدت المنظمة هذا الاعتداء عملاً إرهابيًا من شأنه عرقلة حرية التنقل في الممرات الملاحية الدولية الذي تضمنه القوانين والمعاهدات الدولية، ويؤدي إلى وقف إرسال المساعدات الإنسانية والإغاثية للشعب اليمني، داعية الجهات المعنية إلى محاكمة العناصر الحوثية التي اعتدت على السفينة الإماراتية.
من جهة أخرى، أشادت الأمانة العامة للمنظمة بالجهود الإنسانية والإغاثية التي تقوم بها دولة الإمارات العربية المتحدة في اليمن.
وقال السفير الأميركي لدى اليمن، إن «الولايات المتحدة تدين وبشدة إقدام الحوثيين وصالح على استهداف السفينة الإماراتية في باب المندب، وإنها تأخذ ذلك الاعتداء على محمل الجد، وإنها ملتزمة بحماية الملاحة البحرية في مضيق باب المندب»، وقال: «على الحوثيين وصالح الكف فورا عن مثل هذه الاعتداءات على الممرات البحرية الدولية»، بينما قال المخلافي إن الاعتداءات المتمثلة باستهداف السفينة الإماراتية الإغاثية تشكل تهديدًا للسلم والأمن الدوليين وللممرات الملاحية الدولية ولا يخدم السلام أبدا.
وحذر المستشار المفلحي من أن تصعيد الحوثيين السياسي سيؤثر على جهود السلام: «بل قد ينقل الأمور إلى منحى آخر خصوصا بعد استهداف السفينة الإماراتية الإغاثية في المياه الدولية.. مثل هذا قد يجر المنطقة لأزمات أكبر من ذلك».
وبالعودة إلى المصدر في رئاسة الوزراء اليمنية، فقد شدد على عدم وجود أدنى رغبة لدى الحكومة اليمنية حاليًا في تقديم تنازلات من أجل إيقاف إطلاق النار، ما يعني أن العمليات العسكرية مستمرة، إلى أن يتم تحرير اليمن بشكل تام، أو يتوقف الانقلاب عن اغتصاب السلطة، مبينا أن الحكومة اليمنية قدمت تنازلات كثيرة من أجل السلام ولن تقدم تنازلات أكثر، ولا يمكن أن يكون هناك حل سياسي في اليمن ما دامت ميليشيا الحوثي وصالح تمتلك السلاح.
وتطرق إلى أن أنصار التمرد الحوثي والقوات الموالية لصالح «لا يبحثون عن سلام، بل يبحثون عن شرعنة الانقلاب بأي وسيلة»، مشيرًا إلى وجود قواعد وقرارات لا يمكن التنازل عنها، كما لا يمكن التنازل عن دماء الشهداء التي ضحت من أجل الحرية والديمقراطية والجمهورية.
وكان وزير الخارجية اليمني أجرى مباحثات مع السفير الأميركي في الرياض أمس، وأشار خلالها إلى أن الحكومة اليمنية لا تزال «تعول على دعم المجتمع الدولي الموحد، من أجل التوصل إلى تسوية سياسية بموجب المرجعيات المتفق عليها المتمثلة بالمبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني الشامل وقرار مجلس الأمن 2216 (2015)»، مؤكدا حرص الحكومة على السلام، وأنها «تدعم وتتعاطى بشكل إيجابي مع جهود ومبادرات مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد»، وفق ما نشر في وكالة الأنباء اليمنية (سبأ)، في حين جدد سفير الولايات المتحدة الأميركية لدى اليمن، ماثيو تولر، دعم بلاده للحكومة الشرعية وللعملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة ممثلة في مبعوثها إسماعيل ولد الشيخ أحمد. وأكد تولر أن التوصل إلى حل سلمي وشامل وعودة الشرعية لليمن هو ما يدعمه المجتمع الدولي بكامله.
من ناحيتها، قالت الأمانة العامة للمنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر في بيان لها إن «استهداف الملاحة الدولية المدنية والسفن الإغاثية وقوافل المساعدات الإنسانية والإغاثية من قبل الحوثيين يعد انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني». وأضافت أن «استهداف آليات أو موظفي ومسعفي العون الإنساني الذين يحملون إشارة الهلال الأحمر أو الصليب الأحمر يشكل سلوكًا منظمًا ومتعمدًا في انتهاك واضح للقانون الدولي الإنساني».
وشدد البيان على ضرورة احترام القانون الدولي الإنساني ومبدأ حماية العاملين في مجال الإغاثة وتقديم المساعدات، وفقًا لما نصت عليه القوانين والاتفاقيات الدولية، داعيًا إلى ضمان حماية جميع الموظفين والمتطوعين العاملين في منظمات وجمعيات الهلال الأحمر والصليب الأحمر والمنظمات الإنسانية المشاركين في المجال الإغاثي والإنساني.
ولفتت الأمانة العامة للمنظمة العربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر إلى أن استهداف السفينة المدنية في اليمن صدمة للمنظمة العربية ومكوناتها من جمعيات الهلال الأحمر والصليب الأحمر العاملة في الميدان إلى جانب الهيئات الدولية ومنظمات الأمم المتحدة.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».