في إطار سيرته الذاتية التي صدرت بعنوان «سام الكبير»، كتب سام ألاردايس أنه «في الوقت الذي غالبًا ما يجري النظر إلى الحكام باعتبارهم أشخاصا شريرين، فإن هذا لا يمكن مقارنته بالنظرة العامة السلبية تجاه الوكلاء الذين تطرح لهم الصحافة صورة بالغة السوء، ومع ذلك يبقى لهم دور بالغ الأهمية داخل كل ناد على مستوى العالم. في الواقع، بين الوكلاء هناك أخيار وهناك شريرون، وبالنسبة لمارك كيرتيس، وكيلي، فإنه من بين الأخيار».
مرت أكثر من 20 عامًا منذ أن تعرض ألاردايس للطرد من بلاكبول. وبعد أن انضم إلى الفريق التدريبي المعاون لبيتر ريد في سندرلاند بعدما خسر بلاكبول في نهائي دوري الدرجة الثانية، كان المشوار التدريبي لألاردايس الذي سبق له اللعب بمركز مدافع، يقف عند مفترق طرق بنهاية عام 1996. كان ألاردايس قد التقى كيرتيس للمرة الأولى العام السابق عندما وقع عقد انضمام حارس المرمى ستيف بانكس من غيلينهام. وعن هذه الفترة، قال ألاردايس: «كان مارك ساذجًا للغاية في ذلك الوقت فيما يتعلق بشؤون كرة القدم، لكن في الوقت ذاته كان شخصًا واثقا بنفسه وواحدًا من أوائل من عملوا بمجال بيع الهواتف النقالة وكان يملك قدرة التاجر على الإقناع».
كانت تلك بداية علاقة وثيقة استمرت حتى يومنا هذا. وقد طلب كيرتيس حصول ألاردايس على 150.000 جنيه إسترليني مقابل كل كلمة يلقيها خلال كل رحلة مقترحة إلى جنوب شرقي آسيا، وذلك عندما جرى تصويره إلى جوار مدرب المنتخب الإنجليزي أثناء المغامرة الصحافية التي نفذتها «ديلي تليغراف».
كان كيرتيس مدركًا لأن ألاردايس غير راض عن دوره في سندرلاند، لذا عاود الاتصال به في يناير (كانون الثاني) 1997 كي يعلمه بأن وظيفة مدرب لنوتس كاونتي متاحة. ورغم إخفاقه في إنقاذ النادي من الهبوط، احتفظ ألاردايس بوظيفته وقاد الفريق نحو الصعود الموسم التالي قبل أن ينتقل إلى بولتون واندررز في أكتوبر (تشرين الأول) 1999.
قبل ذلك ببضعة أشهر، كانت علامات الاستفهام قد أثيرت للمرة الأولى حول علاقة ألاردايس بكيرتيس عندما تعرض الوكيل لغرامة قدرها 7.500 جنيه إسترليني، بسبب إقدامه على سلوك غير لائق، تضمن مدفوعات غير قانونية. جاء ذلك عندما انتقل المراهق جيرمين بينانت من نوتس كاونتي إلى آرسنال مقابل مليوني جنيه إسترليني. من ناحيته، اشتكى وكيل بينانت، سكاي أندرو، أمام اتحاد الكرة بأن الصفقة أبرمت دون مشاركته.
من جانبه، مضى كيرتيس في بناء وكالته التي حملت اسم «سبورتس بلاير مانجيمنت»، التي مثلت في الجزء الأكبر منها لاعبين في المستويات الأدنى من الدوري. وفي أبريل (نيسان) 2002. تقاضى قرابة مليون جنيه إسترليني عندما باع الوكالة إلى «بريميير مانجيمنت». وخلال مقابلة أجراها معه ديفيد كون من «الغارديان» عام 2005، ادعى كيرتيس أنه بدأ يتحول على نحو متزايد نحو الاضطلاع بدور الوسيط في صفقات الانتقال لحساب الأندية، بدلاً أن يكون وكيلا عن اللاعبين.
ومع ذلك، تشوهت الفترة التي قضاها ألاردايس في بولتون نتيجة التحقيق الذي أجرته «بي بي سي» في برنامجها «بانوراما»، وزعمت خلاله أن نجله، كريغ، تلقى مبالغ بصورة غير قانونية مقابل صفقات انتقال لاعبين أثناء عمله مع كيرتيس. وأثناء مقابلة مع «ديلي ميل»، جرى تنظيمها من جانب مسؤول الدعاية السابق ماكس كليفورد، سئل ألادريس أثناء جلوسه إلى جوار كيرتيس حول ما إذا كان على علم بهذه المبالغ. وهنا قال كيرتيس لألاردايس: «أنت لم تكن على علم بذلك، لم تكن تعلم». من ناحية أخرى، خلص التحقيق الذي أجراه لورد ستيفينز إلى عدم وجود دليل كاف لإثبات الادعاءات، بينما وعد ألاردايس بمقاضاة «بي بي سي» لنشرها هذه المزاعم. وقال ألاردايس آنذاك: «إنني أنفي بوضوح جميع تلك المزاعم التي نشرت ضدي. والآن، أصبح الأمر في أيدي المحامين وستجري تسويته على النحو المناسب. وقد طلبت من المحامين اتخاذ الإجراءات المناسبة». ومع ذلك، حتى هذه اللحظة لم يجر اتخاذ أي إجراء قانوني.
في العام التالي، كان كيرتيس واحدًا من بين ستة وكلاء يجري التحقيق معهم من جانب اتحاد الكرة لانتهاكات مزعومة لقواعد انتقال اللاعبين في نادي لوتون تاون. وقد أسقطت التهمة الأولى المتعلقة بالتعامل مع وكلاء غير حاصلين على ترخيص، لكن جرى توجيه تحذير إلى الستة جميعًا بشأن سلوكهم المستقبلي فيما يتعلق بتهمة منفصلة تدور حول «الإخفاق في امتلاك عقد تمثيل مكتوب مع نادي لوتون تاون لكرة القدم».
الملاحظ أنه على امتداد تلك الأحداث، أبقى كيرتيس على علاقته مع ألاردايس، ولعب دورًا محوريًا في انتقاله إلى نيوكاسل يونايتد وبلاكبرن روفرز، ثم إلى وستهام يوناتيد عام 2011. وكانت واحدة من أول الإجراءات التي اتخذها ألاردايس حينذاك ضم الكابتن السابق كيفين نولان الذي سبق وأن لعب تحت قيادته، من بولتون. وسرعان ما أتبع ذلك قدوم نيكي مانيارد وغاي ديميل، الذين تولى كيرتيس تمثيلهم جميعًا. وبعد ذلك، انضم إليهم على مدار الشهور الـ12 التالية ماثيو جارفيس ويوسي ياسكيلاينين وآندي كارول، الذي تولى ديفيد بروملي دور الوسيط في صفقة انتقاله إلى ليفربول عام 2011 مقابل 35 مليون جنيه إسترليني. وجرى تسجيل بروملي باعتباره سكرتير شركة تدعى «ديريكت سبورتس مانجمنت»، التي تشير في سجلاتها إلى كيرتيس باعتباره مديرها الوحيد. في ذلك الوقت، كان كارول في خلاف مع وكيله السابق، بيتر هاريسون، الذي جرى تصويره وهو يخبر مراسلا صحافيا متنكرا يعمل ببرنامج «بانوراما» أنه عقد صفقات في بولتون من خلال دفع أموال إلى نجل ألاردايس، كريغ، رغم أنه لم يجر توجيه أي اتهامات ضد أي منهما لاحقًا. بعد ذلك، اعتزل هاريسون العمل بمجال كرة القدم بعدما اتخذت لجنة تحكيم تابعة لاتحاد الكرة قرارًا ضده في إطار معركة قانونية مع كيرتيس، الذي أنكر دومًا ارتكابه أي خطأ.
خلال مقابلة أجرتها معه «ديلي ميل» هذا الصيف، أكبر مساهمي نادي وستهام، ديفيد سوليفان، وقوع أي أعمال «نصب». وقال: «أعمل دومًا على تحليل جميع التحويلات المالية التي نتخذها، وأتحقق من الجهة التي تذهب إليها الأموال. بوجه عام، تميل الأندية إلى التعامل مع الوكلاء أنفسهم، لكننا دفعنا إلى ويلي مكاي رسومًا أكبر لعمله كوكيل عن مارك كيرتيس هذا الصيف». وعندما طلب منه التعليق على صفقتي جارفيس وكارول، أضاف سوليفان: «يتلقى مارك 5 في المائة من أجر الراتب على مدار خمس سنوات، وهو مبلغ كبير، لكنه يبقى المعدل المتعارف عليه. وإذا نجحنا في ضم كارول، فإن ذلك سيكون بناءً على اتفاق إعارة مع توافر خيار الانتقال الدائم، وقد ساعدنا مارك عبر تشجيعه اللاعب طيلة الصيف على الانتقال إلينا».
قبل ذلك بسبع سنوات، أخفق لجيسي ليرويد هيل، وكيل اللاعبين المعتمد من «فيفا»، في محاولته دفع كيرتيس للمثول أمام المحكمة عندما زعم أن انتقال التونسي راضي الجعايدي مقابل مليوني جنيه إسترليني من بولتون إلى برمنغهام جرى إبرامها خلف ظهره، رغم ارتباطه مع المدافع التونسي بتعاقد. ونال ليرويد هيل تعويضًا من اللاعب بعد معركة قضائية طويلة. وعن ذلك، قال كيرتيس: «كان ذلك قرار اللاعب، وليس قراري. لقد قال إنه لا يرغب في إشراك ليرويد بالأمر. ولو كان يرغب أن يمثله ليرويد لفعل ذلك. أما أنا فلا يعنيني من يمثل اللاعب».
بنهاية عام 2013، جرى استدعاء لاعب مانشستر يونايتد ووستهام سابقا ولاتسيو الإيطالي حاليا رافيل موريسون إلى اجتماع مع كيرتيس بناءً على طلب من ألاردايس، للنظر فيما إذا كان يرغب في أن يصبح واحدًا من عملائه. وكتب دانييل تايلور عن ذلك اللقاء في صحيفة «أوبزرفر» قائلاً: «لم يندهش موريسون من الأمر، لكن ظلت شكواه منذ ذلك الحين أنه شعر بتعرضه لضغوط كبيرة من ألاردايس ونولان كي يبدل رأيه»، مدعيًا أن هذه الضغوط تعرض لها بصورة شبه يومية. وأعرب عن ضيقه من أنه «يرغب في التوجه إلى التدريب بهدف التعلم وتحسين مستواه، وليس للدخول في مناقشات لا نهاية لها حول الوكيل الذي يود الاستعانة به». من جانبه، نفى ألاردايس هذه الادعاءات، واصفًا إياها بأنها «محض هراء». وأوضح أنه: «ليست هناك أدنى حقيقة وراء الزعم بأنني جلست مع رافيل موريسون وحاولت الضغط عليه كي يوقع عقد تعاون مع أي وكيل، ناهيك بوكيلي أنا تحديدًا، إلا إذا طلبوا هم مني ذلك».
من ناحيته، أطلق كيفين كيلبان شكوى مماثلة في سيرته الذاتية، في وقت كان اللاعب الدولي بجمهورية آيرلندا السابق قد انضم لتوه إلى الفريق الأول لنادي بريستون عام 1996، ذلك أنه ذكر أن: «سام ألاردايس لمح إلى عقد اجتماع مع مارك كيرتيس، وكيله. كنت في تلك الفترة لا أزال أشعر بإعجاب ورهبة بالغة حيال (سام الكبير)، وبالتالي كان هناك احتمال كبير لأن آخذ بأي نصيحة يوجهها إلي. وعليه، التقيت الرجلين في فندق تيكليد تراوت في بريستون، على مسافة قصيرة من مبنى الاستخبارات البريطانية الخارجية. ولسذاجتي، لم أتمكن حينها من فهم السبب وراء حرص سام البالغ على توقيعي عقد تعاون مع مارك كيرتيس».
ورغم تقديم كيرتيس العقد بالفعل للتوقيع عليه، طلب كيلبان مزيدا من الوقت للتفكير، وقرر رفض الأمر لاحقًا، لأن العقد المعروض عليه كان يعني «تسليم» نسبة كبيرة من عائداتي. وبعد كل هذا، من غير الواضح بعد ما إذا كان ألاردايس سينهي علاقته بصديقه القديم الآن.
لدغة سام ألاردايس.. تاريخ مشبوه يحمل بصمات وكيله كيرتيس
مدرب إنجلترا المطرود أغرى لاعبين على توقيع عقود وكالة مع حليفه على مدار 20 عامًا
لدغة سام ألاردايس.. تاريخ مشبوه يحمل بصمات وكيله كيرتيس
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة