البيت الأبيض يعيد مشروع «جاستا» للكونغرس مرفوقا بـ«فيتو» أوباما

الرئيس الاميركي حدد 3 أسباب لتعطيل القانون بينها حماية الدبلوماسيين الاميركيين والحفاظ على الحلفاء

البيت الأبيض يعيد مشروع «جاستا» للكونغرس مرفوقا بـ«فيتو» أوباما
TT

البيت الأبيض يعيد مشروع «جاستا» للكونغرس مرفوقا بـ«فيتو» أوباما

البيت الأبيض يعيد مشروع «جاستا» للكونغرس مرفوقا بـ«فيتو» أوباما

أعاد الرئيس الاميركي باراك أوباما مساء أمس مشروع قانون «مقاضاة الدول الراعية للإرهاب»، المعروف اختصارا بـ«جاستا» إلى الكونغرس، مرفوقا بـ«الفيتو» الرئاسي، بحسب ما أعلن البيت الابيض أمس.
واعتبر أوباما أن التشريع من شأنه أن يؤثر على حصانة الدول وعلى حلفاء الولايات المتحدة، ويشكل سابقة قضائية خطيرة، كما يمكن أن يعرض موظفي الحكومة العاملين في الخارج لمخاطر.
وقال الرئيس الأميركي في رسالة إلى مجلس الشيوخ «أتفهم رغبة عائلات (الضحايا) في تحقيق العدالة، وأنا عازم على مساعدتهم في هذا الجهد».
لكنه أضاف أن التوقيع على هذا القانون «سيكون له تأثير ضار على الأمن القومي للولايات المتحدة». وبتوقيعه على الفيتو، يدخل أوباما في مواجهة شرسة مع الكونغرس الذي سيحاول، بغالبيته الجمهورية، توجيه ضربة سياسية قوية إلى الرئيس الأميركي قبل أقل من خمسين يوما على انتهاء ولايته.
وأرسل أوباما رسالة إلى الكونغرس يؤكد فيها معارضته لمشروع القانون «جاستا»، مشيرا إلى أن تصويته بالفيتو ضده يرجع إلى مخاوفه من رفع الحصانة السياسية عن الحكومات الأجنبية (التي لا تصنف دولا راعية للإرهاب) في محاكم الولايات المتحدة، وزعزعة المبادئ الدولية بشأن الحصانة السيادية للدول، وتعريض الولايات المتحدة والدبلوماسيين والجنود للملاحقة القضائية من قبل دول أخرى تقدم على سن قوانين مشابهة على أساس المعاملة بالمثل.
وتعمد البيت الأبيض إرسال الفيتو الرئاسي نهاية يوم الجمعة الذي يليه عطلة أسبوعية ثم عطلة للكونغرس حيث يعود أعضاء الكونغرس الأميركي إلى ولاياتهم استعدادا للانتخابات التشريعية التي تجري بالتزامن مع الانتخابات الرئاسية، وهو ما يعني أن الكونغرس لن يكون أمامه فرصة للتصويت على فيتو الرئيس إلا بعد انتهاء الانتخابات الرئاسية، فيما أشار بعض أعضاء الكونغرس إلى مشاورات لعقد جلسة استثنائية لمناقشة مشروع القانون والفيتو الرئاسي قبل عطلة الكونغرس لكن لم يتم تحديد موعد لتلك الجلسة الاستثنائية.
وأوضح الرئيس الأميركي في رسالة طويلة مبرراته في رفض القانون وفي الوقت نفسه أبدى مساندته القوية لأسر ضحايا الهجمات في 11 سبتمبر.
وقال أوباما في رسالة من صفحتين - حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها - إن قانون جاستا لن يحمي الأميركيين من هجمات الإرهابية ولن يحسن من فاعلية استجابة الولايات المتحدة للهجمات، وقال: «القانون بصيغته الحالية يسمح بمقاضاة الحكومات الأجنبية في المحاكم الأميركية بناء على ادعاءات أن الحكومات الأجنبية مسؤولة عن هجمات إرهابية على أراض أميركية، وهذا من شأنه أن يسمح بملاحقة قضائية ضد بلدان لم يتم تعيينها من قبل السلطة التنفيذية كدول راعية للإرهاب ولم تقم بأي هجمات ضد الولايات المتحدة»، وأشار إلى أن «قانون جاستا سيضر بالمصالح القومية الأميركية على نطاق واسع، وهذا هو السبب في إعادة القانون للكونغرس دون موافقتي».
وحدد الرئيس الأميركي ثلاثة أسباب وراء رفض القانون والتصويت بالفيتو عليه، موضحا في المبرر الأول لرفضه أن القانون يهدد فعالية استجابة الولايات المتحدة ضد أي حكومة أجنبية تقوم بتوفير الدعم للإرهاب بأخذ السلطة من أيدي مسؤولي الأمن القومي ومسؤولي السياسة الخارجية ووضعها في أيدي المحاكم والقضاء.
والسبب الثاني وراء الفيتو الرئاسي، كما أوضح أوباما في رسالته، أن قانون جاستا يؤدي إلى زعزعة المبادئ الدولية بشأن الحصانة السيادية وإذا ما طبق على الصعيد العالمي يمكن أن يكون له تداعيات خطيرة على المصالح القومية الأميركية، ويقول: «المعاملة بالمثل تلعب دورا كبيرا في العلاقات الخارجية والكثير من البلدان الأخرى لديها بالفعل القوانين التي تسمح بتعديل الحصانة لدول أجنبية على أساس المعاملة بالمثل، وقانون جاستا يمكن أن يشجع الحكومات الأجنبية على سن قانون على أساس المعاملة بالمثل، بما يسمح لمحاكمها بملاحقة الولايات المتحدة والمسؤولين الأميركي بما في ذلك رجالنا ونساؤنا في الجيش بزعم وقوع إصابات في الخارج عن طريق دعم الولايات المتحدة لأطراف ثالثة، وهذا يمكن أن يؤدي إلى دعاوى ضد مسؤولين في الولايات المتحدة لقيامهم بمساعدة أفراد من جماعة مسلحة وإساءة استخدام المعدات العسكرية الأميركية من قبل قوات أجنبية أو انتهاكات ارتكبتها وحدات شرطة تلقت التدريب في الولايات المتحدة». وحذر الرئيس الأميركي في المبرر الثالث لرفضه القانون من أنه يهدد بخلق تعقيدات في علاقات الولايات المتحدة بشركائها، وقال: «إذا تم سن جاستا يمكن للمحاكم أن تنظر في مزاعم اتهامات لحلفاء الولايات المتحدة أو شركائها بالتواطؤ في هجوم إرهابي، وهذا يفتح باب التقاضي بشكل واسع النطاق ضد عدة دول أجنبية، على سبيل المثال ضد بلد سافر إليه فرد ارتكب في وقت لاحق عملا إرهابيا، وهناك عدد من حلفائنا وشركائنا لديه بالفعل مخاوف جدية من مشروع القانون».
وحذر أوباما من تعريض حلفاء وشركاء الولايات المتحدة لهذا النوع من التقاضي في المحاكم الأميركية، وقال: «قانون جاستا يهدد بالحد من التعاون بين الولايات المتحدة والحلفاء والشركاء في قضايا الأمن القومي بما في ذلك مبادرات مكافحة الإرهاب في وقت تسعى فيه لبناء تحالفات وليس خلق انقسامات». وقال جوش إرنست، المتحدث باسم البيت الأبيض للصحافيين إن «إصرار الرئيس أوباما على التصويت بالفيتو ضد القانون يعبر عن استعداد الرئيس لتلقي الانتقادات من الكونغرس مقابل حرصه على الأمن القومي الأميركي وتداعيات تمرير القانون على الأمن القومي».
وحسب إرنست «أن الرئيس أوباما مستعد لتلقي الانتقادات مقابل حماية الدبلوماسيين والجنود الأميركيين في الخارج من المخاطر التي يمكن أن يتعرضوا لها إذا تم تمرير هذا القانون، والرئيس أوباما قلق من تداعيات القانون على المدى الطويل أكثر من تداعيات القانون على علاقاته مع أعضاء الكونغرس».
ولمح إرنست إلى تناقض الإشارات التي تأتي من المشرعين بالكونغرس حول تجاوز الفيتو الرئاسي، مشيرا إلى أن موظفي البيت الأبيض على تواصل مستمر مع الكونغرس لثني المشرعين عن تمرير القانون وتجاوز الفيتو الرئاسي، وقال إرنست «نحصل على إشارات متناقضة من الكونغرس بين ما يقولونه في الاجتماعات الخاصة وما يخرجون به من تصريحات علنية، والرئيس يدرك أن هناك جانبا سياسيا في القانون، ولكن علينا التركيز على تأثيرات هذا القانون في المدى الطويل على الأمن القومي الأميركي».
وشدد إرنست على أن الرئيس أوباما هو الرئيس الذي ساند أسر ضحايا هجمات سبتمبر (أيلول) 2001 وأعطى الأوامر بالقبض على زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن. وكان أمس نهاية فترة الأيام العشرة المحددة التي يتسلم خلالها البيت الأبيض مشروع قانون بعد تمريره من مجلسي الشيوخ والنواب ليأخذ توقيع الرئيس الأميركي عليه بالموافقة فيصبح قانونا ساريا، أو بالاعتراض (الفيتو) ليعاد مرة أخرى إلى الكونغرس.



إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.