يطور العلماء حبوبًا دوائية تقدم الكثير من الفوائد المجتناة من التمرينات الرياضية.. إلا أن أيًا منها لن يصل إلى فوائد النشاط البدني!
وكثيرا ما يردد خبراء الصحة القول: «لو وضعنا التمرينات الرياضية في حبة وحيدة، فإن كل شخص سيمكنه تناولها». ويبدو أن العلماء متفقون مع هذا الرأي. وقد انطلقت خلال الأعوام الأخيرة حملات لتطوير أدوية تحاكي تأثيرات التمرينات. وكانت الوعود هائلة بأن مثل هذه الأدوية قد تشكل دفعة قوية للأشخاص الذين يعانون من محدودية النشاط البدني بسبب أمراضهم أو الأضرار الجسدية التي لحقت بهم.
كما أن هذه الأدوية قد تصبح المنطلق لدفع الآخرين نحو تنفيذ برامج ممارسة التمرينات الرياضية، إضافة إلى أنها تقدم فوائد صحية، مثل تلك التي تقدمها التمرينات للأشخاص السليمين الذين لا يتمكنون من تخصيص جزء من أوقاتهم لتلك التمرينات، أو الخاملين.
ويقول الدكتور لوري غوديير رئيس قسم علم النفس التكاملي والتمثيل الغذائي في مركز جوسلين لمرض السكري إنه «وبينما تمثل (حبة التمرينات الرياضية) فكرة جيدة، إلا أنها، مثل حبة الفيتامينات، لن تقدم كل الفوائد التي يقدمها النظام الغذائي الصحي، إذ إن حبة وحيدة لن يمكنها على الأكثر أن تقدم الفوائد التي يقدمها التمرينات».
* طريقة عمل الحبة
كيف تؤدي الحبة مهمتها؟ منذ ظهور حقيقة أن النشاطات البدنية المنتظمة، مهمة بل إنها الأكثر أهمية في نمط حياة الإنسان الصحي، أخذ العلماء يوجهون اهتمامًا فائقًا لدراسة تأثير النشاط البدني على منظومات الجسم البشري، وعلى أنسجته وعلى خلاياه.
وقد رصدت أبحاث العلماء عددا كبيرا من الجزيئات التي يتم تنشيطها عند ممارسة التمرينات الرياضية، وهذا هو ما دفع العلماء إلى فكرة تنشيطها عندما تكون خاملة.
وقد وصفت مراجعة نشرت في 15 ديسمبر (كانون الأول) في مجلة «اتجاهات العلوم الصيدلية Trends in Pharmacological Sciences، عددًا من «حبات التمرينات الرياضية» التي يطورها العلماء. ورغم أنها لا تزال بعيدة حتى عن التجارب الطبية على البشر، فإنها أظهرت نتائج محددة على الفئران، وهي:
* تغييرات في تركيبة العضلات. إن التمرينات الرياضية المتواصلة عبر الزمن تؤدي إلى زيادة نسبة الأنسجة العضلية البطيئة الانقباض (أي تلك التي تحول الدهون إلى طاقة) مقارنة بالأنسجة العضلية السريعة الانقباض (التي تستخلص الطاقة منن السكريات). وقد قام مركب أطلق عليه AICAR بتوليد هذا التأثير لدى الفئران، الأمر الذي أدى إلى زيادتها للتمرينات الرياضية.
* تحويل الأنسجة الدهنية. تؤدي التمرينات إلى زيادة نسبة «الدهون البنية» brown fat التي تحرق الطاقة مقارنة بالدهون البيضاء white fat التي تختزن الطاقة. وقد أدى حقن إنزيم يسمى «آيريزن» irisin إلى تغيير الدهون البيضاء إلى دهون بنية، مما أدى إلى فقدان الوزن في الفئران السمينة.
* زيادة عدد الميتاكوندريا. إن تحفيز إنتاج، ووظيفة، الميتاكوندريا (التي تعتبر منشأة الطاقة للخلية) يزيد من معدل استهلاك الجسم للسعرات الحرارية وازدياد حرقه للأكسجين. وقد قام مركب AICAR ومركبان نباتيان آخران وهما «ابيكاتيكن»epicatechin و«ريزفيرترول» resveratrol بتحسين وظيفة الميتاكوندريا في عضلات الهيكل العظمي وخلايا القلب.
* تحفيز تكون الشعيرات الدموية. وظهر أن مركب «ابيكاتيكن» يحفز على نمو الشعيرات الدموية التي ترتبط بالشرايين، الأمر الذي يزيد من تجهيز الأكسجين إلى عضلات الهيكل العظمي.
* إخفاقات محتملة
وإن كانت أنواع «حبة التمرينات الرياضية» التي يجري تطويرها تحاكي بعض تأثيرات النشاطات البدنية التي تعيد تشكيل ونمذجة الهيكل العظمي، وزيادة استهلاك الأكسجين وزيادة وتيرة الأيض (التمثيل الغذائي)، فإنها لا يمكنها بناء العظام أو تقليل معدلات نقصانها، كما أنها لن تساعد على الأكثر في تحسين توازن الجسم أو تنسيق حركاته.
كما لا يتوقع من هذه الحبوب تقديم أية فوائد مثل تلك التي تقدمها التمرينات الرياضية - مثل: النوم الأفضل وحدة الذهن والمزاج المتألق. ويقول الدكتور غوديير: «سيمضي وقت طويل قبل أن تصبح الحبة مماثلة في فوائدها لفوائد التمرينات».
* الخلاصة
هناك أسباب تدفع طبيبك على الأكثر إلى توجيه نصيحة لك بتغيير أسلوب حياتك قبل اللجوء إلى الدواء، إذ إنه وحالما تأخذ في تناول الدواء فإنك ستعاني من أعراض جانبية له. وعندما تتناول عددًا من الأدوية، فإن هناك احتمالا كبيرا بتداخل تأثيرات تلك الأدوية. ولذا، فحتى لو كانت «حبة التمرينات الرياضية» موجودة، فإنها لن توفر لك ممرا حرا نحو صحة أفضل.
إن النشاط البدني يظل الأقل كلفة والأكثر متاحا للإنسان، لإزالة الكثير من المخاوف الصحية، وإبعاد خطر أمراض القلب والأوعية الدموية، والخرف، والسكري، والسمنة وهشاشة العظام. وإن مارست 150 دقيقة فن التمرينات الرياضية المعتدلة في الأسبوع فإن الأمور ستصبح أفضل.
* رسالة هارفارد «مراقبة صحة المرأة»،
خدمات «تريبيون ميديا».