خامنئي يقر بالإساءة لرموز السنة وانتقادات داخلية تطالب بانسحاب إيران من سوريا

سياسي إصلاحي يتحدى قائد فيلق «القدس» لإثبات «استراتيجيته العسكرية دفاعًا عن الأسد»

قائد فيلق «القدس» قاسم سليماني بين قائد الحرس الثوري محمد علي جعفري ومساعده حسين سلامي الأحد الماضي (موقع خامنئي الرسمي)
قائد فيلق «القدس» قاسم سليماني بين قائد الحرس الثوري محمد علي جعفري ومساعده حسين سلامي الأحد الماضي (موقع خامنئي الرسمي)
TT

خامنئي يقر بالإساءة لرموز السنة وانتقادات داخلية تطالب بانسحاب إيران من سوريا

قائد فيلق «القدس» قاسم سليماني بين قائد الحرس الثوري محمد علي جعفري ومساعده حسين سلامي الأحد الماضي (موقع خامنئي الرسمي)
قائد فيلق «القدس» قاسم سليماني بين قائد الحرس الثوري محمد علي جعفري ومساعده حسين سلامي الأحد الماضي (موقع خامنئي الرسمي)

اعترف المرشد الإيراني علي خامنئي ضمنا بأن التطرف الطائفي (الشيعي) و«استفزاز مشاعر المذاهب الإسلامية الأخرى وراء ظهور (داعش) و(النصرة)». بموازاة ذلك زادت الانتقادات الموجهة إلى الحرس الثوري بسبب التدخل في سوريا بعدما تحدى السياسي الإصلاحي مهدي خزعلي، قائد فيلق «القدس» قاسم سليماني، ودعاه إلى مناظرة تلفزيونية لإثبات فشل التدخل الإيراني بالأدلة الدامغة.
ووجه خامنئي أمس، خلال خطاب أمام حشد من الإيرانيين، تهمة التطرف إلى تيارات شيعية تعارض مبدأ ولاية الفقيه وصفها بـ«شيعة بريطانيا» قائلا إن «استفزاز مشاعر المذاهب الأخرى باسم الشيعة أدى إلى ظهور جماعات متطرفة مثل (داعش) و(النصرة) وأشار إلى أنه يطالب «بوحدة العالم الإسلامي»، وفي الوقت نفسه اعتبر «إساءة رموز أهل السنة» من «موانع نشر الأسس المنطقية والاستدلال بالاعتقاد بالإمامة» وفقا لما نقله موقعه الرسمي، وهي إشارة من خامنئي إلى نشر التشيع.
في هذا الصدد، قال خامنئي: «لا تستفزوا مشاعر أهل السنة»، وأضاف أن «البعض يظن أن إثبات التشيع يتحقق بالإساءة إلى أهل السنة»، وتجاهل إساءة التلفزيون الرسمي الإيراني ضد رموز أهل السنة خلال الشهرين الماضيين، التي أثارت انتقادات واسعة من قبل شخصيات سنية في إيران.
وتعد هذه أول مرة يشير فيها خامنئي إلى دور التيارات الشيعة في تفاقم التطرف في المنطقة، لكنه تجاهل التعليق على الانتقادات التي تطال نظامه بسبب دورها في أزمات المنطقة. ويبرر قادة الحرس الثوري منذ سنوات التدخل العسكري ودعم الميليشيات الشيعية بالتمهيد لظهور «المهدي المنتظر»، كما يعتبر أنصار التدخل العسكري أن خامنئي هو «السيد الخراساني» وفق الروية الشيعية.
في غضون ذلك، أبدى خامنئي مخاوفه من الوضع الاقتصادي في إيران، وقال إن «الأعداء يبحثون عن تدهور الوضع الاقتصادي لخلق سخط شعبي على النظام».
وتشهد إيران صراعا بين الحرس الثوري ومعارضي تنامي قوته العسكرية. في هذا الصدد هاجم أول من أمس، الاثنين، قائد الحرس الثوري الأسبق محسن رضايي منتقدي «العسكرة» في إيران، معتبرا إياهم «مسؤولين لن يتمكنوا من حل المشكلات الاقتصادية في البلد». وأضاف رضايي أن «بعض المسؤولين يلعبون في أرض العدو، من دون أن يعرفوا أو يدركوا أنهم دخلوا أرض الأعداء وهذه الأمور ليست جيدة».
الأحد الماضي وسط حشد من قادة الحرس الثوري جدد خامنئي دعمه هذا الجهاز العسكري في وقت يتعرض لانتقادات داخلية وخارجية، وقال إن الحديث عن وقف النشاط العسكري «كلام فارغ» يقف وراءه «أعداء النظام».
يأتي كلام خامنئي حول منشأ «داعش» في وقت أثارت تصريحات الناشط السياسي، مهدي خزعلي، حول دور قاسم سليماني وفيلق «القدس» في ظهور «داعش» جدلا واسعا في إيران. خلال الأيام الماضية خرج هذا السياسي الإصلاحي البارز في مناسبتين انتقد فيهما دور سليماني وإيران بشدة في إشعال الحرب السورية منذ خمس سنوات.
في أحدث تعليقه الذي نقله مركز وثائق حقوق الإنسان الإيرانية، دعا خزعلي قائد فيلق «القدس» قاسم سليماني إلى المناظرة تلفزيونية لإثبات تورط إيران في المستنقع السوري. ودافع خزعلي، أول من أمس، عن تصريحات صدرت له الأسبوع الماضي اتهم فيها سليماني بالوقوف وراء ظهور «داعش». وقال، أول من أمس، إن كلامه يستند على حقائق دامغة ودقيقة، مجددا دعوته إلى انسحاب القوات العسكرية الإيرانية من سوريا لوقف الحرب.
على ما يبدو أن الناشط الإيراني كشف عن جانب من القصة المحرمة حول خلافات عميقة بشأن دور الحرس الثوري خارج الحدود الإيرانية. واعتبرت وسائل إعلام مقربة من الحرس الثوري تصريحات الناشط الإيراني دفاعا عن «داعش»، لكن الناشط الإيراني شدد على موقفه الرافض التدخل الإيراني في الحرب السورية، مخاطبا قاسم سليماني بأنه «ليس سوبر مان أو بات مان». وأشار إلى وجود وجهة نظر تعارض «نظرية سليماني الحربية» وخسائر إيران في الأرواح فضلا عن الخسائر المادية والعسكرية.
كذلك رفض خزعلي ما تدعيه طهران من الحرب «دفاعا عن الحرب»، معتبرا قتال القوات الإيرانية «دفاعا عن بشار الأسد» وتساءل: إن «كنتم تدافعون عن الحرم ماذا تفعلون في حلب؟». وأضاف خزعلي في أحدث تعليق له على الدور الإيراني السلبي بالقول إنه «لو سمحنا بتحقق إرادة الشعب السوري في صعود دولة ديمقراطية لكنا ندافع عن الأماكن المقدسة وكانت علاقاتنا مع سوريا في وضع أفضل من الحال».
وشدد خزعلي على أنه على النظام الإيراني أن يتوقف عن دعم نظام الأسد وأن «لا يخدع نفسه»، مضيفا أن «الدبلوماسية الفعالة بإمكانها وقف الحرب في غضون ساعتين».
وفي جانب لافت من حديثه، أشار خزعلي ضمنا إلى موافقة إيران في 2014 على خروج الأسد بعد انتخابات رئاسية لكنها تخلت عن وعدها لاحقا.
في السياق نفسه، حذر خزعلي سليماني وقادة الحرس الثوري من الاستمرار في خداع صحيفة «كيهان» مشددا على أن وقف الحرب بأسرع وقت ممكن يجنب إيران مزيدا من الخسائر، مشبها خسائر إيران بخسائر حرب الخليج الأولى مع العراق في الثمانينات.
وجدد خزعلي ما قاله الأسبوع الماضي حول «داعش الشيعة»، في إشارة إلى سليماني، مؤكدا أن تدخل إيران منذ بداية الأزمة السورية منع إسقاط الأسد وحال دون صعود دولة ديمقراطية وساعد في ظهور «داعش». وكان خزعلي قد وجه انتقادات لاذعة قبل أسبوع لـ«أطماع فيلق القدس»، واعتبارها سببا في تدهور الأوضاع والحرب الأهلية السورية خلال السنوات الخمس الماضية، نافيا أن تكون مصالح إيران في خطر في حال خروج الأسد من السلطة في 2011.
على الصعيد ذاته، شبه معتقدات وأفكار سليماني بمعتقدات «داعش»، موضحا أن حسابات إيران الخاطئة أدت إلى اتخاذ «استراتيجية الحرب» في سوريا والعراق معتبرا تأمين ميزانية الحرب من إيران سببا في دمار تلك البلدان. كما ذكر أن «الشعب السوري لن يغفر لإيران وأن العراقيين والسوريين سيعلنون نفورهم من سليماني بعد أشهر» مطالبا من وصفهم بـ«العقلاء» بالتدخل لـ«لملمة الوضع الحالي وإخراج إيران من بئر سوريا» قبل فوات الأوان.
في المقابل، رد قائد فيلق «القدس» قاسم سليماني الخميس الماضي على تصريحات خزعلي، واعتبرها «بعض تصريحات الأعداء المعادية»، وفي بيان وصفته وسائل إعلام ناطقة خارج إيران بالغريب، طالب سليماني الإيرانيين بـ«تجاهل التصريحات المخادعة» وقال إن الأعداء زرع الشقاق والتفرقة بين الإيرانيين وبث مشاعر الإحباط في نفوسهم.
هذا، ويعد مهدي خزعلي الابن الأوسط لعضو مجلس صيانة الدستور ومجلس الخبراء، أبو القاسم خزعلي، الذي ساهم في كتابة دستور النظام الجديد بعد وصول الخميني إلى سدة الحكم في 1979، لكن مهدي خزعلي على خلاف والده الذي توفي في سبتمبر (أيلول) 2015 انتقد سياسات أحمدي نجاد وأعلن عن تأييده انتفاضة الإيرانيين ضد تزوير نتائج الانتخابات الرئاسية في 2009.



وزارة الدفاع التركية تعلن إسقاط طائرة مسيّرة فوق البحر الأسود

طائرة مقاتلة من طراز «إف 16» تابعة للقوات الجوية التركية تقلع في مناورات جوية في شمال ألمانيا 9 يونيو 2023 (رويترز)
طائرة مقاتلة من طراز «إف 16» تابعة للقوات الجوية التركية تقلع في مناورات جوية في شمال ألمانيا 9 يونيو 2023 (رويترز)
TT

وزارة الدفاع التركية تعلن إسقاط طائرة مسيّرة فوق البحر الأسود

طائرة مقاتلة من طراز «إف 16» تابعة للقوات الجوية التركية تقلع في مناورات جوية في شمال ألمانيا 9 يونيو 2023 (رويترز)
طائرة مقاتلة من طراز «إف 16» تابعة للقوات الجوية التركية تقلع في مناورات جوية في شمال ألمانيا 9 يونيو 2023 (رويترز)

أعلنت وزارة الدفاع التركية إسقاط مسيّرة «خارج السيطرة»، الاثنين، بعدما اقتربت من المجال الجوي التركي من جهة البحر الأسود.

وجاء في بيان للوزارة: «تجنّباً لأي عواقب ضارة، أُسقطت الطائرة المسيّرة في منطقة آمنة وبعيدة من أي مناطق مأهولة»، حسبما أفادت «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقالت أنقرة: «تم رصد وتعقب أثر جوي... في إطار الآليات الروتينية» فوق البحر الأسود، و«تبيّن أن الأثر الجوي المعني هو مسيّرة خارج السيطرة». وأضافت: «بهدف ضمان أمن المجال الجوي، تم نشر مقاتلاتنا من طراز (إف-16) تحت قيادة حلف شمال الاطلسي (ناتو) والقيادة الوطنية، في مهمة اعتراض».

ويأتي هذا الحادث بعدما حذّر الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، السبت، من تحوّل البحر الأسود إلى «منطقة مواجهة» بين روسيا وأوكرانيا، وذلك إثر ضربات عدة طالت سفناً في الأسابيع الأخيرة.


مستشار خامنئي: نعارض بشدة «مشروع ترمب» في القوقاز

ولايتي يلتقي السفير الأرميني غريغور هاكوبيان (إرنا)
ولايتي يلتقي السفير الأرميني غريغور هاكوبيان (إرنا)
TT

مستشار خامنئي: نعارض بشدة «مشروع ترمب» في القوقاز

ولايتي يلتقي السفير الأرميني غريغور هاكوبيان (إرنا)
ولايتي يلتقي السفير الأرميني غريغور هاكوبيان (إرنا)

قال علي أكبر ولايتي، مستشار المرشد الإيراني للشؤون الدولية، إن طهران تعارض بشدة ما وصفه بـ«مشروع الرئيس الأميركي دونالد ترمب» في القوقاز، وذلك عقب اتفاق رعته واشنطن بين أرمينيا وأذربيجان لإنشاء ممر عبور جديد.

وجاءت تصريحات ولايتي لدى استقباله السفير أرمينيا لدى طهران، غريغور هاكوبيان، حيث ناقشا آخر المستجدات بما في ذلك أوضاع جنوب القوقاز.

ووقعت أرمينيا وأذربيجان، في وقت سابق من أغسطس (آب) الحالي، اتفاقاً في البيت الأبيض برعاية الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، يرمي إلى وضع حد لعقود من النزاع بين الجمهوريتين السوفياتيتين السابقتين.

ونصّ الاتفاق على إنشاء «منطقة عبور» عبر أرمينيا تربط أذربيجان بجيب نخجوان التابع لها غرباً، على أن يُسمى «طريق ترمب للسلام والازدهار الدوليين»، الذي عرف بـ«ممر تريب». وبموجب الاتفاق، تحظى الولايات المتحدة بحقوق تطوير الممر المعروف كذلك بـ«ممر زنغزور».

مصافحة ثلاثية بين دونالد ترمب وإلهام علييف ونيكول باشينيان في البيت الأبيض يوم 8 أغسطس 2025 بعد توقيع الاتفاق بين أرمينيا وأذربيجان (رويترز)

ونقلت وكالة «إيسنا» الحكومية عن ولايتي قوله إن ما يُعرف بـ«مشروع ترمب» في القوقاز، لا يختلف عن «ممر زنغزور»، وأن إيران تعارضه بشكل قاطع. وأضاف أن طهران عارضت منذ البداية مشروع ممر زنغزور، بسبب رفضها أي تغيير في الحدود أو أي تطورات من شأنها تهديد أمنها الإقليمي.

ورأى ولايتي أن «مشروع ترمب» هو عملياً المشروع نفسه مع تغيير في التسمية فقط، ويجري حالياً الترويج له عبر دخول شركات أميركية إلى أرمينيا.

وأوضح ولايتي أن إيران أعلنت معارضتها الحازمة لهذا المشروع، سواء بمشاركة روسيا أو من دونها، حتى في الفترة التي كانت فيها موسكو منشغلة بالحرب في أوكرانيا، مضيفاً أن طهران نجحت في منع تنفيذه؛ لأن هذا الممر كان يمكن أن يفتح الطريق أمام وجود حلف شمال الأطلسي (ناتو) شمال إيران، ويشكّل تهديداً خطيراً لأمن شمال إيران وجنوب روسيا.

وحذر ولايتي من أن «التجربة أثبتت أن الولايات المتحدة تدخل المناطق الحساسة بدايةً عبر مشاريع ذات طابع اقتصادي، قبل أن يتوسع وجودها تدريجياً ليأخذ أبعاداً عسكرية وأمنية»، مشدداً على أن «أي مشروع يفتح الباب أمام الوجود الأميركي على حدود إيران ستكون له تداعيات أمنية واضحة».

وفي أغسطس، توالت المواقف الإيرانية المنددة بمشروع «ممر تريب (طريق ترمب للسلام والازدهار الدوليين)»، منذ الإعلان عن الاتفاق بين باكو ويريفان.

وقال مسؤولون ونواب إيرانيون إن مشروع «ممر زنغزور» لا يمكن عده قضية عابرة، «بل يمثل خطاً أحمر يتعلق بأمن الحدود والسيادة الإقليمية». وكان ولايتي قد عدّ أن «مؤامرة» من شأنها أن تعرّض «أمن جنوب القوقاز للخطر»، محذراً من أنه «لن يتحول إلى ممر يملكه ترمب، بل سيكون مقبرة لمرتزقته».

وبعد أسبوع من توقيع الاتفاق، توجه الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، إلى بريفان، عاصمة أرمينيا، وأجرى مباحثات مع رئيس الوزراء الأرميني، نيكول باشينيان، في محاولة للاطلاع على تفاصيل الاتفاق.

وقلل وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، حينها من الردود الداخلية، قائلاً إن الاتفاق «يحترم مواقفنا المبدئية، لكن الوجود المحتمل لشركة أميركية يثير القلق، وسنواصل التشاور ومتابعة التطورات من كثب».


برّاك يحاول إقناع نتنياهو بقبول تركيا في غزة

جانب من اجتماع المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توم برّاك ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الاثنين (الحكومة الإسرائيلية)
جانب من اجتماع المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توم برّاك ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الاثنين (الحكومة الإسرائيلية)
TT

برّاك يحاول إقناع نتنياهو بقبول تركيا في غزة

جانب من اجتماع المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توم برّاك ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الاثنين (الحكومة الإسرائيلية)
جانب من اجتماع المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توم برّاك ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يوم الاثنين (الحكومة الإسرائيلية)

تطابقت التقارير العبرية، حول لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والمبعوث الأميركي الخاص لسوريا سفير الولايات المتحدة لدى تركيا، توم برّاك، الاثنين، في القدس، على تلقّي الأول «رسائل حادة وخاصة» من إدارة الرئيس دونالد ترمب، قبل قمة أميركية - إسرائيلية مرتقبة، نهاية الشهر، في فلوريدا. وتركز الاجتماع بين برّاك ونتنياهو على 3 محاور هي: غزة، وسوريا، واللقاء مع ترمب.

تصريحات غير مقبولة في غزة

وفي ملف غزة، والانتقال إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار الهش الذي بدأ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، فإن صحيفة «يديعوت أحرونوت» أفادت بأن «برّاك حاول تبديد مخاوف نتنياهو من الدور التركي وإقناعه بمشاركتها في القوات الدولية في قطاع غزة، موضحاً أن تركيا هي الدولة الأكثر تأثيراً على (حماس)، والأكثر قدرة على إقناعها بنزع سلاحها».

وأفادت الصحيفة بأن براك ذكّر نتنياهو بأن تركيا «وقّعت على خطة ترمب (بشأن وقف إطلاق النار في غزة)، وتعهدت باسم (حماس) ببند تسليم الأسلحة، وستؤدي مشاركتها إلى تحفيز العديد من الدول المترددة حالياً بالمشاركة في القوة الدولية».

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان خلال توقيعه على إعلان شرم الشيخ حول السلام بالشرق الأوسط (الرئاسة التركية)

وحسبما نقلت الصحيفة، فإن برّاك قال «إن عدم مشاركة تركيا يجعل تلك الدول تتراجع عن المشاركة، والرئيس ترمب لن يسمح بفشل هذه الفكرة، موضحاً أن تصريحات نتنياهو التي قال فيها إنه لا يثق بأن (حماس) ستتخلى عن أسلحتها، وتهديده بأن إسرائيل هي التي ستستطيع ذلك، هي تصريحات غير مقبولة، وتشكل تهديداً للخطة».

وتوافقت الإفادات السابقة، مع ما نقلته «القناة 12 للتلفزيون الإسرائيلي»، الاثنين، أن «البيت الأبيض نقل رسالة (خاصة وحادة) إلى نتنياهو، شددت على أن اغتيال القيادي العسكري البارز في حركة (حماس)، رائد سعد، يشكّل خرقاً لاتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بوساطة ترمب».

كما أكدت القناة وجود «توتر متصاعد بين إدارة ترمب وحكومة نتنياهو، على خلفية الخلاف حول الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق لإنهاء الحرب على غزة، إضافة إلى السياسات الإسرائيلية الأوسع في المنطقة».

وقال مسؤولان أميركيان للقناة إن وزير الخارجية ماركو روبيو، والمبعوث الخاص للبيت الأبيض ستيف ويتكوف، وجاريد كوشنر صهر الرئيس الأميركي، باتوا «محبطين للغاية» من سلوك نتنياهو.

ونقل التقرير عن مسؤول أميركي رفيع قوله إن فحوى الرسالة التي وُجّهت إلى نتنياهو كان واضحاً: «إذا كنت تريد تدمير سمعتك وإظهار أنك لا تلتزم بالاتفاقات فهذا شأنك، لكننا لن نسمح لك بتدمير سمعة الرئيس ترمب بعد أن توسط في اتفاق غزة».

وفي الضفة الغربية، قال مسؤول أميركي كبير ومصدر مطّلع إن البيت الأبيض يشعر بقلق متزايد إزاء عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين، وما يراه «استفزازات إسرائيلية» تضر بالجهود الأميركية لتوسيع (الاتفاقيات الإبراهيمية)، وأضاف المسؤول الأميركي: «الولايات المتحدة لا تطلب من نتنياهو المساس بأمن إسرائيل، بل تطلب منه عدم اتخاذ خطوات تُفسَّر في العالم العربي على أنها استفزازية».

وقال مسؤول أميركي: «نتنياهو تحوّل خلال العامين الماضيين إلى شخصية منبوذة دولياً. عليه أن يسأل نفسه لماذا يرفض (الرئيس المصري عبد الفتاح) السيسي لقاءه، ولماذا، بعد خمس سنوات على اتفاقيات أبراهام، لم تتم دعوته لزيارة الإمارات».

وأضاف: «إدارة ترمب تبذل جهداً كبيراً لإصلاح الوضع، لكن إذا لم يكن نتنياهو مستعداً لاتخاذ خطوات لخفض التصعيد، فلن نضيّع وقتنا في محاولة توسيع (الاتفاقيات الإبراهيمية)»

شتائم لنتنياهو في البيت الأبيض

وبدا لافتاً أن ترمب أوفد براك إلى نتنياهو، رغم الهجوم الذي شنه رئيس الوزراء الإسرائيلي ضد الدبلوماسي الأميركي خلال الآونة الأخيرة، إلى حد تصريحه بأنه يرى فيه «سفيراً تركياً لدى أمريكا، وليس سفيراً أميركياً لدى تركيا».

كما ازدادات حمى غضب نتنياهو من براك، عندما شكك بالديمقراطية الإسرائيلية قبل أسبوعين، ما دعا برّاك للاعتذار، قبل زيارته، عن التصريح مع مطالبة نتنياهو بعدم تضخيم الأزمة على حساب القضايا الكبرى التي جاء لبحثها.

ونقل الصحافي ناحوم بارنياع في «يديعوت أحرونوت»، الاثنين، عن مصدر مطلع، أن «الأمريكيين بدؤوا يكتشفوا أن نتنياهو ليس جاداً في التقدم نحو تطبيق خطة ترمب للسلام، وأنه يعمل كل ما بوسعه كي تبقى إسرائيل في حرب الى الأبد».

وقال بارنياع: «روى لي مصدر مطلع، بأن وابلاً من الشتائم في البيت الأبيض نزلت على رأس رئيس وزراء إسرائيل؛ قيلت كلمات تمتنع صحيفة شريفة عن كتابتها. ولا ينبغي استبعاد إمكانية أن شيئاً من هذا قيل لنتنياهو مباشرة في أثناء نهاية الأسبوع»، وفق ما أفاد الكاتب الإسرائيلي.

خطوط حمراء في سوريا

وتذهب التقديرات الإسرائيلية إلى أن برّاك حدد في اجتماعه مع نتنياهو «خطوطاً حمراء» بشأن النشاط الإسرائيلي في سوريا، عبر التأكيد على رغبة ترمب التي عبّر عنها سابقاً، في أن الرئيس السوري أحمد الشرع يمثل حليفاً لواشنطن، يجب دعمه في مساعيه لاستقرار الدولة ودفعها إلى الأمام، ولذلك يرغب الأميركيون في تجنب أي إجراءات يرونها تقوض حكمه.

ونقلت التقارير العبرية أن برّاك نقل أن الأمريكيين يخشون من أن تؤدي كثرة العمليات الإسرائيلية إلى انهيار النظام في سوريا، بالإضافة إلى رغبتهم في التوصل إلى اتفاق أمني.

وفي شأن لبنان، فإن ترمب يريد من إسرائيل استمرار ممارسة الضغوط على «حزب الله» من خلال عمليات محدودة، لكنه لا يوافق حالياً على عمليات حربية موسعة.

ووذهب محللون إسرائيليون إلى أن نتنياهو لن يرفض كل طلبات برّاك، بل يحاول الانسجام معها ولكن من دون التزام قاطع، وهدفه في ذلك هو أن يمهد الطريق لإنجاح لقائه مع ترمب في فلوريدا، يوم 29 ديسمبر (كانون الاول) الحالي.

ولكن نتنياهو في الوقت نفسه، لم يفوت فرصة الظهور كمن يتخذ قرارات مستقلة، فأرسل قواته لقصف جوي في سوريا، قبل لحظات من وصول براك إلى مكتبه.

المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توم برّاك ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في لقاء يوم الاثنين (الحكومة الإسرائيلية)

وفي إطار الاستفزاز لتركيا ورئيسها رجب طيب اردوغان، قرر استضافة قمة ثلاثية تجمعه مع رئيس وزراء اليونان ورئيس قبرص، في لقاء مشترك وُصف في إسرائيل بأنه يحمل رسالة سياسية مباشرة ضد تركيا. بيد أن براك قال في ختام لقائه مع نتنياهو إن الاجتماع كان «حواراً بناءً يهدف إلى تحقيق السلام والاستقرار الإقليميين».