تجري السلطات المصرية تحركات مكثفة لمنع تجدد أحداث الشغب والعنف التي نشبت بين مسلمين ومسيحيين في محافظة المنيا (وسط صعيد مصر)، وتمكنت الأجهزة الأمنية أمس، من توقيف 37 شخصا متهمين في الأحداث، التي أسفرت عن إصابة مسيحيين، بينما دعا مصدر كنسي إلى «وقف الدماء بين أبناء الأمة وضبط النفس، وتفويت الفرصة على المتربصين من الجماعات المتشددة، التي تسعى من وقت لآخر لتعكير صفو العلاقة، ونشر الفتن بين الطرفين».
وكانت الأزمة قد نشبت مساء أول من أمس في عزبة عاصم التابعة لقرية دمشير بمدينة أبو قرقاص بالمنيا، على خلفية مشاجرة بين شاب قبطي يستقل دراجة نارية وآخر مسلم بسبب التسابق على أولوية المرور، مما نتج عنه تراشق الطرفين بالحجارة، وقد أسفرت الأحداث عن إصابة اثنين من المواطنين، وتحطيم سيارة تصادف وجودها في أثناء المشاجرة، إلى جانب إحراق عشة ونخلتين.
وسبق أن طالت موجة من الانتقادات قيادات المحافظة بسبب تكرار الأحداث الطائفية في المنيا، وشهدت المحافظة ما يقرب من 6 حالات اعتداءات طائفية خلال شهرين، أشهرها واقعة تجريد سيدة مسيحية مسنة من ملابسها والاعتداء عليها بالضرب وحرق منازل أقباط، فضلا عن قضية كوم اللوفى بسمالوط، ثم أحداث قرية أبو يعقوب، وصولا لمقتل نجل كاهن في قرية طهنا الجبل نتيجة وقوع مشاجرة بين مسلمين ومسيحيين بسبب الأطفال.
ويرى مراقبون أن هذه الأحداث أبرز أسباب إقالة محافظ المنيا السابق اللواء طارق نصر، وتعيين عصام الدين صلاح الدين البديوي في حركة المحافظين الأخيرة قبل أسبوع.
وتسعى السلطات المصرية لوقف تمدد «الفتن الطائفية» المتكررة في المنيا، عبر إجراءات «تقليدية» لم تنجح من قبل في القضاء عليها، ومنها تسيير قوافل دعوية من المؤسسة الدينية، وعمل جلسات عرفية للصلح بين الطرفين من قبل قيادات الكنيسة والأزهر، فضلا عن تشديد الوجود الأمني؛ لكن جميع هذه الإجراءات لم تستطع حقن الدماء، التي تسيل من وقت لآخر نتيجة إجبار كل من الطرفين على التصالح، دون البحث في أسباب الفتنة الطائفية، بحسب مراقبين.
ووفقا لتقديرات غير رسمية تتراوح نسبة المسيحيين بمصر من 10 إلى 15 في المائة من عدد السكان البالغ عددهم أكثر من 90 مليون نسمة. ودائما ما تسود المحبة بين المسلمين والمسيحيين؛ لكن تطرأ بين الحين والآخر خلافات بينهما، غالبا ما تكون بسبب «علاقات عاطفية» بين فتاة مسيحية وشاب مسلم أو العكس، أو مشاجرات بسبب لعب الأطفال، أو خلافات بسبب الجيرة، وتتسبب في إزهاق أرواح وحرق ممتلكات.
وتأتي المنيا في صدارة محافظات مصر التي تشهد أزمات طائفية. وعادة ما يتهم المسيحيون السلطات بعدم حسم أي نزاع طائفي بشكل قانوني، وأنها دائما تفضل الحلول العرفية في مثل تلك الحالات.
وسبق أن شهدت العزبة نفسها أحداثا طائفية في يوليو (تموز) الماضي، بسبب مشاجرة بين فتاة قاصر وشاب في الثلاثين من عمره نزل للترعة دون ملابس، بينما كانت الفتاة تغسل أوانيها بمياه ترعة بحر يوسف.
مطرانية المنيا وأبو قرقاص للأقباط الأرثوذكس، قالت أمس تعليقا على الأحداث، إن مشادات وقعت بين بعض الشباب المسلمين والمسيحيين، وعلى الفور وصلت قوات الأمن، كما انتقل إلى مكان الحادث محافظ المنيا، وتم توقيف 20 شخصا من المسلمين، و17 من المسيحيين، وتباشر النيابة التحقيق الآن معهم.
وأضافت المطرانية في بيان لها، أن «المشاجرة أسفرت عن تعرض قبطيين لإصابات خطيرة نقلا على أثرها لتلقي العلاج بأحد المستشفيات».
من جانبه، زار الأنبا مكاريوس، الأسقف العام بالمنيا، المصابين والتقى أسرتيهما والمتضررين في العزبة، وقال مصدر كنسي: «هناك أياد خفية تحاول أحداث انشقاق بين المسلمين وأشقائهم المسيحيين»، مطالبا الجميع بضرورة احتواء الأزمة وتهيئة الأجواء لإزالة أي خلاف بين المسلمين والمسيحيين بالمنيا وعدم السماح بأي تجاوزات أو سلوكيات تضر بالنسيج الوطني.
وسبق أن دعا البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، المسيحيين والمسلمين لضبط النفس والتزام العقل والحكمة والسلام الاجتماعي والعيش المشترك، وغلق الطريق على كل من يحاول المتاجرة بأحداث المنيا لإشعال الفتنة. كما أصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي توجيهاته لكل الأجهزة المعنية بالدولة لاتخاذ ما يلزم من إجراءات لحفظ النظام العام وحماية الأرواح والممتلكات في إطار سيادة القانون، ومحاسبة المتسببين في أحداث المنيا السابقة وإحالتهم للسلطات القضائية المختصة. وأكد السيسي في حديث سابق له أن مثل هذه الوقائع المثيرة للأسف لا تُعبر بأي حال من الأحوال عن طبائع وتقاليد الشعب المصري العريقة، الذي أسس الحضارة البشرية وحارب من أجل نشر السلام.
مساعٍ حثيثة لعدم تجدد أحداث شغب بين مسلمين ومسيحيين بصعيد مصر
توقيف 37 شخصا في اشتباكات وإصابة اثنين.. ومصدر كنسي يدعو للتصدي لجماعات الفتن
مساعٍ حثيثة لعدم تجدد أحداث شغب بين مسلمين ومسيحيين بصعيد مصر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة