لبنان: الأحزاب المسيحية تتخبط خارج الحكومة بملفات الرئاسة والميثاقية والنفايات

تيار عون يلوح بمقاطعة الحوار ويقرر الطعن بمراسيم الجلسة الحكومية الأخيرة

لبناني يسير في حي الجديدة شمال شرقي بيروت عابرا القمامة المتراكمة التي تشكل إحدى أزمات لبنان في ظل التعطيل السياسي المتمثل في عدم انتخاب رئيس للدولة (إ.ب.أ)
لبناني يسير في حي الجديدة شمال شرقي بيروت عابرا القمامة المتراكمة التي تشكل إحدى أزمات لبنان في ظل التعطيل السياسي المتمثل في عدم انتخاب رئيس للدولة (إ.ب.أ)
TT

لبنان: الأحزاب المسيحية تتخبط خارج الحكومة بملفات الرئاسة والميثاقية والنفايات

لبناني يسير في حي الجديدة شمال شرقي بيروت عابرا القمامة المتراكمة التي تشكل إحدى أزمات لبنان في ظل التعطيل السياسي المتمثل في عدم انتخاب رئيس للدولة (إ.ب.أ)
لبناني يسير في حي الجديدة شمال شرقي بيروت عابرا القمامة المتراكمة التي تشكل إحدى أزمات لبنان في ظل التعطيل السياسي المتمثل في عدم انتخاب رئيس للدولة (إ.ب.أ)

لم تنجح كل الوساطات التي انطلقت الأسبوع الماضي بعيد إعلان «التيار الوطني الحر» الذي يتزعمه النائب ميشال عون مقاطعة جلسات مجلس الوزراء احتجاجا على التمديد المرتقب لولاية قائد الجيش، بإحداث أي خرق يُذكر في جدار الأزمة الحكومية المستجدة التي انضمت للأزمة الرئاسية المتمادية منذ عام 2014 وللأزمة البرلمانية في ظل رفض قسم كبير من الكتل النيابية التشريع بغياب رئيس للبلاد. وإن كانت هذه الأزمات تتخذ أبعادا إقليمية نتيجة ربط عدد من الفرقاء مصير لبنان بمصير سوريا والمنطقة، إلا أن الفريق المسيحي يبدو الأكثر تضررا بعدما قرر تعليق وجوده في السلطة المتمثلة حاليا بالحكومة، وسلوك منحى تصعيدي الأرجح لن يتيح له تحقيق أي مكاسب تُذكر بل سيُراكم انتكاساته.
فرغم تمسك فريق عون السياسي بمواقفه وخاصة لجهة رفض السير بتمديد ثالث لقائد الجيش العماد جان قهوجي وهو ما أدّى لتعليق حضوره الجلسات الحكومية، فإن مصادر معنية بالملف أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن تأجيل تسريح قائد المؤسسة العسكرية «بات محسوما وسيتم خلال أيام أو كحد أقصى أسبوع، وبالتالي سيكون على (التيار البرتقالي) إضافة خسارة جديدة إلى سجل خساراته السياسية».
وحاول «تكتل التغيير والإصلاح» الذي يرأسه عون يوم أمس استكمال مسار التصعيد بالتلويح بمقاطعة جلسة الحوار المرتقبة الأسبوع المقبل في حال لم يتصدر بنود أعمالها، ما قال إنه «بند تعريف الميثاقية». وقال النائب آلان عون بعد الاجتماع الأسبوعي للتكتل إنهم سيطعنون بكل المراسيم التي صدرت عن الجلسة الحكومية الأخيرة التي قاطعوها ويعتبرونها غير ميثاقية لتغيب ممثلي الأحزاب المسيحية الرئيسية عنها.
وكما العونيون، كذلك حزب «الكتائب» الذي انسحب من الحكومة منتصف شهر يونيو (حزيران) الماضي على خلفية ملف النفايات وما قال إنها ملفات فساد أخرى يتخبط فيها مجلس الوزراء، سيكون على موعد مع انتكاسة سياسية جديدة مع اضطراره الرضوخ لإعادة فتح مطمر برج حمود الذي أغلقه ناشطوه احتجاجا على ردم الشاطئ بالنفايات غير المفرزة. إذ تشير المعطيات إلى أن رئيس الحزب النائب سامي الجميل قد يُعلن بعد انتهاء جلسة لجنة المال والموازنة النيابية اليوم التي سيحضرها رؤساء بلديات المتن وكسروان وبيروت وبعبدا، إعادة فتح المطمر بعد حصوله على تعهدات بوضع قطار لا مركزية الحل على السكة الصحيحة.
وشدد الجميل في مؤتمر صحافي عقده في مجلس النواب يوم أمس، على أن ما يحصل «عملية ابتزاز لإخضاع حزب الكتائب»، وقال: «يخيروننا بين القبول بالصفقة الكبيرة وتحويل ساحل المتن إلى مزبلة جبل لبنان وبيروت ورمي النفايات من دون معالجة في مطمر بعلو 15 مترًا وعلى امتداد 3 كلم، وأن نعيش بالروائح على مدى 4 سنوات، أو أن تعود النفايات إلى الطرقات». وأردف: «لا يريدون التحاور أو تقديم بدائل أو مناقشة هذه الخطة أو الحديث عن الفرز، وقد أقروا في لجنة المال والموازنة أن الفرز هو بنسبة 10 في المائة فقط، أما نسبة الـ90 في المائة المتبقية من النفايات ستذهب إلى المكبّ. وقالوا إنه لن يكون هناك فرز وأن لا خطة بعيدة الأمد، أي بعد كل هذا الضرر ستعود النفايات إلى الطرقات».
وبحسب مصادر كتائبية رفيعة تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، فإن القيادة الحزبية جاهزة لإعادة فتح المطمر: «في حال تم الاتفاق على حل مستدام يعتمد اللامركزية بعد 7 أو 8 أشهر، على أن يتم السير حاليا بالحل السيئ الذي أقرته الحكومة، مؤقتا».
ولا يبدي الكتائبيون أي ندم لقرارهم الانسحاب من الحكومة، وهو ما عبّر عنه وزير الاقتصاد آلان حكيم، الوحيد الذي التزم بالقرار الحزبي بخلاف زميليه وزير العمل سجعان قزي الذي تم فصله من حزب الكتائب ووزير الإعلام رمزي جريج غير الملتزم حزبيا. وقال حكيم لـ«الشرق الأوسط»: «لا مكان للندم على موقف سياسي واضح تجاه حكومة مشرذمة صورية لا تأثير أو فعالية لها على أرض الواقع، وتقول للمواطن أنّها ستجتمع من دون اتخاذ قرارات مهمة».
وشدّد حكيم على أن الحل الوحيد للأزمة القائمة يكمن بـ«استقالة الحكومة وتحولها لتصريف الأعمال كونها غير مخولة باتخاذ قرارات مصيرية وبالتحديد بعد خروج المكون المسيحي الأساسي في فريق 14 آذار منها كما استقالة وزير العدل أشرف ريفي وأخيرا تعليق وزراء (التيار الوطني الحر) وحزب (الطاشناق) حضورهم جلساتها».
أما المرجعية المسيحية الأولى في لبنان والمتمثلة بالبطريركية المارونية فلا تجد مخرجا للأزمة السياسية القائمة إلا عبر الانصراف فورا لانتخاب رئيس للجمهورية، وتنقل عن دوائر الفاتيكان إصرارها على وضع حد للشغور الرئاسي المتمادي في الموقع المسيحي الأول في منطقة الشرق الأوسط. وهو ما عبّر عنه رئيس المجلس العام الماروني الوزير السابق وديع الخازن، معتبرا أن إعادة الاعتبار للسلطة يكون بـ«اجتماع المرجعيات السياسية المسؤولة والمؤثرة بإطار عملية حوارية جدية، كما هو حاصل في عين التينة، لتدارك مخاطر تفكك هذه السلطة ومحاولة لم شملها، على أن يبدأ ذلك بانتخاب رئيس للجمهورية يليه تشكيل حكومة شفافة والانطلاق بورشة عمل لإعادة الاعتبار للمؤسسات وقمع الفساد وتأمين الأرضية المناسبة للاستثمارات الخارجية». وقال الخازن لـ«الشرق الأوسط»: «البلاد لم تعد تحتمل مزيدا من التضخم وإلا وقع الانفجار الذي سيودي بالبلد والجمهورية ككل»، منبها من «المخاطرة بتفريغ الدولة من مكوناتها وإفراغ آخر مؤسساتها المتمثلة بالحكومة الحالية طالما لم نؤمن بديلا عنها».



الأردن باشر إجلاء ألفي طفل من غزة لتلقي العلاج في العاصمة عمان

إجلاء ألفي طفل من غزة لتلقي العلاج في الأردن (أ.ف.ب)
إجلاء ألفي طفل من غزة لتلقي العلاج في الأردن (أ.ف.ب)
TT

الأردن باشر إجلاء ألفي طفل من غزة لتلقي العلاج في العاصمة عمان

إجلاء ألفي طفل من غزة لتلقي العلاج في الأردن (أ.ف.ب)
إجلاء ألفي طفل من غزة لتلقي العلاج في الأردن (أ.ف.ب)

باشر الأردن، اليوم (الثلاثاء)، عملية إجلاء ألفي طفل من غزة لتلقي العلاج، كان العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني تعهد بها خلال لقائه الرئيس الأميركي دونالد ترمب في واشنطن الشهر الماضي.

ووفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية، حطّت مروحيتان عسكريتان أردنيتان تحملان طفلين من غزة مبتوري الأطراف ومرافقين من عائلتيهما قبيل ظهر الثلاثاء، في مطار ماركا العسكري في عمان، تبعتهما مروحيتان أخريان بعد الظهر تحملان طفلين مصابين، وفق مشاهد بثّها تلفزيون «المملكة» الرسمي.

ونقل الأطفال مباشرة من المروحيات إلى سيارات إسعاف لنقلهم إلى مستشفيات لتلقي العلاج.

وعقب هبوط تلك المروحيات، قال وزير الإعلام والاتصال، محمد المومني، خلال مؤتمر صحافي: «قبل قليل، بدأ دخول الدفعة الأولى من الأطفال الغزيين الذين يعانون من أمراض مختلفة تنفيذاً للمبادرة التي تحدث عنها الملك في واشنطن».

وأضاف أن «هذه الدفعة الأولى من مجموعة من الأطفال الغزيين وصلت بالطائرات المروحية إلى مطار ماركا العسكري، وهناك مجموعة أخرى ستصل براً خلال فترة قصيرة إن شاء الله».

ومساء الثلاثاء، دخلت سيارات إسعاف تحمل أطفالاً من غزة، وحافلات تقلّ مرافقيهم إلى المملكة، عبر معبر جسر الملك حسين (اللنبي).

وقال مدير الإعلام العسكري العميد الركن مصطفى الحياري، خلال مؤتمر صحافي عند المعبر: «تم نقل 29 من الأطفال المصابين من قطاع غزة، و44 من مرافقيهم، وجرى تنفيذ هذه العملية من قبل القوات المسلحة بالشراكة مع وزارة الصحة».

وأوضح أن الإجلاء نفّذ «على مسارين، الأول مسار جوي انطلق من مهبط قريب من معبر كرم أبو سالم على الحدود الشرقية لقطاع غزة، وصولاً إلى مطار ماركا العسكري».

وأضاف أن المسار الثاني «هو مسار بري انطلق مباشرة من كرم أبو سالم من خلال مجموعة من سيارات الإسعاف والحافلات التي تتبع القوات المسلحة، والتي وصلت جسر الملك حسين».

ويتم توزيع الأطفال على مستشفيات المملكة الحكومية والخاصة بإشراف وزارة الصحة.

وقال أحمد شحادة (13 عاماً) من جباليا لوكالة الصحافة الفرنسية لدى وصوله في سيارة إسعاف إلى الأردن: «كنت ذاهباً لتعبئة الماء، ألقت مروحية جسماً مشبوهاً وانفجر فينا، بترت يدي وجرحت ساقي، وكان العظم ظاهراً».

وأضاف الطفل، الذي قتل والده وأعمامه وأخواله في الحرب وبقيت له أمه وشقيقتاه، أن «يدي بُترت ورجلي كانت ستحتاج للبتر، لكن الحمد لله (...) سافرنا إلى الأردن لأجل تركيب طرف (صناعي) وأعود لحياتي».

أما محمد العمواسي (43 سنة) الذي جاء مع ابنه بلال لعلاج عينه، فقال إن ابنه وابن اخته أصيبا بشظايا في عينيهما أثناء اللعب إثر «انفجار جسم مشبوه».

وأضاف بحرقة أن «المشهد لا يطاق، قطاع غزة كله مدمر (...) أنفسنا مكسورة، حياتنا مدمرة، بيوتنا تدمرت، مستقبلنا كله دمر».

وكان العاهل الأردني قال للرئيس الأميركي في 11 فبراير (شباط) إن بلاده مستعدة لاستقبال 2000 طفل مريض من غزة، وخصوصاً المصابين بالسرطان، ومن يعانون حالات طبية صعبة، للعلاج في المملكة.

وأدّت الحرب على قطاع غزة إلى مقتل 48388 شخصاً على الأقل، وإصابة أكثر من 111 ألفاً، معظمهم من المدنيين النساء والأطفال، وفقاً لبيانات وزارة الصحة التي تديرها «حماس» وتعدّها الأمم المتحدة موثوقة.