السعودية والصين.. علاقة استراتيجية من طريق الحرير إلى الحزام الاقتصادي الكبير

نقلة نوعية في تعاون البلدين بدأ تاريخها في زيارة الملك عبد العزيز

خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مستقبلا الرئيس الصيني شي جين بينغ في الرياض في يناير الماضي (واس)
خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مستقبلا الرئيس الصيني شي جين بينغ في الرياض في يناير الماضي (واس)
TT

السعودية والصين.. علاقة استراتيجية من طريق الحرير إلى الحزام الاقتصادي الكبير

خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مستقبلا الرئيس الصيني شي جين بينغ في الرياض في يناير الماضي (واس)
خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مستقبلا الرئيس الصيني شي جين بينغ في الرياض في يناير الماضي (واس)

شهدت العلاقة السعودية الصينية على مدى عقود تطورًا لافتًا، ساهمت عدة عوامل في تعزيزها، لتشمل مجالات عدة ودفعها نحو مستويات أعلى، لوجود إرادة سياسية قوية لدى الجانبين، فالرياض التي أعلنت اعترافها كآخر دولة عربية بالصين في عام 1990، ترى في بكين قوة صاعدة عالمية تتطلب أن تبنى العلاقة معها إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، في حين ترى بكين أن السعودية هي الشريك التجاري الأول للصين عربيًا بل وشرق أوسطيًا، وظلت المورد الرئيسي للنفط الخام إليها، كما أن الاستقرار السياسي والاقتصادي الكبير في السعودية شجع الصين على الدخول في شراكات استراتيجية معها.
ولمس المراقبون أثناء زيارة الملك سلمان بن عبد العزيز - عندما كان وليًا للعهد - إلى الصين في آخر محطات جولته الآسيوية في مارس (آذار) من عام 2014، ولقائه الرئيس الصيني شي جين بينغ، حرص كل من الرياض وبكين على ترسيخ العلاقة بينهما ووصولها إلى الاستراتيجية، وعكست الكلمات التي تمت خلال حفل الاستقبال أثناء هذه الزيارة إلى حرص البلدين على تعزيز التعاون القائم بينهما وتعميق الحوار، وتنمية العلاقة في المجالات كافة، وهو ما أكده الملك سلمان في كلمة له خلال الحفل: «إن الهدف من الزيارة هو الحرص على توثيق أواصر التعاون، وتعميق الحوار والتواصل، وتنمية علاقاتنا الثنائية في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والصناعية والثقافية والاستثمار والطاقة والتعاون الأمني»، مشددًا على أن «من شأن ترسيخ هذه العلاقة الاستراتيجية بين بلدينا على هذه المبادئ الخيرة، أن يسهم على نحو كبير في معالجة المشكلات والاضطرابات الإقليمية والدولية».
في حين أكد الرئيس الصيني على متانة العلاقات الوثيقة بين الرياض وبكين، واهتمام الصين بتطوير العلاقات مع السعودية، مستذكرًا ومقدرًا المساعدة التي قدمتها المملكة للصين إبان تعرّض إحدى مدنها للزلزال.
ونوّه بتبادل الزيارات بين البلدين على أعلى المستويات، وسعي حكومة البلدين إلى تعزيز التعاون القائم بينهما، مؤكدًا أن الملك سلمان يعتبر صديقًا قديمًا للصين، حيث قدم مساهمات كبيرة من أجل تطور التعاون بين المملكة العربية السعودية والصين، ما أضفى كثيرا إلى العلاقات بين البلدين الصديقين.
وكان الملك سلمان قد أكد أثناء وصوله إلى بكين، أن زيارته تأتي في إطار العلاقات الوثيقة المتنامية بين البلدين، وتؤكد الرغبة في تعزيزها وتطويرها، خصوصا أن العلاقات بين البلدين قد شهدت نقلة نوعية مميزة على أثر الزيارتين التاريخيتين اللتين قام بهما الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز إلى الصين عام 1998 و2006، وكذلك الزيارة التي قام بها الأمير الراحل سلطان بن عبد العزيز عام 2000، حيث ساهمت في تعزيز العلاقات في مختلف الأصعدة، انطلاقًا من حرص قيادتي البلدين على تنميتها تلبية لتطلعات الشعبين الصديقين، بما يعزز المصالح المشتركة للبلدين.
وأكد أن الزيارة تأتي في إطار حرص الرياض على توطيد التعاون بين البلدين في جميع المجالات، وتعزيز التشاور والتنسيق بينهما في القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، ودعم التنمية إقليميًا ودوليًا.
وتمتد العلاقات السعودية الصينية إلى 74 عامًا، حين قررت الرياض في عام 1939م تسهيل الطريق نحو علاقات سياسية مع بكين، هذا القرار استغرق ستة أعوام قبل توقيع أول معاهدة صداقة بين البلدين في الخامس عشر من نوفمبر (تشرين الثاني) 1946م في جدة.
ورغم غياب التواصل الدبلوماسي في الفترة الممتدة من 1949 حتى 1979، كانت العلاقات مستمرة بين البلدين في ثلاثة اتجاهات، أولها بدء عودة أول قوافل للحجاج الصينيين في نهاية السبعينات، وثانيها فتح طريق صادرات البضائع الصينية إلى السعودية في نهاية الثمانينات من القرن الماضي، وثالثها وليس آخرها عودة العلاقات الرسمية السياسية بين البلدين بشكل فاعل وقوي عند عقد توقيع تأسيس شراكة سياسية واتفاقية تفاهم بين الرياض وبكين في 21 يوليو (تموز) 1990. وكانت الاتفاقية تروم إلى تحقيق دعم متبادل في مجال تعزيز أمن واستقرار البلدين.
وفي الفترة بين 1991 و1998م شهدت العلاقات بين البلدين تطورًا ملحوظًا تلخص في 16 زيارة واتفاقيات تعاون رفيعة المستوى في مختلف المجالات، لتتوج بزيارة الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز حين كان وليًا للعهد في 1998م، لتعد حينها الزيارة الأعلى مستوى من ناحية الوفد الرسمي للجانب السعودي إلى الصين، وهي الزيارة التي وصف فيها الملك عبد الله الصين «أفضل صديق للسعودية». وكانت زيارة الرئيس الصيني السابق جيانغ زيمين إلى السعودية في 1999 هي الأعلى من الجانب الصيني، وفي 2006 كانت الصين أبرز محطة ضمن جولة الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز إلى الشرق الآسيوي.
وعلى الجانب الاقتصادي، تظهر البيانات والأرقام الرسمية استمرار نمو العلاقات التجارية بين المملكة والصين وتعمقها بين عام وآخر، حيث وصل حجم التجارة بين البلدين إلى 69.1 مليار دولار أميركي في عام 2014، مقارنة مع 10.3 مليارات دولار أميركي لعام 2004، وقد تضاعف هذا الرقم أكثر من سبع مرات خلال عشر سنوات.
وبالنسبة لقيمة صادرات السعودية إلى الصين فقد بلغت 48.5 مليار دولار، في 2014 وهي أحدث البيانات المتوفرة، في حين بلغت واردات المملكة من الصين نحو 20.6 مليار دولار، وما زالت المملكة تحافظ على مركزها بوصفها أكبر مزود للنفط الخام إلى الصين، حيث صدرت 49.67 مليون طن من النفط الخام في عام 2014.
ووقعت السعودية والصين على مدى سنوات اتفاقيات عدة غطت مختلف الجوانب الاقتصادية والسياسية والثقافية، ما سينعكس إيجابا على الجوانب البحثية والمعرفية، بالإضافة إلى قطاعي الطاقة والتصنيع، ولم تغفل هذه الاتفاقيات الجانب السياحي، كما كان هم الإرهاب حاضرا في مباحثات المسؤولين السعوديين والصينيين، فمذكرة التفاهم حول تعزيز التعاون المشترك في شأن الحزام الاقتصادي لطريق الحرير ومبادرة طريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين والتعاون في الطاقة الإنتاجية ستؤدي بالطبع إلى زيادة التدفق المالي بين البلدين، فالمبادرة تحيي تجربة عرفها العالم قديمًا ببعديها الاقتصادي والثقافي، حيث يعود تاريخ طريق الحرير إلى القرن الثاني قبل الميلاد، وكان عبارة عن مجموعة طرق مترابطة تسلكها القوافل، بهدف نقل البضائع التجارية بين الصين وآسيا الوسطى وبلاد الفرس والعرب وآسيا الصغرى وأوروبا، وكان من أهم هذه البضائع الحرير والخزف والزجاج والأحجار الكريمة والتوابل والعطور والعقاقير الطبية.
أما طريق الحرير البحري فهو مجموعة الطرق التجارية البحرية التي ازدهرت متزامنة مع طريق الحرير البري تقريبًا، وكانت تربط بين الصين ومناطق في الخليج العربي وآسيا وأفريقيا ومنها إلى أوروبا.
وتشمل مبادرة «الحزام والطريق» أكثر من 60 دولة في قارات آسيا وأوروبا وأفريقيا، التي يبلغ إجمالي عدد سكانها مجتمعة 4.4 مليارات نسمة، أي ما يعادل 63 في المائة من سكان العالم، ويبلغ حجم اقتصاداتها 21 تريليون دولار، أي 29 في المائة من الاقتصاد العالمي الحالي.
ويتركز الحزام الاقتصادي لطريق الحرير على ثلاثة خطوط رئيسية لوثيقة «تطلعات وأعمال حول دفع البناء المشترك للحزام والطريق»، وتشمل: أن يربط بين الصين وأوروبا مرورًا بآسيا الوسطى وروسيا، وكذلك يمتد من الصين إلى منطقة الخليج والبحر الأبيض المتوسط مرورًا بآسيا الوسطى وغربي آسيا. كما يبدأ من الصين ويمر بجنوب شرقي آسيا وجنوب آسيا والمحيط الهندي.



السعودية تطالب بوقف النار في غزة ودعم «الأونروا»

السفير عبد العزيز الواصل يلقي بياناً أمام الجمعية العامة (وفد السعودية لدى الأمم المتحدة بنيويورك)
السفير عبد العزيز الواصل يلقي بياناً أمام الجمعية العامة (وفد السعودية لدى الأمم المتحدة بنيويورك)
TT

السعودية تطالب بوقف النار في غزة ودعم «الأونروا»

السفير عبد العزيز الواصل يلقي بياناً أمام الجمعية العامة (وفد السعودية لدى الأمم المتحدة بنيويورك)
السفير عبد العزيز الواصل يلقي بياناً أمام الجمعية العامة (وفد السعودية لدى الأمم المتحدة بنيويورك)

طالَبت السعودية، الخميس، بإنهاء إطلاق النار في قطاع غزة، والترحيب بوقفه في لبنان، معبرةً عن إدانتها للاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي السورية.

جاء ذلك في بيان ألقاه مندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك، السفير عبد العزيز الواصل، أمام الجمعية العامة بدورتها الاستثنائية الطارئة العاشرة المستأنفة بشأن فلسطين للنظر بقرارين حول دعم وكالة الأونروا، والمطالبة بوقف إطلاق النار في غزة.

وقال الواصل إن التعسف باستخدام حق النقض والانتقائية بتطبيق القانون الدولي أسهما في استمرار حرب الإبادة الجماعية، والإمعان بالجرائم الإسرائيلية في غزة، واتساع رقعة العدوان، مطالباً بإنهاء إطلاق النار في القطاع، والترحيب بوقفه في لبنان، واستنكار الخروقات الإسرائيلية له.

وأكد البيان الدور الحيوي للوكالة، وإدانة التشريعات الإسرائيلية ضدها، والاستهداف الممنهج لها، داعياً إلى المشاركة الفعالة بالمؤتمر الدولي الرفيع المستوى لتسوية القضية الفلسطينية الذي تستضيفه نيويورك في يونيو (حزيران) المقبل، برئاسة مشتركة بين السعودية وفرنسا.

وشدد الواصل على الدعم الراسخ للشعب الفلسطيني وحقوقه، مشيراً إلى أن السلام هو الخيار الاستراتيجي على أساس حل الدولتين، ومبادرة السلام العربية، وفق قرارات الشرعية الدولية.

وعبّر عن إدانته اعتداءات إسرائيل على الأراضي السورية التي تؤكد استمرارها بانتهاك القانون الدولي، وعزمها على تخريب فرص استعادة سوريا لأمنها واستقرارها ووحدة أراضيها، مشدداً على عروبة وسورية الجولان المحتل.

وصوّت الوفد لصالح القرارين، فجاءت نتيجة التصويت على دعم الأونروا «159» صوتاً، و9 ضده، فيما امتنعت 11 دولة، أما المتعلق بوقف إطلاق النار في غزة، فقد حصل على 158 صوتاً لصالحه، و9 ضده، في حين امتنعت 13 دولة.