تفجير سيارة إسعاف مفخخة يوقع قتيلاً وعشرات الجرحى في تايلاند

مخاوف من استهداف المناطق السياحية عقب الاعتداءات الأخيرة

أحد قادة الشرطة التايلندية مع عناصره في موقع التفجير الذي استهدف ضاحية باتاني جنوب البلاد أمس (أ.ف.ب)
أحد قادة الشرطة التايلندية مع عناصره في موقع التفجير الذي استهدف ضاحية باتاني جنوب البلاد أمس (أ.ف.ب)
TT

تفجير سيارة إسعاف مفخخة يوقع قتيلاً وعشرات الجرحى في تايلاند

أحد قادة الشرطة التايلندية مع عناصره في موقع التفجير الذي استهدف ضاحية باتاني جنوب البلاد أمس (أ.ف.ب)
أحد قادة الشرطة التايلندية مع عناصره في موقع التفجير الذي استهدف ضاحية باتاني جنوب البلاد أمس (أ.ف.ب)

انفجرت سيارة مفخخة في منطقة تنتشر فيها الملاهي الليلية في جنوب تايلاند، مما أدى إلى مقتل شخص وجرح أكثر من 30، في بلد يشهد توترا عقب سلسلة تفجيرات استهدفت بلدات سياحية.
وقد وقع التفجير الأخير في ساعة متأخرة من مساء الثلاثاء، أمام فندق في باتاني، إحدى الولايات الثلاث الجنوبية ذات الغالبية المسلمة، التي تشهد توترا كبيرا في دولة ذات غالبية بوذية. وقال الميجور جنرال ثانونغساك وانغسوبا، قائد شرطة باتاني، لوكالة الصحافة الفرنسية، أمس: «حتى الآن، الحصيلة هي قتيل وأكثر من 30 جريحا»، مضيفا أن «مبنى الفندق قد أصيب بأضرار بالغة». وأظهرت صور من موقع الانفجار نيرانا تشتعل على الطريق أمام واجهة الفندق المدمرة، فيما كانت الشرطة تبحث بين الركام، كما دمرت سيارات في الجوار، ولحقت الأضرار بملاهٍ ومطاعم.
وباتاني ليست مقصدا سياحيا، لكن المحللين يقولون إن بعض المتشددين يوجهون رسالة بعد هجمات منسقة بالقنابل، وحرائق متعمدة ضربت بلدات سياحية في 11 - 12 أغسطس (آب)، مما أدى إلى مقتل أربعة أشخاص وجرح 37 آخرين، بينهم أوروبيون. وأبرزت تلك الهجمات مخاوف من أن تكون الحركة الانفصالية في جنوب تايلاند قد امتدت شمالا، بعد سنوات من محادثات سلام متعثرة، وهي نظرية قللت من شأنها السلطة العسكرية الحاكمة في تايلاند، نظرا لأهمية قطاع السياحة في الاقتصاد.
ومنطقة السهر والملاهي التي استهدفها تفجير السيارة المفخخة واحدة من عدد قليل من هذه المناطق في الجنوب المضطرب، حيث لا توجد ملاهٍ، بحسب دون باثان المحلل الأمني الإقليمي الذي قال إن هذا النوع من الأماكن «يرفضها المجتمع». وغالبا ما يوجه المتمردون الجنوبيون هجماتهم إلى ضباط الأمن ورموز الدولة، لكنهم يستهدفون أحيانا أماكن سهر ليلية. وقال باثان إن «الحملة ضد شرور المجتمع ليست ذات أهمية قصوى على أجندة المتمردين هنا، فاستراتيجيتهم حاليا هي إحداث حالة من الانفلات قدر المستطاع في المنطقة».
وفي حديث للصحافيين بعد التفجير، أمام الفندق في باتاني، نفى براويت ونغسوان، نائب الحاكم العسكري في تايلاند، أي صلة بين الهجمات في البلدات السياحية في وقت سابق من هذا الشهر، والتمرد الانفصالي في الجنوب، وقال إن أي مفاوضات مع المتمردين ستؤجل حتى توقف أعمال العنف، مؤكدا أن «كل أعمال العنف يجب أن تتوقف أولا قبل تحديد بنود المحادثات.. يتعين عليهم إظهار صدقهم».
والقنبلة البالغة زنتها 90 كلم كانت مخبأة في عربة إسعاف مسروقة، وتم تفجيرها بعد وقت قصير على تفجير عبوة أصغر في مكان مجاور. ولم يوقع الانفجار الأول أي إصابات. وقال الكولونيل براموت بروم – ان، المتحدث باسم الجيش في منطقة الجنوب: «السيارة كانت مركونة أمام بهو الفندق لبضع دقائق بعد انفجار القنبلة الأولى، ولم تساور الناس أي شكوك لأنها كانت عربة إسعاف».
وغالبا ما يلجأ المتمردون الجنوبيون إلى تقنية «الفخ المزدوج» التي استخدمت في كثير من الهجمات الأخيرة على مواقع سياحية في الشمال. وقال أحد موظفي المستشفى المحلي في باتاني إن 32 شخصا قد أصيبوا بجروح، بينهم خمسة جروحهم بالغة، وأضاف - طالبا عدم ذكر اسمه - أن الجميع تايلانديون.
وقال زكريا أبوزا، الخبير في المجموعات المسلحة في جنوب شرقي آسيا، إن السيارات المفخخة وسيلة غالبا ما يعتمدها المتمردون، لكن التفجير ليل الثلاثاء كان الأكبر خلال الأشهر القليلة الماضية، وأوضح أنهم «يحاولون توجيه رسالة مفادها أنهم مع موجة التفجيرات (...) تمكنوا من ضرب مناطق في المدن الرئيسية»، وذلك في إشارة إلى الهجمات الأخيرة التي استهدفت مواقع سياحية، ويعتقد الخبير أن المتمردين يقفون وراءها.
وحذرت معظم السفارات رعايا دولها من مغبة السفر إلى باتاني، بسبب التمرد المستمر منذ سنوات. وقد ضمت تايلاند المنطقة المختلفة ثقافيا المحاذية لماليزيا منذ أكثر من قرن تقريبا. وقد أسفرت عمليات إطلاق النار، وتفجير القنابل الحالية بصورة شبه يومية، عن مقتل أكثر من 6500 شخص منذ 2004، معظمهم من المدنيين. لكن أعمال العنف بقيت في غالبيتها محلية، ونادرا ما تصدرت عناوين الصحف الدولية. ولم يتبن المتمردون أي هجمات، لكن بعض الفصائل تعرب عن استيائها لعدم تحقيق أي تقدم بعد أكثر من عشرة أعوام من القتال.
وتنتشر في المنطقة بكثافة قوات حكومية تتهمها مجموعات حقوقية بارتكاب انتهاكات على نطاق واسع، ومنها تعذيب سجناء وإعدامات خارج إطار القضاء. وبعد أشهر من هدوء نسبي تراجعت فيه أعمال العنف إلى مستويات قياسية، سجل ارتفاع واضح في الهجمات في الأشهر الماضية، ولا سيما مع تنظيم استفتاء أخيرا حول ميثاق جديد وضعته السلطة العسكرية التي استولت على الحكم في عام 2014. والميثاق الذي يقول منتقدوه إنه سيجعل تايلاند أقل ديمقراطية، وافق عليه غالبية الناخبين، لكنه رفض في الولايات الانفصالية الثلاث.



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.