وزير خارجية مصر يشدد من بيروت على تجنيب لبنان تداعيات أزمات المنطقة

زيارته لم تحمل أفكارًا أو مبادرات تسهّل انتخاب رئيس للجمهورية

رئيس وزراء لبنان تمام سلام أثناء لقائه بوزير الخارجية المصري سامح شكري في بيروت أمس (أ.ف.ب)
رئيس وزراء لبنان تمام سلام أثناء لقائه بوزير الخارجية المصري سامح شكري في بيروت أمس (أ.ف.ب)
TT

وزير خارجية مصر يشدد من بيروت على تجنيب لبنان تداعيات أزمات المنطقة

رئيس وزراء لبنان تمام سلام أثناء لقائه بوزير الخارجية المصري سامح شكري في بيروت أمس (أ.ف.ب)
رئيس وزراء لبنان تمام سلام أثناء لقائه بوزير الخارجية المصري سامح شكري في بيروت أمس (أ.ف.ب)

لم يحمل وزير الخارجية المصري سامح شكري خلال زيارته للعاصمة اللبنانية بيروت، أفكارًا أو أي مبادرة جديدة تساعد على حلّ الأزمة الرئاسية، بعكس الأجواء التي جرى تعميمها عشية الزيارة، إنما وضعت مصادر متابعة هذه الزيارة في إطار «جسّ النبض واستطلاع آراء القيادات اللبنانية». وقد ذكّر الضيف المصري المسؤولين اللبنانيين بحراجة الوضع الإقليمي، وأبلغهم رغبة بلاده في تجنيب لبنان التداعيات السلبية لأزمات المنطقة.
الوزير المصري الذي وصل صباح أمس إلى بيروت، استهل نشاطه بلقاء رئيس الحكومة تمام سلام، وجرى بحث الأوضاع العامة في لبنان والمنطقة، وقال شكري في تصريح بعد اللقاء: «نحن نتطلع خلال زيارتنا إلى التأكيد على مدى اهتمام مصر وحكومتها بالأوضاع في لبنان وإدراكنا للتأثيرات التي تنتج عن الصراعات القائمة في سوريا والضغوط التي نتجت عن ذلك والعبء الذي يتحمله لبنان»، داعيًا إلى «رفع هذه الأعباء والعمل على استقرار الأوضاع في المنطقة بشكل يتيح استمرار العمل للوفاء بالاستحقاقات في الوضع السياسي».
وحول الرؤية المصرية للحل في لبنان، شدد شكري على «التواصل مع كل المكونات السياسية اللبنانية وتوفير أرضية لمزيد من التفاهم لأنه السبيل للخروج من الأزمة الحالية والاستقرار، وتوفير الدعم لهذا المسار في إطار توافق وتفاهم منطلق من خصوصية الأوضاع». وأضاف: «هدف زيارتي هو لتأكيد اهتمام مصر بالشأن اللبناني وتوثيق العلاقة بين البلدين، بخاصة أن هناك إرثا تاريخيا من هذا التواصل، ومصر تعمل دائما لتحقيق مصلحة مشتركة بعيدا عن ممارسة أي نوع من الضغوط أو النفوذ لأنها متصلة بوضع ومكونات سياسية لا بد أن تصل إلى نقطة تفاهم فيما بينها لتحقيق المصلحة».
مصدر مقرّب من رئيس الحكومة اللبنانية، أوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن المسؤول المصري «لم يحمل أي مبادرة أو أفكار جديدة لحل الأزمة الرئاسية في لبنان»، واضعًا هذه الزيارة في إطار «جسّ النبض واستطلاع كل الآراء وإعلان نيّة القاهرة في لعب دور مسهّل لإنجاز هذا الاستحقاق، انطلاقًا من حضور مصر على الساحة العربية واهتمامها بلبنان». وقال: «لا نعرف إذا كانت القيادة المصرية بعد هذه الزيارة ستبلور أفكارًا جديدة للحل الرئاسي».
وأكد المصدر أن رئيس الحكومة تمام سلام «وضع الضيف المصري في صورة الوضع اللبناني، والصعوبات التي تعترض إنجاز الاستحقاقات الداهمة والمهمة وعلى رأسها انتخاب رئيس للجمهورية»، مشيرًا إلى أن سلام تحدث بإسهاب عن «التداعيات السلبية لغياب رئيس الجمهورية، على المؤسسات الدستورية وعملها».
ومن السرايا الحكومي انتقل شكري إلى وزارة الخارجية للقاء نظيره اللبناني جبران باسيل، ومن هناك عبّر عن «قلق مصر للأوضاع التي يمرّ بها لبنان». وقال: «مصر على استعداد لتقدم أي دعم للتوصل إلى تفاهمات بين الأطياف اللبنانية من أجل المصلحة المشتركة من أجل استعادة الاستقرار في المنطقة»، لافتا إلى القيادة المصرية «تبذل كل جهد في تقريب وجهات النظر، وفقا لتفاهم يتم من خلال الرموز السياسية ومكونات الشعب»، مؤكدًا أن «الدور الذي تلعبه القاهرة (بما يخص انتخاب رئيس الجمهورية) هو ميسر وتتعامل مع كل الأطراف، ليس لديها تفضيل لأي مرشح على آخر».
كما زار وزير الخارجية المصري رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، وبحث معه الوضعين اللبناني والإقليمي، وأكد بعد اللقاء على «رغبة مصر في أن تلعب دورا إيجابيا في معاونة الأطراف كافة للتوصل إلى تسوية للاستحقاق الرئاسي، والخروج من هذه الأزمة». وأوضح أن مصر «بما لها من تراث وتواصل تاريخي مع لبنان، واهتمام بتعزيز الاستقرار والأمن للشعب اللبناني، ترغب في العمل للتوصل على تسوية من خلال التواصل والتفاهم بين كل العناصر والأطياف السياسية».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.