«عطار» المطلوب الأمني الأول في بلجيكا.. أقنع الأخوين البكراوي بتفجيرات بروكسل

شخصيات سياسية و«العفو الدولية» ساهموا في إطلاق سراحه من سجون العراق بدعوى إصابته بالسرطان

عائلة أسامة عطار أثناء حملة لاسترجاعه من العراق («الشرق الأوسط»)
عائلة أسامة عطار أثناء حملة لاسترجاعه من العراق («الشرق الأوسط»)
TT

«عطار» المطلوب الأمني الأول في بلجيكا.. أقنع الأخوين البكراوي بتفجيرات بروكسل

عائلة أسامة عطار أثناء حملة لاسترجاعه من العراق («الشرق الأوسط»)
عائلة أسامة عطار أثناء حملة لاسترجاعه من العراق («الشرق الأوسط»)

أصبح أسامة عطار (32 سنة) هو المطلوب الأمني الأول في بلجيكا في الوقت الحالي، فهو صديق شخصي لأبو بكر البغدادي زعيم «داعش» وكان معه في السجن بالعراق عام 2005، كما أنه نجح في إقناع أقاربه خالد وإبراهيم البكراوي بالمشاركة في تنفيذ تفجيرات بروكسل في مارس (آذار) الماضي، وذلك بحسب ما ذكرت وسائل الإعلام البلجيكية أمس، وأضافت أن شقيقته أسماء نجحت في عام 2010 في تدشين حملة شارك فيها شخصيات سياسية ومنها أعضاء من حزب الخضر وأيضًا منظمة العفو الدولية، للضغط من أجل إطلاق سراح أسامة من سجون العراق، بدعوى أنه مريض بسرطان الكبد.
ونجحت تلك الحملة في إطلاق سراحه بعد سبع سنوات من السجن الذي دخله عام 2003، ولكن سرعان ما اختفى أسامة عن الأنظار وعن رقابة السلطات المعنية. وقالت عضو البرلمان من حزب الخضر الفرانكفوني في بلجيكا زووي جينوت: «بالفعل شاركت في حملة لإطلاق سراحه ولكن في عام 2010 لم يكن أحد يعلم ماذا سيفعل هذا الشخص في 2016، وأنا أتفهم أن رجل الشارع الآن يقول كان من الأفضل أن نتركه في السجن بالعراق، ولكن الدولة البلجيكية لم تكن تعلم في ذلك الوقت، أن عطار مهرب سلاح، وأشارت أيضًا إلى الضغوط التي مارستها منظمة العفو الدولية في هذا الملف، ولكن عادت البرلمانية تقول: «ليس من الطبيعي أن نحكم على ما حدث في الماضي بناء على معلومات توفرت اليوم».
وجرى في بروكسل الكشف عن مزيد من التفاصيل، المرتبطة بعمليات المداهمة، التي جرت فجر الجمعة الماضي، وشملت ثمانية منازل في العاصمة البلجيكية، في محاولة لاعتقال شخص يدعى أسامة عطار 32 سنة، وحسب الإعلام البلجيكي ينتمي أسامة بصلة قرابة لكل من إبراهيم وخالد البكراوي اللذين شاركا في تفجيرات بروكسل في مارس الماضي، التي أسفرت عن مقتل 32 شخصا وإصابة 300 آخرين. وتشتبه السلطات بأن عطار لا يزال مختبئا في أحد الأماكن بالعاصمة البلجيكية وشملت المداهمات منازل في لاكن حيث تعيش والدته وشقيقته وأيضًا في إندرلخت، وهما من الأحياء المعروفة بوجود أعداد كبيرة من الأجانب وخصوصا من العرب والمسلمين، واعتقلت السلطات والدته وشقيقته وشخصًا آخر يدعى وسيم، ثم عادت وأطلقت سراحهم مساء الجمعة، ولم تعثر الشرطة على أي أسلحة أو متفجرات.
وبحسب الإعلام البلجيكي، فإن الأمر المثير للقلق أن أسامة لا يعتبر واحدا من أتباع «داعش» الطلقاء وإنما هو من رواد المقاتلين الأجانب، الذين سافروا إلى مناطق الصراعات، ففي عام 2003 سافر إلى العراق، وذلك بحجة أنه ينقل أدوية إلى هناك، ولكن اعترضته دورية تفتيش أميركية وعثرت في حقيبة سيارته على كمية من الأسلحة، وأرسلته إلى سجن «معسكر بوكا» المخصص للخطرين، وهناك التقى بأبو بكر البغدادي، زعيم «داعش». وتضيف وسائل الإعلام، بأن تأثير عطار قوي على الآخرين، ونجح في إقناع أقاربه خالد وإبراهيم البكراوي بتنفيذ تفجيرات بروكسل، كما تشتبه سلطات التحقيق الفرنسية في أن عطار قد وصل بالفعل إلى أوروبا، وقد يكون جاء بهدف تنفيذ هجمات إرهابية في الدول الأوروبية.
وفي منتصف الشهر الماضي، نشر تنظيم داعش، وصية خالد البكراوي الذي فجر نفسه خلال هجمات بروكسل في مارس الماضي، وقالت وسائل الإعلام البلجيكية، إن إحدى محطات التلفزة المحسوبة على تنظيم داعش، نشرت وصية البكراوي والتي تضمنت الإشارة إلى الأسباب التي دعت إلى مشاركته في تنفيذ هجمات بروكسل من خلال تفجير نفسه في محطة للقطارات الداخلية في مالبيك، القريبة من مقار مؤسسات الاتحاد الأوروبي في بروكسل.
وأشار البكرواي إلى أن أحد أبرز الأسباب هو الإبادة الجماعية التي يقوم بها الغرب في فلسطين والعراق والصين وقال البكراوي: «الصليبيون اتحدوا مرة أخرى لقتل المسلمين»، وتضمنت وصية البكراوي الإشارة إلى دول بعينها ومنها بلجيكا التي تقدم أسلحة من مصانعها. وقال في وصيته، «إن هناك دولا مثل بلجيكا والسعودية تدافع عن نفسها بالقول، إنها تقدم فقط مساعدات لوجيستية» وأوضح في الوصية التي جاءت في خمس صفحات، أن «الدم بالدم والدمار بالدمار، وانتهى وقت قتل المسلمين ثم الذهاب إلى النوم بضمير مرتاح» وحسب ما ذكرت وسائل الإعلام المحلية في بروكسل، فإن قناة الاتصال «الفرات» الخاصة بتنظيم داعش الإرهابي بثت ما ادعت أنها وصية خالد البكراوي، ويتحدث فيها عن مقته للأخلاق الغربية «الوثنية» ويعتقد أن الغرب ليس لديه احترام للمرأة. عوضا عن الهجوم على بلاد المسلمين وتحرير النساء، كان الأجدر بكم تنظيف أرصفتكم (في إشارة إلى الدعارة) وأفلامكم الإباحية والإعلانات الإشهارية الخاصة بالشامبو. ووعد البكراوي في وصيته بانتقام لا يرحم، ويدعو كل المسلمين إلى القتال المسلح، ووفقًا له فإن إنقاذ المواطنين ليس ضروريا، لأنهم أيضًا مسؤولون مثل الحكومات التي ساعدوها للوصول إلى السلطة.
وعقب تفجيرات بروكسل وفي مؤتمر صحافي عقده النائب العام للفيدرالية فريدريك فان ليو، أكد تورط الأخوين بكراوي في هجمات المطار ومحطة المترو، حيث «استعنا بالبصمات للتحقق من هويتهما»، حسب قوله. ولفت النظر إلى أن المذكورين كانا معروفين لدى الشرطة بسبب جرائم تتعلق بالسرقة وإطلاق نار على رجال الشرطة ويحملان الجنسية البلجيكية. وأعلن فان ليو، أن شهادة سائق التاكسي الذي نقل ثلاثة أشخاص من بلدية سكاربيك إلى المطار، قد قادت عناصر القوات الخاصة في الشرطة إلى شقة في البلدية نفسها، حيث «تم العثور في الشقة على 15 كلغ من مادة تي، آيه، تي، بي (مادة متفجرة)، وحقيبة مملوءة بالمسامير والبراغي ومفجرات، وكذلك 150 لتر من مادة الآستون، الشديدة الاشتعال. في سلة قمامة في أحد الشوارع المحيطة بالشقة المذكورة»، والكلام دائمًا للنائب العام الفيدرالي، فقد عثر على جهاز حاسب إلكتروني يحتوي على وصية إبراهيم بكراوي. وسرد النائب العام بعض تفاصيل هذه الوصية، التي قال فيها المدعو إبراهيم، إنه كان على عجلة من أمره وإنه كان مضطربًا ويخشى أن يعتقل وأن يجد نفسه في زنزانة. وأشارت وسائل الإعلام البلجيكية إلى أن الأخوين بكراوي تورطا في تفجيرات بروكسل وأن كاميرات الفيديو أظهرت أن إبراهيم البكراوي أحد الانتحاريين في تفجيرات مطار بروكسل بينما يعتبر شقيقه خالد متورطا في تفجيرات محطة قطار مالبيك بالقرب من مؤسسات الاتحاد الأوروبي ببروكسل.
وسبق أن ورد اسم خالد البكرواي وشقيقه في تحقيقات هجمات باريس الأخيرة، ولكل منهما سوابق في عالم الجريمة ببروكسل وكان اسم خالد قد ورد في ملف يتعلق بتأجير شقق سكنية استخدمت مخبأ لبعض المتورطين في تفجيرات باريس من بينها شقة فوري التي قتل فيها الجزائري بلقايد وهرب منها صلاح عبد السلام قبل اعتقاله بعد أيام قليلة في مولنبيك.
وفي فبراير (شباط) الماضي، وبعد شهور قليلة من تفجيرات باريس وقبل أسابيع قليلة من تفجيرات بروكسل التي أودت بحياة 32 شخصا وإصابة 300 آخرين، نشرت المجلة الرسمية لتنظيم داعش على الإنترنت، وصايا ثلاثة من منفذي هجمات باريس، أحدهم هو عبد الحميد أباعود وهو بلجيكي من أصل مغاربي و، ويعتقد بأنه كان العقل المدبر للهجمات، التي وقعت في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، والثاني يدعى بلال حدفي وكان يقيم في بروكسل في حي مولنبيك، حيث تقيم عائلة أباعود، وأما الشخص الثالث فهو إسماعيل مصطفى وهو فرنسي من أصل مغاربي. واهتمت وسائل الإعلام البلجيكية بما جاء في الطبعة الثامنة من المجلة على الإنترنت، والتي تحمل اسم «دار الإسلام» وتولي اهتماما كبيرا بالأعمال التي ينفذها عنناصر داعش، وترد على ماوصفته بمزاعم البعض من العلماء المسلمين التي تنبذ «الجهاد» وتفسير «داعش» للقرآن. وقال الإعلام البلجيكي، إن المجلة تضمنت الإشارة إلى وجود خطط لعمليات إرهابية جديدة في أوروبا على غرار ما وقع في باريس وقالت صحيفة «دي مورغن» على موقعها بالإنترنت، إن السؤال المطروح الآن ليس هو كيفية وقوع الهجمات؟ وهل ستكون على غرار ما حدث في فرنسا؟ وإنما الأهم هو تحديد الأهداف والتواريخ.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».