مهرجان سالزبورغ الثقافي الفني يقاوم الحروب ويريح النفوس المرهقة

يحول المدينة إلى مسرح شاسع مفتوح لكل راغب

مسرح شاسع مفتوح لكل راغب
مسرح شاسع مفتوح لكل راغب
TT

مهرجان سالزبورغ الثقافي الفني يقاوم الحروب ويريح النفوس المرهقة

مسرح شاسع مفتوح لكل راغب
مسرح شاسع مفتوح لكل راغب

قبل 96 عاما، وتحديدا في يوم 22 أغسطس (آب) من عام 1920، قدمت مدينة سالزبورغ النمساوية أول عروض مهرجانها السنوي بوصفه مشروعا ثقافيا يوفق بين الدول الأوروبية المتحاربة، ومحفزا نمساويا للتعويض عما كانت البلاد تمر به من أزمة هوية، بعد خسارتها لإمبراطوريتها العريقة، وذلك باعتبار أن الأوبرا غذاء فني يريح النفوس المرهقة.
وهذه الأيام، يحتفل مهرجان سالزبورغ بدورته رقم 96، ويستمر حتى 31 أغسطس، ويشمل برنامجه أكثر من 200 عمل أوبرالي، وما يقارب ذلك من دراما وحفلات موسيقية، نفذت بالطبع بطاقاتها للدخول، ويقدر عددها بـ230 ألف بطاقة، وإن لا تزال الفرصة واسعة للاستمتاع بحفلات الهواء الطلق التي تحول المدينة إلى مسرح شاسع مفتوح لكل راغب محب.
وفي ذلك العام، والمهرجان يكابد أوضاع زمن عصيب وأوضاعا اقتصادية متردية، لم يتردد هوغو هوفمانستال، أحد مؤسسيه، في التأكيد على أن المهرجان لن يكون مجالا للعروض الروتينية التافهة، وإنما سيشهد عروضا قوية متجددة تلهب المشاعر وتؤججها.
وتمضي مسيرة المهرجان الذي صنع له مرتبة عالمية قاومت - ولا تزال - كثيرا من العقبات، بما في ذلك الصعوبات التي واجهتها النمسا إبان التسلط النازي، وتوابع هزيمتها بعد الحرب العالمية الثانية، وما أعقبها من طغيان الثقافة الأميركية، وكذلك الانفتاح الأوروبي الشرقي بعد كسر الستار الحديدي.
وحتى حديثا، لا يزال المهرجان يواصل صامدا وبحرفية شديدة نزاعات تتكرر بين دعاة التقليد والحداثة، أو ما يصفه منظمون بأنه «سباق أعرج بسبب طموحات آيديولوجية تتعارض أهدافها وتتضارب»، مؤكدين أن المهرجان لا بد أن يتفوق على نفسه عاما تلو عام باعتباره أولمبيادا ثقافيا فنيا يجذب أنظار العالم، وتتنافس عليه دول لتقديم أفضل إنجازاتها لعشاق الموسيقى الكلاسيكية.
من جانبها، تجتهد مدينة سالزبورغ للحفاظ على سمعتها كمدينة موسيقية، باعتبارها موطن العبقري المؤلف الموسيقي الأول موتزارت، مستفيدة من بنية تحتية متينة، وخلفيات طبيعية رائعة الجمال، حيث الجبال والوديان والبحيرات، مما يساعد في إبهار المدينة للآلاف ليلة وراء ليلة، طيلة أسابيع الكرنفال.
إلى ذلك، يعتبر مهرجان «سيمنز»، الذي يقام موازيا في العراء على سفح قلعة «كابيتال بلاتز» فرصة لكل من فاتته فرصة حضور فعاليات الكرنفال داخل المسارح والقاعات المغلقة.
وتجري فعاليات المهرجان هذا العام وسط إجراءات أمنية مشددة، خصوصا أن القائمين عليه أكثر حرصا على تقديم ما يريح قليلا النفوس المتعبة بعد العمليات الإرهابية التي شهدتها ألمانيا وفرنسا، مذكرين أن المهرجان نفسه ولد باعتباره مشروعا للسلام إبان حرب عالمية، خلال فترة كانت أسوأ كثيرا مما عليه الحال اليوم.
من جانب آخر، كان ملحوظا أن ليلة الافتتاح لم يشرفها، للمرة الأولى، رئيس نمساوي، إذ حال دون هذا قانون أصدرته المحكمة الدستورية بإعادة الانتخابات النمساوية الرئاسية، وتأجيل تعيين رئيس للنمسا، فيما تقوم لجنة تتكون من رئيسة البرلمان ونائبيها بالمهمة مؤقتا.
ومن جانبهم، تزاحم أشهر عمالقة فن الأوبرا لحضور المهرجان، والترحيب بعشاقهم، وممن حضروا التينور الأشهر أندريا بوشيلي ويوناس كاوفمان وأنا نتربكو وزوجها يوسف إيفازوف ورونالدو فيلازون وركاردو موتي.
هذا وجرت العادة أن يقدم المهرجان سنويا عرضا أوبراليا ضخما كعمل رئيسي، بالإضافة للأعمال الأخرى المتنوعة. وقد حمل عرض هذا العام عنوان: The Exterminating Angle، وهي أوبرا تم اقتباسها من فيلم بالاسم ذاته للمخرج الإسباني المكسيكي الأصل لويس بونويل والموسيقى البريطاني توماس اديز.
وتدور الأحداث حول دعوة عشاء فخم عقب حفل أوبرالي، ومن ثم تتضخم المشاهد كدراما سوداء بسبب ما يتعرض له الضيوف من ظروف حبس داخل ذلك الموقع، فتظهر شخصياتهم على حقيقتها بعيدا عن مظاهر الفخامة، وقواعد البروتوكول.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.