الفرنسية إيلين سيغارا تغني بالعربية والأرمنية تحية لأهل بيروت

في سهرة فنية جمعت فيها بين موسيقى الشرق والغرب

جانب من الحفل
جانب من الحفل
TT

الفرنسية إيلين سيغارا تغني بالعربية والأرمنية تحية لأهل بيروت

جانب من الحفل
جانب من الحفل

«أنتم هدية لي وسأعود إليكم قريبا» بهذه الكلمات خاطبت المغنية الفرنسية إيلين سيغارا الجمهور اللبناني، الذي وافاها بالآلاف إلى مسرح «أعياد بيروت» وسط العاصمة.
ففي سهرة غنائية أقامتها في لبنان واتسمت بشوقها وحنينها الكبيرين إلى بلاد الأرز، أحيت إيلين سيغارا مهرجانات «أعياد بيروت» غير آبهة بالوقت المحدد لبرنامج السهرة، بحيث أعادها حماس الحضور إلى خشبة المسرح أكثر من مرة، فلبّت طلبه إكراما لبيروت هذه المدينة الفريدة من نوعها، حسب ما وصفتها.
استهل الحفل بلوحتين غنائيتين لفنانتين لبنانيتين صاعدتين (داريا ودييز)، أطلت بعدهما مباشرة إيلين سيغارا على خشبة المسرح وهي تتنقل بخفة، مرتدية ثوبا أسود براقا، وقّعه لها المصمم اللبناني طوني ورد، ولتفتتح بأغنية «كل شيء يبدأ اليوم» (tout commence aujourd’hui)، ولتطمئن بعدها على أحوال الجمهور، متوجهة إليه بالقول: «كيف حالكم؟» ولتضيف: «في أول مرة جئت فيها لبنان عام 1990. شعرت وكأنني في بيتي، وهذا بفضلكم أنتم؛ فأنتم شعب مضياف لا مثيل له». وقدمت بعدها أغنيتين متتاليتين (la vie avec toi - l’amourest un soleil) أعلنت على إثرهما عن أغنيتين «ديو» ستتشارك فيهما الغناء على المسرح، إحداهما مع التينور بشارة مفرّج (فيفو بير ليه)، والأخرى مع دييز (شاركت في برنامج ذا فويس الفرنسي) حملت عنوان «on n’oubliejamaisrien».
ولتطلب بعدها من الجمهور أن يمسك بأيادي بعضه بعضا؛ استعدادا لمشاركتها أغنية «آفي ماريا»، وذلك لنشر الحبّ والسلام في عالم يعاني من القساوة. لبى الحضور طلبها رافعا أياديه المتماسكة، وهو يلوّح لها انسجاما مع أدائها الغني بالإحساس المرهف، الذي دفعها إلى الركوع والانحناء أمامه تحية شكر له. لم تترك إيلين سيغارا فرصة إلا وخاطبت فيها جمهورها الغفير في صالة عبقت بفنّها الراقي، الذي لوّنته بكل لغات العالم (إيطالي وفرنسي وإنجليزي وعربي وأرمني). وأصرّت أكثر من مرة على مشاهدة ملامح الجمهور المتفاعل معها بقوة، مطالبة بإشعال الأنوار في القاعة بشكل جيد؛ لتستطيع التمتّع بحضوره. كما تحدّثت بعبارات قصيرة بالعربية «كيفكن» و«خلص حبيبي» و«شكرا» و«بيروت حبيبتي». ومعبّرة مرات أخرى عن إعجابها باللبناني عامة قائلة: «أحد العازفين معي أغرم بلبنان، ولا يستبعد أن يقع في حب إحدى اللبنانيات... وهنا أريد أن أسألكم ما هو سرّكم؟ وكيف ولدتم جميعا جميلين؟ فإنا لم أر شخصا قبيحا ولا مرة في لبنان!».
وعندما أرادت أن تؤدي أغنية «سالمة يا سلامة» للراحلة داليدا، طالبت الجمهور أن يقف ويشاركها الغناء والرقص. وامتزجت النغمات الغربية بالشرقية مع تصفيق حار من الجمهور وحضورها الأنيق على المسرح، ولتشتعل الأجواء بإيقاع تلك الأغنية، سامحة للبنانيين في التواصل مع المغنية الفرنسية غناء وهتافا كما رغبت تماما.
وقبيل أدائها وصلة غنائية خاصة بالراحل جو داسان قالت: «عندما دعاني للمجيء إلى هنا أمين أبي ياغي (صاحب ستار سيستم، إحدى الشركات المنظّمة للحفل)، سألني إذا ما سأغني في برنامج هذه السهرة لجو داسان، وأنا سألبي رغبته واطلب منكم الاستعداد لذلك». وبدأت هذه التحية للفنان الراحل بأغنية «salut» فاستحضرت صوته على المسرح ولتؤدي معه «دويتو» جميلا على خلفية صورة فوتوغرافية عملاقة له توسطت المسرح. ولتتبعها بأخرى شهيرة له «Et situn’existais pas» وبثالثة «أو شان زيليزيه». ولتتوجه إلى الجمهور الذي رافقها الغناء طيلة هذه الوصلة بالقول: «سأقدم لكم الآن أغنية أخرى له، لم يسبق أن أدّيتها على المسرح بعد». وليصدح صوتها الهادئ على أنغام أغنية «الصيف الهندي» (L’eteindien)، مختتمة هذا الجزء من الحفل على وقع تصفيق حار ومتواصل من الجمهور، انحنت أمامه أكثر من مرة وهي تردّد «شكرا» بالعربية.
شخصيّة إيلين سيغارا المتواضعة والقريبة من الناس تجلّت أكثر من مرة في أدائها وتصرفاتها على المسرح، فكانت تطالب الجمهور وبإشارات خفية بيديها أن يصفّق تشجيعا للفنانين الصاعدين، اللذين شاركاها الغناء على المسرح (بشارة مفرّج ودييز). كما كانت تصغي بانتباه لطلبات الجمهور وتهتم بالاستجابة. ولم تتوان عن محاورة بعضهم وعن سؤال آخرين عما إذا هناك ما يزعجهم. وبعفوية وبساطة الأطفال راحت تقرأ اسم (بشارة مفرّج) الذي كتب لها بأحرف كبيرة على ورقة ألصقت لها على أرض الخشبة، معتذرة عن تلعثمها في لفظه، ولتقول بعدها «هو تينور حقيقي، فأنا سبق وغنيت مع عالميين أمثال بوتشيللي وغيره على المسرح، واليوم أنا فخورة بمشاركته الغناء في بيروت، هو الذي أقام حفلات أوبرالية كبرى في إيطاليا (سكالا) مثلا. وبعد أدائها عددا من أغانيها الجديدة والقديمة معا، صدح صوتها بأغنيتها الشهيرة «Elle tul’aimes» مودّعة الجمهور ومغادرة وفرقتها الموسيقية خشبة المسرح، ولتعود من ثم إليها مرة جديدة على وقع هتافات الناس لها وهم يصرخون «إيلين نريد المزيد». وبالفعل تمركز من جديد الموسيقيون خلف آلاتهم العازفة لتشدو بصوتها من جديد في أغنيتي «Les vallees و«Genre humain» ولتعود وتشعل القاعة بالحماس من جديد بأغنية «Dance a nouveau»، وهي النسخة الفرنسية لأغنية «حرّمت احبّك» للراحلة وردة. فأدّت مقطعا منها بالعربية وهي تتمايل بجسمها الرشيق وتمسك بتنورة فستانها الفضفاضة، ثم شكرت الجمهور على حسن ضيافته لها والمصمم اللبناني طوني ورد على زي الأميرات الذي أتحفها به. غادرت الفرقة الموسيقية المسرح إلا أن إيلين سيغارا فاجأت الجميع بسؤال وجّهته إلى الجمهور «هل هناك من أرمن بينكم؟» فرفع بعض اللبنانيون الأرمن أياديهم إشارة لذلك. ومن دون مرافقة موسيقية غنّت «ديلي يامان» بالأرمنية تحية لهم، هي المولودة من أم أرمنية وأب إيطالي الأصل.
سهرة مميزة من ليالي بيروت المضاءة بالفن والسلام، أمضاها اللبنانيون عشّاق إيلين سيغارا ضمن مهرجانات «أعياد بيروت»، التي يعترف لمنظميها بحسن خياراتهم الفنية، وقد شكلت متنفسا طبيعيا لهم، بدءا من تامر حسني وخوسيه فلتشيانو، ومرورا بوائل كفوري ونوال الزغبي وسعد لمجرّد، فأنستهم ولو لساعات قليلة الأجواء السياسية المتوترة التي يعيشونها، والأحداث المأسوية التي تلف المنطقة.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.