تكريم زكي ناصيف أبو الأغنية اللبنانية في قصر بيت الدين

ليلة من العمر احتفاء بمئوية صاحب «يا عاشقة الورد»

عازف البيانو النجم غي مانوكيان أدار الفرقة الموسيقية  والكورال الحيوي (أ.ف.ب)
عازف البيانو النجم غي مانوكيان أدار الفرقة الموسيقية والكورال الحيوي (أ.ف.ب)
TT

تكريم زكي ناصيف أبو الأغنية اللبنانية في قصر بيت الدين

عازف البيانو النجم غي مانوكيان أدار الفرقة الموسيقية  والكورال الحيوي (أ.ف.ب)
عازف البيانو النجم غي مانوكيان أدار الفرقة الموسيقية والكورال الحيوي (أ.ف.ب)

سهرة من العمر، لمحبي التراث اللبناني، وزكي ناصيف (1916 - 2004) تحديدًا، الذي نحت كلمات أغنياته من قلب الضيعة اللبنانية، وأبقى ألحانه شرقية رغم التحديث الذي جعله يسير على خطى رقيقة، لا تقع في الرتابة الشرقية ولا تجنح إلى التغريب. كان يكفي النظر إلى مدرجات قصر بيت الدين التي امتلأت عن بكرة أبيها، مساء الجمعة، لتدرك أن شعبية هذا المؤسس الكبير، تزداد انتشارًا بعد رحيله، وأن أعماله يتوسع انتشارها، وتدرك القريحة الشعرية أهميتها. 100 سنة على ولادة زكي ناصيف، مناسبة لكثير من الاحتفالات، إحداها هي تلك التي أقامتها «مهرجانات بيت الدين» في إنتاج خاص، أريد له أن يكون رفيعًا، متنوعًا وجديرًا بأن ينضم إلى أرشيف هذا الموسيقي المتميز.
أصوات معترف لها برخامتها واحترافيتها اجتمعت لتغني زكي ناصيف: رنين الشعار، سمية بعلبكي، جوزيف عطية، وعازف العود والمغني زياد الأحمدية، مع البديع عازف البيانو النجم غي مانوكيان، الذي أدار الفرقة الموسيقية والكورال الحيوي. وقد أشرف على إعداد الحفل وشارك به «برنامج زكي ناصيف» الذي أسسته الجامعة الأميركية في بيروت، ليعنى بتراث الرجل وتركته الثمينة.
تحت عنوان «يا عاشقة الورد»، احتفى الجميع، إذن، بمئوية أبي الأغنية اللبنانية، شريك الرحابنة، وواضع الأغنيات التي تحول كثير منها إلى أناشيد وطنية حماسية، تحفظ عن ظهر قلب. وما جاء كل هذا الحشد زاحفًا إلى بيت الدين، إلا ليردد ما يعرف وما يهوى.
مع أغنية «طلوا حبابنا طلوا» افتتح الحفل لتليها «أهلاً بهالطلة أهلاً»، التي جعلت منها صباح عنوانًا للبهجة، وجاءت سمية بعلبكي لتغنيها بروح الدفء التي تكتنزها.
تتالى على المسرح الفنانون، كلٌ يؤدي أغنيات ناصيف على طريقته، وبأسلوبه وبما تتميز به حنجرته، وهو ما جعل الحفل شيقًا، كأنما منافسة جعلتهم، يتجاوزون أنفسهم في الغناء.
جوزيف عطية غنى «اشتقنا كثير يا حبايب، يا جار الرضا، اشتقنا عا لبنان». ريبرتوار زكي ناصيف مليء بالشوق للحبيب والوطن، حيث يختلط الاثنان، فلا تعرف إن كان يخاطب الأرض أم عشقه المجروح. «مهما يتجرح بلدنا، منلمو لو كنا قلال. قلال ولكن ما تعودنا نبكي ونندب عالأطلال»، بصوت جوزيف عطية أيضًا، أثارت جنونًا على المدرجات. هذه الأغنية صارت أشبه بنشيد لشد الهمم الوطنية الخائرة، ورفع معنويات شعب يعرف أنه صغير وضئيل العدد، لكنه مصرّ على الاستمرار. غي مانوكيان الذي يعرف دائمًا كيف يجعل من البيانو آلة شرقية لا تخلو من إيقاع راقص، لم يتوانَ عن التعليق، وشرح مسارات تحضير الحفل، والاحتفاء بجمهور بدا متفاعلاً ومشاركًا، إلى مستوى مسابقة الفنانين على أداء الأغنيات.
من على الشاشتين الكبيرتين الموضوعتين على جانبي المسرح، يطل زكي ناصيف بين الفينة والأخرى، بملامحه الطفولية التي بقي يحتفظ فيها حتى أصبح شيخًا مسنًا، مغنيًا باللبنانية أو الإسبانية، أو مؤديًا إحدى أغنياته قبل أن تقدم على المسرح.
كعادة مهرجانات «بيت الدين»، الشغل على التفاصيل الفنية، يبقى متقنًا تمامًا، كما التنظيم البسيط والدقيق، الذي لا يترك فسحة لفوضى تتسلل إليه.
رنين الشعار، بما لها من صوت مدرّب ومثقف أطربت حتى الثمالة، حين كانت تؤدي الأغنيات التي اختيرت لها: «حبايبنا نحونا، بلدي حبيبي»، لتبلغ أوج حنكتها الأدائية بأغنية «أهواك بلا أمل وعيونك تبسم لي». اجتمعت براعة رنين الشعار إلى عبقرية زكي ناصيف الذي كتب وغنى «أهواك ولي قلب بغرامك يلتهب، تدنيه فيقترب تقصيه فيغترب، في الظلمة يكتئب ويهدهده التعب، فيذوب وينسكب كالدمع من المقل». من العامية والفصحى غرف زكي ناصيف، مئات الأغنيات التي تؤرشف حاليًا في الجامعة الأميركية، حتى ملأت عشرات الصناديق كما يقول الفيلم التوثيقي القصير الذي عرض خلال الحفل. زياد الأحمدية أطرب بصوته الندي، وعزفه على العود وهو يؤدي «رمشة عينك تغوينا وبترمي سهام وتكوينا، ونظرة حلوة من عيونك بتبل القلب وتروينا»، وأغنية «نقيلي أحلى زهرة يا فراشة نقيلي، زهرة تلبق للشقرا وعلى شعرا تشكيلة»، حيث لم ينتظر الحضور الأحمدية، وبدأ بالغناء قبله. سمية بعلبكي التي يعرفها السميعة جيدًا أجادت بتقديم أغنيات «تسألني الحسناء، دقة ودقة مشينا، ليلتنا من ليالي العمر»، لتبلغ أوجها بأغنية «يا عاشقة الورد إن كنت على وعد، فحبيبك منتظر يا عاشقة الورد».
خيارات ذكية، لأغنيات تتنوع في كلماتها وألحانها، بين الحماسي الوطني الذي يقترب من العسكري، والعاطفي الرقراق الذي يشيع أجواء الهدوء والتأمل، ليبدو كأنما عصفت بالمدرجات موجة من الجنون الحماسي بالأغنية الأشهر لزكي ناصيف التي وضعها آملاً الخروج يومها من الحرب الأهلية اللبنانية، بصوت الفنانين المشاركين مجتمعين «راجع راجع يتعمر راجع لبنان، راجع متحلي أكثر ما كان». لازمة رددها الفنانون مع جمهورهم، وبقيت الفرقة تعزفها ليخرج على إيقاعها الحاضرون، وهم لا يتوقفون عن الغناء والرقص.
مرح وفرح وحبور في «بيت الدين». من قال إن الفن الأصيل لا يجلب النشوة للشعوب، حتى الحزينة والجريحة منها. «سنبقى نغني ونفرح ونقيم المهرجانات في لبنان، ولن نتوقف أبدًا»، قال غي مانوكيان لجمهوره مختتمًا وواعدًا باستمرار المباهج. صديقة صحافية تعلق على الحفل بأن «زكي ناصيف يعيش الآن، عصره الذهبي، ويحصد التقدير المستحق الذي لم يعطَ له في حياته».



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.