جدل حول تحديد المسؤولية عن تعثر المشاريع في السعودية

رئيس لجنة المقاولين: ارتفاع التكاليف وراء الأزمة

جدل حول تحديد المسؤولية عن تعثر المشاريع في السعودية
TT

جدل حول تحديد المسؤولية عن تعثر المشاريع في السعودية

جدل حول تحديد المسؤولية عن تعثر المشاريع في السعودية

في الوقت الذي علقت فيه معظم الجهات الحكومية السعودية أسباب تعثر مشاريعها على قطاع «المقاولات» في البلاد، أكدت اللجنة الوطنية للمقاولين لـ«الشرق الأوسط»، أمس، أن اختلاف تكاليف تنفيذ المشاريع خلال الفترة الحالية عما كانت عليه إبان الترسية، تسبب في تعثرها.
وأوضحت اللجنة الوطنية السعودية للمقاولين، أن فاتورة تكاليف تنفيذ المشاريع في السوق المحلية قفزت بنسبة 12 في المائة خلال الآونة الأخيرة، وقالت «أرباح شركات المقاولات تتراوح بين 4 و8 في المائة، وبالتالي الأسعار القديمة للترسية أصبحت تقود هذه الشركات للخسائر، في ظل ارتفاع تكاليف الأيدي العاملة، وزيادة أسعار بعض مواد البناء».
وبدأت تظهر في السعودية صراعات متعددة بين مختلف الوزارات والجهات الحكومية وقطاع المقاولات، حول أسباب تعثر المشاريع خلال السنوات القليلة الماضية، فيما وصف المقاولون قطاعهم بـ«الشماعة» التي يتم تعليق أسباب تعثر المشاريع أو تأخر إنجازها عليها، جاء ذلك قبل أن تكشف لـ«الشرق الأوسط»، أمس، اللجنة الوطنية عن وجود فوارق كبيرة بين أسعار العقود التي تم ترسية المشاريع عليها، والتكاليف الحالية.
وفي هذا السياق، أرجع فهد الحمادي رئيس اللجنة الوطنية السعودية للمقاولين خلال تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أمس، مشكلة تعثر المشاريع في البلاد إلى ترسية هذه المشاريع بأسعار تقل بكثير عن معدلات التكلفة الحالية، مبينا أن هذا الموضوع سيزداد حدة في حال عدم المسارعة في حل المشكلات التي تواجه قطاع المقاولات في البلاد.
وبيّن الحمادي أن ضخامة المشاريع التي يتم طرحها في السوق المحلية خلال الفترة الحالية، جعلت قطاع المقاولات في البلاد أمام تحد كبير للمساهمة في الإنجاز ودعم تنمية البلاد، إلا أنه استدرك قائلا «ما يعيق المقاولين، هو ترسية المشاريع بأسعار منخفضة، يجب أن يكون هناك هوامش ربح معقولة، إضافة إلى تجنب منطقة الخسائر من خلال هذه الأسعار».
وكشف رئيس اللجنة الوطنية للمقاولين في السعودية عن أن فاتورة تنفيذ المشاريع الإنشائية في البلاد قفزت بنسبة 12 في المائة خلال العامين الماضيين، مضيفا «هوامش الربح تتراوح بين 4 و8 في المائة، وبالتالي فإن التكاليف الحالية لتنفيذ المشاريع تكبّد الشركات المنفذة حجما كبيرا من الخسائر».
وطالب الحمادي خلال تصريحه، الوزارات والجهات الحكومية بضرورة مراجعة العقود التي تم ترسيتها، مبينا أن مراجعة العقود تشمل الأسعار، والتغيرات التي حدثت في السوق خلال الفترة الأخيرة، متمنيا في الوقت ذاته أن لا يكون البحث عن السعر الأقل هو الهاجس الدائم للوزارات والجهات الحكومية.
مقابل ذلك، اتخذت شركات المقاولات السعودية - مؤخرا - خطوة جديدة نحو تقليل معدلات تعثر المشاريع في البلاد، جاء ذلك عندما استعانت هذه الشركات بالمهندسين وفق صيغة رسمية تسعى للوصول إلى ملامح جديدة من التعاون الذي يستهدف تفعيل القرارات الحكومية المتعلقة بمشاريع المقاولات، والمرتبطة بشكل مباشر بالإجراء الهندسي.
وكانت غرفة الرياض وقعت مع الهيئة السعودية للمهندسين قبل نحو أربعة أسابيع، مذكرة تفاهم، تهدف إلى تنسيق جهود التعاون بينهما، والاستفادة من قدرات الهيئة وإمكاناتها العلمية وما أعدته من دراسات وأبحاث متخصصة لدعم قطاع المقاولين، بما يتواكب مع دوره المهم في إقامة مشاريع التنمية الاقتصادية، وأكدت المذكرة سعي الطرفين لتذليل العقبات التي تواجه المستثمرين في القطاع عبر الدراسات والأبحاث المتخصصة، وتنظيم ورش العمل، وعقد الدورات التدريبية للمقاولين والعاملين في القطاع لتطوير مهاراتهم وقدراتهم، وقع المذكرة من جانب الغرفة رئيس مجلس إدارتها الدكتور عبد الرحمن الزامل، والمهندس حمد بن ناصر الشقاوي رئيس مجلس إدارة هيئة المهندسين.
وأوضح الدكتور الزامل أن توقيع المذكرة يعد خطوة نحو المزيد من التعاون مع الهيئة السعودية للمهندسين للاستفادة من خبراتها وكفاءتها الوطنية في العمل على حل العقبات التي تعترض قطاع المقاولين، باعتباره من القطاعات الاقتصادية المهمة التي تقوم بدور فاعل في التنمية الاقتصادية وإنشاء مشاريع البنية التحتية، وقال: «تم الاتفاق على التعاون المشترك بين الطرفين في المتابعة والسعي لتفعيل كل الأنظمة والقرارات السامية والقرارات الوزارية بشأن المقاولين الوطنيين في تنفيذ مشاريع الدولة، وكذلك المكاتب الاستشارية الهندسية».
من جهة أخرى، قال المهندس حمد الشقاوي رئيس مجلس إدارة الهيئة السعودية للمهندسين عقب توقيع المذكرة بمقر غرفة الرياض: «تمثل هذه الاتفاقية بداية للمزيد من التعاون بين الغرفة والهيئة التي ستضع كل إمكاناتها وخبراتها للمساهمة في تطوير قطاع المقاولين من خلال السعي إلى حل ما يواجهه من معوقات، والقيام بالدراسات اللازمة التي تساعد على تحقيق ذلك».
وأضاف الشقاوي: «نصت المذكرة على تنظيم الكثير من الفعاليات والأنشطة التي تهدف إلى تطوير مهارات وقدرات المقاولين والعاملين بالقطاع»، مؤكدا أن هذا التوجه يعكس أهمية قطاع المقاولات ودوره الفاعل في التنمية الاقتصادية التي انطلقت في البلاد، مشيرا إلى أن هذا الأمر يستدعي المزيد من الاهتمام وتضافر الجهود بين الجهات ذات العلاقة بالقطاع لأداء دوره في مجالات التنمية الاقتصادية.
بينما قال فهد الحمادي رئيس لجنة المقاولين تعليقا على حديث الشقاوي: «قطاع المقاولين يتطلع أن تسهم هذه الاتفاقية في تذليل العقبات للمقاولين والمكاتب الاستشارية في الإشراف الحكومي، خصوصا أن المذكرة ستعمل على تحقيق التعاون المشترك بين الغرفة وهيئة المهندسين، فيما يتعلق بإعداد الدراسات والبحوث التي تهم قطاع المقاولات وتنظيم الفعاليات، والدورات التدريبية، وورش العمل، وتبادل المعلومات والخبرات، فيما يخص تطوير بيئة العمل في منشآت ومشاريع قطاع المقاولات، والعمل على توحيد وجهات النظر في القضايا ذات الاهتمام المشترك قبل طرحها على الجهات المعنية».



«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
TT

«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)

بعد أسبوعين من المباحثات المكثفة، وضع «مؤتمر الأطراف السادس عشر (كوب 16)» لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الذي يعدّ الأكبر والأوسع في تاريخ المنظمة واختتم أعماله مؤخراً بالعاصمة السعودية الرياض، أسساً جديدة لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً، حيث شهد المؤتمر تقدماً ملحوظاً نحو تأسيس نظام عالمي لمكافحة الجفاف، مع التزام الدول الأعضاء باستكمال هذه الجهود في «مؤتمر الأطراف السابع عشر»، المقرر عقده في منغوليا عام 2026.

وخلال المؤتمر، أُعلن عن تعهدات مالية تجاوزت 12 مليار دولار لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي والجفاف، مع التركيز على دعم الدول الأشد تضرراً، كما شملت المخرجات الرئيسية إنشاء تجمع للشعوب الأصلية وآخر للمجتمعات المحلية، إلى جانب إطلاق عدد من المبادرات الدولية الهادفة إلى تعزيز الاستدامة البيئية.

وشهدت الدورة السادسة عشرة لـ«مؤتمر الأطراف» مشاركة نحو 200 دولة من جميع أنحاء العالم، التزمت كلها بإعطاء الأولوية لإعادة إصلاح الأراضي وتعزيز القدرة على مواجهة الجفاف في السياسات الوطنية والتعاون الدولي، بوصف ذلك استراتيجية أساسية لتحقيق الأمن الغذائي والتكيف مع تغير المناخ.

ووفق تقرير للمؤتمر، فإنه جرى الاتفاق على «مواصلة دعم واجهة العلوم والسياسات التابعة لـ(اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر) من أجل تعزيز عمليات اتخاذ القرار، بالإضافة إلى تشجيع مشاركة القطاع الخاص من خلال مبادرة (أعمال تجارية من أجل الأرض)».

ويُعدّ «مؤتمر الأطراف السادس عشر» أكبر وأوسع مؤتمر لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» حتى الآن، حيث استقطب أكثر من 20 ألف مشارك من مختلف أنحاء العالم، بمن فيهم نحو 3500 ممثل عن منظمات المجتمع المدني. كما شهد المؤتمر أكثر من 600 فعالية ضمن إطار أول أجندة عمل تهدف إلى إشراك الجهات غير الحكومية في أعمال الاتفاقية.

استدامة البيئة

وقدم «مؤتمر الأطراف السادس عشر» خلال أعماله «رسالة أمل واضحة، تدعو إلى مواصلة العمل المشترك لتحقيق الاستدامة البيئية». وأكد وزير البيئة السعودي، عبد الرحمن الفضلي، أن «الاجتماع قد شكّل نقطة فارقة في تعزيز الوعي الدولي بالحاجة الملحة لتسريع جهود إعادة إصلاح الأراضي وزيادة القدرة على مواجهة الجفاف». وأضاف: «تأتي استضافة المملكة هذا المؤتمر المهم امتداداً لاهتمامها بقضايا البيئة والتنمية المستدامة، وتأكيداً على التزامها المستمر مع الأطراف كافة من أجل المحافظة على النظم البيئية، وتعزيز التعاون الدولي لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي، والتصدي للجفاف. ونأمل أن تسهم مخرجات هذه الدورة في إحداث نقلة نوعية تعزز الجهود المبذولة للمحافظة على الأراضي والحد من تدهورها، وبناء القدرات لمواجهة الجفاف، والإسهام في رفاهية المجتمعات في مختلف أنحاء العالم».

التزامات مالية تاريخية لمكافحة التصحر والجفاف

وتطلبت التحديات البيئية الراهنة استثمارات ضخمة، حيث قدرت «اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الحاجة إلى 2.6 تريليون دولار بحلول عام 2030 لإصلاح أكثر من مليار هكتار من الأراضي المتدهورة. ومن بين أبرز التعهدات المالية خلال المؤتمر «شراكة الرياض العالمية لمواجهة الجفاف» حيث جرى تخصيص 12.15 مليار دولار لدعم 80 دولة من الأشد ضعفاً حول العالم، و«مبادرة الجدار الأخضر العظيم»، حيث تلقت دعماً مالياً بقيمة 11 مليون يورو من إيطاليا، و3.6 مليون يورو من النمسا، لتعزيز جهود استصلاح الأراضي في منطقة الساحل الأفريقي، وكذلك «رؤية المحاصيل والتربة المتكيفة» عبر استثمارات بقيمة 70 مليون دولار لدعم أنظمة غذائية مستدامة ومقاومة للتغير المناخي.

وأكدت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، أمينة محمد: «عملنا لا ينتهي مع اختتام (مؤتمر الأطراف السادس عشر). علينا أن نستمر في معالجة التحديات المناخية؛ وهذه دعوة مفتوحة للجميع لتبني قيم الشمولية، والابتكار، والصمود. كما يجب إدراج أصوات الشباب والشعوب الأصلية في صلب هذه الحوارات، فحكمتهم وإبداعهم ورؤيتهم تشكل أسساً لا غنى عنها لبناء مستقبل مستدام، مليء بالأمل المتجدد للأجيال المقبلة».

مبادرات سعودية

لأول مرة، يُعقد «مؤتمر الأطراف» في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مما أتاح فرصة لتسليط الضوء على التحديات البيئية الخاصة بالمنطقة. وضمن جهودها القيادية، أعلنت السعودية عن إطلاق 5 مشروعات بيئية بقيمة 60 مليون دولار ضمن إطار «مبادرة السعودية الخضراء»، وإطلاق مرصد دولي لمواجهة الجفاف، يعتمد على الذكاء الاصطناعي؛ لتقييم وتحسين قدرات الدول على مواجهة موجات الجفاف، ومبادرة لرصد العواصف الرملية والترابية، لدعم الجهود الإقليمية بالتعاون مع «المنظمة العالمية للأرصاد الجوية».

دعم الشعوب الأصلية والشباب

وفي خطوة تاريخية، أنشأ «مؤتمر (كوب 16) الرياض» تجمعاً للشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية لضمان تمثيلهم في صنع القرار بشأن إدارة الأراضي والجفاف. وفي هذا السياق، قال أوليفر تيستر، ممثل الشعوب الأصلية: «حققنا لحظة فارقة في مسار التاريخ، ونحن واثقون بأن أصواتنا ستكون مسموعة»، كما شهد المؤتمر أكبر مشاركة شبابية على الإطلاق، دعماً لـ«استراتيجية مشاركة الشباب»، التي تهدف إلى تمكينهم من قيادة المبادرات المناخية.

تحديات المستقبل... من الرياض إلى منغوليا

ومع اقتراب «مؤتمر الأطراف السابع عشر» في منغوليا عام 2026، أقرّت الدول بـ«ضرورة إدارة المراعي بشكل مستدام وإصلاحها؛ لأنها تغطي نصف الأراضي عالمياً، وتعدّ أساسية للأمن الغذائي والتوازن البيئي». وأكد الأمين التنفيذي لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر»، إبراهيم ثياو: «ناقشنا وعاينّا الحلول التي باتت في متناول أيدينا. الخطوات التي اتخذناها اليوم ستحدد ليس فقط مستقبل كوكبنا؛ بل أيضاً حياة وسبل عيش وفرص أولئك الذين يعتمدون عليه». كما أضاف أن هناك «تحولاً كبيراً في النهج العالمي تجاه قضايا الأرض والجفاف»، مبرزاً «التحديات المترابطة مع قضايا عالمية أوسع مثل تغير المناخ، وفقدان التنوع البيولوجي، والأمن الغذائي، والهجرة القسرية، والاستقرار العالمي»