تحذير من تفاقم أزمة السيولة في اليمن

تأخر واسع في رواتب موظفين حكوميين في 5 محافظات

مرارة الانقلاب لم تمنع شابا يمنيا من استمرار بحثه عن لقمة العيش ببيع العسل في صنعاء (أ.ف.ب)
مرارة الانقلاب لم تمنع شابا يمنيا من استمرار بحثه عن لقمة العيش ببيع العسل في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

تحذير من تفاقم أزمة السيولة في اليمن

مرارة الانقلاب لم تمنع شابا يمنيا من استمرار بحثه عن لقمة العيش ببيع العسل في صنعاء (أ.ف.ب)
مرارة الانقلاب لم تمنع شابا يمنيا من استمرار بحثه عن لقمة العيش ببيع العسل في صنعاء (أ.ف.ب)

قال المستشار الاقتصادي اليمني المهندس خالد عبد الواحد نعمان، إن أزمة السيولة النقدية التي برزت مؤخرا كظاهرة مستفحلة في المحافظات المحررة سببها هي أن الميليشيات الانقلابية تحاول تخزين السيولة النقدية من العملة الوطنية خارج المنظومة المصرفية.
وأوضح نعمان لـ «الشرق الأوسط» أن الميليشيات تخزن السيولة لمواجهة المجهود الحربي، لافتا إلى أن الانقلابيين يدركون أن الأشهر المقبلة ستشح فيها السيولة وهو ما يحول دون قدرتهم على سحب المزيد من الأموال، علاوة على الهلع الذي أصاب المودعين لأموالهم في البنوك نظرا لعدم قدرة البنوك على الوفاء بالتزاماتها تجاههم في توفير مسحوباتهم المطلوبة، ما جعل هؤلاء يدخرون أموالهم تحت البلاط لا أن يودعوها في بنوك لا تستطيع دفعها لهم.
وأضاف أن خزن السيولة والهلع تسببا في شحة السيولة في البنوك ولدى شركات الصرافة وحتى البنك المركزي الذي بات يعيش أزمة انعدام للسيولة، منوها لأن هاتين الظاهرتين خلقتا الوضعية الراهنة التي صارت النقود تكتنز في البيوت والخزنات. وقال سكان محليون في محافظات عدن ولحج والضالع وأبين وشبوة لـ«الشرق الأوسط» إن مكاتب هيئة البريد وشركات الصرافة تعاني أزمة في السيولة النقدية المحلية، ما ترتب على هذه الأزمة من تبعات كارثية على المستفيدين الذين هم في المعظم من الفئات المحدودة الدخل أو المعتمدين على تحويلات أقاربهم المهاجرين في بلدان عدة خليجية وأوروبية وأميركية.
وأفاد السكان في أحاديثهم بأن الكثيرين منهم لم يتسلموا مرتباتهم التقاعدية أو الوظيفية من مكاتب البريد قبل عيد الفطر الفارط، مؤكدين أن أزمة السيولة بدأت خلال هذا العام وبشكل مخيف ومقلق جعلهم يترددون على مكاتب الهيئة ولأيام وأحيانا لأسابيع دونما يتمكنوا من تسلم مرتباتهم الزهيدة التي تتراوح بين مائة وثلاثمائة دولار كحد أقصى.
وكشفوا عن أن الأزمة انتقلت مؤخرا إلى شركات الصرافة التي باتت تشكو هي الأخرى من أزمة مستفحلة للسيولة النقدية المحلية والأجنبية، مشيرين إلى أن هذه الشركات أقدمت خلال الأيام الماضية على اتخاذ إجراء حرمهم من فارق الصرف، إذ قامت الشركات بتسليمهم تحويلاتهم بالعملة الوطنية رافضة منحهم حوالاتهم بالعملة الأجنبية المرسلة من الخارج إلى المصارف الخاصة.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.