تلقى النظام الإيراني صفعة قوية في ذكرى إحياء الأرجنتين أحداث استهداف مقار دبلوماسية ويهودية في بوينس آيرس منذ التسعينات. القرار اتخذ من قبل الرئيس الأرجنتيني ماوريثو ماكري، الذي قرر إلغاء مذكرة تفاهم مهمة كان قد أبرمها النظام الإيراني مع الرئيسة السابقة للأرجنتين كريستينا كريشنر، التي تقضي بعدم ملاحقة عناصر تابعة للحرس الثوري الإيراني متورطة في تفجيرات مقار دبلوماسية ومراكز يهودية في الأرجنتين في التسعينات. مذكرة التفاهم التي سعى لإبرامها الرئيس الإيراني الأسبق محمود أحمدي نجاد وقعت عام 2013 مع حكومة الرئيسة الأرجنتينية السابقة كريستينا كريشنر في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا بحضور الطرفين، واعتبرتها طهران وقتها نصرا دبلوماسيا ومعنويا كبيرا، وذلك لتخفيف الضغط عن عناصر تابعة للحرس الثوري الإيراني تورطت في تفجيرات وقعت في العاصمة الأرجنتينية بوينس آيرس بين عامي 1992 و1994 وعلى رأسهم الدبلوماسي الأسبق محسن رباني والمطلوب دوليا من الإنتربول.
الرئيس الحالي ماوريثو ماكري تعهد أثناء حملته الانتخابية عام 2015 أنه حال وصوله إلى السلطة سيبذل كل ما يستطيع، لكي يقوم بوقف وإلغاء هذه المذكرة التي تخفف الضغط عن إيران وملاحقة عناصرها حول العالم، خصوصا أنه بالفعل أصدر الإنتربول عددا من المذكرات الخاصة بتوقيف عدد كبير من المسؤولين الإيرانيين خصوصا الدبلوماسيين السابقين في الأرجنتين والمتورطين في تنفيذ هذه العمليات، حسبما يشير القضاء الأرجنتيني الذي بالفعل أدان النظام الإيراني عام 2006 عندما اتهم سبعة عناصر إيرانية وعنصرا تابعا لما يسمى «حزب الله» اللبناني بالتورط في التفجيرات. وكانت الرئيسة الأرجنتينية قد عرضت على الرئيس الإيراني الأسبق نجاد أن يتم تكوين لجنة تسمى «لجنة الحقائق» بموجب هذه المذكرة، وعن طريقها تتم تبرئة العناصر الإيرانية مقابل التعاون في التحقيقات، إلا أن النظام الإيراني قرر تغيير اسم اللجنة وتسميتها «لجنة الخبراء»، وبالفعل تمت الموافقة على مذكرة التفاهم من كلا الجانبين، عندما وافق كل من البرلمان الأرجنتيني والإيراني على المذكرة وتفعيلها، وقتها قامت مظاهرات ضخمة في الأرجنتين رفضت تماما هذه المذكرة، وطالبت الحكومة الأرجنتينية بمحاسبة المسؤولين الإيرانيين، لأن هذه المذكرة ليست في مصلحة البلاد، على حد قول كثير من الجمعيات المناهضة لهذه المذكرة.
وبالتالي قام وقتها المدعي العام الشهير ألبيرتو نيسمان الذي اغتيل العام الماضي بالتحقيق في هذه الواقعة، وأصبح يمثل قلقا كبيرا بالنسبة لرئيسة البلاد ووزير خارجيتها الذي حاول بكل ما يملك الاحتفاظ بهذه المذكرة، لأن وقتها كانت تعهدت إيران والأرجنتين بدفع العلاقات الاقتصادية وتطويرها إلى أقصى الحدود بين البلدين مقابل تغاضي الأرجنتين عن الإعلان الدائم عن تورط مسؤولين إيرانيين في أحداث إرهابية وقعت في الأرجنتين التي تسببت في الإضرار بسمعة طهران، بالإضافة إلى ملاحقة عناصر تابعة للحرس الثوري الإيراني.
وأشارت وسائل إعلام أرجنتينية في أوقات عدة إلى تورط جهات تابعة للرئاسة الأرجنتينية السابقة بمقتل المحقق السابق ألبيرتو نيسمان عام 2015، وذلك حتى يتم تخفيف الضغط على الرئيسة السابقة التي كان معروفا عنها أنها صديقة للنظام الفنزويلي إبان حكم الرئيس تشافيز الذي كان وقتها وما زال حليفا استراتيجيا للنظام الإيراني.
إلا أنه مع تغير السياسات الأرجنتينية الحالية وصعود اليمين والمتمثل في الرئيس ماكري، وأفول اليسار المتمثل في الرئيسة كريشنر تغير المشهد السياسي تماما، مما دفع الرئيس الحالي إلى الوفاء بتعهداته وإلغاء مذكرة التفاهم المبرمة مع إيران، قائلا إن المذكرة لم تستفد منها الأرجنتين، كما أنها تؤجج المشاعر في البلاد لخلق إحساس بعدم محاسبة المسؤولين عن موت مواطنين أرجنتينيين ولاتينيين وحتى أوروبيين في التفجيرات البربرية التي عاشتها البلاد في التسعينات، مما يعد صفعة جديدة للدبلوماسية الإيرانية، وفقدانها حلفاء تقليديين كانت تعول عليهم إيران في أميركا الجنوبية في السابق.
النظام الإيراني يتلقى صفعة جديدة من الأرجنتين
حكومة الرئيس ماكري تلغي مذكرة تفاهم أبرمت مع الجانب الإيراني بخصوص محاسبة مسؤولين إيرانيين مطلوبين دوليًا
النظام الإيراني يتلقى صفعة جديدة من الأرجنتين
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة