أوضحت دراسة أميركية أن 82 في المائة من الأميركيين «عنصريون»، سواء كانوا بيضا، أو سودا، أو سمرا، أو صفرا، أو حمرا، لكن، قالت الدراسة إن هذا الإحساس يجب ألا يكون علنيا، وإن «العنصرية مسألة تتجاوز الجنسيات، كما تتجاوز الوعي إلى اللاوعي، الذي هو نفسه لا يزال سرا دفينا بالنسبة لكبار المختصين في موضوع العرق».
وأضاف الدراسة الصادرة العام الماضي: «ليست العنصرية حكرا على شعب دون آخر.. فقط، تتفاوت من بلد إلى آخر». الحل؟ لا حل. قالت الدراسة: «في الولايات المتحدة، يظل أهل الاختصاص يعترفون بعجزهم أمام ظاهرة واضحة، ولا تزال تحيرهم».
وأشارت الدراسة إلى التالي:
أولا: حساسية العلاقات بين البيض والسود بسبب تاريخ تجارة الرقيق والقوانين العنصرية، واستمرار التفرقة بصورة أو بأخرى.
ثانيا: فوز أول أسود برئاسة الجمهورية زاد (ولم يقلل، كما توقع البعض) الحديث عن العلاقات بين السود والبيض. وأعلن البعض «نهاية العرق»، (ليس فقط نهاية العنصرية العرقية)، لكن، طبعا، لم يحدث هذا، بل ربما زاد.
ثالثا: يظل النقاش يدور بين متفائلين يريدون نسيان الماضي وفتح صفحة جديدة، وسلبيين (يقولون إنهم «واقعيون») يرون أن الأعراق والميول العنصرية «أشياء طبيعية لا بد منها».
قبل عامين، نشرت صحيفة «واشنطن بوست» رأيا صريحا كتبه تشارلز أوغلتري، مدير «مركز الأعراق والعدل» التابع لجامعة هارفارد، عن جهود أوباما لحل هذه المشكلة. قال إن أوباما «أعماها، بدلا من أن يفتحها»، وأضاف أوغلتري: «مصالحة نبيذ، مصالحة بيرة، مصالحة شمبانيا.. هكذا نريد بطريقة شبه هزلية، وشبه ساذجة، معالجة أكبر مشكلة اجتماعية تواجه الولايات المتحدة منذ أن تأسست وحتى اليوم».
وكانت دورية «بوبيولار كالتشر»، (الثقافة الشعبية)، نشرت بحثا عنوانه: «العرق والطبقة والجريمة في أميركا»، جاء فيه: «كلما ظهرت مشكلة بين أبيض وأسود، ومن دون أن نحس، نجد أنفسنا ننحاز إلى هذا الجانب أو ذاك»، وأضافت «دائما يوجد نوعان من المنحازين:
أولا: المتطرفون في هذا الجانب أو ذاك، الذين لا يخفون أحاسيسهم.
ثانيا: العقلاء والمعتدلون الذين يقولون إنهم محايدون، لكنهم، في أعماقهم، يعرفون أن هناك ما يجذبهم نحو هذا الجانب أو ذلك».
وأضافت الدورية أن الأبحاث العلمية أثبتت أن الذنب ليس ذنب العقلاء والمعتدلين، وأن الذنب هو ذنب المجتمع، و«ذلك لأن التفرقة (عنصرية، ومالية، وتعليمية، ووطنية، ورجالية، ونسائية) مغروسة غرسا عميقا في المجتمع؛ تراثا، وتاريخا، وتقاليد»، وأنه «حتى لو صرنا عقلاء ومعتدلين، فإننا نحس بأن في أعماقنا شيئا يجذبنا نحو هذه الجماعة أو تلك. وحتى لو ألغينا كل قوانين التفرقة، فإننا نحس بأن هناك تفرقة مبطنة».
قبل عامين، نشرت مجلة «أتلانتيك» تقريرا عن الموضوع عنوانه: «الكلام على اللون»، وقصدت أهمية اللون في تحديد هويات الناس.
وقال التقرير إن علماء النفس «أثبتوا أن اللون يلعب دورا رئيسيا في تحديد المشاعر. وبينما يدل اللون الأبيض على شيء إيجابي، يدل اللون الأسود على شيء سلبي، ولذلك أسباب تاريخية وثقافية، منها:
أولا: رغم حضارات سادت وبادت وسط السود والسمر (الفراعنة في مصر، والأزتكس في المكسيك، وفي ما بين النهرين بالعراق)، فإن البيض يسيطرون على الحضارة الحديثة.
ثانيا: ثقافيا، وحتى في الكتب الدينية، صارت كلمة (أسود) تعني الظلام والظلم والتشاؤم والقبح وسوء الحظ. وصارت كلمة (أبيض) تعني النهار والتفاؤل والجمال والحظ السعيد.
ثالثا: رغم انتشار الحضارة الحديثة في كل العالم تقريبا، فإنه لا يزال السود أقل حظا: سود أميركا، وسود أفريقيا، وسود الهنود الحمر في أميركا الجنوبية، وسود جنوب المحيط الهادي.
رابعا: اليوم، وفي الولايات المتحدة، يظل السود في أسفل السلم الحضاري: أقل تعليما، أقل انسجاما عائليا، وأكثر فقرا، وجريمة، وانحرافا، وأكثر إباحية. ومع استمرار المشكلة، ثم، مؤخرا، تحولها في الولايات المتحدة إلى اشتباكات عنيفة، لا يبدو أن المشكلة ستحل قريبا». وعن هذا قال أوغلتري في صحيفة «واشنطن بوست»: «كلنا طيبون، ومهذبون، وحضاريون، ونقول إننا لسنا عنصريين، لكن، في العقل الباطني تفرقة خفية، ويجب أن نواجهها.. يجب أن نتحدث، خصوصا في عهد أول رئيس أسود، في هذا الموضوع بصراحة».
لكن، ها هي سنوات أول رئيس أسود تكاد تنتهي، وخفت المشكلة أو زادت، يبدو أنها لن تنهى.
دراسة أميركية: 82 % من الأميركيين عنصريون
تحدثت عن حساسية العلاقات بين البيض والسود بسبب استمرار التفرقة
دراسة أميركية: 82 % من الأميركيين عنصريون
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة