عرفت وزيرة الداخلية البريطانية تيريزا ماي تماما كيف توازن بين الأجنحة المؤيدة للخروج من الاتحاد الأوروبي داخل حزب المحافظين، والأجنحة الرافضة لهذا الخروج، وهو ما سمح لها بتقديم نفسها كمرشحة توافق لقيادة هذا الحزب، وبالتالي ترؤس الحكومة، وبالتالي قيادة المفوضات التي ستخوضها الحكومة من أجل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. لكن رغم هذه الوسطية يبقى السؤال مطروحا عند عدد من المشككين في مدى قدرتها على قيادة مفاوضات سلسة.
والمعروف عن تيريزا ماي أنها من المشككين في المشروع الأوروبي، لكنها فضلت مطلع العام البقاء وفية لرئيس الحكومة كاميرون، وانضمت إلى صفه في الدفاع عن البقاء داخل الاتحاد الأوروبي. لكنها قامت بالحد الأدنى في هذا الإطار، وواصلت الكلام عن ضرورة الحد من تدفق المهاجرين، وهو ما قربها من معسكر دعاة الخروج.
وفي ظل الجدل المصاحب لقرار بريطانيا الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، قال أمس وزير بريطاني إن الحكومة تعتقد بعدم وجود حاجة قانونية إلى موافقة البرلمان من أجل تفعيل إجراءات الخروج من الاتحاد الأوروبي التي تعرف بالمادة 50.
وبعث أكثر من ألف من المحامين البريطانيين البارزين برسالة لكاميرون قالوا فيها إن نواب البرلمان يجب أن يقرروا بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، معتبرين أن الاستفتاء الذي جرى في 23 من يونيو (حزيران) الماضي غير ملزم.
وقال وزير الدولة جون بنروز في البرلمان: «إن محامين للحكومة لا يتفقون مع هذا الرأي»، وأضاف موضحا: «يجب التنويه لوجود خطط لإقامة دعاوى قضائية أو هناك قضايا منظورة بالفعل أمام المحاكم في هذا الصدد.. لذا قد يتوصل القضاة لرؤية مختلفة.. وأود ببساطة توضيح أن محامين للحكومة يعتقدون أنها مسألة تتعلق بحق ملكي، لكنني أتمنى أن يتفق كل الموجودين هنا أيضا لتغليب المبادئ الديمقراطية على الإجراءات القانونية. لقد قال رئيس الوزراء بالفعل إن البرلمان سيلعب دورا، ومن الواضح تماما أن قرارا بهذه الأهمية يجب مناقشته بشكل كامل».
وتعتبر ماي أقرب إلى التيار اليميني المحافظ داخل الحزب، وعندما وصفت نفسها قالت: «أنا لا أجول على محطات التلفزة، ولا أحب الثرثرة خلال الغداء، ولا أحتسي الكحول في حانات البرلمان، ولا أوزع العواطف المجانية. أنا أقوم بعملي لا أكثر ولا أقل». وعندما قال عنها النائب المحافظ والوزير السابق كينيث كلارك: «إنها صعبة فعلا»، ردت على هذا التعليق مازحة: «إن أول من سيلاحظ ذلك سيكون جان كلود يونكر»، في إشارة إلى محادثات الخروج المتوقعة مع رئيس المفوضية الأوروبية.
دخلت ماي العمل السياسي عام 1986، وانتخبت مستشارة لقطاع ميرتون في لندن. وبعد فشلها مرتين انتخبت في المرة الثالثة عام 1997 نائبة عن قطاع «مايدينهيد» المزدهر في منطقة بركشاير في جنوب إنجلترا. وخلال العامين 2002 و2003 أصبحت المرأة الأولى التي تتسلم الأمانة العامة لحزب المحافظين. وقد ذاع صيتها أكثر عندما ألقت خطابا وصفت فيه المحافظين عندما كانوا متشددين جدا في يمينيتهم بأنهم «حزب الأشرار»، وهو ما أغضب الكثيرين من أنصار الحزب. وبين 1999 و2010 تسلمت مراكز عدة في حكومة الظل للمحافظين. وفي عام 2005 قدمت الدعم لديفيد كاميرون في حملته لترؤس حزب المحافظين، وعندما أصبح هذا الأخير رئيسا للحكومة عام 2010 كافأها بتسليمها وزارة الداخلية التي بقيت فيها عند إعادة انتخابها عام 2015.
تقول إحدى المتعاونات معها: «إن لدى تيريزا ماي قدرة هائلة على العمل وهي جد متطلبة، لكنها لا تحب المجازفة، وهي موضع ثقة».
لكنها تفتقر، حسب بعض المراقبين، إلى الدفء الإنساني وإلى القدرة على التواصل، ولذلك وزعت أخيرا عددا من صورها الشخصية، وهي تتأبط ذراع زوجها المصرفي فيليب جون ماي، أو خلال زواجها في الكنيسة عام 1980.
تقول تيريزا ماي إنها تحب رياضة المشي والطبخ، وهي قادرة على أن تكون منفتحة على المزاح في حلقاتها الضيقة. وإذا كانت تحرص دائما على أن تبدو كلاسيكية في ثيابها، فهي لا تفوت فرصة لارتداء حذاء جذاب لافت للنظر.
ماي.. هل تصبح المرأة الحديدية في المفاوضات لخروج بريطانيا من «الأوروبي»؟
تعرف بأنها من المشككين في المشروع الأوروبي وهو ما يقربها أكثر من معسكر دعاة الخروج
ماي.. هل تصبح المرأة الحديدية في المفاوضات لخروج بريطانيا من «الأوروبي»؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة