اتفاقية «تدابير دولة الميناء» تساعد في وقف صيد الأسماك غير القانونيhttps://aawsat.com/home/article/682791/%D8%A7%D8%AA%D9%81%D8%A7%D9%82%D9%8A%D8%A9-%C2%AB%D8%AA%D8%AF%D8%A7%D8%A8%D9%8A%D8%B1-%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%8A%D9%86%D8%A7%D8%A1%C2%BB-%D8%AA%D8%B3%D8%A7%D8%B9%D8%AF-%D9%81%D9%8A-%D9%88%D9%82%D9%81-%D8%B5%D9%8A%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B3%D9%85%D8%A7%D9%83-%D8%BA%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D9%86%D9%88%D9%86%D9%8A
اتفاقية «تدابير دولة الميناء» تساعد في وقف صيد الأسماك غير القانوني
خلال العام الماضي بلغ عدد الأسماك المبيعة التي تم اصطيادها بشكل غير قانوني في دول العالم، سمكة واحدة تقريبًا من كل ست أسماك. إلا أنه من المتوقع أن ينخفض هذا العدد بشكل كبير بفضل اتفاقية «تدابير دولة الميناء»، التي تعتبر الأولى من نوعها التي تستهدف خصيصًا معالجة الصيد غير القانوني وغير المبلغ عنه وغير المنظم. وتلزم هذه الاتفاقية الأطراف الموقعة عليها التأكد من أن أي سفينة صيد تدخل موانئها تبلغ عن ذلك حتى لو كان هدفها التزود بالوقود فقط، وأن تكشف عن سجل رحلاتها اليومية، ورخصها، ومعدات الصيد فيها، وتخضع لفحص حمولتها الفعلية للتأكد، وأن توافق سلطات دولة الميناء على تبادل المعلومات حول المخالفات من أجل أن يصبح من الأصعب على هؤلاء الصيادين غير القانونيين نقل عملياتهم إلى أي مكان آخر. وتشكل الاتفاقية، التي أقرتها الدول الأعضاء في منظمة (الفاو) عام 2009 خطوة كبيرة تتجاوز التنظيم الذاتي لقطاع الأطعمة البحرية الذي يخسر 23 مليار دولار سنويًا منه، بسبب أنشطة الصيد غير القانوني وغير المشروع. ودخلت الاتفاقية حيز التنفيذ الآن بعد أن قدمت أكثر من 30 دولة، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي رسميًا، وثائق الانضمام إلى اتفاقية منظمة الفاو، ليبدأ بذلك عهد جديد. وبموجب الاتفاقية، يواجه الأشخاص الذين يصطادون الأسماك ويجنون الأرباح بشكل غير قانوني تكاليف تشغيل أعلى، إضافة إلى خطر الإمساك بهم، نظرًا لأنهم يقوضون الجهود المنسقة لإدارة الموارد البحرية العالمية بطريقة مستدامة وتهدف إلى تحقيق ازدهار في قطاع صيد الأسماك باعتباره نشاطًا حيًا، وليستفيد الناس في كل مكان من المزايا الغذائية للمنتجات البحرية. وتطبق الاتفاقية حاليًا فقط على الدول التي قدمت وثائق الانضمام اللازمة، ويجب أن تنضم مزيد من الدول للاتفاقية لإعطائها دفعة إضافية وتسريع تنفيذها وسريان مفعولها، وعند انضمام مزيد من الدول للاتفاقية، ستقل فرص السفن المارقة للدخول على الموانئ وانتهاك القوانين التي تنظم مستويات الصيد التي عادة ما تحمي التنوع العضوي ومستويات مخزونات الأسماك. ولكن ليس لدينا أي شك في أننا بدأنا العملية ومن المؤكد أن عدد الدول الأعضاء في الاتفاقية سيزداد. وأتقدم بالتهنئة للدول الأعضاء في الاتفاقية، وهي: أستراليا، وبربادوس، والرأس الأخضر، وتشيلي، وكوستاريكا، وكوبا، والدومينيكان، والاتحاد الأوروبي (بالنيابة عن دوله الأعضاء الـ28)، والغابون، وغرينادا، وغينيا، وغويانا، وآيسلندا، وإندونيسيا، وموريشيوس، والموزامبيق، وميانمار، ونيوزيلندا، والنرويج، وسلطنة عُمان، وبالاو، وجمهورية كوريا، وسانت كيتس ونيفس، وسانت فنسنت والغرينادين، وسيشيل، والصومال، وجنوب أفريقيا، وسريلانكا، والسودان، وتايلاند، وتونغا، والولايات المتحدة الأميركية، وأوروغواي، وفانياتو. وبموجب الاتفاقية، سيصبح دخول الأسماك التي يتم اصطيادها بشكل غير قانوني، إلى الأسواق أمرًا أكثر صعوبة، مما يعرقل إتمام أحد المراحل المهمة في سلسلة الإمدادات المعقدة للأغذية البحرية من البحر إلى المائدة. ويمكن أن يقرر بعض القائمين على السفن الإبحار إلى موانئ أبعد، رغم أنَّه قرار مكلف وغير مشجع، بالإضافة إلى ذلك، لن تفلت الموانئ التي تقدم الخدمات لهؤلاء الخارجين عن القانون من اتخاذ إجراءات قانونية بحقها، وستمول الدول الأعضاء في اتفاقية تدابير دولة الميناء الإجراءات الهادفة إلى بناء القدرات للدول التي تحتاجها، كما تقدم منظمة (الفاو) الدعم الفني والقانوني، كما أن التهاون مع تلك الممارسات الخارجة عن القانون سيزيد من عبء فرض الامتثال النهائي. ومما لا شك فيه أنَّ الامتثال أمرٌ حتمي في النهاية، فالجهات الفاعلة في قطاع الأسماك العالمية تستخدم ممارساتها المستدامة بشكل متنام باعتبارها وسيلة تسويقية، كما أن عملية توثيق صيد الأسماك ومشاريع التصنيفات البيئية تكتسب زخمًا، ويمكن أن يزيد امتثال دولة ما بالاتفاقية من الفرص التجارية المتاحة لها. وباعتبارها نقطة تحول في محاربة الأنشطة غير القانونية في قطاع صيد الأسماك، فإن اتفاقية تدابير دولة الميناء هي خطوة ملموسة نحو جعل المحيطات أكثر صحة تطبيقًا للهدف الرابع عشر من جدول الأعمال الجديد لعام 2030 بشأن التنمية المستدامة. ونحن في منظمة (الفاو) نؤكد أن التنمية المستدامة تتطلب جهودًا متكاملة وتعتمد على التأثيرات المتبادلة، الأمر الذي يمكن أن يحفز ردود فعل وتبادل آراء بشكل إيجابي، ويمكن أن تقدم إجراءات التفتيش المتبعة في دول الميناء، على سبيل المثال، بشكل غير مباشر، حلولاً للمخاوف العالمية الأخرى التي من بينها العمل بالسخرة في قطاع صيد الأسماك، والاتجار بأنواع الحيوانات المهددة بالانقراض، كما ستحسن الإدارة المثلى للمناطق البحرية المحمية. * المدير العام لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو)
قنابل موقوتة تهدد الاقتصاد العالمي في 2025https://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF/5091560-%D9%82%D9%86%D8%A7%D8%A8%D9%84-%D9%85%D9%88%D9%82%D9%88%D8%AA%D8%A9-%D8%AA%D9%87%D8%AF%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%8A-%D9%81%D9%8A-2025
ترمب وشي في قمة زعماء مجموعة العشرين بأوساكا باليابان عام 2019 (أرشيفية - رويترز)
رئيس أميركي جديد... حرب تجارية مهددة... استمرار تعثر اقتصاد الصين... اضطرابات سياسية في مراكز القوة بأوروبا... توترات جيوسياسية في الشرق الأوسط... يبدو أن عام 2025 سيكون عاماً آخر استثنائياً. فكيف سيشكل كل ذلك الاقتصاد العالمي في عام 2025؟
في عام 2024، اتجه الاقتصاد العالمي نحو التحسن في ظل تباطؤ معدلات التضخم، رغم استمرار المخاطر.
لكن العام المقبل يقف عند منعطف محوري. فمن المرجح أن يرفع الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب الرسوم الجمركية، واضعاً حواجز حمائية حول أكبر اقتصاد في العالم، بينما سيستمر قادة الصين في التعامل مع عواقب العيوب الهيكلية داخل نموذج النمو في ثاني أكبر اقتصاد بالعالم. أما منطقة اليورو، فستظل محاصرة في فترة من النمو المنخفض للغاية.
وعلى الرغم من كل هذه التحديات، يُتوقع أن يظل الاقتصاد العالمي ككل مرناً نسبياً في 2025. ويفترض صندوق النقد الدولي بتقرير نشره في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أي قبل حسم نتائج الانتخابات الأميركية، أن يظل النمو ثابتاً عند 3.2 في المائة بالعام المقبل، وهو نفسه الذي توقعه لعام 2024. بينما التوقعات بتباطؤ النمو في الولايات المتحدة إلى 2.2 في المائة في عام 2025، من 2.8 في المائة في عام 2024، مع تباطؤ سوق العمل. في حين توقعت جامعة ميشيغان في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أن يتباطأ نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بأميركا إلى 1.9 في المائة في عام 2025.
وفي منطقة اليورو، من المتوقع أن يبلغ النمو 1.2 في المائة في عام 2025، وهو أضعف قليلاً من توقعات الصندوق السابقة. ويشار هنا إلى أن الأحداث السياسية في كل من فرنسا وألمانيا سيكون لها وقعها على نمو منطقة اليورو ككل. فالسياسات الاقتصادية الفرنسية والألمانية تعوقها حالة كبيرة من عدم اليقين السياسي بعد استقالة رئيس الوزراء الفرنسي ميشال بارنييه ضحية الموازنة، وانهيار الائتلاف الحكومي في ألمانيا للسبب نفسه.
أما الصين، فيتوقع الصندوق أن ينمو ناتجها المحلي الإجمالي بنسبة 4.6 في المائة في عام 2025 مع مخاوف تحديات استمرار ضعف سوق العقارات، وانخفاض ثقة المستهلكين والمستثمرين، وذلك في وقت تكافح فيه بكين للتوفيق بين إعادة توجيه استراتيجيتها للنمو والضغوط قصيرة الأجل لإجراءات التحفيز غير المكتملة. لكن وكالة «فيتش» أقدمت منذ أيام على خفض توقعاتها السابقة بالنسبة لنمو الاقتصاد الصيني من 4.5 في المائة إلى 4.3 في المائة.
السياسة النقدية في 2024
لقد كان من الطبيعي أن يمثل تباطؤ التضخم المسجل في عام 2024، أرضية لبدء مسار خفض أسعار الفائدة من قبل المصارف المركزية الكبرى. وهو ما حصل فعلاً. فالاحتياطي الفيدرالي خفّض أسعار الفائدة الفيدرالية مرتين وبمقدار 75 نقطة أساس حتى نوفمبر 2024 - و25 نقطة أساس أخرى متوقعة باجتماع في 17 و18 ديسمبر (كانون الأول) الحالي - لتصل إلى 4.50 - 4.75 في المائة، رغم نمو الاقتصاد بواقع 3 في المائة.
أما المصرف المركزي الأوروبي، فأجرى خفضاً للفائدة 4 مرات في 2024 وبواقع 25 نقطة أساس كل مرة إلى 3.00 في المائة بالنسبة لسعر الفائدة على الودائع.
بنك إنجلترا من جهته، خفّض أسعار الفائدة مرتين بمقدار 25 نقطة أساس (حتى اجتماعه في نوفمبر).
وبالنسبة لبنك الشعب (المصرف المركزي الصيني)، فلقد كان التيسير مع مجموعة أدواته الموسعة حافلاً هذا العام، حيث تم الإعلان عن إصلاح إطار عمل جديد للسياسة النقدية في شهر يونيو (حزيران)، وتخفيضات بمقدار 30 نقطة أساس في سعر إعادة الشراء العكسي لمدة 7 أيام، وتخفيضات بمقدار 100 نقطة أساس في سعر إعادة الشراء العكسي، وبرامج جديدة لدعم أسواق الأسهم والعقارات.
إلا أن المفاجأة كانت في تغيير زعماء الصين موقفهم بشأن السياسة النقدية إلى «ميسرة بشكل معتدل» من «حكيمة» للمرة الأولى منذ 14 عاماً، ما يعني أن القيادة الصينية تأخذ المشاكل الاقتصادية على محمل الجد. وكانت الصين تبنت موقفاً «متراخياً بشكل معتدل» آخر مرة في أواخر عام 2008، بعد الأزمة المالية العالمية وأنهته في أواخر عام 2010.
ولكن ماذا عن عام 2025؟
سوف تستمر المصارف المركزية في خفض أسعار الفائدة على مدى العام المقبل، ولكن في أغلب الاقتصادات الكبرى سوف تمضي هذه العملية بحذر.
بالنسبة للاحتياطي الفيدرالي، يبدو أن التوقف عن الخفض في اجتماع يناير (كانون الثاني) أمر محتمل، حيث إنه سيكون لديه بحلول اجتماع مارس (آذار)، فهم أكثر وضوحاً لخطط الرئيس دونالد ترمب بشأن التعريفات والضرائب والإنفاق والهجرة وغيرها. ومن المؤكد أن احتمالات خفض الضرائب المحلية لدعم النمو التي ستدفع بالطبع التضخم إلى الارتفاع، ستؤيد مساراً أبطأ وأكثر تدريجية لخفض أسعار الفائدة العام المقبل. وهناك توقعات بحصول خفض بمقدار 25 نقطة أساس لكل ربع في عام 2025.
أما المصرف المركزي الأوروبي، فيبدو أنه مصمم الآن على المضي قدماً في إعادة أسعار الفائدة إلى المستوى المحايد بأسرع ما يمكن مع ضعف النمو الشديد وتباطؤ ظروف سوق العمل، وسط توقعات بأن يخفض سعر الفائدة الرئيسي إلى نحو 1.5 في المائة بحلول نهاية عام 2025. ومن بين العواقب المترتبة على ذلك أن اليورو من المرجح أن يضعف أكثر، وأن يصل إلى التعادل مقابل الدولار الأميركي العام المقبل.
وعلى النقيض من المصرف المركزي الأوروبي، يتخذ بنك إنجلترا تخفيضات أسعار الفائدة بشكل تدريجي للغاية. ومن المتوقع أن تعمل الموازنة الأخيرة وكل الإنفاق الحكومي الإضافي الذي جاء معها، على تعزيز النمو في عام 2025. وهناك توقعات بأن يقفل العام المقبل عند سعر فائدة بواقع 3.75 في المائة، قبل أن ينخفض إلى أدنى مستوى دوري عند 3.50 في المائة في أوائل عام 2026.
أما بنك الشعب، فسوف يبني العام المقبل على الأسس التي وضعها هذا العام، حيث تشير التوقعات إلى تخفيضات تتراوح بين 20 و30 نقطة أساس في أسعار الفائدة، مع مزيد من التخفيضات إذا جاءت الرسوم الجمركية الأميركية في وقت مبكر أو أعلى مما هو متوقع حالياً، وفق مذكرة للمصرف الأوروبي «آي إن جي». ومن المتوقع على نطاق واسع خفض آخر لمعدل الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في الأشهر المقبلة، حتى إنه يمكن حصول تخفيضات تراكمية بمقدار 100 نقطة أساس في معدل الفائدة قبل نهاية عام 2025.
حرب تجارية على الأبواب؟
وبين هذا وذاك، هناك ترقب كبير للتعريفات الجمركية التي تعهد ترمب بفرضها، والتي يرجح على نطاق واسع أن تلعب مرة أخرى دوراً رئيساً في أجندته السياسية، وهو ما ستكون له انعكاساته بالتأكيد على الاقتصاد العالمي.
فترمب هدّد في البداية مثلاً بفرض رسوم جمركية بنسبة 60 في المائة على جميع الواردات الصينية، ورسوم جمركية تتراوح بين 10 في المائة و20 في المائة على الواردات من جميع البلدان الأخرى. ثم توعّد المكسيك وكندا بفرض تعريفات جمركية بنسبة 25 في المائة على جميع الواردات منهما، إذا لم تحلّا مشكلة المخدرات والمهاجرين على الحدود مع الولايات المتحدة، و10 في المائة رسوماً جمركية على الواردات من الصين (تضاف إلى الرسوم الحالية) بمجرد تنصيبه في 20 يناير. ولاحقاً، توعد مجموعة «بريكس» بفرض تعريفات جمركية تصل إلى 100 في المائة، إذا أقدمت على إنشاء عملة جديدة من شأنها إضعاف الدولار.
ويبدو أن ترمب جاد هذه المرة في فرض التعريفات الجمركية التي يصفها بأنها أجمل كلمة في القاموس، بدليل ترشيحه الرئيس التنفيذي لشركة «كانتور فيتزجيرالد» في وول ستريت، هوارد لوتنيك، لتولي منصب وزير التجارة، والذي قال عنه إنه «سيتولى ملف التجارة والتعريفات».
وينص قانون سلطات الطوارئ الاقتصادية الدولية على قدرة الرئيس على إصدار إجراءات اقتصادية طارئة للتعامل مع «أي تهديد غير عادي واستثنائي، يكون مصدره بالكامل أو جزئياً خارج الولايات المتحدة، للأمن القومي أو السياسة الخارجية أو اقتصاد الولايات المتحدة». وهو ما يطلق يد ترمب في إقرار رسوم جمركية جديدة.
من هنا، قد تشكل الحرب التجارية أكبر خطر يهدد النمو العالمي في عام 2025. ورسم المحللون أوجه تشابه مع ثلاثينات القرن العشرين، عندما أدى فرض التعريفات الجمركية الأميركية إلى رد فعل انتقامي من قبل حكومات أخرى، وأدى إلى انهيار التجارة العالمية الذي أدى بدوره إلى تعميق الكساد الأعظم.
وفي أواخر أكتوبر، تناول صندوق النقد الدولي في تقرير له، التأثيرات المترتبة على النمو والتضخم في حرب تجارية محتملة عام 2025. فوضع التقرير سيناريو حرب تجارية مع افتراض فرض تعريفات جمركية أميركية بنسبة 10 في المائة على جميع الواردات، تقابلها إجراءات انتقامية واسعة النطاق من جانب أوروبا والصين تعادل 10 في المائة تعريفات جمركية على الصادرات الأميركية، وعلى جميع التجارة بين الصين والاتحاد الأوروبي، على أن يتم تنفيذها بحلول منتصف عام 2025.
في هذا السيناريو، يتوقع صندوق النقد الدولي أن تؤدي التعريفات الجمركية إلى خفض نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة -0.1 في المائة في عام 2025، مما يخفض توقعاته الأساسية من 3.2 في المائة إلى 3.1 في المائة.
مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) من جهته يحذر من آفاق غير مؤكدة تواجه التجارة العالمية عام 2025، بسبب تهديد الحروب التجارية. ويعدّ أن «آفاق التجارة في عام 2025 مشوبة بتحولات محتملة في السياسة الأميركية، بما في ذلك التعريفات الجمركية الأوسع نطاقاً التي قد تعطل سلاسل القيمة العالمية وتؤثر على الشركاء التجاريين الرئيسين».
وفي استطلاع أجرته «رويترز» مؤخراً مع 50 اقتصادياً، قدّر هؤلاء أن ينخفض معدل النمو الاقتصادي في الصين بمقدار من 0.5 إلى 1.0 نقطة مئوية في عام 2025، حال تم فرض التعريفات الجمركية.
الدين العالمي إلى مستويات قياسية
ولا تقتصر التحديات التي يواجهها الاقتصاد العالمي على ما سبق تعداده، فالعالم يواجه اليوم تحدياً غير مسبوق مع تصاعد الديون العالمية إلى 323 تريليون دولار، بحسب بيانات معهد التمويل الدولي، وهو رقم يصعب تخيله أو استيعابه، والمتوقع ارتفاعه أكثر في 2025 إذا نفذ ترمب تعهداته.
فالتقلبات المتوقعة لسياسات ترمب دفعت بعض الدول إلى إصدار ديون قبل توليه منصبه، عندما قد تصبح الأسواق أقل قابلية للتنبؤ.
وحذر معهد التمويل الدولي من أن التوترات التجارية المزدادة وانقطاعات سلسلة التوريد تهدد النمو الاقتصادي العالمي، مما يزيد من احتمالات حدوث دورات ازدهار وكساد صغيرة في أسواق الديون السيادية مع عودة الضغوط التضخمية وتشديد المالية العامة. وسوف تفاقم زيادة تكلفة الفائدة نتيجة لذلك الضغوط المالية وتجعل إدارة الديون صعبة بشكل مزداد.
وأخيراً لا شك أن التحولات الجيوسياسية تلعب دوراً مهماً في تشكيل الاقتصاد العالمي عام 2025. وهي تفترض مراقبة خاصة ودقيقة ومعمقة لتداعيات التنافس بين الولايات المتحدة والصين، التي قد تزداد وتيرتها حدة لتكون عواقبها الاقتصادية محسوسة على مدى سنوات، وليس أشهراً، بحيث يتردد صداها طوال العام المقبل وما بعده.