أبدت برلين وباريس وروما، أمس، معارضة فتح مفاوضات مع بريطانيا حول مرحلة ما بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي، ما دام لم تقدم رسميا طلب الانسحاب، كما أعلنت المستشارة الألمانية آنجيلا ميركل.
وقالت ميركل: «نحن متفقون على أنه لن تحصل مفاوضات رسمية أو غير رسمية حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ما دام لم يتم تقديم طلب خروج من الاتحاد الأوروبي على مستوى المجلس الأوروبي». وجاء ذلك في ختام لقائها الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ورئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي في برلين.
من جهتها، أكدت منسقة السياسة الخارجية الأوروبية فيدريكا موغيريني «أنها فترة صعبة ليس فقط بالنسبة إلى البريطانيين، وإنما أيضا للاتحاد الأوروبي والشركاء»، عقب محادثات في بروكسل مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري الذي زار روما، وستكون لندن هي المحطة التالية.
وقالت موغيريني، في مؤتمر صحافي، إنها ناقشت مع الوزير كيري «شراكتنا القوية، ليس فقط من أجل مصلحة مواطنينا، وإنما أيضا من أجل السلام والأمن في العالم». ووصفت النقاش بأنه كان جيدا للغاية حول الوضع الراهن، وخاصة للتأكيد من جديد على الشراكة وقوة دور الاتحاد الأوروبي مع شركائه في العالم. والاستمرار في عالم موحد، وخاصة في منطقتنا ونحن نعمل بشكل مستمر في ملفات عدة ومنها الرباعية الدولية لعملية لإسلام في الشرق الأوسط وملفات تتعلق بالأوضاع في سوريا وليبيا وغيرها».
وألمحت إلى لقاءات قادمة ستجمعها مع الوزير الأميركي، ومنها قمة حلف الناتو في بولندا في النصف الأول من الشهر المقبل، وزيارة كيري إلى بروكسل في الثامن عشر من يوليو (تموز) للمشاركة في جزء من اجتماعات وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي.
وخلال لقائه مع موغيريني ورئيس المفوضية جان يونكر، استمع كيري إلى وجهة نظر الأوروبيين حول المرحلة الانتقالية عقب نتائج الاستفتاء البريطاني. وتعليقا عن خروج بريطانيا، قال كيري في المؤتمر الصحافي: «إنها الديمقراطية ويجب أن تُحترم». واتفق المراقبون في بروكسل على أهمية زيارة كيري إلى مؤسسات الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو في هذا التوقيت، من أجل ضمان استمرار شراكة قوية مع الولايات المتحدة في ملفات متعددة.
وبهذا الصدد، قال جولدنار سونموت، الخبير والمحلل السياسي في مقر المفوضية ببروكسل، لـ«الشرق الأوسط»: «بعد الاستفتاء البريطاني، لا شك أن توازنات الشراكة عبر الأطلسي ستتغير، وسيعمل الجانبان الأوروبي والأميركي على إعادة هيكلة العلاقات. وفي الوقت نفسه، سوف تعود العلاقات بين الجانبين عبر وجود بريطانيا في حلف الناتو، وستكون العلاقة بين الناتو والاتحاد الأوروبي إطارا يجمع كل هذه الأطراف، ولهذا جاء كيري إلى بروكسل في زيارة مفاجئة لمناقشة هذا الملف وملفات أخرى، ومنها الوضع في منطقة الشرق الأوسط وملفات استراتيجية أخرى».
من جانبها، تعهدت موغيريني ببقاء الاتحاد الأوروبي قويا مثلما كان من قبل وضمان استمرار الشراكة القوية مع واشنطن. وخلال المؤتمر الصحافي، تناوب كل من موغيريني وكيري على إطلاق تطمينات بعد نتائج الاستفتاء البريطاني. وقال الوزير الأميركي: «بالنسبة إلى الولايات المتحدة الأميركية، من المهم رؤية اتحاد أوروبي قوي؛ لأننا نعمل معا في مجالات محاربة الإرهاب والتغير المناخي والحفاظ على الأمن، وكذلك موضوع الهجرة»، وفق تعبيره.
وشدد كيري على ضرورة أن يتم تجاوز هذه المرحلة «الانتقالية» بشكل من العقلانية، محذرا من مغبة الاستسلام للرغبة في الانتقام أو الوقوع في فخ الانقسام. وأوضح وزير الخارجية الأميركي أن بلاده يمكنها التعاون مع الأوروبيين لمعالجة الآثار والتداعيات الناتجة عن الاستفتاء؛ حيث «هناك تحديات وآثار على حياة الناس لا يمكن تجنبها ويتعين مواجهتها معًا»، على حد قوله. وأكد ضرورة البحث عن خريطة طريق مشتركة للعمل معا، مع التركيز على تمسك بلاده بعلاقات متميزة مع المملكة المتحدة.
أما منسقة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، فقد طمأنت ضيفها الأميركي إلى صلابة وقوة الاتحاد الأوروبي رغم خسارة بريطانيا، وقالت: «شراكتنا باقية وقوية وضرورية من أجل الحفاظ على الأمن والسلام في العالم»، على حد تعبيرها. وأوضحت أن المسؤولين الأوروبيين أرادوا إحاطة نظرائهم الأميركيين بالخطوات التي يتعين اتباعها في المستقبل؛ حيث رأت أن «الوضع الحالي صعب بالنسبة إلينا وللبريطانيين ولشركائنا، ولكننا سنظل أقوياء».
على صعيد متصل، فند المتحدث باسم المفوضية الأوروبية ماغاريتس شيناس المواقف القائلة بأن الاتفاق الذي عقد بين دول الاتحاد وبريطانيا في فبراير (شباط) الماضي، لضمان بقائها فيه لم يكن كافيا، ما أدى إلى نتائج سلبية في استفتاء يوم الجمعة الماضي.
وقال المتحدث في معرض رده على أسئلة الصحافيين بهذا الشأن: «نحن لم نطلب الاستفتاء، فعلى من نظمه أن يتحمل نتائجه»، حسب تعبيره. وأكد أن المفوضية عملت على إعداد اتفاق في فبراير (شباط) الماضي، وافقت عليه جميع الدول: «ولكن الشعب البريطاني اتخذ قراره، ونحن نعمل على إعلاء شأن المصلحة الجماعية وضمان حسن تنفيذ المعاهدات». وأبدى شيناس استعداد المفوضية لإدارة الأزمة الراهنة، مشددا على أن الجهاز التنفيذي الأوروبي ليس المسؤول عنها، كما جاء على لسان بعض المسؤولين الأوروبيين.
ورفض المتحدث أي كلام عن إمكانية استقالة رئيس المفوضية جان كلود يونكر بعد الاستفتاء البريطاني، الذي أظهر رغبة نحو 52 في المائة من السكان بالخروج من الاتحاد. كما حرص المتحدث على نفي وجود أي توتر بين يونكر ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون على خلفية الاستفتاء، حيث قال: «تحادثنا اليوم هاتفيا، وكان محادثة هادئة تم التطرق إلى إمكانية عقد لقاء ثنائي على هامش القمة غدا». ورفض شيناس التكهن بما ستكون عليه السيناريوهات القادمة، مشددا على أن العمل لن ينطلق حتى قيام بريطانيا بتقديم إخطار لتفعيل المادة 50 الناظمة لعملية خروج أي دولة من الاتحاد.
برلين وباريس وروما ترفض التفاوض مع لندن قبل تقديمها طلبًا رسميًا بالانفصال
كيري وموغيريني يعبران عن تمسكهما بالشراكة القوية بين واشنطن وبروكسل
برلين وباريس وروما ترفض التفاوض مع لندن قبل تقديمها طلبًا رسميًا بالانفصال
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة