برلين وباريس وروما ترفض التفاوض مع لندن قبل تقديمها طلبًا رسميًا بالانفصال

كيري وموغيريني يعبران عن تمسكهما بالشراكة القوية بين واشنطن وبروكسل

المستشارة الألمانية آنجيلا ميركل تجتمع برئيس المجلس الأوروبي دونالد تاسك في برلين أمس (إ. ب. أ)
المستشارة الألمانية آنجيلا ميركل تجتمع برئيس المجلس الأوروبي دونالد تاسك في برلين أمس (إ. ب. أ)
TT

برلين وباريس وروما ترفض التفاوض مع لندن قبل تقديمها طلبًا رسميًا بالانفصال

المستشارة الألمانية آنجيلا ميركل تجتمع برئيس المجلس الأوروبي دونالد تاسك في برلين أمس (إ. ب. أ)
المستشارة الألمانية آنجيلا ميركل تجتمع برئيس المجلس الأوروبي دونالد تاسك في برلين أمس (إ. ب. أ)

أبدت برلين وباريس وروما، أمس، معارضة فتح مفاوضات مع بريطانيا حول مرحلة ما بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي، ما دام لم تقدم رسميا طلب الانسحاب، كما أعلنت المستشارة الألمانية آنجيلا ميركل.
وقالت ميركل: «نحن متفقون على أنه لن تحصل مفاوضات رسمية أو غير رسمية حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ما دام لم يتم تقديم طلب خروج من الاتحاد الأوروبي على مستوى المجلس الأوروبي». وجاء ذلك في ختام لقائها الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند ورئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي في برلين.
من جهتها، أكدت منسقة السياسة الخارجية الأوروبية فيدريكا موغيريني «أنها فترة صعبة ليس فقط بالنسبة إلى البريطانيين، وإنما أيضا للاتحاد الأوروبي والشركاء»، عقب محادثات في بروكسل مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري الذي زار روما، وستكون لندن هي المحطة التالية.
وقالت موغيريني، في مؤتمر صحافي، إنها ناقشت مع الوزير كيري «شراكتنا القوية، ليس فقط من أجل مصلحة مواطنينا، وإنما أيضا من أجل السلام والأمن في العالم». ووصفت النقاش بأنه كان جيدا للغاية حول الوضع الراهن، وخاصة للتأكيد من جديد على الشراكة وقوة دور الاتحاد الأوروبي مع شركائه في العالم. والاستمرار في عالم موحد، وخاصة في منطقتنا ونحن نعمل بشكل مستمر في ملفات عدة ومنها الرباعية الدولية لعملية لإسلام في الشرق الأوسط وملفات تتعلق بالأوضاع في سوريا وليبيا وغيرها».
وألمحت إلى لقاءات قادمة ستجمعها مع الوزير الأميركي، ومنها قمة حلف الناتو في بولندا في النصف الأول من الشهر المقبل، وزيارة كيري إلى بروكسل في الثامن عشر من يوليو (تموز) للمشاركة في جزء من اجتماعات وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي.
وخلال لقائه مع موغيريني ورئيس المفوضية جان يونكر، استمع كيري إلى وجهة نظر الأوروبيين حول المرحلة الانتقالية عقب نتائج الاستفتاء البريطاني. وتعليقا عن خروج بريطانيا، قال كيري في المؤتمر الصحافي: «إنها الديمقراطية ويجب أن تُحترم». واتفق المراقبون في بروكسل على أهمية زيارة كيري إلى مؤسسات الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو في هذا التوقيت، من أجل ضمان استمرار شراكة قوية مع الولايات المتحدة في ملفات متعددة.
وبهذا الصدد، قال جولدنار سونموت، الخبير والمحلل السياسي في مقر المفوضية ببروكسل، لـ«الشرق الأوسط»: «بعد الاستفتاء البريطاني، لا شك أن توازنات الشراكة عبر الأطلسي ستتغير، وسيعمل الجانبان الأوروبي والأميركي على إعادة هيكلة العلاقات. وفي الوقت نفسه، سوف تعود العلاقات بين الجانبين عبر وجود بريطانيا في حلف الناتو، وستكون العلاقة بين الناتو والاتحاد الأوروبي إطارا يجمع كل هذه الأطراف، ولهذا جاء كيري إلى بروكسل في زيارة مفاجئة لمناقشة هذا الملف وملفات أخرى، ومنها الوضع في منطقة الشرق الأوسط وملفات استراتيجية أخرى».
من جانبها، تعهدت موغيريني ببقاء الاتحاد الأوروبي قويا مثلما كان من قبل وضمان استمرار الشراكة القوية مع واشنطن. وخلال المؤتمر الصحافي، تناوب كل من موغيريني وكيري على إطلاق تطمينات بعد نتائج الاستفتاء البريطاني. وقال الوزير الأميركي: «بالنسبة إلى الولايات المتحدة الأميركية، من المهم رؤية اتحاد أوروبي قوي؛ لأننا نعمل معا في مجالات محاربة الإرهاب والتغير المناخي والحفاظ على الأمن، وكذلك موضوع الهجرة»، وفق تعبيره.
وشدد كيري على ضرورة أن يتم تجاوز هذه المرحلة «الانتقالية» بشكل من العقلانية، محذرا من مغبة الاستسلام للرغبة في الانتقام أو الوقوع في فخ الانقسام. وأوضح وزير الخارجية الأميركي أن بلاده يمكنها التعاون مع الأوروبيين لمعالجة الآثار والتداعيات الناتجة عن الاستفتاء؛ حيث «هناك تحديات وآثار على حياة الناس لا يمكن تجنبها ويتعين مواجهتها معًا»، على حد قوله. وأكد ضرورة البحث عن خريطة طريق مشتركة للعمل معا، مع التركيز على تمسك بلاده بعلاقات متميزة مع المملكة المتحدة.
أما منسقة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، فقد طمأنت ضيفها الأميركي إلى صلابة وقوة الاتحاد الأوروبي رغم خسارة بريطانيا، وقالت: «شراكتنا باقية وقوية وضرورية من أجل الحفاظ على الأمن والسلام في العالم»، على حد تعبيرها. وأوضحت أن المسؤولين الأوروبيين أرادوا إحاطة نظرائهم الأميركيين بالخطوات التي يتعين اتباعها في المستقبل؛ حيث رأت أن «الوضع الحالي صعب بالنسبة إلينا وللبريطانيين ولشركائنا، ولكننا سنظل أقوياء».
على صعيد متصل، فند المتحدث باسم المفوضية الأوروبية ماغاريتس شيناس المواقف القائلة بأن الاتفاق الذي عقد بين دول الاتحاد وبريطانيا في فبراير (شباط) الماضي، لضمان بقائها فيه لم يكن كافيا، ما أدى إلى نتائج سلبية في استفتاء يوم الجمعة الماضي.
وقال المتحدث في معرض رده على أسئلة الصحافيين بهذا الشأن: «نحن لم نطلب الاستفتاء، فعلى من نظمه أن يتحمل نتائجه»، حسب تعبيره. وأكد أن المفوضية عملت على إعداد اتفاق في فبراير (شباط) الماضي، وافقت عليه جميع الدول: «ولكن الشعب البريطاني اتخذ قراره، ونحن نعمل على إعلاء شأن المصلحة الجماعية وضمان حسن تنفيذ المعاهدات». وأبدى شيناس استعداد المفوضية لإدارة الأزمة الراهنة، مشددا على أن الجهاز التنفيذي الأوروبي ليس المسؤول عنها، كما جاء على لسان بعض المسؤولين الأوروبيين.
ورفض المتحدث أي كلام عن إمكانية استقالة رئيس المفوضية جان كلود يونكر بعد الاستفتاء البريطاني، الذي أظهر رغبة نحو 52 في المائة من السكان بالخروج من الاتحاد. كما حرص المتحدث على نفي وجود أي توتر بين يونكر ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون على خلفية الاستفتاء، حيث قال: «تحادثنا اليوم هاتفيا، وكان محادثة هادئة تم التطرق إلى إمكانية عقد لقاء ثنائي على هامش القمة غدا». ورفض شيناس التكهن بما ستكون عليه السيناريوهات القادمة، مشددا على أن العمل لن ينطلق حتى قيام بريطانيا بتقديم إخطار لتفعيل المادة 50 الناظمة لعملية خروج أي دولة من الاتحاد.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».