بعد انتخابات غير محسومة.. المحافظون الإسبان يطالبون بتشكيل الحكومة

الحزب الشعبي لا يزال بعيدًا عن أغلبية مطلقة.. ويحتاج إلى دعم أحزاب أخرى

بعد انتخابات غير محسومة.. المحافظون الإسبان يطالبون بتشكيل الحكومة
TT

بعد انتخابات غير محسومة.. المحافظون الإسبان يطالبون بتشكيل الحكومة

بعد انتخابات غير محسومة.. المحافظون الإسبان يطالبون بتشكيل الحكومة

يسعى المحافظون في إسبانيا إلى تشكيل حكومة تضع حدا لأشهر من الشلل السياسي بعد تصدرهم انتخابات عامة غير محسومة، خرجوا منها أقوى من السابق.
وكان الحزب الشعبي الفائز الأكبر في الانتخابات التشريعية التي جرت أول من أمس، والتي كانت الثانية التي تنظم في ستة أشهر. وقد جرت في أجواء من الاضطراب نجم عن صدمة تصويت البريطانيين على الخروج من الاتحاد الأوروبي، الذي يرى محللون أنه قد يكون أثر على نتيجة الانتخابات.
والنتائج غير الحاسمة تشبه إلى حد كبير ما حدث في انتخابات ديسمبر (كانون الأول) الماضي، عندما تصدرها الحزب الشعبي يليه الاشتراكيون، ثم ائتلاف من اليسار المتطرف، الذي يقوده حزبا «نستطيع» (بوديموس) و«المواطنة» (سيودادانوس).
لكن خلافا للأحزاب الثلاثة الأخرى التي خسرت مقاعد أو أصواتا أو الاثنين معا، فإن الحزب الشعبي خرج من الانتخابات أقوى، متجاوزا التوقعات والنتيجة التي حققها في ديسمبر الماضي، حيث حصل على 137 مقعدا في البرلمان الذي يضم 350.
غير أن الحزب الشعبي، الذي يتزعمه رئيس الوزراء المنتهية ولايته ماريانو راخوي، لا يزال بعيدا عن أغلبية مطلقة، ويحتاج إلى دعم أحزاب أخرى لتشكيل حكومة، وهي مهمة ليست بالسهلة. غير أن المقاعد الإضافية تعطي راخوي مزيدا من النفوذ في المفاوضات لتشكيل تحالف، إضافة إلى أن الأحزاب السياسية تتعرض لضغط للتوصل إلى اتفاق يجنبها جولة ثالثة من الانتخابات.
وبجرأة مد راخوي يده أمس إلى أحزاب أخرى وخصوصا الاشتراكيين، وقال للإذاعة الإسبانية إنه سيتحدث إلى الحزب الاشتراكي أولا «الذي يبقى القوة السياسية الثانية في بلادنا». وقد يتحالف الحزب الشعبي مع حزب المواطنة الصديق للسوق، غير أن العدد الإجمالي للمقاعد لن يكون كافيا لتشكيل حكومة غالبية من الوسط اليمين، والفوز في التصويت الضروري على الثقة.
لذلك سيتعين عليهم التقرب من أحزاب محلية أصغر، ومن الاشتراكيين الذين حلوا ثانيا بـ85 مقعدا، في أسوأ نتيجة لهم في التاريخ الحديث.
ويمكن أن يقرر الحزب الاشتراكي الامتناع عن التصويت في البرلمان للسماح للحكومة بالحصول على الثقة، وتجنيب البلاد جولة ثالثة من الانتخابات. لكن الحزب الغاضب إثر سلسلة فضائح فساد هزت أركان الحزب الشعبي، إضافة إلى إجراءات تقشف قاسية تحت إشراف راخوي، قد لا يرغب في دعم حكومة يكون هو رئيسها. وفي الواقع فإن أحزابا تنافست قبل الانتخابات أصرت على حقيقة واضحة مفادها أنها تريد إقصاء راخوي بغض النظر عن النتيجة. وبهذا الخصوص قال سيزار لوينا، الرجل الثاني في الحزب الاشتراكي: «لن ندعم راخوي»، منذرا بذلك بما قد يكون مفاوضات ائتلاف شاقة. وردا على سؤال عما إذا كان الاشتراكيون قد يفكرون بالامتناع عن التصويت قال لوينا إن المسألة ستناقش في أوانها، مشددا على أن الحزب الاشتراكي «يريد استبدال راخوي».
وفي حملته الانتخابية، دعا حزب «المواطنة» أيضا من جهته راخوي إلى الاستقالة. لكن النتيجة التي حققها الحزب الشعبي وفاقت التوقعات، ستجعل تلك المسألة أكثر صعوبة. وبهذا الخصوص قال خوسيه بابلو فرنانديز من مؤسسة متروسكوبيا للاستطلاعات إن «راخوي جاء أقوى داخل حزبه ولن يتمكن أحد الآن من أن يقول له إنه سيعرقل تشكيل حكومة».
ويبقى الخاسر الأكبر في انتخابات أول من أمس هو ائتلاف أقصى اليسار، الذي يضم «بوديموس» والشيوعيين في حركة الدفاع عن البيئة (الخضر)، الذي توقعت استطلاعات الرأي أن يحل ثانيا مكان الاشتراكيين، كالقوة اليسارية الرئيسية في البلاد. وفي هذا السياق أوضح محللون أن الحزب الشعبي قام بحملة ناجحة في مواجهة ائتلاف «بالاتحاد نستطيع» (أونيدوس بوديموس)، مؤكدا الحاجة إلى الاستقرار في وجه «التطرف» و«الشعبوية»، مضيفين أن صدمة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي زادت من رغبة الناخبين في الاستقرار.
واحتفت سوق الأسهم في إسبانيا لفترة وجيزة صباح أمس بفوز المحافظين، حيث سجل مؤشر «ايبكس 35» الرئيسي ارتفاعا بأكثر من 3 في المائة، قبل أن ينخفض أسوة بأسواق أخرى تأثرت بالاستفتاء البريطاني. وقال أنتون لوسادا الخبير السياسي في جامعة سانتياغو دي كومبوستيلا إن «الكثير من الناخبين اختاروا الأحزاب القديمة.. الأحزاب الراسية على فكرة أوروبا»، موضحا أن «هناك شعورا بالدخول إلى منطقة لا نعرف حقيقة ما سيحصل فيها (مع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي) وفي المنطقة هذه فالأفضل هو أن نراهن على ما نعرف أنه يعمل».



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».