صراع إعلام المعارضة مع الحكومة الجزائرية يصل إلى السجن والمنع

أزمة صفقة بيع «الخبر» تكشف صراع الأجنحة

صراع إعلام المعارضة مع الحكومة الجزائرية يصل إلى السجن والمنع
TT

صراع إعلام المعارضة مع الحكومة الجزائرية يصل إلى السجن والمنع

صراع إعلام المعارضة مع الحكومة الجزائرية يصل إلى السجن والمنع

أعلن محامو مجمع إعلامي كبير بالجزائر عن الطعن على قرار قاضي التحقيق بمحكمة بالعاصمة سجن مدير الفضائية التي تتبع للمجمَع، ومدير الإنتاج بها، ومديرة بوزارة الثقافة. وسبب سجنهم، حسب القضاء، مخالفة مضمون تراخيص تتعلق ببرنامجين تلفزيونيين، أحدهما ساخر، تم منعهما من التسجيل منذ يومين بتدخَل قوات الدرك التي أغلقت استوديوهاتهما.
وتم إيداع الطعن أمس بـ«مجلس قضاء الجزائر العاصمة»، وهي الدرجة الثانية في سلم التقاضي، من طرف المتحدث باسم فريق دفاع مجمَع «الخبر»، المحامي خالد برغل، الذي احتج بشدة على وضع الأشخاص الثلاثة في الحبس الاحتياطي، منذ الجمعة الماضية، وهم مهدي بن عيسى مدير قناة «الخبر»، ورياض حرتوف مدير الإنتاج بها، ومونية نجاعي مديرة التراخيص الخاصة بتسجيل البرامج بوزارة الثقافة.
وقال برغل لـ«الشرق الأوسط»، إن قاضي التحقيق «أظهر تعسفا كبيرا بإيداعهم الحبس الاحتياطي، فالثلاثة من نخبة المجتمع، وليسوا مجرمين ولا منحرفين حتى يتم الزج بهم في السجن. كان بإمكانه أن يضعهم تحت المراقبة القضائية في انتظار تحديد تاريخ المحاكمة، لأنهم يوفرون كل الضمانات لذلك». وأوضح المحامي بأن طبيعة التهمتين الموجهتين لهم «لا تستدعي الحبس الاحتياطي، مما يجعلنا نشك بأن الأمر يتعلق بقرار سياسي يستهدف مجمع الخبر، كجريدة وفضائية، المعروف بخطَه المستقل عن السلطات». وأكثر ما يعرف عن «الخبر» حدَة انتقاداتها لسياسة الحكومات المتعاقبة، منذ نشأتها قبل 26 عاما.
وتتمثل التهمتان في «الإدلاء بتصريحات كاذبة» و«سوء استغلال الوظيفة»، وتخصان برنامج تلفزيون الواقع «كي احنا كي الناس» والبرنامج الساخر «ناس السطح». ووفق قانون العقوبات تتراوح العقوبة المرتبطة بالتهمتين بين عام و3 سنوات سجنا مع التنفيذ.
ويعاب على بن عيسى وحرتوف أنهما لم يحترما مضمون التراخيص التي حصلت عليها القناة لتسجيل البرنامجين، فهما في الأصل ثقافيين وفنيين، حسبما هو مكتوب في وثائق وزارة الثقافة، لكن تبيَن عند بثهما أنهما يتناولان قضايا سياسية من بينها قضية «خلافة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة» و«صراع الأجنحة في النظام». وينتقد «ناس السطح» بشدة المسؤولين في البلاد، وهو ما أثار حفيظة الحكومة التي أمرت بإغلاق استوديوهات البرنامجين، وزجت بمسؤولي القناة وموظفة الوزارة في السجن.
وتأتي هذه القضية في سياق استمرار المشكلات بين مجمَع «الخبر» والحكومة والنزاع القضائي الذي جمعهما، على خلفية اعتراض وزارة الإعلام على صفقة بيع الصحيفة والفضائية لرجل الأعمال المعروف يسعد ربراب. وانتقل النزاع إلى القضاء الإداري، الذي جمَد الصفقة بحجة أن قانون الإعلام (المادة 25) تمنع أن يملك شخصا واحدا أكثر من صحيفة، وربراب لديه جريدة «ليبرتيه» الناطقة بالفرنسية. وصرَح رجل الأعمال للصحافة، إن «الرئيس بوتفليقة والمحيطين به افتعلوا هذه المشكلة ظنا منهم أنني أبحث عن إمبراطورية إعلامية، توصلني إلى كرسي الرئاسة وهذا غير صحيح طبعا». وقال أيضًا: «إنهم يطاردونني لأنني لا أنتمي لعصبتهم». أما وزير الإعلام حميد قرين، فصرح بأن «الحكومة ما كان ينبغي أن تبقى تتفرج والقانون يتعرَض للخرق، وقد تجاوز السيد ربراب القانون في صفقة شراء الخبر».
وهناك مخاوف جدية من احتمال غلق الفضائية، لأنها واحدة من نحو 40 قناة لا تملك الاعتماد من الحكومة الذي يسمح لها بالنشاط. فهي خاضعة للقانون الأجنبي، بحكم أنها تأسست في الخارج، ولا يوجد في البلاد قانون خاص بوسائل الإعلام السمعية والبصرية، على عكس الصحافة المكتوبة. ونصب رئيس الوزراء عبد المالك سلال الأسبوع الماضي «سلطة ضبط سمعي البصري»، عهد إليها تنظيم القطاع الذي يشهد فوضى كبيرة منذ ظهور أولى الفضائيات الخاصة عام 2011.
وليست «الخبر» الوحيدة التي تعاني من المشكلات مع السلطات. فصحيفة «الوطن» الفرنسة المعروفة بخطها المعارض لنظام الحكم، منعت مساء الخميس الماضي من دخول مقرها الجديد، وذلك بقرار من والي الجزائر (ممثل الحكومة بالعاصمة) عبد القادر زوخ، الذي أصدر بيانا ذكر فيه أنه مسؤولي الصحيفة ضمَوا مساحة كبيرة إلى المبنى، وهي ليست ملكا لهم. كما أنهم حسبه، أضافوا طابقا غير مدرج في رخصة البناء.



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.