بيزانسينو: باريس ترغب في تعميق شراكتها الاستراتيجية مع الرياض

سفير فرنسا لدى السعودية قال لـ «الشرق الأوسط» إن أهداف البلدين مشتركة.. وزيارة ولي ولي العهد ستتبعها اجتماعات سنوية

السفير برتراند بيزانسينو
السفير برتراند بيزانسينو
TT

بيزانسينو: باريس ترغب في تعميق شراكتها الاستراتيجية مع الرياض

السفير برتراند بيزانسينو
السفير برتراند بيزانسينو

قال برتراند بيزانسينو، سفير فرنسا لدى السعودية، إن بين السعودية وفرنسا «أهدافًا مشتركة، ومصالح مشتركة، ورغبة في التعاون والدفع نحو كل ما من شأنه توفير الاستقرار في منطقة تضربها الحروب والأزمات، وتحتاج لتوفير الأمن والسير نحو السلام»، مشيرًا إلى الدور الذي تلعبه السعودية في محاربة الإرهاب، ووجودها كقطب رئيسي جاذب، له دوره وتأثيره في شؤون المنطقة بكاملها. ويعد بيزانسينو من السفراء الأجانب الأكثر إطلاعًا على الشؤون السعودية والخليجية. يعود ذلك، إلى خبرته الواسعة، والمدة الزمنية الاستثنائية التي أمضاها في المنطقة، ومنها تسع سنوات سفيرًا لبلاده في الرياض. وفي العرف الدبلوماسي، فإن فرصة كهذه لا تتاح لكثيرين.
والسفير بيزانسينو الذي يحب العالم العربي ويتقن لغته، مولع بالخليج وأهله، لا بل إنه منح ابنته اسم إحدى عواصمه، ومن المفترض أن تنتهي مهمة السفير بيزانسينو في الرياض في الخريف المقبل.
وفي حوار مع «الشرق الأوسط» بمناسبة الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي إلى باريس، تناول السفير الفرنسي بالتفصيل، العلاقات الفرنسية السعودية وأهداف الزيارة، منوهًا بالدور الذي يلعبه ولي ولي العهد في تنمية بلاده، وأشار إلى التحديات التي تواجهها الرياض، وإلى رغبة فرنسا والسعودية في تعميق شراكتهما الاستراتيجية متعددة الجوانب، والحاجة بينهما للتشاور وتنسيق المواقف وإطلاق المبادرات المشتركة. وفي ما يلي نص الحوار:
* هل يمكن أن ترسم لنا الإطار الذي تتم فيه زيارة الأمير محمد بن سلمان إلى باريس والأهداف المتوخاة منها فرنسيًا وسعوديًا؟
- الزيارة التي يقوم بها ولي ولي العهد إلى باريس يمكن التطرق إليها من ثلاث زوايا: الأولى، أنها بداية تأتي في إطار الاجتماع الثالث للجنة المشتركة الفرنسية السعودية، أي الهيئة التي تم إيجادها من أجل تنفيذ خطة العمل التي اتفق عليها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز والرئيس فرنسوا هولاند في شهر مايو (أيار) من العام الماضي. في تلك المناسبة اتفق الطرفان على تنفيذ عشرين عملية اقتصادية رئيسية مشتركة، وهي تتناول الكثير من الميادين المدنية والدفاعية والاجتماعية... وعقدت الهيئة اجتماعين: الأول في باريس في شهر يونيو (حزيران) من عام 2015، والثاني في الرياض في شهر أكتوبر (تشرين الأول) من العام نفسه. ولذا، فإن هذا الاجتماع هو الثالث من نوعه، وغرضه الاستمرار في وضع الخطط التطبيقية، وبالتالي سيتم الإعلان عن مجموعة من الاتفاقيات والعقود التي ستوقع.
* هل هي عقود مدنية أم دفاعية؟
- الاثنان معا. اجتماع باريس ستتبعه بطبيعة الحال اجتماعات أخرى لاحقة سنوية وسنرى ما إذا كانت ستحصل مرة في العام أم مرتين. لكن المهم هو وجود هذه الهيئة للمتابعة ولتقييم ما سيصل إليه التعاون بين بلدينا. وأعتقد أن الاجتماعات التي ستحصل بين الطرفين هذا الأسبوع ستتيح لنا التعرف عن قرب وبشكل ملموس على مضامين العلاقات المتميزة التي يرمي إليها البلدان مع اتفاقيات ومشاريع في القطاعات المدنية والاجتماعية والتربوية وكذلك أيضا في القطاع الدفاعي. وكما ذكرت لك، هناك مجموعة من الاتفاقيات والعقود التي ستوقع.
* هل تندرج هذه الاتفاقيات والعقود في إطار خطة الإصلاح السعودية المسماة «الرؤية 2030» و«برنامج التحول الوطني» اللذين أقرتهما القيادة السعودية مؤخرًا؟
- بالضبط. وهذا يشكل الإطار الثاني للزيارة. وأود أن أقول هنا إن الخطة المشار إليها بالغة الأهمية وواسعة الطموح، لأنها تعكس حرص الرياض على الأخذ بعين الاعتبار الحقائق الجديدة «انخفاض أسعار النفط، الرغبة في خفض الاعتماد على عائداته، تنويع الاقتصاد وإيجاد فرص عمل جديدة في قطاع الخدمات للشباب السعودي». إنه برنامج مثير للاهتمام ومن جملة ما ينص عليه تخصيص عدد من القطاعات في الصحة والتعليم، وتخصيص نسب معينة من الشركات الحكومية مثل «أرامكو، معادن، سابك،، المطارات». ستكون هناك مجموعة واسعة من فرص الاستثمار في السعودية. ونحن نعلم أن ما يهم الجانب السعودي الذي يريد تنويع الاقتصاد والاستفادة من نقل التكنولوجيا وإيجاد فرص عمل جديدة هو التوصل إلى مجموعة من الشراكات الاقتصادية والمالية المفيدة والمثمرة للجانبين، والتي من شأنها تعميق وتعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين. وبما أنني لا أريد أن أستبق ما ستعلنه اللجنة المشتركة بمناسبة اجتماعها، فإنني أكتفي بالقول إنها تتضمن مجموعة من المشاريع التي سترى النور في السعودية، واستثمارات سعودية في شركات فرنسية. وكل ذلك يعطي مضمونًا ملموسًا لتعميق الشراكة الاستراتيجية بيننا، وحيث يوجد شركاء جديون من الجانبين للسير بهذه المشاريع إلى نهاياتها.
* لكن أين موقع الجوانب السياسية؟ أكان ذلك العلاقات الثنائية أو التعاون بشأن البؤر الساخنة إقليميا أعني الشرق الأوسط؟ وكيف يمكن، من الزاوية الفرنسية، توصيف هذا التعاون القائم وآفاقه؟
- في الجانب السياسي، أريد أن أقول إن للأمير محمد بن سلمان وزنه، ونحن في مرحلة يمكن أن نصفها بأنها تشهد إعادة النظر بالشراكات التقليدية. فالسعودية ترى أن إدارة الرئيس أوباما لم تتمسك الالتزامات التي تعهدت بها، وأنه يتعين عليها أن تتحمل بنفسها مسؤوليات أكبر فيما دور مصر تراجع، والعراق وسوريا في الوضع الذي نعرفه. من هذا المنطلق، فإن السعودية مدعوة لأن تلعب مباشرة دورًا رئيسيًا بشأن كل مسائل الشرق الأوسط. ولذا قامت المملكة بمجموعة من المبادرات، منها إقامة التحالف الإسلامي ضد الإرهاب الذي غرضه إظهار أن العالم الإسلامي يحارب «داعش» كذلك، قامت السعودية بخطوات للتقارب مع تركيا وإقامة شراكة قوية مع مصر. ونحن نعي أن العلاقات بين هذين البلدين صعبة ومعقدة، وأن السعودية هي وحدها، حقيقة، الطرف القادر على محاولة التقريب بينهما. وبشكل عام، فإن للسعودية كما يبدو لنا، دورا سياسيا مهما في المنطقة، وأن الكثير مما يمكن أن يحصل بشأن أزماتها ومشكلاتها من اتصالات وحلول يجب أن يمر بالرياض.
من الناحية الفرنسية، ليس سرًا أن بيننا وبين السعودية نقاط تلاق سياسي كثيرة أكان ذلك في موضوع منع انتشار السلاح النووي في المنطقة، أو دعم المعارضة السورية المعتدلة، وحول استقرار العراق ومسار السلام في اليمن، ودعم استقرار مصر، وأمن واستقرار وسيادة لبنان... لذا يبدو لنا أن التشاور والحوار بشكل دوري بين شركاء استراتيجيين كفرنسا والسعودية أمر طبيعي ومطلوب، في وقت نرى فيه أن التوازنات الكبرى في المنطقة آخذة في التداعي، وأن هناك مخاطر جدية لقلب صورتها وتغيير خارطتها، إضافة إلى التهديد الذي يمثله «داعش». وأود أن أضيف أن هناك عوامل أخرى تهدد الاستقرار مثل انخراط «حزب الله» في سوريا أو وجود ميليشيات شيعية مختلفة... كل ذلك يعزز الحاجة إلى الحوار والتشاور بيننا وبين الرياض، حتى نتأكد أن لدينا الفهم نفسه لهذه المشكلات، وأننا نعمل بالتنسيق من أجل استقرار المنطقة، وأن نقوم بمبادرات مشتركة.
* الشراكة الاستراتيجية ليست شيئًا جديدًا في العلاقات بين الرياض وباريس. لكن ما الجديد فيها اليوم؟
- صحيح، هذه الشراكة الاستراتيجية موجودة منذ زيارة قديمة للرئيس شيراك. لكن الجديد فيها تقوية هذه الشراكة عبر إعطائها مضامين جديدة. وعلى سبيل المثال، فإن المبادلات بين باريس والرياض تضاعفت، وفي العام الماضي حيث وقعنا عقودًا بقيمة 15 مليار يورو وتصل هذه القيمة إلى 25 مليار يورو في السنوات الثلاث الأخيرة. كذلك، لدينا مجموعة من المشاريع التي سيتم الكشف عنها بالتدريج وابتداء من اجتماع اللجنة المشتركة... إذا ما أود أن أقوله إن تعزيز الشراكة الاستراتيجية أمر واقع وقائم في كل الميادين: الاقتصادية والثقافية والصحية. وهناك العشرات من الأمثلة التي تبين ذلك، مثل إقامة شراكات بين المؤسسات ورجال الأعمال من الجانبين، وعرض مقترحات بخصوص التعاون في ميدان الطاقة النووية والشمسية والنقل «السكك الحديدية، والنقل الجوي مع طائرات إيرباص» والمياه وتتمة المشاريع الكهربائية.. ثم علينا أن نشير إلى المشاريع الكبرى في الحقل الزراعي والصحة والسياحة من غير أن أنسى الثقافة والتعليم. وبخصوص النقطة الأخيرة، فإن لدينا مجموعة من المشاريع التي ستدرس مع الجانب السعودي مثل إقامة متاحف أو مراكز ثقافية. وفرنسا أول جهة خارجية فاعلة في الميدان الثقافي في السعودية.
* لو عدنا إلى الملفات السياسية، كيف يظهر التنسيق الفرنسي السعودي بخصوص الحرب في سوريا مثلاً؟
- أود أن أضرب مثلا محسوسا وهو يتناول قيام الهيئة العليا للمفاوضات التي رأت النور في مؤتمر استضافته الرياض في شهر ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي. بالطبع الجانب السعودي لعب دورًا مهمًا للغاية، ولكن كان لفرنسا دورها أيضا. وعلى هامش جولات المحادثات الثلاث التي جرت في جنيف برعاية الأمم المتحدة، كان هناك تنسيق كبير بين الدبلوماسيين الفرنسيين والسعوديين، وبالتالي أستطيع القول إن التعاون والتنسيق بيننا قائمان وفاعلان. كذلك أشير إلى أن سفيرنا المكلف بالملف السوري فرانك جوليه ناشط جدا في هذا الملف، وهو دائم التشاور مع المعارضة السورية بالطبع وأيضا مع الجانب السعودي. وفي ما يخص اليمن، فإننا نقدم المساعدة عبر قنوات ووسائل كثيرة ومتنوعة. وكل ما جئت على ذكره يعطي مضمونا للشراكة التي نتحدث عنها. نحن والسعودية لنا أهداف مشتركة ومصالح مشتركة ورغبة للتعاون والدعم باتجاه كل ما من شأنه الدفع نحو الاستقرار.
* أشرت إلى دور الأمير محمد بن سلمان الذي هو في الوقت عينه ولي ولي العهد وزير الدفاع ورئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، وكان له الدور الأول في إطلاق «رؤية 2030».. كيف تنظر إلى هذه الخطة ودور الأمير محمد بن سلمان فيها؟
- غرض الخطة أولا إيصال رسالة قوية إلى الشعب السعودي ووظيفتها نفسية وتربوية في الوقت عينه. فمسؤولية الحكومة أن تشرح لمواطنيها أنه لا يتعين انتظار ارتفاع أسعار النفط بل يتعين التحرك.. الأمر الثاني، أن السعوديين اعتادوا على أن تكون المصاريف الحكومية هي المحرك الاقتصادي. اليوم، الأمور تغيرت والقطاع الخاص مدعو لأن يكون هو المحرك الاقتصادي، سواء عبر العمل في الداخل، أو عبر إبرام شراكات مع مؤسسات وشركات خارجية، من أجل تنويع الاقتصاد، وزيادة الدخل غير المعتمد على قطاع النفط وعائداته. والهدف «تطبيع» الاقتصاد السعودي، وأعني بذلك الوصول إلى اقتصاد متنوع من جهة، وإلى تصرف مسؤول من جانب المواطن السعودي، الذي يفترض به أن يأخذ بعين الاعتبار وضع الدولة. وأود أن أشير إلى أن تقبل خطة الإصلاح كان إيجابيًا، لأن المواطنين يشعرون بأن الدولة تقدم لهم فرصًا حقيقية، وترسم لهم الطريق والوسائل لتحقيق أهداف الخطة الإصلاحية، بما في ذلك شريحة الشباب التي يتعين أن تشعر بأن الخطة تعنيها بالدرجة الأولى وأن تتوافر لها الفرصة للمشاركة في تحقيقها. ودور الحكومة أن تبين أن هناك إرادة سياسية قوية للسير بخططها وإظهار الطريق لذلك.



السعودية وبريطانيا تؤكدان ضرورة خفض التصعيد الإقليمي

الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
TT

السعودية وبريطانيا تؤكدان ضرورة خفض التصعيد الإقليمي

الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)

أكدت الرياض ولندن، الخميس، ضرورة خفض التصعيد الإقليمي، والالتزام بالمعايير الدولية، وميثاق الأمم المتحدة، وذلك في بيان مشترك عقب زيارة كير ستارمر رئيس الوزراء البريطاني للسعودية هذا الأسبوع، التي جاءت انطلاقاً من أواصر علاقتهما المميزة.

وذكر البيان أن الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، وستارمر أكدا خلال جلسة مباحثات رسمية على أهمية الدور الذي يقوم به مجلس الشراكة الاستراتيجية في تعزيز التعاون بين البلدين، واستعرضا التقدم الكبير المحرز في تطوير العلاقات الثنائية وتنويعها.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز الشراكة الاقتصادية بينهما، والتزامهما برفع حجم التجارة البينية إلى 37.5 مليار دولار بحلول عام 2030، وزيادة الاستثمار في صناعات الغد، بما يحقق النمو المستدام. كما اتفقا على برنامج طموح للتعاون يهدف لتعزيز الازدهار المتبادل، والأمن المشترك، ومعالجة التحديات العالمية.

وأشادا بنمو الاستثمارات المتبادلة، ونوّها بالاستثمارات السعودية الكبيرة في المملكة المتحدة خلال عام 2024، ومنها لصندوق الاستثمارات العامة، مثل «سيلفريدجز» و«مطار هيثرو»، والاستثمار الإضافي في نادي نيوكاسل يونايتد لكرة القدم، ما يعزز العلاقات المتنامية بين شمال شرقي إنجلترا والسعودية.

ولي العهد السعودي ورئيس الوزراء البريطاني خلال جلسة مباحثات رسمية في الرياض (واس)

وبينما تعدّ المملكة المتحدة من أكبر المستثمرين الأجانب في السعودية، نوّه الجانبان بإعلان الهيئة البريطانية لتمويل الصادرات عن خططها لزيادة حجم تعرضها السوقي إلى 6 مليارات دولار أميركي، وذلك في ضوء نجاح التمويل (المتوافق مع الشريعة الإسلامية) بقيمة تبلغ نحو 700 مليون دولار للاستثمار بمشروع القدية (غرب الرياض).

وأعربا عن تطلعهما إلى تطوير شراكات استراتيجية طويلة الأمد تخدم المصالح المتبادلة، والمساهمة في النمو الاقتصادي المستدام. ورحّبا بالتقدم الكبير المحرز بشأن اتفاقية التجارة الحرة بين مجلس التعاون الخليجي والمملكة المتحدة.

وأشادا بالتعاون القائم بين البلدين في قطاع الطاقة، وأكدا أهمية تعزيزه بمجالات الكهرباء، والطاقة المتجددة، والهيدروجين النظيف وتطبيقاته، والتكنولوجيا النظيفة، وابتكارات الطاقة والاستدامة. واتفقا على العمل المشترك لإنشاء تحالف الهيدروجين النظيف بين جامعاتهما بقيادة جامعتي «الملك فهد للبترول والمعادن»، و«نيوكاسل».

وأكدا أهمية تعزيز موثوقية سلاسل التوريد العالمية، وتحديداً مع إطلاق السعودية مبادرة لتأمين الإمدادات، وخاصة بمجالات الطاقة المتجددة، وإنتاج الهيدروجين، والمعادن الخضراء، والبتروكيماويات المتخصصة، وإعادة تدوير النفايات، والمركبات الكهربائية.

جانب من جلسة المباحثات بين الأمير محمد بن سلمان وكير ستارمر (واس)

كما رحّبا بإطلاق السعودية 5 مناطق اقتصادية خاصة تستهدف الصناعات والقطاعات الاستراتيجية، وتوفر للشركات البريطانية فرصة الاستفادة من مزايا وحوافز على جميع مستويات سلاسل التوريد.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في قطاع الخدمات المالية، ومجال تطوير قطاعات التعدين المستدامة، وتنويع إمدادات المعادن النادرة المستخدمة في التقنيات النظيفة. وأعربت بريطانيا عن دعمها وعزمها المشاركة على مستوى رفيع في «منتدى مستقبل المعادن السعودي» خلال شهر يناير (كانون الثاني) 2025.

كما أكدا على مركزية الاتفاقية الأممية الإطارية بشأن تغير المناخ، واتفاقية باريس، ونوّها بنتائج مؤتمر الأطراف «كوب 29»، وأهمية العمل لتحقيق نتيجة طموحة ومتوازنة في «كوب 30» عام 2025. ورحّبت بريطانيا بطموحات الرياض وقيادتها عبر مبادرتي «السعودية الخضراء» و«الشرق الأوسط الأخضر»، ورئاستها لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر «كوب 16».

وأعربت بريطانيا أيضاً عن دعمها جهود السعودية في مجالات البيئة والتغير المناخي من خلال تنفيذ نهج الاقتصاد الدائري للكربون الذي أطلقته الرياض، وأقرّه قادة مجموعة العشرين، مؤكدة دعمها القوي لـ«رؤية 2030»، والتزامها بالفرص التي تتيحها في إطار الشراكة بين البلدين.

ولي العهد السعودي يصافح رئيس الوزراء البريطاني لدى وصوله إلى قصر اليمامة (واس)

ورحّب البلدان بتزايد عدد الزوار بينهما، وعبّرا عن تطلعهما إلى زيادة هذه الأعداد بشكل أكبر خاصة في ظل زيادة الربط الجوي بينهما، وتسهيل متطلبات الحصول على التأشيرة من الجانبين.

واتفقا على أهمية تعزيز التعاون في مختلف القطاعات الثقافية، بما في ذلك من خلال إطلاق برنامج تنفيذي جديد لتعزيز مشاركة بريطانيا في تطوير محافظة العُلا (شمال غربي السعودية)، كما رحّبا بالاتفاق على إطلاق شراكة بين الهيئة الملكية للعلا والمجلس الثقافي البريطاني تزامناً مع احتفال الأخير بمرور 90 عاماً على تأسيسه.

وأشادا بنتائج تعاونهما الاستراتيجي في مجالات التعليم والتعليم العالي والتدريب. ورحّبا بالخطط الاستراتيجية لزيادة عدد المدارس البريطانية في السعودية إلى 10 مدارس بحلول عام 2030، وافتتاح فروع للجامعات البريطانية في السعودية، كما عبّرا عن التزامهما بمواصلة التباحث حول زيادة التعاون في مجالات الاحتياجات التعليمية الخاصة، والتدريب التقني والمهني.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في مجال الرعاية الصحية، ومواجهة تحديات الصحة العالمية. ونوّها بالمناقشات الجارية بين الجامعات البريطانية والشركاء السعوديين المحتملين لإنشاء كلية لتدريب الممرضين بالسعودية. كما اتفقا على أهمية الاستفادة من فرصهما لزيادة التعاون بمجالات السلامة الغذائية، والمنتجات الزراعية.

ولي العهد السعودي يستقبل رئيس الوزراء البريطاني (واس)

واتفق الجانبان على تعزيز التعاون في الأنشطة والبرامج الرياضية، وأشادا بالمشروع المشترك بين الجامعات السعودية والبريطانية لدعم تطوير القيادات النسائية المستقبلية بمجال الرياضة، والشراكة المتنامية بمجال الرياضات الإلكترونية.

وأشادا بمستوى تعاونهما بمجال الدفاع والأمن على مرّ العقود الماضية، وأكدا التزامهما بشراكة دفاعية استراتيجية طموحة ومستقبلية، بما يسهم في تطويرها لتركز على الصناعة وتطوير القدرات، وزيادة التشغيل البيني، والتعاون بشأن التهديدات المشتركة بما يسهم في تحقيق الأمن والازدهار في البلدين.

واتفقا على توسيع التعاون في مجالات النشاط السيبراني والكهرومغناطيسي، والأسلحة المتقدمة، والقوات البرية، والطائرات العمودية، والطائرات المقاتلة. كذلك تعزيزه أمنياً حيال الموضوعات المشتركة، بما فيها مكافحة الإرهاب والتطرف.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في مجال العمل الإنساني والإغاثي، وشدّدا على ضرورة مواصلة التعاون في المحافل والمنظمات الدولية لمعالجة التحديات الاقتصادية العالمية، والتزامهما بتوحيد الجهود لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، وعقد حوار استراتيجي سعودي - بريطاني سنوياً بشأن المساعدات والتنمية الدولية، واتفقا على التمويل المشترك لمشاريع في هذا الإطار بقيمة 100 مليون دولار.

الأمير محمد بن سلمان وكير ستارمر قبيل جلسة المباحثات في قصر اليمامة (واس)

وحول تطورات غزة، أكد الجانبان ضرورة إنهاء الصراع، وإطلاق سراح الرهائن فوراً وفقاً لقرارات مجلس الأمن الدولي، مشددين على الحاجة الملحة لقيام إسرائيل بحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية لإيصال المساعدات الإنسانية والإغاثية للشعب الفلسطيني، وتمكين المنظمات الدولية والإنسانية من القيام بعملها.

وبحثا كيفية العمل بينهما لتنفيذ حلّ الدولتين بما يحقق إحلال السلام الدائم للفلسطينيين والإسرائيليين. وأعربت بريطانيا عن تطلعها إلى انعقاد المؤتمر الدولي الرفيع المستوى بشأن الحل السلمي، الذي سترأسه السعودية وفرنسا في يونيو (حزيران) 2025.

وفي الشأن السوري، رحّب الجانبان بأي خطوات إيجابية لضمان سلامة الشعب السوري، ووقف إراقة الدماء، والمحافظة على مؤسسات الدولة ومقدراتها. وطالبا المجتمع الدولي بالوقوف بجانب الشعب، ومساعدته في تجاوز معاناته المستمرة منذ سنوات طويلة، مؤكدين أنه حان الوقت ليحظى بمستقبل مشرق يسوده الأمن والاستقرار والازدهار.

وفيما يخص لبنان، أكدا أهمية المحافظة على اتفاق وقف إطلاق النار، والتوصل لتسوية سياسية وفقاً للقرار 1701. كما اتفقا على ضرورة تجاوزه لأزمته السياسية، وانتخاب رئيس قادر على القيام بالإصلاحات الاقتصادية اللازمة.

ولي العهد السعودي يصافح الوفد المرافق لرئيس الوزراء البريطاني (واس)

وبشأن اليمن، أكد الجانبان دعمهما الكامل لمجلس القيادة الرئاسي، وأهمية دعم الجهود الأممية والإقليمية للتوصل لحلٍ سياسيٍ شاملٍ للأزمة اليمنية، وضمان أمن البحر الأحمر لتحقيق استقرار الاقتصاد العالمي.

وحول الأوضاع السودانية، أكدا أهمية البناء على «إعلان جدة» بشأن الالتزام بحماية المدنيين في السودان عبر مواصلة الحوار لتحقيق وقف كامل لإطلاق النار، وحل الأزمة، ورفع المعاناة عن شعبه، والمحافظة على وحدة البلاد، وسيادتها، ومؤسساتها الوطنية.

ورحّب الجانبان باستمرار التواصل بين البلدين بشأن الحرب في أوكرانيا، مؤكدين أهمية بذل كل الجهود الممكنة لتحقيق السلام العادل والمستدام الذي يحترم السيادة والسلامة الإقليمية بما يتماشى مع ميثاق الأمم المتحدة.

جانب من مراسم الاستقبال الرسمية لرئيس الوزراء البريطاني في قصر اليمامة بالرياض (واس)