* عندما تعرض فيلم زياد الدويري «الهجوم» لمنع في الدول العربية، باستثناء المغرب والإمارات، كون تصويره تم في إسرائيل، وظّف المخرج اللبناني الوضع لصالحه. أدلى بأحاديث لصحف أميركية حول وضع فيلمه الحرج ورفض معظم الرقابات العربية مبدأ عرضه وكيف أن الفيلم عانى من اضطهاد واضح لأسباب سياسية.
* لا بد أن الأمر بدا تعسّفًا وجورًا للأميركيين الذين اطلعوا في صحفهم على هذا الموضوع. تخلّف لا مكان له في عالم اليوم إلا في بعض الأركان التي حدث أنها عربية. ظلم يتعرض له مبدع أراد تصوير الصراع بين الفلسطينيين والإسرائيليين. أصاب في موضوعه أو أخطأ يجب ألا يُمنع فيلمه. نقطة على السطر.
* الآن تطل مشكلة مشابهة أخرى، ولو أن دواعيها مختلفة. مخرجة أميركية من أصل لبناني اسمها دارين حطيط صنعت فيلمًا قصيرًا بعنوان «أقول غبار» (I Say Dust) عرضته في عدة مهرجانات دولية صغيرة (مثل «مدفيلم» الإيطالي) ومتوسطة (مهرجان بوينس آيريس) لكن عندما وصل الأمر لعرضه في بعض المهرجانات العربية، ووجِه بالمنع.
* السبب، تقول المخرجة في حديث عبر البريد الإلكتروني مع صحيفة «ذا لوس أنجليس تايمز»: هو قبلة فم تتبادلها بطلتا الفيلم. وتقول: «توقعت أن يُطلب مني أن أحذف هذا المشهد، ليس أني كنتُ سأوافق، لكني لم يخطر لي أن الفيلم سيمنع ولن يحظ برخصة عرض».
* نادين بعثت بالفيلم إلى مهرجانين عربيين؛ مهرجان الفيلم اللبناني الذي هو عبارة عن احتفاء من خمسة أيام تعرض فيها مجموعة الأفلام اللبنانية (أو التي أخرجها لبنانيون) التي انتهت دورته الجديدة قبل أيام. بالفعل تمت برمجته للعرض في الثالث من الشهر الحالي (كما يُشير برنامج المهرجان في موقعه) لكن المخرجة تقول إنه لم يُعرض والسبب الرقابة اللبنانية.
* المهرجان الثاني هو «مصري». وللأسباب نفسها. لا تذكر المخرجة أي مهرجان مصري تقصده؛ فهناك ما لا يقل عن خمسة مهرجانات مصرية، والبحث الذي قمت به لم يأتِ بنتيجة إذ لم أجد اسمها أو اسم الفيلم مدرجًا في أي منها. وهذا ليس غريبًا فلربما احتاج لتصريح الرقابة قبل برمجته، وعندما لم ينل هذا التصريح لم يبرمج.
* عمليًا، سارت الحياة السينمائية والاجتماعية في دروب كثيرة تجاوزت موقع الرقابة، لكنها لا تزال تمارس في غالبية البلاد العربية العارضة للأفلام. وفي حين أن المطلوب هو تطوير الرقابة لكي تصبح شريكًا فاعلاً في الثقافة والذوق العام، عوض أن تبقى حاجزًا للمنع، فإن المرء لا يستطيع إلا أن يشتم رائحة الدعاية الإعلامية في كل من هاتين الحالتين.
* ففي فيلم الدويري «هجوم» لوحظ أن حديث المخرج للصحافة الذي هاجم فيه الدول العربية التي لم تعرض الفيلم، وفي مقدمتها لبنان، حصل قبل أيام من موعد افتتاح الفيلم في الولايات المتحدة، مما يدل على أن المخرج سعى لإثارة الوعي بالفيلم (وهذا حقه) من خلال ذكر ما واجهه الفيلم من مصاعب توزيع في بعض الدول العربية.
* فيلم نادين لن يعرض في الأسواق التجارية كونه فيمًا قصيرًا، لكن إذا ما كان الحديث عن الفيلم بأسره يقوم حول سحب الفيلم من برمجة «مهرجان الفيلم اللبناني» ومن مهرجان مصري «ما»، فإن المسألة ليست جديرة كثيرًا بالتوقف عندها. صحيح أنه لا شيء يجيز المنع خصوصًا أن جمهور المهرجانات لا يتألف من الفئات الغالبة في أي مجتمع، لكن الشكوى تصيب في نهاية الأمر الفيلم ذاته، حيث إنه لم يعد من السهل قبول دعاية يقوم بها مخرج لفيلمه يشكو فيها من صد هنا ومنع هناك.
فيلم ممنوع
فيلم ممنوع
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة