البرلمان التونسي يضع «قرض الصندوق» في مهب الريح

وزير المالية ومحافظ المركزي يدافعان عن قانون البنوك والمؤسسات المالية

البرلمان التونسي يضع «قرض الصندوق» في مهب الريح
TT

البرلمان التونسي يضع «قرض الصندوق» في مهب الريح

البرلمان التونسي يضع «قرض الصندوق» في مهب الريح

دافع سليم شاكر وزير المالية التونسي، عن الإصلاحات التي طلبها صندوق النقد الدولي، للحصول على القرض البالغ قيمته خمسة مليارات دولار، وقال إن بلاده تتعامل بمبدأ الند بالند مع مختلف هياكل التمويل الدولية ولا تقبل الإملاءات.
وقال شاكر أمام البرلمان التونسي أمس الثلاثاء، في جلسة خُصصت للنظر من جديد في مشروع قانون البنوك والمؤسسات المالية، إن إصلاح القطاع البنكي التونسي لم يكتمل بعد، رغم إعادة رسملة ثلاثة بنوك عمومية (بنك الإسكان والبنك الوطني الفلاحي والشركة التونسية للبنك) وإصدار قانون أساسي للبنك المركزي التونسي. مؤكدًا أن الحكومة تعكف على الانتهاء من مجموعة من الإصلاحات الهامة في مجال التأمين وقانون الاستثمارات وإصلاح قطاع الوظيفة العمومية، وهي إصلاحات ضرورية للتعامل مع مؤسسات التمويل الدولي والحصول على القروض الضرورية لتمويل ميزانية الدولة.
وخصص البرلمان التونسي جلسته العامة أمس، للنظر من جديد في مشروع قانون البنوك والمؤسسات المالية، بحضور كل من سليم شاكر وزير المالية والشاذلي العياري محافظ البنك المركزي التونسي. وتضمن جدول أعمال الجلسة توجيه أسئلة شفوية لعدد من أعضاء الحكومة حول هذا القانون الذي عاد إلى البرلمان بعد الإقرار بعدم دستوريته من قبل هيئة مراقبة دستورية القوانين إثر مجوعة من الطعون قدمتها أحزاب معارضة، ومن شأن رفض البرلمان للقانون، أن يعطل حصول تونس على قرض الصندوق.
وأثار هذا القانون جدلاً حادًا بين نواب الائتلاف الحاكم الذين أصروا على تمرير القانون بطريقة سريعة من أجل احترام الآجال التي حددها صندوق النقد الدولي الذي سيمنح تونس قرضًا بقيمة خمسة مليارات دولار. وإثر الطعن في قانون البنوك والمؤسسات المالية من قبل نواب المعارضة، لمح سفير الولايات المتحدة الأميركية في تونس إلى أن بلاده قد تسحب الضمان الذي قدمته لتونس بشأن حصولها على القروض ودخولها السوق المالية العالمية.
وهذا القانون له أهمية خاصة في ظل حاجة النظام البنكي التونسي إلى قانون جديد لمراقبة البنوك وحماية صغار المدخرين.
ومنح صندوق النقد الدولي تونس قرضًا بقيمة 1.7 مليار دولار خلال عام 2013، ثم 2.8 مليار دولار خلال العام الحالي، وهو ما جعل أحزاب معارضة تتحدث عن إغراق البلاد بالقروض الخارجية.
وعن مصير تلك التمويلات، قال شاكر إنها «موجهة نحو تسهيل انتقال الاقتصاد التونسي إلى منوال (طريق) تنمية جديد يمكن من توفير فرص شغل لأكثر من 600 ألف عاطل عن العمل». مؤكدًا نجاح تونس بفضل الخبرات المتوفرة في ضمان نسبة نمو إيجابية في حدود 1.5 في المائة خلال السنوات الخمس الماضية.
وفي السياق ذاته، قال محافظ البنك المركزي التونسي الشاذلي العياري، في دفاعه عن القانون الجدي المنظم لبنوك والمؤسسات المالية، إن تونس متأخرة بنحو عشر سنوات على الأقل مقارنة مع الدول التي اعتمدت تلك الإصلاحات الهيكلية. مشيرًا إلى أن تونس عضو مؤسس في صندوق النقد الدولي ومن حقها الحصول على نصيب من القروض لتمويل عملياتها المالية والتنموية.
وأضاف العياري أن قانون البنوك يعتبر ضمانة للذين أودعوا أموالهم في البنوك وخاصة التي قد تعلن إفلاسها.
وبالتوازي مع تأكيد الجهات الحكومية على أهمية المعاملات مع السوق المالية العالمية، دعا سعد بومخلة الخبير الاقتصادي والمالي الحكومة إلى التعويل على طاقاتها الذاتية وخلق الثروات الداخليّة للضغط على عمليات اللجوء المتكرر إلى الاستدانة. معتبرًا أن معضلة الاقتصاد التونسي في الوقت الحالي لا تكمن في ضخّ الأموال من الخارج وسهولة الحصول على القروض بل في طريقة الانتفاع بالموارد الذاتية الداخلية عبر الاعتماد على أسلوب تنموي بديلاً للواقع الحالي، وإجراء إصلاحات جوهرية على التوجهات الاقتصادية في تونس.
وكان قانون البنوك والمؤسسات المالية قد أحيل يوم 12 مايو (أيار) الماضي لأعضاء البرلمان وحصل على التصديق، غير أن نواب المعارضة قدموا طعونا لهيئة مراقبة دستورية القوانين التي قررت يوم 26 من نفس الشهر عدم دستوريته، وهو ما جعل مخاوف الحكومة تتزايد بشأن الحصول على قروض مالية من هياكل التمويل الدولي نتيجة ربطها تقديم القروض بمجموعة من الإصلاحات من بينها قانون البنوك والمؤسسات المالية.



تأييد استمرار خفض الفائدة يتزايد داخل «المركزي الأوروبي» حال استقرار التضخم

مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)
مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)
TT

تأييد استمرار خفض الفائدة يتزايد داخل «المركزي الأوروبي» حال استقرار التضخم

مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)
مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)

أيد أربعة من صناع السياسات في البنك المركزي الأوروبي يوم الجمعة المزيد من خفض أسعار الفائدة؛ شريطة أن يستقر التضخم عند هدف البنك المركزي الأوروبي البالغ 2 في المائة كما هو متوقع.

وخفض البنك المركزي لمنطقة اليورو أسعار الفائدة للمرة الرابعة هذا العام يوم الخميس، وأبقى الباب مفتوحا لمزيد من التيسير، على الرغم من أن بعض المحللين شعروا أن إشارة رئيسة البنك كريستين لاغارد في هذا الاتجاه كانت أقل وضوحا مما كانوا يأملون.

وبدا أن محافظ البنك المركزي الفرنسي فرنسوا فيليروي دي غالو، وزميله الإسباني خوسيه لويس إسكريفا، والنمساوي روبرت هولزمان، وغاستون راينش من لوكسمبورغ، قد أكدوا الرسالة يوم الجمعة.

وقال فيليروي دي غالو لإذاعة الأعمال الفرنسية: «سيكون هناك المزيد من تخفيضات الأسعار العام المقبل». وفي حديثه على التلفزيون الإسباني، أضاف إسكريفا أنه من «المنطقي» أن «يخفض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة مرة أخرى في اجتماعات مستقبلية» إذا استمر التضخم في التقارب مع الهدف. وكان 2.3 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني).

وخفض البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة الذي يدفعه على احتياطيات البنوك بمقدار 25 نقطة أساس إلى 3.0 في المائة يوم الخميس، ويتوقع المستثمرون تخفيضات أخرى بقيمة 100 نقطة أساس على الأقل بحلول يونيو (حزيران) المقبل.

ورفضت لاغارد التكهن بالمسار المستقبلي للأسعار، مشيرة إلى المخاطر التي تتراوح من التعريفات الجمركية الأميركية المحتملة إلى عدم اليقين السياسي في الداخل، حيث إن فرنسا حالياً دون حكومة، بينما تواجه ألمانيا تحديات انتخابات جديدة، فضلاً عن التضخم المحلي المرتفع.

وألقى فيليروي دي غالو، الوسطي الذي أصبح مؤيداً بشكل متزايد للسياسة التيسيرية في الأشهر الأخيرة، بثقله وراء توقعات السوق. وقال: «ألاحظ أننا مرتاحون بشكل جماعي إلى حد ما لتوقعات أسعار الفائدة في الأسواق المالية للعام المقبل».

وحتى محافظ البنك المركزي النمساوي روبرت هولزمان، وهو من الصقور وكان المعارض الوحيد للتيسير، أيد عودة أسعار الفائدة إلى مستوى محايد، لا يحفز الاقتصاد ولا يكبح جماحه، عند حوالي 2 في المائة. وقال للصحافيين: «ستتجه أسعار الفائدة في هذا الاتجاه. وإذا تحققت تقييمات السوق كما هي في الوقت الحالي، فسوف تتطابق مع توقعاتنا. وإذا تطابقت توقعاتنا، فربما يتعين علينا تعديل أسعار الفائدة لدينا لتكون متسقة».

وقال راينيش من لوكسمبورغ، والذي نادراً ما يناقش السياسة في العلن، لوسائل الإعلام المحلية أنه «لن يكون من غير المعقول» أن «ينخفض ​​سعر الودائع إلى 2.5 في المائة بحلول أوائل الربيع»، وهو ما يعني على الأرجح خفض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في يناير (كانون الثاني) ومارس (آذار) المقبلين.

بينما قلل إسكريفا من احتمال خفض سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس، وهو الخيار الذي طرحه بعض زملائه وتبناه البنوك المركزية في سويسرا والولايات المتحدة. وقال محافظ البنك المركزي الإسباني المعين حديثا: «في المناقشات التي أجريناها (الخميس)، كانت الفكرة السائدة هي أنه يتعين علينا الاستمرار في إجراء تحركات هبوطية بمقدار 25 نقطة أساس، وهو الشكل الذي سيسمح لنا بمواصلة تقييم التأثيرات من حيث انكماش التضخم».

في غضون ذلك، ظل الإنتاج الصناعي في منطقة اليورو دون تغيير في أكتوبر (تشرين الأول) مقارنة بالشهر السابق، متجاوزا التوقعات بانخفاض طفيف، لكن البيانات تشير إلى عدم وجود تعافي في الأفق لقطاع غارق في الركود منذ ما يقرب من عامين. وجاء الرقم الذي لم يتغير، والذي أصدره «يوروستات»، أعلى قليلا من توقعات الاقتصاديين بانخفاض بنسبة 0.1 في المائة، ويأتي بعد انخفاض بنسبة 1.5 في المائة في سبتمبر (أيلول).

وأعلنت ألمانيا وفرنسا وهولندا عن قراءات سلبية خلال الشهر، بينما ظل الإنتاج الإيطالي راكدا، تاركا إسبانيا الدولة الوحيدة من بين أكبر دول منطقة اليورو التي سجلت قراءة إيجابية.

وعانت الصناعة الأوروبية لسنوات من ارتفاع حاد في تكاليف الطاقة، وتراجع الطلب من الصين، وارتفاع تكاليف التمويل للاستثمار، والإنفاق الاستهلاكي الحذر في الداخل. وكان هذا الضعف أحد الأسباب الرئيسية وراء خفض البنك المركزي الأوروبي لأسعار الفائدة يوم الخميس وخفض توقعاته للنمو، بحجة وجود حالة من عدم اليقين في الوفرة.

وبالمقارنة بالعام السابق، انخفض الناتج الصناعي في منطقة اليورو بنسبة 1.2 في المائة، مقابل التوقعات بانخفاض بنسبة 1.9 في المائة. ومقارنة بالشهر السابق، انخفض إنتاج الطاقة والسلع المعمرة والسلع الاستهلاكية، وارتفع إنتاج السلع الرأسمالية فقط.