أعلن نائب رئيس الوزراء السوري قدري جميل من موسكو أمس أنه تقرر عقد مؤتمر «جنيف 2»، في يومي 23 و24 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، في حين لا تزال الشكوك بإمكانية عقد المؤتمر قائمة في ظل الانقسام والشروط والشروط المضادة بين النظام السوري والمعارضة السورية، المتمسكة بوجوب الالتزام بقرارات «جنيف 1». وأعلن وزير الخارجية الأميركي جون كيري أمس أنه سيغادر إلى لندن الأسبوع المقبل لعقد لقاء مع الجهات الداعمة للمعارضة السورية، بمشاركة 11 وزيرا من مجموعة «أصدقاء سوريا».
واستبقت الخارجية الروسية المعارضة السورية بردها على جميل، إذ أكدت أنّ تحديد موعد «جنيف 2» من اختصاص الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون وليس من اختصاص المسؤولين السوريين. وقال المتحدث باسم الخارجية الروسية ألكسندر لوكاشيفيتش، في مؤتمر صحافي إن «تحديد موعد المؤتمر الرامي لإيجاد حل للنزاع في سوريا من اختصاص الأمين العام للأمم المتحدة وليس المسؤولين السوريين». وأشار إلى أن «الأهم في الأمر ليس تحديد موعد المؤتمر وإنما التحضير له»، مؤكدا على أهمية «ضمان تمثيل المعارضة السورية في المؤتمر من جهة ومشاركة طهران من جهة أخرى».
وتأتي هذه التصريحات بعد نحو أسبوع على إعلان المجلس الوطني السوري مقاطعته مؤتمر جنيف، فيما من المنتظر أن يقول الائتلاف الوطني كلمته الأخيرة بشأن المشاركة فيه أو عدمها في اجتماع يعقده في الخامس والعشرين من الشهر الجاري. وسبق لمبعوث الأمم المتحدة للسلام في سوريا الأخضر الإبراهيمي أن صرّح في وقت سابق بأنه غير واثق من أن محادثات السلام ستجري في منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) كما هو مخطط، كاشفا كذلك عن توجهه إلى المنطقة بعد عيد الأضحى المبارك «لمقابلة أكبر عدد من الجهات وإجراء مباحثات معهم والاستماع إلى هواجسهم وأفكارهم من أجل المساهمة في عقد مؤتمر جنيف 2».
واعتبر قدري جميل في مؤتمر صحافي خلال زيارته إلى موسكو، أن «رفض المجلس الوطني السوري (أكبر ائتلاف في المعارضة السورية) المشاركة في جنيف 2، لن تكون له انعكاسات على موعد وصيغة المؤتمر»، معتبرا أنه «من المرجح جدا أن يتراجعوا عن قرارهم». ورأى جميل في تصريحاته، وفق ما نقلته عنه «وكالة ريا نوفوستي» الروسية، أن «هناك حاجة لعقد هذا المؤتمر لأن الجميع وصلوا إلى طريق مسدود سواء عسكريا أو سياسيا كما أنّه يمثل مخرجا للجميع سواء لأميركا أو روسيا أو النظام السوري والمعارضة»، مضيفا: «من يدرك هذا أولا سيستفيد أما من لا يدرك ذلك فسيجد نفسه خارج العملية السياسية».
في المقابل، جدد المتحدث الرسمي باسم «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» لؤي صافي تأكيد تمسّك المعارضة بمقررات «جنيف »1 لتكون منطلقا لـ«جنيف 2». وقال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أمس، إنّ «التاريخ الذي أعلن عنه جميل أمس، هو الموعد الذي سبق أن تم اقتراحه والتداول به، لكن لغاية الآن ليس هناك أي قرار نهائي بهذا الشأن». وأشار إلى أنّ «موقف الائتلاف الوطني سيعلن الأسبوع المقبل بعد المداولات في اجتماع الهيئة العامة التي ستناقش الموضوع ويعرض على التصويت».
وفي حين لم يستبعد أن يكون القرار النهائي مختلفا عن موقف المجلس الوطني، مشيرا إلى أنّ «هناك اختلافا في الآراء بين أعضاء الائتلاف وممثلي المجلس فيه وهم 22 شخصا من أصل 115، ونتائج التصويت هي التي ستحسم النتيجة»، أكّد في الوقت عينه أنّ «أبرز الشروط التي قد تعيق المشاركة بـ(جنيف 2)، تنطلق من أسباب عدّة أهمها، أنّ الظروف اليوم غير مؤاتية في ظل ضعف الدعم المقدم للمعارضة إضافة إلى أنّ هناك الكثير من الأسئلة التي لم يتم الإجابة عنها من قبل، وأهمها، تلك المتعلّقة بموقف النظام حيال مقررات جنيف 1 ولا سيما لجهة خروج الأسد من السلطة وأن لا يكون جزءا من أي حل في المستقبل وتشكيل حكومة انتقالية كاملة الصلاحيات»، مرجحا أن «يكون موقف الائتلاف سلبيا إذا بقي الوضع على ما هو عليه لغاية انعقاد المؤتمر الأسبوع المقبل».
وقال رئيس الائتلاف أحمد الجربا الأسبوع الماضي إن مشاركة الائتلاف في المؤتمر مشروطة بأن يتضمن التفاوض تسليم نظام الرئيس السوري بشار الأسد السلطة، وتوافر ضمانات عربية وإسلامية لنجاح المؤتمر، بينما قال فايز سارة المستشار الإعلامي والسياسي لرئيس الائتلاف السوري، أمس، إن الائتلاف لم يتلق أي تأكيدات بشأن تحديد موعد لمؤتمر «جنيف 2». وأوضح لـ«وكالة الأناضول» أن «المفاوضات بشأن تحديد موعد للمؤتمر بين الولايات المتحدة وروسيا، لم تحسم بعد»، لافتا إلى أن «الائتلاف يبحث عن ضمانات دولية وعربية، تضمن أن تكون مشاركته في المؤتمر مجدية، ومنها أن يتخذ النظام خطوة يبدي فيها استعداده للتعاطي مع ما سيتوصل إليه المؤتمر، مثل إطلاق سراح المعتقلين وفك الحصار عن المناطق المحاصرة».
ولمح إلى «أهمية تمثيل المعارضة السورية بوفد موحّد في جنيف 2، وإمكانية مشاركة معارضين سوريين من خارج دائرة الائتلاف في هذا الوفد». وكانت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية جين بساكي قد اعتبرت أن مشاركة المعارضة السورية في مفاوضات السلام «أمر أساسي ومهم»، وذكرت أن «الخيار الوحيد لوضع حد للحرب الأهلية هو الحل السياسي»، مشيرة إلى أنّ مقاطعة المعارضة «جنيف 2» «لن تقدم شيئا للسوريين»، بل إنّ مشاركتها هي عنصر أساسي لنجاح المؤتمر.
من جهته أعلن وزير الخارجية الأميركي جون كيري أنه سيغادر إلى لندن الأسبوع المقبل لعقد لقاء مع الجهات الداعمة للمعارضة السورية. وكرر كيري الذي قاد الجهود مع روسيا لإيجاد حل سياسي للنزاع، القول إن «ليس هناك حل عسكري» للنزاع. وأضاف في مقابلة مع الإذاعة الوطنية العامة «سيكون هناك فقط دمار مستمر وخلق كارثة إنسانية للجميع في المنطقة إذا استمر القتال». وتابع «بالتالي نحن نحاول دفع العملية قدما. سأعقد اجتماعات الثلاثاء المقبل في لندن مع مجموعة دعم المعارضة» التي تتكون من 11 وزير خارجية من مجموعة أصدقاء سوريا. وأضاف «نحن نعمل في اتجاه عقد مؤتمر جنيف، رغم أننا لا نعرف ما هي النتيجة». وأفادت معلومات أن مجموعة أصدقاء سوريا التي شكلت لدعم المعارضة السورية، ستجتمع في بريطانيا الثلاثاء المقبل.