في أول ظهور له عقب بث مقطع صوتي مزعوم عن رغبته في تحصين منصبه، قال الفريق أول عبد الفتاح السيسي، القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي، أمس، إن القيادة السياسية الجديدة تواجه ما سماه «حرب إشاعات وأكاذيب»، مؤكدا حرص الجيش على تنفيذ خارطة المستقبل التي أقرت في اجتماع لقادته مع قيادات قوى سياسية ورموز دينية في يوليو (تموز) الماضي.
وتوافقت قوى وطنية وسياسية على عزل الرئيس السابق محمد مرسي، بعد مظاهرات حاشدة، بدعم قوي من قادة الجيش المصري، وكذلك جرى التوافق على تعديل دستور مثير للجدل كتبته لجنة تأسيسية هيمن عليها إسلاميون، كما توافق على إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية قبل الصيف المقبل، فيما عرف بخارطة المستقبل.
وتوجهت أنظار المصريين إلى قائد الجيش الذي اكتسب جماهيرية واسعة في أوساط قطاعات أنهكها عدم استقرار البلاد سياسيا واقتصاديا منذ عزل الرئيس الأسبق حسني مبارك في فبراير (شباط) 2011.
وقال الفريق أول السيسي خلال زيارة خاطفة وغير معلن عنها مسبقا إلى المنطقة الغربية في سيدي براني بمحافظة مرسى مطروح، بدأها مساء أول من أمس، والتقى خلالها قيادات وضباط الجيش ومشايخ القبائل في محافظة مطروح (غرب القاهرة)، إن «القوات المسلحة حريصة على تنفيذ خارطة المستقبل كما جرى الإعلان عنها، وذلك بالتعاون مع مؤسسات الدولة والقوى الوطنية».
وأشار السيسي إلى أن القيادة السياسية الجديدة في البلاد تواجه حرب إشاعات وأكاذيب، مضيفا أنه يتوجب على تلك القيادة أن تستمر في بناء مصر ومؤسساتها ولا تلتفت إلى من يحاولون إضعاف ثقتها بنفسها وعدالة قضيتها.
وترفض جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي لها الرئيس السابق قرار عزل مرسي، وتصف تلك الخطوة بالانقلاب العسكري. وتواصل الجماعة الأكثر تنظيما في البلاد ما تسميه «نضالها لكسر الانقلاب» عبر تنظيم مظاهرات في عدة مدن، تحولت في بعض الأحيان إلى مواجهات دامية.
وأعرب وزير الدفاع عن اعتزازه بقبائل وعشائر مطروح وتقديره لدورهم وعطائهم الوطني، مؤكدا أن غرب مصر على أعتاب مستقبل مشرق بسواعد أبنائها وجهودهم في استعادة الأمن والاستقرار وعملهم الجاد والمخلص لتنمية هذا الجزء من أرض مصر.
وأعلن القائد العام عن مبادرة بمشاركة مشايخ وعواقل وعمد مطروح لجمع الأسلحة والذخائر المهربة عبر الحدود وتسليمها بأنفسهم إلى الدولة لعدم استخدامها في عمليات القتل والإرهاب وترويع الآمنين.
ووصف السيسي الرئيس السابق مرسي بـ«الرجل الطيب»، لكنه لم يكن هو من يحكم مصر، بل الجماعة التي ينتمي إليها، مؤكدا أنه مستعد للحساب أمام الله والشعب المصري.
وأوضح أنه تقدم لمرسي بالكثير من التقارير التي تؤكد له حالة الشارع المصري وغليانه، قائلا: «لكنه للأسف لم يهتم بتلك التقارير ولم يأخذها على محمل الجد»، وتابع: «هناك حساب أمام الله وفي القبر، وأنا مستعد له ومستعد لحساب عام كامل أمام المصريين وقبله أمام الله، لصالح ألا يحدث في مصر ما حدث في دول أخرى بالمنطقة، لو لم تتدخل القوات المسلحة لصالح الشعب المصري العظيم».
ويعتقد مراقبون أن الأوضاع الأمنية في البلاد، وغياب بديل مدني يحظى بتأييد شعبي قد يدفعان السيسي إلى الترشح في الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها ربيع العام المقبل، مشيرين إلى أن إقدام السيسي على اتخاذ تلك الخطوة يمنح أنصار جماعة الإخوان فرصة لترويج حديثهم عن التخطيط المسبق للجيش من أجل إفشال مرسي في محاولة لإمساك بالسلطة مجددا.
ودعت جماعة الإخوان أنصارها مجددا إلى التظاهر في محيط ميدان التحرير ومحاولة اقتحامه، بحسب مصادر داخل الجماعة، وهي الدعوة التي تواجه ممانعة من قوى سياسية إسلامية متحالفة مع «الإخوان»، بسبب ما يعتبرونه كلفة الدم خلال المواجهات مع السلطات الأمنية في البلاد.