الرباط «تشكو» مقدمي شكاوى تتهم مسؤولا أمنيا مغربيا بممارسة التعذيب

وزير الداخلية يدين توظيف القضاء الفرنسي للتشويش على أجهزة الأمن في بلاده

الرباط «تشكو» مقدمي شكاوى تتهم مسؤولا أمنيا مغربيا بممارسة التعذيب
TT

الرباط «تشكو» مقدمي شكاوى تتهم مسؤولا أمنيا مغربيا بممارسة التعذيب

الرباط «تشكو» مقدمي شكاوى تتهم مسؤولا أمنيا مغربيا بممارسة التعذيب

كلف محمد حصاد وزير الداخلية المغربي، باسم الدولة المغربية، أربعة محامين لمقاضاة مقدمي شكاوى في فرنسا تتهم مسؤولا أمنيا مغربيا بالتورط في ممارسة التعذيب. ويأتي هذا الإجراء على خلفية مطالبة جمعية حقوقية فرنسية الاستماع إلى عبد اللطيف الحموشي مدير المخابرات المغربية بشأن تورطه في التعذيب بناء على شكوى كان قد وضعها سابقا مواطن فرنسي من أصل مغربي يدعى عادل لمطالسي لدى المحكمة الابتدائية الكبرى بباريس ضد مصالح الأمن المغربية، واتهمها فيها بتعذيبه إبان اعتقاله في المغرب لتورطه في الاتجار في المخدرات. قبل ترحيله إلى فرنسا لقضاء ما تبقى من عقوبته.
وتسببت هذه القضية في توتر غير مسبوق بين الرباط وباريس، إذ جرى استدعاء السفير الفرنسي في العاصمة المغربية يوم 21 فبراير (شباط) الماضي لتبلغيه احتجاج المملكة المغربية ورفضها التام «للإجراءات الفجة التي جرى اتباعها، والمنافية لقواعد الدبلوماسية المعمول بها، «ذلك أن سبعة من عناصر الشرطة الفرنسية قدموا إلى مقر إقامة السفير المغربي في باريس من أجل إشعاره باستدعاء قاضي التحقيق لمدير المخابرات الداخلية المغربي». وكان الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند قد أجرى اتصالا هاتفيا مع العاهل المغربي الملك محمد السادس إبان تفجر القضية.
وأوضح بيان صدر مساء أول من أمس عن وزارة الداخلية أن حصاد أدان في الشكوى التي وضعها بين يدي النائب العام للجمهورية لدى المحكمة العليا بباريس، التحريض الفاضح الذي قام به أفراد أدانتهم المحاكم المغربية المختصة بوقائع ثابتة مرتبطة بالنصب والاحتيال، والاتجار الدولي في المخدرات.
وأضاف المصدر ذاته أن الوزير المغربي يدين أيضا «تورط جمعية فرنسية معروفة بانحيازها الصارخ وتحركها ضد الوحدة الترابية للمغرب». وأشار البيان إلى أن الشكوى التي قدمها وزير الداخلية تدين «توظيف المسطرة القضائية الفرنسية من قبل أصحاب الاتهامات الباطلة بممارسة التعذيب، وتكشف الدوافع الحقيقية لهذا التحريض، والمتمثلة في التشويش على أجهزة أمنية تابعة لوزارة الداخلية، ولا سيما المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني (المخابرات الداخلية)، المؤسسة المشهود لها بإنجازاتها في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة في إطار الاحترام الصارم لدولة الحق والقانون». وذكر المصدر بأن اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، والتي وقعها المغرب وفرنسا وصادقا عليها، تحدد الإطار الملائم للحكم على أي ادعاء بممارسة التعذيب. وأبرز البيان أن اللجوء إلى هذه المسطرة القضائية يضاف إلى الاتصالات والمحادثات الجارية بين المسؤولين الحكوميين بالبلدين، مضيفا أن هذه الاتصالات تتوخى «كشف ملابسات الوقائع الخطيرة وغير المسبوقة التي طرأت أخيرا، وتحديد التدابير الملموسة لضمان عدم تكرارها». وتتكون مجموعة المحامين المكلفين برفع شكوى وزير الداخلية من رالف بوسيي، وإيف ريبيكي، وعبد الكبير طبيح، وعمر الطيب. وكانت وزارة العدل المغربية قد قررت تعليق تنفيذ جميع اتفاقيات التعاون القضائي بين المغرب وفرنسا، على خلفية هذه القضية، وما زالت الاتصالات بين مسؤولي البلدين جارية من أجل طي هذا الملف، لا سيما وأن الرباط متشبثة بتقديم باريس توضيحات حول ملابسات القضية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».