الجدل يحتدم في مصر غداة أحكام قاسية وسريعة بحق 152 متظاهرًا في «يوم الأرض»

رئيس لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان حذر من فقدان الثقة بمؤسسة القضاء

الجدل يحتدم في مصر غداة أحكام قاسية وسريعة بحق 152 متظاهرًا في «يوم الأرض»
TT

الجدل يحتدم في مصر غداة أحكام قاسية وسريعة بحق 152 متظاهرًا في «يوم الأرض»

الجدل يحتدم في مصر غداة أحكام قاسية وسريعة بحق 152 متظاهرًا في «يوم الأرض»

احتدم الجدل في مصر مجددا غداة أحكام قاسية أصدرتها عدة محاكم في القاهرة بحق 139 شابا و13 حدثا (أقل من 18 عاما) تراوحت عقوبتهم بين السجن لمدة عامين إلى خمسة أعوام وتغريم 79 منهم ماليا، لخرقهم قانون التظاهر، وسط تساؤلات بشأن سرعة الفصل في القضية التي لم يمض على وقائعها 20 يوما. فيما حذر النائب محمد أنور السادات، رئيس لجنة حقوق الإنسان في البرلمان، من فقدان الثقة بمؤسسة القضاء.
واعترفت السلطات الحالية في مصر بفقدانها القدرة على التواصل مع جيل الشباب الذي يمثل نسبة 60 في المائة من المجتمع، مما دعا الرئيس عبد الفتاح السيسي لإعلان عام 2016 عاما للشباب، لكن تلك الأحكام التي صدرت، مساء أول من أمس، تعمق على ما يبدو أزمة الثقة وتدفع بالمشهد السياسي في البلاد نحو مزيد من الاحتقان؛ الأمر الذي ينذر بالخطر بحسب مراقبين.
وكشف استطلاع للرأي أجراه المركز المصري لبحوث الرأي العام «بصيرة»، وأعلنت نتائجه أخيرا تراجع شعبية الرئيس السيسي بشكل ملحوظ، ونوه التقرير إلى أن النسبة الغالبة من مؤيدي الرئيس السيسي تتركز في كبار السن (50 عاما أو أكثر).
وكانت قوات الأمن قد ألقت القبض على عشرات الشبان عشية الدعوة للتظاهر في 25 أبريل (نيسان) الماضي، من المقاهي والمنازل، كما أوقفت مئات الشباب خلال المظاهرات التي تزامنت مع الاحتفال بعيد تحرير سيناء على خلفية اعتراضاتهم على اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر والسعودية.
وقضت محكمة أول درجة بمعاقبة 79 متهما بالتظاهر يوم 25 أبريل (نيسان) في حي الدقي (غرب القاهرة)، بالسجن 5 سنوات مع الشغل وغرامة 100 ألف جنيه لكل منهم، وكذلك معاقبة 22 متهما بالتظاهر في حي العجوزة المتاخم لحي الدقي بالسجن 5 سنوات.
وأسندت للمدانين تهم «التحريض على استخدام القوة لقلب نظام الحكم، والتحريض على مهاجمة أقسام الشرطة، واستخدام العنف والتهديد لحمل رئيس الجمهورية على الامتناع عن عمل من اختصاصه ومهامه الموكلة إليه طبقًا للدستور، والانضمام إلى جماعة إرهابية الغرض منها الدعوى لتعطيل القوانين ومنع السلطات من ممارسة أعمالها والإضرار بالسلام الاجتماعي، والتحريض على التظاهر».
وجاء الحكم بعد ساعات من حكم آخر أدين بمقتضاه 51 شابا في القضية التي تعرف إعلاميا بـ«يوم الأرض»، حيث أصدرت محكمة جنح قصر النيل، حكما بالسجن عامين مع الشغل ضد 51 شخصا ألقي القبض عليهم خلال مظاهرات ذلك اليوم بوسط القاهرة. وصدر الحكم حضوريا على 20 متهما وغيابيا على 31 آخرين.
والأحكام الصادرة بحق الـ152 شابا قابلة للطعن عليها، وقال المحامي سامح سمير، أحد أعضاء هيئة الدفاع عن المدانين في القضية: «إن هيئة الدفاع سوف تستأنف على الأحكام الصادرة».
وفي أول رد فعل من نواب البرلمان، وجه النائب محمد أنور عصمت السادات، رئيس لجنه حقوق الإنسان بمجلس النواب، رسالة إلى الشباب المحكوم عليهم في مظاهرات الأرض، واعتبرهم «فخرا للدولة».
وقال السادات، في بيان أمس: «إن الأحكام الصادرة ضدهم هي وسام على صدورهم يعبر عن انتمائهم لوطنهم وحرصهم على أرضه ودفاعا عن مصالحه خاصة أنهم عبروا عن رأيهم بشكل سلمي من دون تخريب أو عنف».
وأبدى رئيس لجنة حقوق الإنسان في البرلمان دهشته من سرعة إصدار الأحكام على الشباب المشاركين في المظاهرات في مدة لا تزيد على الـ20 يوما، في وقت سمح فيه بسفر كثير ممن صدر بحقهم أحكام نهائية.
وقال السادات: «إن هذا الأمر يضرب الثقة بالقضاء؛ حيث إن القضاء هو أحد ركائز استقرار الدولة، وإن انعدام الثقة به تؤدي بالبلاد إلى الفوضى»، مؤكدا أن التظاهر حق للجميع ويكفله الدستور.
وانتقد طيف واسع من المراقبين ما عدوه تعاملا انتقائيا من قبل السلطات تجاه المظاهرات التي خرجت مؤخرا، ولفت عدد منهم إلى تغاضي السلطات عن احتجاجات أمناء الشرطة قبل أسابيع، ومظاهرات احتجاجية لعشرات ضد نقابة الصحافيين.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.