احتدم الجدل في مصر مجددا غداة أحكام قاسية أصدرتها عدة محاكم في القاهرة بحق 139 شابا و13 حدثا (أقل من 18 عاما) تراوحت عقوبتهم بين السجن لمدة عامين إلى خمسة أعوام وتغريم 79 منهم ماليا، لخرقهم قانون التظاهر، وسط تساؤلات بشأن سرعة الفصل في القضية التي لم يمض على وقائعها 20 يوما. فيما حذر النائب محمد أنور السادات، رئيس لجنة حقوق الإنسان في البرلمان، من فقدان الثقة بمؤسسة القضاء.
واعترفت السلطات الحالية في مصر بفقدانها القدرة على التواصل مع جيل الشباب الذي يمثل نسبة 60 في المائة من المجتمع، مما دعا الرئيس عبد الفتاح السيسي لإعلان عام 2016 عاما للشباب، لكن تلك الأحكام التي صدرت، مساء أول من أمس، تعمق على ما يبدو أزمة الثقة وتدفع بالمشهد السياسي في البلاد نحو مزيد من الاحتقان؛ الأمر الذي ينذر بالخطر بحسب مراقبين.
وكشف استطلاع للرأي أجراه المركز المصري لبحوث الرأي العام «بصيرة»، وأعلنت نتائجه أخيرا تراجع شعبية الرئيس السيسي بشكل ملحوظ، ونوه التقرير إلى أن النسبة الغالبة من مؤيدي الرئيس السيسي تتركز في كبار السن (50 عاما أو أكثر).
وكانت قوات الأمن قد ألقت القبض على عشرات الشبان عشية الدعوة للتظاهر في 25 أبريل (نيسان) الماضي، من المقاهي والمنازل، كما أوقفت مئات الشباب خلال المظاهرات التي تزامنت مع الاحتفال بعيد تحرير سيناء على خلفية اعتراضاتهم على اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر والسعودية.
وقضت محكمة أول درجة بمعاقبة 79 متهما بالتظاهر يوم 25 أبريل (نيسان) في حي الدقي (غرب القاهرة)، بالسجن 5 سنوات مع الشغل وغرامة 100 ألف جنيه لكل منهم، وكذلك معاقبة 22 متهما بالتظاهر في حي العجوزة المتاخم لحي الدقي بالسجن 5 سنوات.
وأسندت للمدانين تهم «التحريض على استخدام القوة لقلب نظام الحكم، والتحريض على مهاجمة أقسام الشرطة، واستخدام العنف والتهديد لحمل رئيس الجمهورية على الامتناع عن عمل من اختصاصه ومهامه الموكلة إليه طبقًا للدستور، والانضمام إلى جماعة إرهابية الغرض منها الدعوى لتعطيل القوانين ومنع السلطات من ممارسة أعمالها والإضرار بالسلام الاجتماعي، والتحريض على التظاهر».
وجاء الحكم بعد ساعات من حكم آخر أدين بمقتضاه 51 شابا في القضية التي تعرف إعلاميا بـ«يوم الأرض»، حيث أصدرت محكمة جنح قصر النيل، حكما بالسجن عامين مع الشغل ضد 51 شخصا ألقي القبض عليهم خلال مظاهرات ذلك اليوم بوسط القاهرة. وصدر الحكم حضوريا على 20 متهما وغيابيا على 31 آخرين.
والأحكام الصادرة بحق الـ152 شابا قابلة للطعن عليها، وقال المحامي سامح سمير، أحد أعضاء هيئة الدفاع عن المدانين في القضية: «إن هيئة الدفاع سوف تستأنف على الأحكام الصادرة».
وفي أول رد فعل من نواب البرلمان، وجه النائب محمد أنور عصمت السادات، رئيس لجنه حقوق الإنسان بمجلس النواب، رسالة إلى الشباب المحكوم عليهم في مظاهرات الأرض، واعتبرهم «فخرا للدولة».
وقال السادات، في بيان أمس: «إن الأحكام الصادرة ضدهم هي وسام على صدورهم يعبر عن انتمائهم لوطنهم وحرصهم على أرضه ودفاعا عن مصالحه خاصة أنهم عبروا عن رأيهم بشكل سلمي من دون تخريب أو عنف».
وأبدى رئيس لجنة حقوق الإنسان في البرلمان دهشته من سرعة إصدار الأحكام على الشباب المشاركين في المظاهرات في مدة لا تزيد على الـ20 يوما، في وقت سمح فيه بسفر كثير ممن صدر بحقهم أحكام نهائية.
وقال السادات: «إن هذا الأمر يضرب الثقة بالقضاء؛ حيث إن القضاء هو أحد ركائز استقرار الدولة، وإن انعدام الثقة به تؤدي بالبلاد إلى الفوضى»، مؤكدا أن التظاهر حق للجميع ويكفله الدستور.
وانتقد طيف واسع من المراقبين ما عدوه تعاملا انتقائيا من قبل السلطات تجاه المظاهرات التي خرجت مؤخرا، ولفت عدد منهم إلى تغاضي السلطات عن احتجاجات أمناء الشرطة قبل أسابيع، ومظاهرات احتجاجية لعشرات ضد نقابة الصحافيين.
الجدل يحتدم في مصر غداة أحكام قاسية وسريعة بحق 152 متظاهرًا في «يوم الأرض»
رئيس لجنة حقوق الإنسان بالبرلمان حذر من فقدان الثقة بمؤسسة القضاء
الجدل يحتدم في مصر غداة أحكام قاسية وسريعة بحق 152 متظاهرًا في «يوم الأرض»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة