اقترح الجنرال بن هوجز، قائد القوات البرية الأميركية في أوروبا، على روسيا دعوة مراقبين من حلف الشمال الأطلسي (الناتو) إلى المناورات العسكرية التي تجريها القوات الروسية كخطوة من شأنها أن تخفف من حدة التوتر بين الجانبين.
وفي حديث يوم أمس لوكالة «تاس» الروسية للأنباء، أشار هوجز إلى أن الناتو يوجه دومًا دعوة لمراقبين روس إلى المناورات التي يجريها بغية الحد من قلق الجانب الروسي، معربًا عن قناعته بأنه «لو قامت روسيا بالأمر ذاته أيضًا وتوجيه دعوة لمراقبين من الناتو، فإن هذا سيشكل خطوة إيجابية من شأنها تخفيف حدة التوتر» بين الجانبين.
ويأتي حديث المسؤول الأميركي في ختام أسبوع شهدت فيه العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة بشكل خاص، والناتو بشكل عام، مستويات غير مسبوقة من التوتر على خلفية تدشين الولايات المتحدة المرحلة الأولى من خطّة نشر الدرع الصاروخية في أوروبا الشرقية، حيث شهدت رومانيا يوم 12 من مايو (أيار) الحالي مراسم نصب منظومة (Aegis Ashore) من الدرع الصاروخية الأميركية على الأراضي الرومانية، وستكون المرحلة التالية بافتتاح قاعدة جديدة في بولندا عام 2018.
وقد أثارت هذه الخطوة الأميركية ردود فعل روسية غاضبة. وفي تصريحات له في اليوم التالي على افتتاح القاعدة في رومانيا، جدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رفضه قبول فكرة أن الهدف من نشر مكونات الدرع الصاروخية الأميركية في أوروبا هو حماية القارة العجوز، وقال إنها «ليست حماية، بل تعزيز للقدرات النووية». وخلال لقاء مع كبار قادة المؤسسة العسكرية الروسية، أعرب بوتين عن قناعته بأنه «إذا كانت الولايات المتحدة قادرة عبر استخدام قدراتها الإعلامية على تضليل البعض بأن الدرع الصاروخية لا تشكل تهديدًا لروسيا، وأنها منظومة محض دفاعية، فإنه لا يمكن تضليل الجانب الروسي». واعتبر ما تقوم به الولايات المتحدة في هذا المجال بأنه «جزء من القدرة النووية الأميركية تم نقله إلى منطقة الطوق»، موضحا أن «منطقة الطوق» في هذه الحال هي أوروبا الشرقية.
واعتبر بوتين أن نشر تلك المنظومة في رومانيا يزيد الموقف تعقيدًا، «ذلك أن نشر الدرع الصاروخية في أوروبا الشرقية يشكل مصدر تهديد إضافي لروسيا» حسب قوله، واصفًا افتتاح القاعدة في رومانيا بأنه «الضربة الثانية التي توجهها الولايات المتحدة ضمن محاولات إحداث خلل في موازين القوى الاستراتيجية، بينما كان الانسحاب الأميركي أحادي الجانب من اتفاقية عام 1972 للحد من الأنظمة الصاروخية المضادة للصواريخ، خطوة أولى في هذا السياق»، ورأى بوتين في هذا كله «تهيئة ظروف من جانب الولايات المتحدة لانتهاك معاهدة تدمير الصواريخ متوسطة وقريبة المدى، وضربة إضافية لمنظومة الأمن العالمي».
مقابل هذا الوضع، توعد بوتين بأن بلاده لن تقف مكتوفة الأيدي، وأكد أن «روسيا ستتخذ كل ما هو ضروري لضمان الحفاظ على التوازن الاستراتيجي للقوى»، معربًا عن قناعته بأن «هذا سيشكل ضمانة لعدم نشوب نزاعات مسلحة واسعة أكثر خطورة بكثير من تلك التي يشهدها العالم حاليا»، مشددًا على أن روسيا لن تسمح بحدوث ذلك، وأنها ستعمل على إعادة تسليح الجيش الروسي بالشكل الذي يتناسب مع التهديدات الجديدة، لكن دون الانجرار إلى سباق تسلح».
وتجدر الإشارة إلى أن اتفاق روسيا والولايات المتحدة على توقيع معاهدة جديدة للحد من الرؤوس النووية كان قد تأخر لعدة أشهر، بعد انتهاء صلاحية المعاهدة السابقة المعروفة باسم (ستارت - 1)، وسبب التأخير حينها هو خلافات بين الجانبين بسبب الدرع الصاروخية الأميركية، حيث أصرت روسيا حينها على إدراج فقرة في نص المعاهدة تربط بين تقليص الأسلحة الاستراتيجية الهجومية والدفاعية، بغية الحد من إمكانيات نشر الدرع الصاروخية. لكن في نهاية المطاف، تم وضع صيغة لنص المعاهدة تناولت كل مسائل تقليص الأسلحة الهجومية، دون أن تتوقف بصورة واضحة عند مسألة الدرع الصاروخية. وكانت الإشارة الوحيدة لتلك المشكلة حينها هي التي جاءت في البيان الروسي عقب توقيع المعاهدة، وجاء فيه: «ستعلن روسيا انسحابها من المعاهدة في حال وجدت أن توسع الدرع الصاروخية كمًا أو نوعيا يشكل تهديد لأمنها».
في غضون ذلك وعلى الضفة الأخرى، حاولت الولايات المتحدة مجددًا إزالة مخاوف موسكو، وأكد البنتاغون أن «الدرع الصاروخية في أوروبا الشرقية موجهة لحماية أوروبا من خطر أوسع، مصدره خارج منطقة العمليات الأورو - أطلسية». ونقلت «رويترز» عن روبرت أورك، نائب وزير الدفاع الأميركي، تأكيداته خلال المؤتمر الصحافي أثناء افتتاح القاعدة الأميركية في رومانيا أن «مسألة المواجهة مع روسيا لم يتم التطرق لها أبدًا خلال النقاش بشأن نشر الدرع الصاروخية في أوروبا الشرقية». وانضمت وزارة الخارجية الأميركية إلى طمأنة روسيا عبر تصريحات الخميس أكدت فيها أن الدرع الصاروخية الأميركية في أوروبا الشرقية ليست موجهة ضد روسيا. لكن يبدو أن هذا كله لن يخفف من حدة الأزمة، ذلك أن روسيا كانت قد أشارت إلى أن الولايات المتحدة التي كانت تتذرع بضرورة حماية أوروبا من التهديد الصاروخي الإيراني، لم تعد تملك أي مبررات لنشر درعها الصاروخية بعد التوصل لاتفاق مع إيران،
خلافات موسكو وواشنطن حول الدرع الصاروخية تهدد الأمن الدولي
الولايات المتحدة تقول إنها لحماية أوروبا من الصواريخ.. وبوتين يؤكد أنها تستهدف روسيا
خلافات موسكو وواشنطن حول الدرع الصاروخية تهدد الأمن الدولي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة