يصادف يوم غد، 16 مايو (أيار)، يوم ذكرى مرور مائة عام على معاهدة سايكس بيكو، التي وقعت في سنة 1916 بين لندن وباريس، وتم بموجبها تقاسم أراضي الوطن العربي ومنطقة الشرق الأوسط، ما بين بريطانيا وفرنسا. وقد كانت معاهدة سرية، شاركت فيها روسيا القيصرية، التي كانت أيضا تطمح في نفوذ على هذه المنطقة، لكنها سقطت قبل أن تحظى بنصيب فيها. وعندما سيطرت الثورة الشيوعية على موسكو، كشفت أسرار الاتفاقية. فثار العرب بقيادة الشريف حسين عليها، واضطرت بريطانيا إلى إجراء تعديلات عليها، أدت إلى قيام المملكات والدول العربية. لكن بريطانيا نكثت بوعودها، آنذاك، للعرب ولشريكتيها روسيا وفرنسا، وقدمت وعدها الشهير بتكوين «وطن قومي لليهود»، المعروف بوعد بلفور 2 نوفمبر (تشرين الثاني) 1917. الذي أسس للصراع العربي الإسرائيلي.
لقد نمت بذور هذه المعاهدة في نهاية العام 1915 وخلال الحرب العالمية الأولى، حيث كانت الإمبراطورية العثمانية قد تحولت إلى «الرجل المريض على ضفاف البوسفور»، فتفككت وانهارت. فأطلق السلطان المغربي، محمد الخامس، المدعوم من ألمانيا، دعوته إلى «الجهاد». وكانت القوتان الاستعماريتان الكبيرتان حاضرتين في المنطقة: فرنسا بنفوذها الاقتصادي والثقافي في المشرق، وبريطانيا في مصر، التي احتلتها سنة 1882. وقد اختارتا دبلوماسيين اثنين، هما الفرنسي فرنسوا جورج بيكو (خال والدة الرئيس الفرنسي الأسبق، فاليري جيسكار ديستان) والبريطاني مارك سايكس (الذي توفي بعد ثلاث سنوات في باريس إثر إصابته بالإنفلونزا الإسبانية)، لإجراء مفاوضات حول ترتيبات سرية أصبحت تحمل اسميهما، هدفها تقاسم الأرض والنفوذ في العالم العربي.
ويتم إحياء ذكرى معاهدة سايكس بيكو، هذه الأيام، وسط أخطار تهدد بتغييرات أخرى لصالح تفتيت دول عربية، نتيجة لتمسك زعمائها ومراكز القوى فيها بالمناصب القيادية والنفوذ السلطوي وتمسك شعوبها بالحرية والعدالة الاجتماعية. وبات يطرح بقوة مشروع لإعادة تقسيم الوطن العربي إلى دويلات تقوم على الانتماءات الطائفية، دولة للمسيحيين ودولة للشيعة أو العلويين أو السنة أو الأكراد، ما يشجع إسرائيل على اتخاذ صفة طائفية شرعية هي «الدولة اليهودية».
...المزيد
100 سنة على «سايكس بيكو».. و«التقسيم» مستمر
دول طائفية في الأفق تستغلها إسرائيل قبل أن تتحول إلى دولة يهودية
100 سنة على «سايكس بيكو».. و«التقسيم» مستمر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة