Dheepan (*3)
* إخراج: جاك أوديار
* دراما اجتماعية فرنسا 2015
* في مثل هذه الأيام من العام الماضي تم عرض فيلم «ديبان» الفرنسي في مهرجان «كان» السينمائي، وهو الفيلم الذي تجاوز كل الأفلام المنافسة الأخرى وقطف السعفة الذهبية محققًا للسينما الفرنسية انتصارًا آخر.
الآن، يمر بدورة عروض عالمية تشمل الولايات المتحدة التي تستقبله باهتمام ملحوظ. السبب هو السمعة الجيدة التي سبقته منذ ذلك الحين. وسواء أكان الفيلم يستحق الهالة الكبيرة التي أحيط بها أو لم يستحق، فإن حالة فضول دفعت بجمهور الأفلام غير الأميركية في كل من نيويورك ولوس أنجليس إلى الإقبال على هذا المعروض في صالات متخصصة.
بالعودة إلى هذا الفيلم، تبرز للواجهة حبكته التي تتعامل والهجرة الآسيوية إلى فرنسا. ربما لا توازي الهجرة العربية والأفريقية الحالية إلى كل أوروبا، لكن ذلك ما اختاره المخرج ليقدم صورة اجتماعية عاكسة عنه.
هو عن ثلاث شخصيات سيريلانكية (رجل، وامرأة، وطفلة) تم جمعها من دون سابق صلة لتكون بمثابة عائلة واحدة ومنحها جوازات سفر مزوّرة لكي تنتقل بها إلى فرنسا. الجزء الأول من فيلم جاك أوديار يدور في سيريلانكا حيث حارب ديبان (انتونيساثان جيسوثان) مع ثوار التاميل ويجد الآن الطريق مسدودًا أمامه بعد الهزائم الأخيرة وفقدانه زوجته وابنه. بوصول العائلة إلى باريس يستلم ديبان (انتونيساثان جيسوثان) الذي كان فقد زوجته وابنه في الحرب ضد ثوار التاميل، عملاً كمشرف على نظافة مبنى سكني من تلك المخصصة للمهاجرين بينما تعمل الزوجة المزيّفة ياليني (كالياسواري سيرنيڤاسان) منظّفة ترعى شؤون رجل شرس له ماض في الجريمة ولديه الآن ولد شاب اسمه إبراهيم يدير إحدى عصابات المخدرات التي تقطن ذلك المشروع السكني.
يتعامل الفيلم مع الوضع الماثل طارحًا عدة مواضيع تخدم الحبكة المستندة إلى حياة بطل الفيلم نفسه، ولو جزئيًا. من بين تلك المواضيع الهجرة تبعًا للحروب الأهلية المستعرة والوصول إلى بلد آمن ليكتشف المهاجر أن الحياة في القاع والتعايش مع الوضع المدقع ليسا سوى حرب خفية وطويلة الأمد بدورها.
ما يُثير الاهتمام هو الفكرة الكامنة حول جمع ثلاثة أفراد عليها أن تتصرّف كما لو كانت عائلة واحدة وما ينتج عن هذه الفكرة من مفارقات. في حين أن الفتاة الصغيرة لا تفهم الكثير مما يدور حولها وتتذمر من إدخالها مدرسة تزيد من شعورها بالاختلاف، هناك المرأة التي لا تحب هذا الزوج المفبرك ولا تلك الفتاة التي تبنتها ولا الحياة التي وجدت نفسها فيها. شغل أوديار يبقى مثار احترام شديد لعاملين هما المعالجة القريبة من الموضوع والشخصيات من دون تكلّف، ولطرحه الموضوع الاجتماعي المثار أصلاً. لكن الأمور تفلت من بين يديه ما بعد النصف الثاني من الفيلم عندما تتزايد الطروحات والاهتمامات من جهة ويجد ديبان نفسه وقد أخفق في تجنّب العنف الذي هرب منه ليجده ماثلاً حوله (في البداية) ثم معه عندما يتعرّف على مقاتل آخر من التاميل يهدد سلامته وعائلته.