أصدر مجلس الأمن قرارا قدمته الولايات المتحدة يمدد مهمة بعثة «مينورسو» في الصحراء حتى نهاية أبريل (نيسان) 2017. وهو الموضوع الذي كان محور خلاف حاد بين الأمم المتحدة والمغرب.
وشدد القرار، الذي يحمل رقم 2285. على الحاجة الملحة لأن تعود «مينورسو» إلى أداء وظائفها كاملة، وطلب من الأمين العام للأمم المتحدة أن يقدم إحاطة إلى المجلس في غضون 90 يوما حول ما إذا كانت «مينورسو» قد عادت إلى وظائفها كاملة، كما أعرب المجلس عن عزمه، في حال عدم أداء البعثة وظائفها كاملة، على أن ينظر في أفضل السبل لتيسير تحقيق هذا الهدف.
وأكد القرار مجددا ضرورة الاحترام التام للاتفاقات العسكرية التي تم التوصل إليها مع «مينورسو»، بشأن وقف إطلاق النار، ودعا الطرفين إلى التقيد التام بتلك الاتفاقات. كما شدد القرار على أهمية التزام الطرفين بمواصلة التحضير لعقد جولة خامسة من المفاوضات، مشيرا إلى تأييده التوصية التي وردت في التقرير الصادر يوم 14 أبريل 2008، التي جاء فيها أن تحلي الطرفين بالواقعية والرغبة في التسوية أمر ضروري لإحراز تقدم في المفاوضات.
وجدد مجلس الأمن «التزامه بمساعدة المغرب وجبهة البوليساريو في التوصل إلى حل سياسي عادل ودائم ومقبول للطرفين»، مع حثهما على إظهار «مزيد من الإرادة السياسية للمضي قدما نحو التوصل إلى حل، وذلك بطرق، منها توسيع نطاق نقاشهما حول ما يطرحه كلاهما من اقتراحات، والتعاون مع مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في تنفيذ خطة العمل المتعلقة بتدابير بناء الثقة».
وتطرق القرار إلى ملف حقوق الإنسان في الصحراء، مؤكدا أهمية تحسين وضع حقوق الإنسان، ورحب من جديد بمنجزات المغرب في مجال حقوق الإنسان، مشيرا إلى عمل المجلس الوطني لحقوق الإنسان ولجنتيه بالعيون والداخلة، كما أشاد بتفاعل المغرب مع الإجراءات الخاصة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
وجدد القرار تأكيد ضرورة «تسجيل» سكان مخيمات جبهة البوليساريو في تندوف (جنوب غربي الجزائر)، وفي هذا السياق، لاحظ مراقبون أن القرار استعمل كلمة «تسجيل»، بدل كلمة «إحصاء».
وسبق مرارا للمغرب أن دعا الأمم المتحدة إلى ضرورة إحصاء عدد سكان مخيمات تندوف، وهو إحصاء ترفض الجزائر السماح به.
وأكد مجلس الأمن في قراره أن التوصل إلى حل سياسي لنزاع الصحراء، وتعزيز التعاون بين الدول الأعضاء في اتحاد المغرب العربي، من شأنهما «أن يسهما في تحقيق الاستقرار والأمن في منطقة الساحل».
وتجدر الإشارة إلى أن هذه هي المرة الرابعة التي يربط فيها مجلس الأمن تسوية نزاع الصحراء بالأزمة في منطقة الساحل.
وصوت لصالح القرار 10 دول (الولايات المتحدة، وفرنسا، وبريطانيا، والصين، وإسبانيا، وأوكرانيا، وماليزيا، ومصر، واليابان، والسنغال)، مقابل رفض دولتين (أوروغواي، وفنزويلا)، وامتناع 3 دول عن التصويت (روسيا، ونيوزيلندا، وأنغولا)، الأمر الذي يعني أن الدول التي تدعم الطرح الانفصالي بحماس لا تتعدى عضوين من أصل 15 عضوا في مجلس الأمن.
في غضون ذلك، قال بيان لوزارة الخارجية المغربية، صدر الليلة قبل الماضية، إن المغرب أخذ علما بالقرار الذي صادق عليه مجلس الأمن، عادّا أنه يشكل انتكاسة صارخة لجميع مناورات الأمانة العامة للأمم المتحدة. وأوضح البيان أن «هذا القرار يجدد تأكيد معايير الحل السياسي، كما حددها مجلس الأمن منذ 2004. وأوضحها بعبارات عملية سنة 2007. ويشكل في هذا الصدد انتكاسة صارخة لجميع مناورات الأمانة العامة للأمم المتحدة، خصوصا تلك التي تم القيام بها خلال زيارة الأمين العام الأخيرة للمنطقة، وتلك التي وردت في تقريره الأخير»، مشيرا إلى أن «هذه المناورات تهدف إلى تحوير معايير الحل السلمي، وإحياء خيارات متجاوزة وإدراج عناصر غير معترف بها من قبل مجلس الأمن».
وذكر البيان ذاته أن «المملكة المغربية، التي ردت في وقته على انزلاقات زيارة الأمين العام، عبرت في رسالة رسمية عن تحفظاتها على التقرير الأخير منذ نشره، ورفضها التام بعض العبارات الواردة في هذه الوثيقة».
وتابع البيان موضحا أن «المجلس يقطع مع جميع محاولات تغيير مهمة «مينورسو»، وتوسيعها لتشمل مهام غير متفق عليها، وعمليات تتنافى مع الغاية من إحداثها»، مشيرا إلى أنه «في سياق هذه المهمة الممددة، يدعو القرار إلى اضطلاع (مينورسو) بمهامها بشكل كامل».
وأكد البيان أن المملكة المغربية «ستواصل في إطار الاحترام الكامل للقرارات التي اتخذتها، الحوار من أجل التوصل إلى رزنامة من الحلول للأزمة تتيح تخفيف الانزلاقات الخطيرة للأمين العام خلال زيارته للمنطقة، وضمان السير الجيد لـ(مينورسو)، خصوصا في مهامها الأساسية المتمثلة في مراقبة وقف إطلاق النار ونزع الألغام في المنطقة العازلة شرقا».
وأضاف البيان أن «المملكة المغربية تحرص على شكر الأعضاء، الدائمين وغير الدائمين لمجلس الأمن، ودول عربية شقيقة، الذين تصرفوا بتبصر ومسؤولية وبروح بناءة وودية، من أجل التوصل إلى تبني قرار يمكن من مواصلة هادئة لجهود هيئة الأمم المتحدة في هذا الملف»، مضيفا أن المملكة المغربية «تأسف، في المقابل، لكون عضو مجلس الأمن، الذي يتحمل مسؤولية صياغة وتقديم المشروع الأول للقرار أدخل عناصر ضغط، وإكراهات وإضعاف، وتصرف بما يخالف روح الشراكة التي تربطه بالمملكة المغربية»، في إشارة إلى الولايات المتحدة، التي قدمت مشروع قرار عدته الرباط معاديا.
وذكر البيان أن «الملك محمد السادس شجب في خطابه المهم خلال قمة المغرب ودول التعاون الخليجي المنعقدة بالرياض في 20 أبريل الماضي، مصادر استلهام وعمل وأهداف الأوساط المعادية للوحدة الترابية للمملكة، والعاملة على زعزعة الاستقرار الإقليمي».
وخلص البيان إلى أن الرباط «ستبقى ملتزمة لفائدة السلام والاستقرار الإقليميين والدوليين، وستظل حذرة في مواجهة كل الانزلاقات أو المحاولات الرامية إلى المس بمصالحها العليا الشرعية».
يذكر أن واشنطن اقترحت على مجلس الأمن مشروع قرار طالبت فيه بعودة أنشطة «مينورسو» بشكل كامل على وجه السرعة بعد أن تعطلت نتيجة طرد المغرب لموظفيها المدنيين. بيد أن فرنسا وإسبانيا عبرتا عن رفضهما القاطع لمشروع القرار الأميركي، وعملتا إلى جانب دول أخرى على تعديل مشروع القرار الأميركي وتخفيف حدته.
وهكذا جرت إعادة صياغة مشروع القرار الأميركي، وهي صياغة جاءت مخيبة لآمال أورغواي وفنزويلا، اللتين صوتتا ضده، نظرا لكون القرار لم يكن قويا، وفشل في إدانة تصرفات المغرب، نظرا لأنهما كانتا تراهنان على العودة الفورية للعناصر المدنية التي طردها المغرب إلى الصحراء.
من جهته، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون عن سعادته بصدور قرار من مجلس الأمن حول الصحراء. وقال المتحدث الرسمي باسم الأمين العام، ستيفان دوجريك، في مؤتمر صحافي عقده بمقر الأمم المتحدة في نيويورك «نحن سعداء بصدور قرار مجلس الأمن بخصوص تمديد بعثة (مينورسو) لمدة عام كامل، واستعادة الدور الموكل إلى البعثة ودعمه.. ونحن الآن بانتظار تنفيذ مضمون القرار، وسيطلع الأمين العام أعضاء المجلس في غضون 90 يومًا، بشأن ما إذا تمكنت بعثة (مينورسو) من العودة إلى تنفيذ وظائفها كاملة».
من جهته، قال السفير عمر هلال، مندوب المغرب الدائم لدى الأمم المتحدة، إن «هذا القرار يحتاج إلى دراسة من قبل المغرب.. وسندرس كيف يمكن المضي نحو تطبيق مضمونه»، موضحا في مؤتمر صحافي عقده عقب صدور قرار مجلس الأمن، أن هناك مشاورات لا تزال قائمة بين المغرب ودول أخرى، إضافة إلى الأمانة العامة للأمم المتحدة حول القرار.
وشكل قرار مجلس الأمن خيبة أمل كبرى لجبهة البوليساريو، إذ قال ممثلها في نيويورك أحمد البوخاري في مؤتمر صحافي عقده عقب صدور قرار مجلس الأمن، إن قيادة الجبهة «ستدرس بتمعن وعناية قرار مجلس الأمن، وستتخذ قراراتها بشأن الخطوات المقبلة في إطار العدالة وسيادة القانون الدولي»، مشيرا إلى أنه «لا أحد يمكنه القفز على حقنا الذي وعدتنا به الأمم المتحدة منذ زمن طويل في تنظيم الاستفتاء وتقرير المصير واختيار مستقبلنا السياسي بحرية».
مجلس الأمن يمدد مهمة «مينورسو» في الصحراء سنة أخرى
المغرب يأسف لتصرف أميركا بما يخالف روح الشراكة التي تربطهما
مجلس الأمن يمدد مهمة «مينورسو» في الصحراء سنة أخرى
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة