تفجير انتحاري في القامشلي بعد أيام على اتفاق وقف إطلاق النار

الأكراد: الهدنة مع قوات الأسد قد لا تكون نهائية

رجل أمن كردي في طريقه إلى المكان الذي تعرض لانفجار في القامشلي شرق سوريا أمس (أ.ف.ب)
رجل أمن كردي في طريقه إلى المكان الذي تعرض لانفجار في القامشلي شرق سوريا أمس (أ.ف.ب)
TT

تفجير انتحاري في القامشلي بعد أيام على اتفاق وقف إطلاق النار

رجل أمن كردي في طريقه إلى المكان الذي تعرض لانفجار في القامشلي شرق سوريا أمس (أ.ف.ب)
رجل أمن كردي في طريقه إلى المكان الذي تعرض لانفجار في القامشلي شرق سوريا أمس (أ.ف.ب)

اهتز أمن مدينة القامشلي الواقعة بأقصى شمال شرقي سوريا مجددا أمس السبت، بعدما استهدف تفجير انتحاري حاجزا للميليشيات الكردية، ما أدّى إلى مقتل خمسة عناصر. وجاء التفجير بعد أيام على توقيع اتفاق بين الأكراد وقوات النظام وضع حدا للاشتباكات العنيفة التي شهدتها المدينة بين ميليشيات «الأسايش» وقوات النظام السوري أودت بالعشرات.
القائد العام لـ«الأسايش» جوان إبراهيم، أبلغ وكالة الصحافة الفرنسي «أ.ف.ب» أن انتحاريا فجّر حزامه الناسف في حاجز لقواته عند مفترق شارع الوحدة القريب من مقار قوات النظام السوري وميليشيا «الدفاع الوطني» التابعة لها «القامشلي» إحدى المدينتين الرئيستين في محافظة الحسكة، مع مدينة الحسكة. وأسفر التفجير، وفق قوله، عن سقوط خمسة قتلى وأربعة جرحى من «الأسايش». وأوضح إبراهيم أن الحاجز الذي تم استهدافه «يعد نقطة تماس بيننا (الأسايش) وبين ميليشيا الدفاع الوطني»، مشيرا إلى أن قوات النظام حاولت مرارا السيطرة عليه. وأشار إبراهيم إلى أن «التحقيقات لا تزال جارية» لتحديد الجهة المسؤولة. هذا، ويتقاسم الأكراد وقوات النظام السيطرة على القامشلي منذ العام 2012، حين انسحبت قوات النظام تدريجيا من المناطق ذات الغالبية الكردية، محتفظة بمقار حكومية وإدارية وبعض القوات، لا سيما في مدينتي الحسكة والقامشلي.
ومن جهتها، شرحت وكالة «آرا نيوز» التي تُعنى بالشأن الكردي ملابسلات التفجير، فقالت إن «تفجيرًا انتحاريًا وقع صباح السبت قرب دوار حي الزهور بمفرق شارع الخليج في مدينة القامشلي مستهدفًا حاجزًا لميليشيا (الأسايش) التابعة لـ(الإدارة الذاتية) الكردية». ونقلت الوكالة عن مصادر مقربة من موقع الحدث أن «انتحاريًا يرتدي حزامًا ناسفًا استهدف مفرق تقاطع شارع الخليج مع حي الكورنيش عند حاجز لقوات الأسايش، والأنباء تفيد بوقوع خمسة قتلى وأربعة جرحى في صفوف (الأسايش) وأضرار مادية في المنطقة».
ويأتي هذا التفجير بعد نحو عشرة أيام على اشتباكات عنيفة بين «الأسايش» وقوات النظام السوري، أودت بالعشرات، وانتهت باتفاق ينص على عودة الهدوء إلى المدينة وتبادل المعتقلين. وخلال تلك الاشتباكات، تبنى تنظيم داعش تفجيرًا انتحاريًا استهدف يومها أيضا حاجزا لـ«الأسايش».
ويقضي الاتفاق الذي تم توقيعه أخيرا بين الأكراد والنظام السوري بتبادل المعتقلين من الطرفين، وتثبيت الهدنة، فضلاً عن مناقشة نقاط تمركز القوات النظامية والميليشيات الموالية لها، والميليشيات الكردية في المدينة. وبحسب مسؤولين أكراد فإن الاتفاق يقضي كذلك بالإفراج عن الأكراد الموقوفين في القامشلي منذ ما قبل عام 2011. وعدم اعتقال أي كردي بسبب التجنيد أو أي سبب آخر، وعدم اعتقال أي عربي أو مسيحي منضم لميليشيا «وحدات الحماية الكردية»، أو يعمل لدى الإدارة الذاتية الكردية.
وبحسب رئيس المركز الكردي للدراسات، نواف خليل، فإن الاتفاق الذي تم توقيعه مؤخرا «ضربة قوية جدًا وموجعة للنظام، كونه تم بشروط الأكراد ومع احتفاظهم بالمناطق التي سيطروا عليها أخيرا، ما أدّى إلى انكفاء قوات النظام السوري في مناطق ضيقة جدا». وتابع خليل لـ«الشرق الأوسط»، شارحًا: «نحن لم نذهب إلى دمشق، بل هم أتوا إلى القامشلي، وقد حضر الطرفان الإيراني و(حزب الله) المفاوضات، التي تمت، كما شهدا على الاتفاق الذي حصل، الذي يؤكد ألا مجال للعودة إلى الوراء بعده». وعدّ خليل ألا إمكانية للقول إن الهدنة في القامشلي نهائية، لأنّها مرتبطة بالأوضاع على الأرض. وأردف: «أما العمليات الانتحارية المستمرة التي تستهدف المدينة، فواثقون أن (داعش) يقف وراءها، خاصة أنه تم أخيرا الكشف عن أكثر من سيارة أجرة مفخخة كان سيتم تفجيرها بمواقع مختلفة في القامشلي، وقد أحبطنا بكشفها هذه العمليات».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.