ليبيا: تحرير سرت من «داعش» يتحول إلى صدام بين حفتر وحكومة السراج

إيطاليا تنفي تلقيها طلبًا لإرسال قوات عسكرية إلى طرابلس

صورة أرشيفية لقوات موالية لما كان يسمى بالمؤتمر الوطني في طريقها لمهاجمة تنظيم {داعش} في سرت (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية لقوات موالية لما كان يسمى بالمؤتمر الوطني في طريقها لمهاجمة تنظيم {داعش} في سرت (أ.ف.ب)
TT

ليبيا: تحرير سرت من «داعش» يتحول إلى صدام بين حفتر وحكومة السراج

صورة أرشيفية لقوات موالية لما كان يسمى بالمؤتمر الوطني في طريقها لمهاجمة تنظيم {داعش} في سرت (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية لقوات موالية لما كان يسمى بالمؤتمر الوطني في طريقها لمهاجمة تنظيم {داعش} في سرت (أ.ف.ب)

تصاعدت الخلافات أمس بين الجيش الليبي، الذي يقوده الفريق خليفة حفتر في شرق البلاد، والمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني المقترحة من بعثة الأمم المتحدة، برئاسة فائز السراج، بعدما أعلن الأخير رفضه تحرك حفتر المنفرد لتحرير مدينة سرت الساحلية ومسقط رأس العقيد الراحل معمر القذافي من قبضة تنظيم داعش، الذي يسيطر عليها منذ منتصف العام الماضي.
وردا على إطلاق حفتر عملية عسكرية باسم تحرير سرت، أعلن السراج في المقابل، خلال خطاب متلفز ألقاه مساء أول من أمس، عن وضع ما وصفه بـ«استراتيجية وطنية» لمحاربة تنظيم داعش في مدينة سرت، التي تبعد نحو 450 كيلومترا (كلم) شرق العاصمة طرابلس.
وأعلنت عدة فصائل من شرق وغرب ليبيا أنها تستعد للتقدم نحو سرت، علما بأنه تم الإعلان أكثر من مرة عن عمليات مشابهة في الأشهر القليلة الماضية دون تنفيذها.
ويسيطر «داعش» على سرت، واستغل صراعا بين تحالفين فضفاضين من الفصائل المسلحة، دعم كل منهما حكومتين متنافستين في ليبيا، ليستولي على شريط طوله 250 كيلومترا (كلم) من الساحل حول المدينة، الواقعة على البحر المتوسط بين قاعدتي قوة الشرق والغرب.
ولاحظ السراج أن «الانقسام السياسي في البلاد أدى إلى حال من عدم الثقة بين الليبيين، لذا نسعى ونتطلع إلى تنظيم الجهود بهدف خوض معركة الوطن للقضاء على (داعش) في سرت والمناطق المجاورة، بمشاركة جميع الأطراف».
وأضاف السراج موضحا «لقد قررنا أن نبدأ اتصالاتنا بالتنسيق مع وزير الدفاع، وجميع قيادات الأركان والقيادة العامة للجيش، وبكل القيادات العسكرية في الشرق والغرب والجنوب لنطلب منهم وضع الترتيبات اللازمة لمباشرة عملية تحرير سرت، وتحديد المتطلبات المالية والفنية العسكرية، وكذلك إيجاد غرفة مشتركة للعمليات تضمن مشاركة القوات المسلحة الليبية في كل أنحاء البلاد»، داعيا إلى عدم القيام بأي حملات على مدينة سرت لحين إنشاء قيادة عسكرية موحدة، مشيرا إلى أن وزراءه بدأوا تنسيق الترتيبات الأمنية مع الجيش «للبدء بتحرير سرت»، ويتطلعون إلى إنشاء غرفة عمليات وطنية مشتركة، وأن تنظيم داعش سيجري استئصاله «بأيد ليبية وليس عن طريق تدخل أجنبي».
وشدد السراج على «أننا لن نسمح بأن تكون معركة تحرير سرت خاضعة للمساومات السياسية والمكاسب الآنية، فقد آن الأوان لاجتثاث (داعش) من كل أنحاء البلاد»، مشيرا إلى أن «حربنا ليست بالولاءات لأشخاص أو تنظيمات حزبية كانت أو فكرية، وإنما باسم ليبيا والولاء فقط للوطن». كما حيا السراج «جهود أبناء الوطن الشرفاء الذين حاربوا ويحاربون هذا التنظيم في بنغازي ودرنة والسدرة وصبراتة وغيرها من مدن ليبيا»، لافتا النظر إلى «أننا نواجه عدوا لا يعترف بحدود الوطن، وهو من ينتهك سيادتنا ويقتل أبناءنا بأيدي الغرباء.. فلننس خلافاتنا، ولنعمل على توحيد الصفوف، والاستعداد يدا بيد لمعركة تحرير سرت»، عادا أن «تفشي الإرهاب المتمثل في تنظيم داعش مسألة حرجة جدا لنا جميعا، وليبيا أصبحت ساحة مستباحة له، وشاهدنا كيف أصبحت له خلايا ومجموعات في كل مكان، لذا بدأنا وضع استراتيجية ومشروع وطني لإنهاء هذه الآفة والقضاء عليها بسواعد ليبية، وليس عن طريق أي نوع من التدخل الأجنبي، فنحن لسنا بمعزل عن العالم لكن سيادة ليبيا لا تنازل عنها».
وفي السياق نفسه، دعا السراج مجلس النواب، بصفته طرفا من أطراف الاتفاق السياسي، إلى «ضرورة استكمال استحقاقاته، لأنه الجسم التشريعي الوحيد في البلاد»، طالبا من كل التشكيلات المنبثقة من الاتفاق السياسي «التزام الصلاحيات الممنوحة لها بلا أي تجاوز من شأنه إرباك المشهد وزيادة التوتر والخلاف».
ويخشى حلفاء حفتر من أن الحكومة الجديدة لن تتمكن من توفير الحماية للجيش، وقد عارضوا بندا يعطي الحكومة سلطة التعيينات العسكرية. وحقق الجيش في الشرق مكاسب ملحوظة على الأرض في مواجهة المتشددين ومعارضين آخرين في بنغازي، ثاني أكبر المدن الليبية، حيث أعلن قبل يومين أنه على أتم الاستعداد لمعركة سرت وينتظر الأوامر من حفتر.
وكان المجلس الرئاسي لحكومة السراج قد نصب نفسه قائدا أعلى للجيش الليبي، وأعلن رفضه عملية تحرير سرت. وزعم مجلس حكومة السراج أنه قلق من تحول معركة سرت إلى حرب أهلية ومواجهات بين قوى عسكرية مختلفة، لافتا النظر إلى عدم التنسيق بين القوات التي تتجه لتحرير سرت من قبضة تنظيم داعش، الذي يسيطر على هذه المدينة منذ منتصف العام الماضي.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.